بول ووكر هو نجم السينما العالمية الذي أحدث ضجة عالمية بوفاته المفاجأة في عام 2013م.. كان ووكر قد شارك في العديد من الأفلام العالمية الناجحة أبرزها سلسلة الإثارة والتشويق السرعة والغضب أو The Fast and the Furious، وكان يعد واحد من أكثر نجوم السينما العالمية شهرة خاصة في أوساط الشباب والمراهقين.
بول ووكر .. من هذا؟
تعرف الجمهور على بول ووكر من خلال مشاركاته في سلسلة أفلام السيارات الأشهر على الإطلاق The Fast and the Furious ابتداءً من عام 2001م.. فترى كيف كانت مسيرته قبل هذا الفيلم؟ وما سر اللغط الذي أثير حول وفاته وبعدها؟
الميلاد والأسرة :
بول ووكر واسمه بالكامل بول وليام ووكر الرابع، ولد في الثاني عشر من سبتمبر 1973م في ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ورغم أن بول ووكر يحمل منذ مولده الجنسية الأمريكية إلا أن أصوله من جهة الوالدين تعود إلى إنجلترا وألمانيا وإيرلندا.
كان لبول ووكر أخوين وأخت واحدة هي آشلي ووكر، وقد نشأ في كنف أسرة تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، حيث كان والده وليام ووكر مقاولاً صغيراً متخصص في مجال أعمال البنية التحتية وشبكات الصرف الصحي، أما والدته فهي شيريل والتي كانت تعمل في مجال عرض الأزياء، وقد تأثر ووكر بوالدته بدرجة كبيرة وأحب الفن من خلالها.
الدراسة :
تلقى بول ووكر تعليمه الأول داخل مجموعة من المدارس الكنسية في ولاية كاليفورنيا، وقد أظهر منذ طفولته شغفاً كبيراً بالفن بصفة عامة وبفن التمثيل على وجه الخصوص، ورغم أن حلم احتراف هذا المجال كان قد بدأ في مراودته وهو في عمر المراهقة، إلا إنه لم يحبذ فكرة دراسة التمثيل وبعد إتمامه الدراسة الثانوية التحق بالجامعة وتخصص في دراسة علم الأحياء البحرية.
الخطوة الأولى نحو الفن :
لم يستطع بول ووكر أن يتغلب على شغفه بفن التمثيل، وبعد تخرجه من الجامعة بدأ يبحث عن فرصة في مجال التمثيل، واستطاع في آواخر الثمانينات أن يشارك في عدد من الأفلام التلفزيونية من خلال مجموعة أدوار صغيرة، كما شارك في العديد من الحملات الدعائية، إلا أن كل ذلك لم يترك أي أثر لدى المشاهد ولم تكن مُرضية بأي شكل لطموحه الفني، إلا أن ذلك لم يدفع ووكر إلى اليأس، فواصل البحث عن فرصته الحقيقية والتي جاءته في عام 1994م من خلال فيلم تامي والتي ريكس Tammy and the T-Rex.
البطولة المطلقة :
من خلال مشاركة بول ووكر في أعمال مثل مبرمج للقتل Programmed to kill وتاميو التي ريكس Tammy and the T-Rex، استطاع أن يجذب أنظار المشاهدين والنقاد مما مهد أمامه الطريق لمواصلة مسيرته الفنية، وبالفعل تمكن في عام 1998م من الحصول على أول دور رئيسي في مسيرته الفنية من خلال فيلم Meet the Deedles، وبنفس العام قدم واحد من أهم أدوراه من خلال فيلم القرية الفاضلة أو Pleasantville، ومن ثم توالت أعمال ووكر السينمائية والتي كانت جميعها من نوعية الأفلام ذات الميزانيات المنخفضة والمتوسطة، حيث أن ووكر في تلك الفترة -رغم إثباته لموهبته- لم يكن يحظ بالشعبية التي تمكنه من منافسة نجوم الشباك.
عالمية السرعة والغضب :
نقطة التحول الأبرز في مسيرة بول ووكر كانت في عام 2001م، حين تم ترشيحه لأحد الأدوار الرئيسية في فيلم The Fast and the Furious إلى جانب نجم أفلام الحركة الشهير فين ديزل، وقد أحسن ووكر استغلال الفرصة وأتقن أداء دوره بدرجة كبيرة، وكان هذا الفيلم هو بوابة بول ووكر نحو العالمية، حيث حقق الفيلم إيرادات مرتفعة في مختلف دول العالم.
ساهم نجاح فيلم السرعة والغضب في رفع أسهم كل من شاركوا به وكان من بينهم بول ووكر ،الذي تحول بعد هذا الفيلم إلى بطل رئيسي لأفلام السينما ذات الميزانيات الإنتاجية المرتفعة، فقدم أفلاماً من بطولته المطلقة من أبرزها فيلم Joy Ride وفيلم Timeline وغيرهما، بجانب مشاركاته في الأجزاء التالية من سلسلة السرعة والغضب والتي بلغ عددها حتى وفاة ووكر سبعة أجزاء.
حياته الخاصة :
التقى بول ووكر في عام 1997م بصديقته ريبيكا سوتيروس ونشأت بينهما قصة حب، وأقاما معاً في كاليفورنيا في منزل ووكر لمدة ثلاثة أعوام، ولكن مع بداية عام 2000م ساءت الأمور بين الشريكين واندلعت بينهما الخلافات مما دفعهما لاتخاذ قرارهما بالانفصال بهدوء، ومنح ووكر لصديقته حق حضانة ورعاية ابنتهما الوحية ميادو ووكر التي انتقلت مع والدتها إلى هاواي الأمريكية، ثم عادت للإقامة مع والدها بعد إحدى عشر عاماً أي في عام 2011م.
أثره وإنجازه :
أحدث بول ووكر إنجازين على مدار مسيرته الفنية القصيرة نسبياً أحدهما شخصي والآخر فني، الإنجاز الأول يتمثل في كونه رمزاً للمثابرة والكفاح وتحدي الظروف سعياً وراء الحلم، فقد كان ووكر مؤمناً بقدراته ورغم أن نجوميته قد تأخرت كثيراً إلا إنه لم يتراجع وتمكن في النهاية من أن يصبح أحد نجوم الصف الأول في السينما العالمية، أما الإنجاز الفني فيتمثل في اعتماده على موهبته التمثيلية أكثر من لياقته البدنية، دليل ذلك أنه الوحيد من بين نجوم السرعة والغضب الذي تمثل إنتاجه الفني بالتنوع، حيث أن الآخرين مثل فين ديزل وذا روك وجيسون ستاثام هم نجوم سينما الأكشن بينما ووكر فقد حرص على أن يتنوع إنتاجه الفني ما بين الإثارة والدراما والكوميديا والرعب.
صداقته بالنجم فين ديزل :
يشاع أن الصداقة الحقيقية لا مكان لها داخل الأوساط الهوليودية، وأن نجوم السينما العالمية لا تجمعهم إلا مشاعر المنافسة المحتمدة دائماً وعلاقاتهم لا تحكمها إلا المصالح المتبادلة، إلا أن علاقة النجم بول ووكر بالنجم فين ديزل تثبت خطأ هذا التصور، حيث أن ديزل كان يعتبر ووكر بمثابة أخاً له. التقى بول ووكر بفين ديزل للمرة الأولى أثناء مشاركتهما معاً في الجزء الأول من فيلم السرعة والغضب The Fast and the Furious، ونشأت بينهما علاقة صداقة قوية حتى أن أحدهما لم يعد يُعرف الآخر إلا بلقب الأخ، ثم اتسعت دائرة الصداقة لتشمل عائلة كل منهم والتقطت كاميرات المصورين لقطات عديدة للعائلتين يقضيان العطلات معاً.
مثلت وفاة بول ووكر صدمة قوية بالنسبة لفين ديزل الذي أدمع الجماهير حول العالم بالكلمات المؤثرة التي ألقاها في رثاء صديقه، وكان ديزل يستعد في تلك الأثناء لاستقبال مولود جديد تعهد بأن يُسميه بول تيمناً باسم صديقه الراحل، وحين جاءت أنثى لم يتراجع ديزل عن تعهده وأطلق عليها اسم بولينا المشتق من اسم صديقه بول ووكر
الوفاة المأساوية :
في الثلاثين من نوفمبر 2013 تناقلت وسائل الإعلام العالمية نبأ وفاة النجم الشاب بول ووكر عن عمر يناهز 40 عاماً، وقد شكل خبر وفاته صدمة قاسية على محبيه وزملائه في هوليوود. وقد لقي ووكر مصرعة نتيجة تعرضه لحادث سير في منطة سانتا كلاريتا في كاليفورنيا، وحين وصل المسعفون إليه كان قد فارق الحياة بالفعل، وما زاد من حزن جمهور ووكر وأصدقائه تقرير مكتب الطب الشرعي في لوس أنجلوس، الذي ورد به أن وفاة ووكر لم تنتج عن حادث التصادم إنما عن الحروق التي تعرض لها نتيجة انفجار السيارة التي كان يستقلها.
يرى بعض أن الطريقة التي فارق ووكر بها الحياة تشكل مفارقة غريبة، حيث أن النجم العالمي كان قد اشتهر بلقب ملك قيادة السيارات، باعتباره أحد الشخصيات الرئيسية في أشهر سلاسل أفلام سباقات السيارات The Fast and the Furious، وحاول البعض الربط بين الحادثة وبين تأثره بالشخصية التي يؤديها بالفيلم، مما أعاد للأذهان وفاة النجم هيث ليدجر الذي توفي جراء تعاطيه جرعات زائدة من الحبوب المهدئة التي أشيع أنه أدمن عليها بسبب الإرهاق النفسي الذي تعرض له نتيجة تأديه شخصية الجوكر في ثلاثية فارس الظلام للمخرج كريستوفر نولان، إلا أن عائلة ووكر وزملائه قاموا بنفي تلك الشائعة مؤكدين على أنه كان يتسم بالاتزان النفسي وكانت لديه القدرة على الفصل بين واقعه وبين الشخصيات التي يتقمصها على الشاشة.
أزمة The Fast and the Furious :
تسببت الوفاة المفاجئة للنجم بول ووكر في أزمة حقيقية لصُناع فيلم The Fast and the Furious 7، حيث توفي ووكر قبل أن يُكمل تصوير مشاهده بالفيلم، والتي كان حذفها شبه مستحيل إذ أنه من أبطال العمل الرئيسيين، وحذف مشاهده سيؤثر بشكل سلبي على السياق الدرامي ومنطقية الأحداث.
توقف تصوير العمل لفترة طويل في أعقاب وفاة ووكر، إلى أن قرر مخرج العمل جايمس وان تنفيذ المشاهد المتبقية لووكر من خلال تقنية CGI، حيث قام بالاستعانة بشقيقي ووكر مستغلاً الشبه الكبير بينهم في الملامح، ثم خلال أعمال المونتاج قام بمعالجة الشريط السينمائي وإضافة نسخة رقمية من وجه ووكر، وحين تم عرض العمل لم يستطع الجمهور التفرقة بين المشاهد التي جسدها ووكر الحقيقي والمشاهد التي جسدها شقيقه وتمت إضافة وجهه إليه باستخدام الـ CGI، وقد حقق الفيلم نجاحاً كبيراً وحقق إيرادات في شباك التذاكر تجاوزت المليار ونصف دولار أمريكي.
كذلك تسببت وفاة بول ووكر في تغيير نهاية الفيلم، حيث قام المؤلفين بإضافة بعض المشاهد التي تبرر رحيل شخصية براين أوكونور التي يجسدها ووكر عن فريق الأبطال، كي لا يؤثر غيابه على السياق الدرامي للأجزاء التالية من السلسلة السينمائية الشهيرة، التي من المفترض أن يُطرح الجزء الثامن منها في دور العرض خلال الموسم السينمائي 2017م.
إثارة الجدل بعد الوفاة :
لم يغب بول ووكر -رغم وفاته- عن أذهان الجماهير لسببين، أولهما أن الجماهير قد عشقته وأحبت أفلامه التي لا تزال تحقق نسب مشاهدة مرتفعة كلما أعيد عرضها عبر قنوات التلفاز، أما السبب الثاني هو أنه اسمه لم يتوقف عن التردد في وسائل الإعلام المختلفة وذلك بسبب أسرته، حيث نشب نزاع قضائي بين عائلة بول ووكر وبين صديقته ووالدة ابنته ريبيكا سوتيروس، حيث شككت العائلة في صحة وصية نجلها التي تقر بأن تذهب ثروته بالكامل لابنته ميادو.
في وقت لاحق تردد اسم بول ووكر مرة أخرى داخل قاعات المحكمة، حين قامت صديقته ريبيكا وابنته ميادو برفع دعوى قضائية ضد شركة بورش لإنتاج السيارات، يتهمونهم فيها بالقتل غير العمد ويطالبونهم بتعويض مادي، حيث أثبتت بعض التقارير الصحفية أن موديل السيارة بورش كاريرا جي تي التي كان يقودها ووكر يشوبها عيوب في التصميم ومشكلات في عملية التحكم والثبات، وأن الشركة المصنعة كانت تعلم ذلك ورغم ذلك قامت بطرحها بالأسواق. قام محامو الشركة بنفي الادعاء مؤكدين على أن الحادث وقع بسبب السرعة الزائدة ولم ينتج عن أي عيوب ميكانيكية في السيارة، ولا تزال الدعوى متداولة حتى اليوم في المحاكم ولم يتم حسمها بعد لصالح أي من الطرفين.
أضف تعليق