محمد أبو تريكة هو لاعب الكرة المصرية حامل ألقاب الماجيكو وزيدان العرب وأمير القلوب وغيرها، هو ليس مجرد لاعب ماهر بل هو حالة فريدة في عالم كرة القدم، فهو اللاعب صاحب الشعبية الطاغية الذي عشقه منافسيه ومشجعيه على السواء، حتى إنه حمل لقب اللاعب الأكثر شعبية في العالم مرتين على التوالي في 2007م و2008م تبعاً لتصنيف الاتحاد الدولي لتاريخ كرة القدم IFFHS.
محمد أبو تريكة .. من هذا ؟
محمد أبو تريكة هو اللاعب العربي الذي بدأ مسيرته من دوري الدرجة الثانية وتشارك لقب الهداف مع نجم برشلونة ليونيل ميسي.. فكيف كانت مسيرته بين هذا وذاك؟ وما سر الشعبية الطاغية التي يتمتع بها في مصر والوطن العربي؟
طفولة صعبة :
في السابع من نوفمبر عام 1978م وُلِد نجم مصر والنادي الأهلي محمد أبو تريكة واسمه بالكامل محمد محمد محمد أبو تريكة ، وكان ذلك في قرية ناهيا وهي إحدى القرى الصغيرة التابعة لمحافظة الجيزة المصرية.
كان أبو تريكة واحد من خمسة ابناء لأسرة مصرية مسلمة متدينة متواضعة الحال، وهو ما جعل طفولته يمكن وصفها بالصعبة أو القاسية، حيث إنها خلت من كافة مظاهر الرفاهية، حتى إن محمد أبو تريكة اضطر للخروج إلى سوق العمل في وقت مبكر جداً من عمره، وعمل في أحد مصانع الطوب وهو لا يزال في الثالثة عشر من عمره ليتحمل جزء من نفاقاته ويرفع حمله عن كاهل أسرته.
الدراسة :
رغم بساطة الأسرة التي نشأ محمد أبو تريكة في كنفها إلا إنها كانت على درجة كبيرة من الوعي، فانتبهت إلى أهمية التعليم، ورغم قسوة الحياة وتدهور الوضع المادي حرص الآباء على إكمال طفلهم لتعليمه وشجعهم على ذلك تفوقه الدراسي. التحق أبو تريكة في البداية بالمدارس الحكومية بضواحي قرية ناهيا بالجيزة، وكان مشهوداً له بالتفوق وكان يطمح إلا أن يصبح مهندساً.
في مرحلة الدراسة الثانوية ازداد اهتمام أبو تريكة بممارسة كرة القدم خاصة وإنه انضم خلال تلك الفترة إلى نادي الترسانة، وقد أثر ذلك على مستواه الدراسي لكنه كان مصراً على إكماله إرضاءً لنفسه ولوالديه، فالتحق بقسم التاريخ بكلية الآداب جامعة القاهرة وحصل منها على درجة الليسانس.
تأثره بطفولته ومثله الأعلى :
يتحدث محمد أبو تريكة عن مرحلة طفولته بكثير من الرضا، فهو غير نادم على أي يوم عاشه بتلك المرحلة رغم قسوته، ويقول إن النجاحات التي حققها في حاضره ما هي إلا امتداد لما عايشه في ماضيه، فالظروف المادية الصعبة واضطراره للعمل في وقت مبكر من عمره جعل منه شخصاً منضبطاً قادراً على تحمل المسئولية. كما أنه استفاد بدرجة كبيرة من عمله المبكر بمصانع الطوب، حيث أن ذلك العمل الشاق أكسبه صلابة وكان بمثابة إعداد بدني له قبل دخوله عالم كرة القدم.
أما عن الأشخاص التي يعتبرها أبو تريكة مثل أعلى بالنسبة له ويقتدي بهم، فيأتي على رأسهم الرسول محمد عليه الصلاة والسلام ثم والده الذي تأثر به بدرجة كبيرة، وفي عالم الرياضة يقول أبو تريكة أن المفضلين لديه هم النجم الفرنسي زين الدين زيدان ونجم مصر محمود الخطيب وكان يحلم دائماً بأن يصبح مثلهما.
ركلة البداية :
بدأ محمد أبو تريكة مسيرته الكروية وهو في سن السابعة تقريباً، وشهدت الساحات الشعبية في قرية ناهيا، حيث كان يشارك بصحبة أخوته وجيرانه في الدورات الكروية الرمضانية، وكان لدى أبو تريكة شغفاً كبيراً بتلك الرياضة ولكن رغم ذلك لم يفكر أبداً في احترافها، وكان طموحه بتلك الفترة -كما ذكرنا- أن يصبح مهندساً.
الفضل في اكتشاف موهبة محمد أبو تريكة يعود إلى أحد جيرانه، الذي كان يتابعه أثناء مشاركته في الدورات الرمضانية -وكان عمره آنذاك 12 عاماً- وأيقن أن الطفل يمتلك موهبة كروية فريدة، فنصحه بالتوجه إلى نادي الترسانة حيث تعقد به اختبارات لقبول دفعة جديدة من الناشئين.
انضمامه إلى الترسانة :
استمع محمد أبو تريكة لنصيحة جاره وتوجه إلى نادي الترسانة لإجراء الاختبارات، فأذهل المدرب بمهاراته وقدرته الفائقة على التحكم في الكرة نظراً لعمره الصغير، حتى أن المدرب طلب منه أن يؤدي الاختبار الشهير “نطأ الكرة” والمقصود به أن ينقل اللاعب الكرة بين قدميه ورأسه وفخذه دون أن تلامس الأرض، فقام أبو تريكة بتكرار الأمر لأكثر من 150 مرة حتى أن المدرب صاح به: هذا يكفي، وتم قبوله على الفور ضمن فريق الناشئين بنادي الترسانة.
مسيرته مع نادي الترسانة :
حين بلغ محمد أبو تريكة السابعة عشر من عمره تم تصعيده إلى الفريق الأول بنادي الترسانة الذي كان ينافس بدوري أندية الدرجة الثانية المعروف باسم -دوري المظاليم- بتلك الفترة، وفي موسم 2000م صعد الفريق إلى منافسات الدوري المصري الممتاز، وكان أبو تريكة أحد الأسباب الرئيسية في تحقيق ذلك حيث سجل مع النادي 23 هدفاً وضعته في الصدارة وفاز هو بلقب هداف دوري الدرجة الثانية.
في أولى مواسمه مع نادي الترسانة في الدوري الممتاز سجل أبو تريكة 6 أهداف وساهم في صناعة 11 هدفاً آخر، وكان ذلك سبباً لاستمرار النادي في الدوري الممتاز لموسم آخر. رغم أن الترسانة لم يكن من أندية القمة ولم يحرز مراكز متقدمة في المسابقة الرسمية، إلا أن أبو تريكة تمكن من لفت انتباه الجماهير خلال المواسم الثلاثة التي قضاها مع النادي في المسابقة الرسمية، وخلال تلك الفترة جذب انتباه المسئولين في النادي الأهلي المصري، فسعوا إلى ضمه إلى صفوفهم وهو ما تحقق بالفعل في الانتقالات الشتوية لعام 2004م وتمت صفقة الانتقال مقابل 450 ألف جنيهاً فقط وهو رقم متدني للغاية مقارنة بمبالغ صفقات بيع اللاعبين في عالم كرة القدم.
الانضمام إلى النادي الأهلي :
كان محمد أبو تريكة أحد العناصر التي اعتمد عليها النادي الأهلي في إعادة تشكيل فريق كرة القدم الخاص به ابتداءً من عام 2004م، حيث تم شراء مجموعة من اللاعبين المميزين فبجانب أبو تريكة تم التعاقد مع عماد النحاس وإسلام الشاطر ومحمد بركات، كما تمت إعادة اللاعب أسامة حسني وتصعيد عماد متعب من فريق الناشئيين، وشكلت هذه المجموعة بداية العصر الذهبي للنادي الأهلي، الذي خاض موسم 2004\ 2005 دون أن يتلقى أي هزيمة وحقق 17 فوزاً متتالياً بمنافسات الدوري، كما تمكن في نفس الموسم من حصد بطولة دوري أبطال إفريقيا وكأس السوبر الإفريقي كما تأهل نادي القرن الإفريقي لأول مرة في تاريخه لبطولة كأس العالم للأندية في اليابان وقدم أداءً مقبولاً.
العصر الذهبي للأهلي :
لعب محمد أبو تريكة لصالح النادي الأهلي لمدة سبعة مواسم، هي المدة التي تعرف باسم العصر الذهبي للنادي الأهلي، حيث تمكن خلال تلك الفترة من الفوز بمختلف البطولات التي شارك بها، بجانب تأهله لكأس العالم للأندية أكثر من مرة.
أجمع النقاد والجماهير على أن محمد أبو تريكة كان أحد أوراق الأهلي الرابحة في تلك الفترة، وإنه كان من الأسباب الرئيسية لتحقيق الأهلي لتلك الانتصارات القياسية، حيث كان من العناصر الرئيسية التي اعتمد عليها مانويل جوزيه في أغلب المباريات، كما أن أبو تريكة عُرف بإنه رجل المهام الصعبة، حيث اشتهر بإحراز وصناعة الأهداف في الأوقات الصعبة والحساسة.
تجربة احترافية وحيدة :
خاض محمد أبو تريكة تجربة الاحتراف مرة واحدة في حياته في عام 2013م، حيث تم انتقاله على سبيل الإعارة إلى نادي بني ياس الإماراتي في صفقة قدرت بمليون و300 ألف دولار أمريكي. لعب أبو تريكة لصالح النادي الإماراتي لمدة 6 أشهر فقط، خاض أبو تريكة خلالها 12 مباراة وتمكن من إحراز 4 أهداف، وصعد بالفريق إلى المركز الرابع بمسابقة الدوري الإماراتي مما أهله للمنافسة في دوري أبطال آسيا، كما قاد الفريق إلى المربع الذهبي لبطولة كأس الخليج للأندية.
مسيرته مع المنتخب الوطني :
كان محمد أبو تريكة أحد العناصر البارزة في تشكيل المنتخب المصري لكرة القدم، وخاض معه 100 مباراة دولية تمكن خلالها من إحراز 38 هدفاً، كما يعتبر هو وحارس المرمى عصام الحضري من الأسباب المباشرة لتحقيق المنتخب تحت قيادة المدير الفني حسن شحاتة إنجاز رياضي غير مسبوق، وهو الفوز بلقب بطولة كأس إفريقيا لثلاث دورات متتالية.
الإنذار الذي يفخر به :
رغم أن تلقي اللاعب الكروت الصفراء والحمراء من الأمور السلبية، إلا أن محمد أبو تريكة يعتز بكارات الإنذار الذي حصل عليه خلال منافسات كأس الأمم الإفريقية، حيث إنه لم يحصل عليه بسبب عنفه في الملاعب أو لسوء خلقه، إنما تلقاه بسبب كتابته لعبارة (تعاطفاً مع غزة) على القميص الذي كان يرتديه أسفل قميص المنتخب، والذي كشف عنه أثناء احتفاله بالهدف الذي أحرزه في مرمى السودان، ويقول أبو تريكة إنه غير نادم أبداً على ما فعله ولو عاد به الزمن لكرره مرة أخرى.
حياته الخاصة :
يحاول محمد أبو تريكة الفصل ما بين حياته الخاصة وبين حياته العامة كأحد نجوم كرة القدم المصرية، لهذا لم يظهر بصحبة أسرته في أي احتفالات عامة، كما لم يتطرق كثيراً إلى الحديث عنهم في اللقاءات الصحفية والتلفزيونية التي أجراها. أبو تريكة متزوج وله أربعة ابناء، هم نجليه التوأم أحمد وسيف ونجلتيه مودة ورقية.
البراءة من تهمة تمويل الإخوان :
بسبب تحميل محمد أبو تريكة أعضاء المجلس العسكري مسئولية أحداث بورسعيد الدموية في عام 2012م، تمت مهاجمته بشدة من قبل الإعلام المصري وتم اتهامه بالانضمام إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، وكانت زريعة ذلك الاتهام هو إن اللاعب الشهير أعلن تأييده للمعزول محمد مرسي خلال الانتخابات الرئاسية.
في وقت لاحق تم توقيع الحجز على أموال أبو تريكة بدعوى إنه يمول جماعة الإخوان المسلمين، ورفض أبو تريكة التعليق على هذا الأمر، ولكن بعد بضعة أشهر ثبتت براءته من ذلك الاتهام وتم إلغاء القرار بموجب حكم قضائي صدر في يونيو 2016م.
أثره وإنجازه :
إنجاز أبو تريكة يتمثل في الكم الهائل من البطولات التي حققها برفقة النادي الأهلي والمنتخب المصري، أما أثره الأكثر عمقاً فيجسد في كونه نموذجاً للاعب كرة القدم المثالي، اللاعب القدوة الخلوق الذي أمضى مسيرته بالكامل دون أن يسيء لأي شخص، بجانب تحمله لمسؤوليته تجاه وطنه ومجتمعه كشخصية عامة، فمن المعروف أن أبو تريكة له إسهامات عديدة بمجال الأعمال الخيرية، كما شارك في العديد من حمالات جمع التبرعات أبرزها حملته لجمع التبرعات لمستشفى سرطان الأطفال 57357.
الألقاب والجوائز الفردية :
تمكن أبو تريكة على مدار مشواره الكروي من تحقيق العديد من الإنجازات والألقاب الفردية، والتي من أبرزها:
- في 2016م تم تصنيفه من قبل الاتحاد الدولي لتاريخ وإحصاء كرة القدم ضمن قائمة أساطير الكرة.
- حاز لقب أفضل لاعب عربي (6 مرات)
- تم تصنيفه ضمن قائمة أفضل 50 لاعب في العالم عام 2012م من قبل موقع Goal الرياضي
- اللاعب الأكثر تهديفاً في تاريخ بطولة دوري أبطال إفريقيا
- ثاني أفضل هداف ببطولة كأس العالم للأندية مشاركة مع ليونيل ميسي ودينيلسون
- لقب اللاعب الأكثر شعبية في العالم عامي 2007 و2008 تبعاً لتصنيف IFFHS
- تم تكريمه في 2015 من قبل إدارة الشباب والرياضة الفلسطينية بإقامة جدارية عليها صورته
- تم إطلاق اسم أبو تريكة على أحد الميادين العامة في قطاع غزة
أضف تعليق