رونالدو دي ليما والمعروف أيضاً باسم رونالدو البرازيلي ليس مجرد ظاهرة كروية، فالظواهر بعالم كرة القدم تحمل ألقاباً أخرى مثل الساحر والأسطورة والجوهرة وغير ذلك، أما رونالدو دي ليما فهو الظاهرة التي لقبها الجمهور بـ(الظاهرة)، وكان ذلك وصفاً أكثر منه لقباً، فترى كيف كانت مسيرة رونالدو؟ وما الإنجاز الذي حققه واستحق عنه حمل مثل ذلك اللقب؟
رونالدو دي ليما .. من هذا :
رونالدو دي ليما هو عاشق كرة القدم ومعشوق جماهيرها على اختلاف انتماءاتهم، فالجميع -دون تفرقة- يستمتعون بمشاهدة رونالدو بالملعب بما في ذلك جماهير النادي الخصم. فترى كيف كانت مسيرته؟ كيف بدأت وإلى ماذا انتهت؟ وما الذي حققه خلالها؟
الميلاد والأسرة :
في الثامن عشر من سبتمبر عام 1976م وُلِد النجم البرازيلي رونالدو وكان ذلك بإحدى ضواحي العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو، اسمه بالكامل هو رونالدو لويس نازاريو دي ليما واشتهر في عالم كرة القدم باسمه الأول فقط رونالدو، ولكن خلال السنوات الأخيرة صار يشار إليه باسم رونالدو دي ليما للتفرقة بينه وبين نجم نادي ريال مدريد والمنتخب البرتغالي كريستيانو رونالدو.
رونالدو دي ليما هو الابن الثالث لأبويه نيليو نازاريو دي ليما وسونيا سانتوس باراتا بعد شقيقه يون وشقيقته نيليو جونيور، وقد تأثر رونالدو بدرجة كبيرة بوالده وتعلم منه الكفاح والإصرار والسعي وراء الحلم، فقد كان والده أمياً لإن عائلته لم تستطع تكبد تكاليف الدراسة، مما اضطره للعمل بالعديد من المهن المتواضعة منها حمالاً وبائعاً متجولاً، لكنه ظل ينتقل بين مهنة وأخرى إلى أن حصل على وظيفة بشركة الهاتف بريو دي جانيرو حيث التقى بوالدة رونالدو وقررا الزواج.
طفولة قاسية :
اتسمت طفولة رونالدو دي ليما بالقسوة التي تعددت مظاهرها فلم تقتصر على الجانب المادي وتدني مستوى المعيشة فقط، بل إنه عانى من الألم النفسي بسبب سخرية زملاء دراسته منه بسبب ملامحه، حيث اعتادوا على مناداته باسم (مونيكا) وهو اسم إحدى شخصيات الرسوم المتحركة التي لها أسنان أمامية بارزة تشبه أسنانه، ويقول رونالدو إنه كان ينزعج ويتألم كلما تمت مناداته بذلك الاسم. الصفعة الثانية التي تلقاها رونالدو دي ليما في صباه تمثلت في قرار والدته بالانفصال عن والده بسبب إدمانه على الخمر، وكان رونالدو دي ليما لا يزال في الحادية عشر وكان أكثر أخوته تأثراً بذلك الانفصال باعتباره أصغرهم سناً.
بداية الظاهرة :
يُلقب ليوناردو دي ليما بالظاهرة الكروية ولكل ظاهرة بداية، وبداية رونالدو كانت من خلال شوارع العاصمة البرازيلية ريو دي جانيرو حيث اعتاد ممارسة كرة القدم مع رفاقه، وحظي بشعبية واسعة بينهم بسبب مهاراته وقدرته الفائقة على التحكم بالكرة والتلاعب بالخصم. كان رونالدو دي ليما عاشقاً للكرة وكان يرى في ممارستها تسكيناً لآلامه النفسية، ومع الوقت لم يعد تكفيه ممارسة تلك الرياضة بالشوارع وأصبح يراوده حلم الاحتراف والسير على خطى نجوم البرازيل السابقين وعلى رأسهم الجوهرة السوداء بيليه.
تباينت آراء الأبوين حول شغف صغيرهما برياضة كرة القدم، فالأم كانت ترى إن ممارستها مجرد إهدار للوقت وحاولت منعه عنها بشتى السبل خوفاً من أن تؤثر على مستواه الدراسي، بينما والده الذي كان في الأصل عاشقاً لكرة القدم أدرك أن طفله يمتلك الموهبة، فكان يدعمه ويحثه باستمرار على ممارستها والعمل على تطوير مهاراته.
النادي الأول :
بدأ رونالدو دي ليما مسيرته الكروية الاحترافية من خلال نادي كروزيرو البرازيلي، وكانت بداية رونالدو في غاية القوة، فمن خلال مشاركاته بالدوري البرازيلي موسم 1993/1994م استطاع بمهاراته الفريدة وأهدافه الحاسمة جذب أنظار الجماهير وكذلك المتخصصين، وعلى رأسهم بالطبع كارلوس ألبرتو باريرا مدرب منتخب البرازيل آنذاك، والذي قرر ضمه إلى تشكيلة المنتخب البرازيلي المشارك في بطولة كأس العالم 94.
العالمية :
تحققت عالمية رونالدو دي ليما من خلال مشاركته مع منتخب البرازيل ببطولة كأس العالم عام 1994م، شارك رونالدو في 14 مباراة بالبطولة وتمكن من إحراز 12 هدفاً خلالها أغلبها كانت أهداف حاسمة وبأوقات صعبة، وكان رونالدو سبباً رئيسياً ومباشراً لفوز البرازيل بالمباراة النهائية وتحقيق اللقب، وبانتهاء البطولة كانت شعبية رونالدو ممتدة بطول الكرة الأرضية وعرضها وما من مشجع كرة قدم إلا ويتغنى باسمه.
المسيرة الاحترافية :
انهالت العروض على رونالدو دي ليما بعد تفوقه في بطولة كأس العالم، فاختار أن يسلك طريق مواطنه روماريو وانضم إلى نادي آيندهوفن الهولندي، حيث لعب لصالحه موسمين، وفي عام 1996م انتقل مدرب النادي الهولندي بوب روبسون إلى نادي برشلونة الإسباني فاشترط اصطحاب رونالدو معه، وهو ما تحقق بالفعل وشارك رونالدو مع النادي الكتالوني في 49 مبارة سجل خلالها 47 هدفاً ليتصدر قائمة هدافي الدوري الإسباني عن ذلك الموسم، ونتيجة لتألقه تلقى العديد من العروض من كبرى الأندية حول العالم اختار من بينها عرض نادي إنتر ميلان الإيطالي الذي لعب لصالحه ابتداءً من 1997م وحتى 2002م.
المحطة الأهم والأبرز في مسيرة رونالدو دي ليما الاحترافية تحققت في عام 2002م بانتقاله إلى نادي ريال مدريد، حيث حقق معه في موسمه الأول لقبي الدوري الإسباني وكأس العالم للأندية، واستمر في اللعب لصالح الريال حتى عام 2006م ثم عاد مرة أخرى إلى الدوري الإيطالي ولكن هذه المرة مرتدياً قميص إيه سي ميلان، واستمر تألقه مع الميلان حيث تمكن خلال الموسم الأول فقط من تحقيق 7 أهداف في 14 مباراة، ثم عاد في النهاية إلى الدوري البرازيلي مرة أخرى بعام 2008م بانضمامه إلى نادي كورنثيانز الذي أنهى به مسيرته الكروية.
تأثيره :
رونالدو دي ليما واحد من أبرز نجوم كرة القدم في العالم، وهذا يتجسد بوضوح في عدد الجوائز والألقاب التي حصدها مع المنتخب البرازيلي وكل نادٍ لعب لصالحه. تمكن رونالدو من حفر اسمه بحروف من نور في تاريخ كرة القدم، كما إنه يعد ملهماً لجيل كامل من لاعبي كرة القدم والذين يعدون اليوم أبرز نجومها.
الألقاب الفردية :
حاز رونالدو دي ليما العديد من الألقاب والبطولات مع أنديته ومنتخب بلاده، أبرزها بالتأكيد بطولتي كأس العالم وكأس القارات. لكنه بجانب ذلك تمكن من اقتناص عدد غير قليل من الألقاب الفردية، من أبرزها:
- فاز بجائزة الكرة الذهبية بصفته أفضل لاعب بالعالم حسب تصنيف الفيفا ثلاث مرات منها مرتين على التوالي عامي 1996م و1997م والثالثة عام 1996م، ليكون بذلك أصغر لاعب يحصد هذه الجائزة التي تعد الأبرز بعالم كرة القدم.
- اختارته مجلة World Soccer كأفضل لاعب بتصنيفها السنوي بأعوام 1996م و1997م و2002م، وهو أيضاً أصغر لاعب يحوز ذلك التصنيف.
- ثاني أفضل هداف في تاريخ بطولة كأس العالم برصيد 15 هدفاً في 19 مباراة.
- هداف كأس العالم لكرة القدم 2002م.
- جائزة أفضل هداف في تاريخ كرة القدم من الاتحاد العالمي لإحصاءات كرة القدم IFFHS
- شخصية العام الرياضية حسب تصنيف بي بي سي عن عام 2002م
- جائزة الحذاء الفضي بصفته ثاني أفضل هداف في الدوري الأوروبي بعامي 1997م و2002م
الحياة الشخصية :
لم يحظ رونالدو دي ليما بحياة شخصية مستقرة أبداً، وكثيراً ما ربط المحللين بين تراجع مستواه بالملعب وبين المشاكل التي يواجهها بحياته الخاصة والتي كان يتم تداولها بكثرة على صفحات الجرائد وعبر وسائل الإعلام. أول النساء في حياة رونالدو دي ليما كانت الممثلة وعارضة الأزياء البرازيلية سوزانا فرنر، والتي خطفت الأضواء خلال بطولة كأس العالم 1998م حيث كانت تحضر جميع المباريات لتشجيعه، لكن رغم ذلك لم تستمر خطبتهما لفترة طويلة بعد تلك البطولة، وقيل إن مدربه عنفه وحمله جزء من مسئولية خسارة المباراة النهائية أمام فرنسا بسبب انشغاله بوجود خطيبته عن التدريب والتركيز بالمباريات.
بعد أنفصال رونالدو دي ليما عن سوزانا ارتبط بميليني دومينغيس لفترة ثم أعلانا خبر زواجهما، ولكن تلك العلاقة هي الأخرى انتهت بالانفصال، ليعلن رونالدو في وقت لاحق عن خطوبته من دانييلا سيكاريللي والتي لم تدم إلا لثلاثة أشهر فقط.
السنوات الأخيرة بالملاعب :
لم تنته مسيرة رونالدو دي ليما الاحترافية النهاية المثالية أو التي تليق بمسيرته الحافلة بالإنجازات؛ فقد تراجع مستوى رونالدو خلال المواسم الأخيرة التي شارك بها كلاعب وازداد وزنه بدرجة ملحوظة، فلم يقم نادي إي سي ميلان بالتجديد معه بعد انتهاء العقد، مما اضطر رونالدو للعودة إلى الدوري البرازيلي وانضم إلى نادي كونثيالز، وكان يهدف من ذلك إلى استعادة لياقته ومن ثم العودة إلى أوروبا مرة أخرى. قدم رونالدو أداءً مقبولاً مع كونثيالز وسجل ستة أهداف بسبع مباريات، ولكنه لم يتلق عروضاً للانضمام إلا من أندية أقل مكانة ومستوى من الأندية التي ارتدى قميصها خلال مسيرته، فقرر التوقف عند هذا الحد وفي فبراير 2011م أعلن اعتزاله كرة القدم.
أضف تعليق