ياسر عرفات أو أبو عمار هو أحد زعماء المقاومة الفلسطينية وواحد من ألد أعداء الكيان الصهيوني. الشعب الفلسطيني ينظر له بصفته والد لكل الفلسطينيين لا بصفته زعيم سياسي، ذلك نتاج طبيعه لما بذله من جهد في سبيل الارتقاء بوطنه واسترداد حقه المسلوب، سواء بصفته مقاتل أو بصفته سياسي وقائد دولة.
ياسر عرفات .. من هذا ؟
ياسر عرفات هو أحد الاسماء البارزة في تاريخ النضال الفلسطيني، فهو صاحب التاريخ النضالي الطويل والمشرف، فترى كيف كانت مسيرته؟ وما الإنجازات التي حققها كزعيم لحركة المقاومة وكقائد سياسي للدولة الفلسطينية؟
مرحلة الطفولة :
في الرابع والعشرين من أغسطس لعام 1929م وُلِد ياسر عرفات ،وكان ذلك في العاصمة المصرية القاهرة حيث كانت تقيم عائلته في ذلك الوقت. هو الابن السادس من أصل سبعة ابناء للفلسطيني عبد الرءوف عرفات الحسيني والذي كان يعمل بتجارة الأقمشة بمنطقة السكاكيني، أما والدته فهي السيدة زهوة أبو السعود والتي توفيت وهو في الرابعة من عمره تقريباً، ويُشاع إن علاقة ياسر عرفات بوالده لم تكن جيدة، حتى إنه ورد ببعض المصادر إنه لم يزره منذ أن انتقل للعيش بمدينة القدس لدى أقارب والدته، كما إنه لم يحضر جنازته في عام 1952م.
الاسم والكنية :
جدير بالذكر إن ياسر عرفات ليس الاسم الحقيقي للزعيم الفلسطيني الراحل، فاسمه عند الميلاد هو محمد عبد الرحمن عبد الرؤوف عرفات، إلا إن الزعيم الفلسطيني منذ فترة إقامته في القاهرة اعتاد التغاضي عن اسم محمد وأن ينادى بلقبه مباشرة، وهو تقليد متبع لدى المصريين حيث يتغاضون عن الاسماء الأولى إذا كانت شائعة مثل اسمي محمد وأحمد، وفي أوائل الخمسينات اختار لنفسه اسم ياسر أما الكنية فكانت أبو عمار، وكلاهما تم اختيارهما تيمناً باسم الصحابي الجليل عمار بن ياسر رضي الله عنه.
الدراسة :
قضى ياسر عرفات فترتي طفولته وشبابه في القاهرة حتى إن لهجته طوال حياته كانت أقرب للعامية المصرية منها للهجة الفلسطينية، درس عرفات في المدارس الحكومية المصرية وتدرج في المراحل التعليمية إلى أن أتم المرحلة الثانوية، وبعدها انضم إلى جامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) حيث تخصص في دراسة الهندسة المدنية.
دراسة العدو :
كان عرفات طوال حياته مهتم بالقضية الفلسطينية خاصة والقضايا السياسية بصفة عامة، وقد أدرك في وقت مبكر جداً إنه قد وُلِد ليخدم وطنه وقضيته القومية، ولهذا كان دائم التردد على أحياء اليهود في القاهرة، والمفارقة الغريبة إنه تعرف في صباه على موشى ديان الذي كان يقيم بمصر في ذات الوقت، والذي صار فيما بعد أحد أبرز القادة العسكريين الإسرائيليين. كذلك عكف عرفات على قراءة كتب الصهاينة وعلى رأسها كتابات تيودور هرتزل. ويبرر عرفات هذه التصرفات التي تبدو غريبة بإنه كان يحاول التقرب من عدوه ليفهم عقليته وأسلوب تفكيره.
يقول عرفات إنه قد شعر بسعادة غامرة حين تم استدعاؤه من قبل القوات المسلحة المصرية للتجنيد أثناء العدوان الثلاثي على مصر ضمن الوحدة العسكرية الفلسطينية، إذ شعر بإنه أخيراً قد جاءته الفرصة ليقف أمام عدوه، إلا إن آماله لم تتحق إذ إنه بقي ضمن قوات الاحتياط ولم يشارك في المعارك بصورة فعلية.
تأسيس حركة فتح :
نتيجة للعدوان الثلاثي على مصر قررت الأمم المتحدة بموافقة جمال عبد الناصر بوضع قوات طوارئ دولية على الحدود بين غزة وسيناء، وكان هذا سبباً لخروج جموع الفدائيين وحركات الجهاد غير النظامية من تلك المنطقة ومن بين ياسر عرفات ،الذي توجه إلى دولة الكويت وبها بدأ تكوين مجموعات من رفاقه الفلسطينيين، وكانت تلك المجموعات هي النواة الأولى لحركة فتح، وكان ذلك خلال الفترة ما بين 1958م : 1960م.
معركة الكرامة :
ذاع صيت ياسر عرفات كأحد أبرز قيادة المقاومة الفلسطينية ورموزها في أعقاب معركة الكرامة، والتي سُميت بهذا الاسم نسبة إلى موقعها، حيث كانت حركة فتح قد اتخذت من قرية الكرامة معسكراً لها بموافقة السلطات الأردنية، وفي الحادي والعشرين من مارس عام 1968م حشد جيش الاحتلال الإسرائيلي قواته وهاجم تلك القرية بالأسلحة الثقيلة والطائرات، إلا إن ياسر عرفات ورجال فتح ثبتوا في مواقعهم وقاتلوا بضراوة، واضطر الجيش الأردني للتدخل حماية لحدوده فأجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب تفادياً للدخول في معركة حقيقية مع جيش نظامي.
الضحايا من الجانب العربي كانوا أكثر عدداً من قتلى الجنود الصهاينة، فقد استشهد 150 من عناصر حركة فتح في معركة الكرامة بجانب 20 جندي أردني، بينما لم يلقى حتفه من الجانب الإسرائيلي سوى 28 جندياً فقط، لكن إجبار إسرائيل التي جاءت بكامل قوتها على الانسحاب جعل الفلسطينيون يعدون ذلك نصراً.
اتفاقية أوسلو :
خلال فترة الثمانينات ركز ياسر عرفات جهوده على العمل السياسي، وكللت جهوده في عام 1988م بالخطاب الذي ألقاه في الثالث عشر من ديسمبر في جنيف، وإطلاقه مبادرة السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط التي كانت قد أقرت من المجلس الوطني الفلسطيني، والتي كان شرطها الأول والأساسي إقامة دولة فلسطينية مُعترف بها من الغرب على الأراضي التي احتلت في 1967م.
نتيجة لجهود عرفات أقيمت سلطة وطنية فلسطينية مؤقتة لتخوض المفاوضات، والتي انتهت بإعلان دولة فلسطين في أجزاء من الضفة وقطاع غزة، ونتيجة لذلك عقدت انتخابات رئاسية فلسطينية فاز عرفات بها بعد حصوله على نسبة 88% من إجمالي عدد الأصوات.
زواجه المتأخر :
كرس ياسر عرفات حياته للنضال من أجل الوطن حتى إنه كان رافضاً لفكرة الزواج، باعتبار إن تكوين أسرة قد يشغله عن دوره الأساسي وهو خدمة القضية الفلسطينية. رغم ذلك اتخذ عرفات قرار مفاجئ بالزواج في عام 1990م، وأعلن عن ارتباطه بمديرة مكتبه السيدة سهى الطويل، وكان عرفات في ذلك الوقت قد تخطى العام الستين من عمره، في حين كانت سهى الطويل لا تزال في السابعة والعشرين من عمرها، وقد رُزِق عرفات من تلك الزيجة بابنته الوحيدة التي اسماها زهوة تيمنناً باسم والدته.
تأثيره :
عَرّف أكثر من كاتب صهيوني ياسر عرفات بلقب (العدو اللدود)، وهذا في حد ذاته شرف ووسام على صدر عرفات، الذي عد أحد رموز الثورة الفلسطينية وأحد حاملي لواء قضيتها، وما يميز نضال ياسر عرفات هو إنه لم يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل إنه اعتمد في نضاله أيضاً على الجانب السياسي، وبحنكته وخبرته تمكن من انتزاع عدد من الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني.
المرض والوفاة :
ابتداءً من شهر أكتوبر عام 2004م تدهورت الحالة الصحية للزعيم الفلسطيني بشكل ملحوظ، حيث أصيب بعدوى بالجهاز الهضمي بجانب إنه كان يعاني من عدة أمراض في الأساس، فتم نقله على الفور إلى فرنسا لتلقي العلاج. في الأيام القليلة التالية تناقلت عدة وكالات أنباء نبأ وفاة ياسر عرفات ولكن عدد من المسئولين الفلسطينيين نفوا الخبر، وفي الرابع من نوفمبر 2004م أعلن التلفزيون الإسرائيلي وفاة ياسر عرفات إكلينيكياً، وبعد أسبوع واحد أي في الحادي عشر من نوفمبر قامت السلطة الفلسطينية بإعلان نبأ وفاة عرفات رسمياً. وقد تم دفن جثمان الزعيم الراحل داخل مبنى المقاطعة في مدينة رام الله الفلسطينية.
أضف تعليق