يحيي الفخراني هو أحد أعلام الفن المصري والعربي، هو مثل أعلى لكل ممثل شاب وأسلوبه في دراسة شخصياته وبراعته في تقمسها وتجسيدها يُضرب به المثل في معاهد وورش إعداد الممثل، جسد على مدار سنوات نشاطه الفني شخصيات عديدة ومتباينة وقد أداها جميعها ببراعة منقطعة النظير، فهو الصعيدي في الليل وآخره والمتأخر عقلياً في مبروك وبلبل والباشا في ليالي الحلمية والموظف الفقير في شرف فتح الباب وأخيراً هو الشيطان ونوس.. هو العبقري يحيي الفخراني
يحيي الفخراني .. من هذا :
يحيي الفخراني هو النجم الذي اعتلى عرش الدراما في آواخر الثمانينات بتقديمه ليالي الحلمية، ومنذ ذلك الحين لم يتخل عن عرشه ولم ينازعه عليه أحد.. فكيف كانت مسيرته؟ وما أهم أعماله الفنية التي بلغ مكانته هذه من خلالها؟
الحياة المبكرة :
في السابع من أبريل عام 1954م وُلِد الفنان المصري يحيي الفخراني وكان ذلك في مدينة المنصورة التابعة لمحافظة الدقهلية المصرية، وبتلك المدينة نشأ الفخراني في كنف أسرة متوسطة الحال وتلقى تعليمه الأول، وقد كان متفوقاً خلال كافة سنوات دراسته، ورغم شغفه بالفن عامة وفن التمثيل على وجه الخصوص إلا إن مجال دراسته كان بعيد عنه كل البُعد، وبعد إنهاء دراسته بالمرحلة الثانوية قرر التخصص في دراسة الطب، فانتقل إلى محافظة القاهرة والتحق بكلية الطب جامعة عين شمس التي حصل منها على درجة البكالوريوس عام 1971م.
بين الطب والتمثيل :
بعد تخرجه من الكلية عمل يحيي الفخراني لفترة قصيرة في مجال الطب، إذ شغل وظيفة طبيب ممارس في صندوق الخدمات الطبية التابعة للتلفزيون، ولكن في النهاية حبه للفن غلب حبه للطب فقرر أن يترك هذا من أجل ذاك، وبالفعل بدأ مشواره الفني بمجموعة أدوار صغيرة كان أولها من خلال مسرحية بعنوان (لكل حقيقته)، ثم حصل على أول دور تلفزيوني من خلال مسلسل بعنوان (أيام المرح)، وتمكن الفخراني من جذب أنظار الجماهير والمتخصصين إليه فتوالت أعماله ونجاحاته، ومع كل عمل يقدمه كان يثبت نفسه ويبرز موهبته فتضاعفت شعبيته إلى أن صار بطلاً مطلقاً للأعمال الدرامية
مسيرته التلفزيونية :
قدم يحيي الفخراني العديد من الأعمال التلفزيونية الناجحة والتي أغلبها يعد من العلامات المميزة والخالدة في تاريخ الدراما العربية، على رأس هذه الأعمال بالتأكيد تأتي الملحمة الدرامية الخالدة ليالي الحلمية والتي جسد بها شخصية سليم البدري، وكذا من أشهر أعماله التلفزيونية : لا، الليل وآخره، صيام صيام، للعدالة وجوه كثيرة، نصف ربيع الآخر، شيخ العرب همام، زيزنيا.. يعد الفخراني حالياً أحد قامات الدراما التلفزيونية العربية كما إنه الممثل التلفزيوني الأعلى أجراً.
مسيرته السينمائية :
سطع اسم ونجم يحيي الفخراني تلفزيونياً أكثر ولكن هذا لا ينفي حقيقة إن تاريخه الفني ذاخر بالعديد من الأعمال السينمائية الناجحة، أشهرها على الإطلاق فيلم الكيف الذي شاركه بطولته النجم محمود عبد العزيز، وكذلك من أعماله السينمائية الشهيرة والمميزة أفلام : إعدام ميت، مبروك وبلبل، محاكمة علي بابا، من خاف سلم، الأوباش.
أعماله المسرحية :
قدم يحيي الفخراني أيضاً العديد من المسرحيات الناجحة مثل مسرحيات : جوازة طلياني وكيمو والفستان الأزرق وراقصة قطاع عام والملك لير للعالمي وليام شكسبير، وآخر المسرحيات التي قدمها كانت مسرحية ليلة من ألف ليلة بالعام الماضي 2015م، وشهدت المسرحية إقبالاً كبيراً من الجماهير دفع النقاد لوصفها بإنها بمثابة إعادة إحياء للمسرح الذي هجره الجمهور خلال السنوات الأخيرة.
الفخراني والأداء الصوتي :
الصوت من الأدوات الرئيسية لأي ممثل و يحيي الفخراني يمتلك نبرة صوت بالغة التميز ويجيد العربية الفصحى ومخارج الألفاظ لديه واضحة وسليمة، وهو ما دفع المخرجين لإسناد بعض أدوار الأداء الصوتي إليه وتميّز بها، ومن أشهر الأداءات الصوتية التي قدمها الفخراني كان دور الراوي بالمشهد الافتتاحي لفيلم عمارة يعقوبيان، والدبلجة العربية لفيلم الكرتون العالمي Toy Story، كما قدم عدة مواسم من مسلسل رسوم متحركة بعنوان “قصص القرآن” أدى فيه دور الراوي وهو الشخصية الرئيسية بالعمل، وقد تم تقديم خمسة مواسم من ذلك المسلسل جميعهم حققوا نجاح كبير عند عرضهم وحظوا بنسبة مشاهدة مرتفعة، وحملوا عناوين:
- قصص الحيوان في القرآن
- قصص الإنسان في القرآن
- عجائب القصص في القرآن
- قصص النساء في القرآن
- قصص الآيات في القرآن
وتعتبر سلسلة قصص القرآن هي مسلسل الكرتون الأكثر نجاحاً ومشاهدة خلال الخمسة عشر عاماً الأخيرة، ويكفي القول بإنه قد أعاد الجماهير لمتابعة مسلسلات الكرتون العربية مرة أخرى.
الجوائز :
قدم يحيي الفخراني على مدار سنوات نشاطه الفني عشرات الأعمال الفنية المميزة والتي تعد من العلامات البارزة في تاريخ السينما المصرية والدراما العربية، وبناءً عليه كان من الطبيعي أن ينال عنها العديد من الجوائز. ومن أبرز الجوائز التي نالها الفخراني ما يلي:
- جائزة أفضل ممثل من مهرجان قرطاج السينمائي الدولي عام 1984م عن فيلم خرج ولم يعد
- جائزة أفضل ممثل من المركز الكاثوليكي عام 1984م عن فيلم عودة مواطن ونال الجائزة نفسها عن فيلمي امرأتان ورجل والأقزام قادمون
- جائزة الدولة التشجيعية في الفنون عام 1993م مقدمة من المجلس الأعلى للثقافة
- جائزة التفوق الفني من المهرجان القومي للأفلام الروائية عن فيلم أرض الأحلام
- جائزة مصطفى وعلي أمين للتميز الفني عام 1993م عن دوره بمسلسل ليالي الحلمية
وإجمالاً يقدر عدد الجوائز التي حصل عليها الفخراني بحوالي 50 جائزة عن أعماله السينمائية بجانب تكريمه عدة مرات عن مجمل أعماله، وهذا كله بجانب تصدر اسم يحيي الفخراني للعديد من الاستفتاءات الجماهيرية.
الموهبة وحدها تكفي :
الأثر الأهم الذي أحدثه يحيي الفخراني يتمثل في إثباته إن الموهبة هي كل شىء بالنسبة للمثل، وتمرده على مواصفات نجم الصف الأول بالسينما في تلك الفترة أو ما يُعرف في لغة السينما بمُسمى “الجان”، فالفخراني كان يفتقد لتلك المواصفات والمتمثلة في الوسامة والجسد الرياضي الممشوق، ولكنه كان يملك موهبة تمثيلية فريدة وقدرة فائقة على تجسيد مختلف الشخصيات بجانب ما يملكه من كاريزما منحته إطلاله مميزة، ومكنته من منافسة جانات السينما في تلك الفترة والتفوق عليهم في كثير من الأحيان.
حياته الخاصة :
حين كان يحيي الفخراني يدرس بكلية الطب كان يشارك بالعديد من الأنشطة الثقافية، ومن خلالها التقى بزميلته لميس جابر التي تشاركه نفس الاهتمامات، وسرعان ما توطدت علاقتهما وصارا صديقين ثم نمت بينهما مشاعر عاطفية كللت في النهاية بإتمام الزواج، وقد عاش الفخراني مع لميس جابر حياة هادئة مستقرة ورغم إن كلاهما من الشخصيات العاملة في المجال العام إلا إنهما تمكنا من إحاطة حياتهما الخاصة بسياج الخصوصية وجعلاها دائماً خارج دائرة الضوء، وقد رُزِق الزوجين بولدين هما طارق وشادي الفخراني.
الفخراني 2016 :
ينافس يحيي الفخراني بالموسم الرمضاني الحالي 2016م بمسلسل ونوس والذي يجسد به دور الشيطان، وقد حقق المسلسل نجاح كبير في أيام عرضه الأولى وجاء ضمن قائمة المسلسلات الخمسة الأكثر مشاهدة بماراثون الدراما الرمضانية كما أشاد به الكثير من النقاد. وقد أثبت الفخراني من خلال أدائه لشخصية الشيطان إنه رغم مسيرته الفنية المديدة لم تنضب موهبته ولا زال لديه الكثير ليقدمه، كما برهن من خلال المسلسل إلى إنه الأحق بلقب معشوق الدراما التلفزيونية التي تربع علي عرشها لأكثر من عشرين عاماً متصلة.
أضف تعليق