مادونا هي واحدة من ألمع النجوم المعاصرين في سماء الفن، يعرفها الجمهور باعتبارها مغنية وفنانة استعراضية ومنتجة وممثلة، أي إن معرفتنا بها تقتصر على معرفتنا بالشخصية التي نراها على متألقة على خشبة المسرح، والتي تظهر دائماً محاطة بعدد كبير من الكاميرات ومراسلي القنوات التلفزيونية، ولكن هذه هي مادونا النجمة التي تتردد أصوات أغنياتها بامتداد الأرض وعرضها، ولكن ماذا عنها كإنسانة، ماذا عنها خارج المسرح وعن حياتها قبل أن تعتلي خشبته؟
مادونا .. من تكون ؟
لا شك إن مادونا تُحسد من قبل الكثيرين على سعادتها، فهي نجمة وناجحة ومشهورة ومؤخراً انضمت إلى قائمة الأكثر ثراءً، ولكن هذا لا يعني إن حياتها كانت سعيدة على الدوام، بل إنها ذاقت في كثير من الأوقات مرار الحرمان والقهر، وعانت كثيراً إلى أن أصبحت النجمة التي نعرفها جميعاً.
نوني الصغيرة :
اسمها بالكامل مادونا لويز كيكون، ولدت في باي سيتي في ولاية ميتشجان الأمريكية، وكان ذلك في السادس عشر من أغسطس لعام 1958م، وهي تنتمي لأسرة كاثوليكية ذات أصول إيطالية فرنسية، فوالدها هو المهندس الإيطالي الأصل سيلفيو كيكون، الذي استقر بالولايات المتحدة وعمل كمهندس تصميم بشركة جنرال موتورز، أما والدتها فقد كانت تشاركها الاسم فهي تدعى مادونا لويز وهي ذات أصل فرنسي، ولهذا اعتادت العائلة مناداة مادونا الابنة باسم نوني الصغيرة أو مادونا جنيور، وذلك للتمييز بينها وبين والدتها. وتعتبر النجمة الأمريكية هي الابنة الوحيدة للزوجين بين خمسة أنجال، اثنين منهما أكبر منهما هما أنطوني ومارتن، وثلاثة يصغرونها سناً هم بولا وكريستوفر وميلاني، بخلاف أخ وأخت غير شقيقين أنجبهما والدها من زواجه الثاني، هم جينيفر وماريو كيكون.
فراق الأم :
فقدت مادونا والدتها في وقت مبكر من عمرها، وترك هذا جرحاً غائراً في نفسها لم يندمل، وتوقل النجمة الأمريكية أن والدتها قد توفيت إثر إصابتها بمرض سرطان الثدي، وإنها عانت كثيراً قبل الوفاة وعايشت مادونا معاناتها وكانت تشفق عليها من الألم، وبعد وفاة الأم حضرت الجدة كي تتولى رعاية الابناء، لكن أشقاء مادونا احتجوا على ذلك رافضين أن تحل أي امرأة محل أمهم حتى وإن كانت تربطهم بها صلة دم، ولكن مادونا الصغيرة كانت مسالمة ولم تبد رفضاً أو اعتراضاً، وربما كان ذلك راجعاً لإحساسها بإنها صارت وحيدة في ذلك العالم بعد وفاة أمها، وكانت تحتاج لوجود أي شخص يؤنس وحدتها، وزاد الأمر سوءاً بإعلان والدهم الزواج من خادمة أمهم جوان جوستافسون، الأمر الذي قاد الأطفال جميعاً وبينهم مادونا إلى مقاطعته.
الدراسة :
كانت توصف مادونا طوال سنوات دراستها بإنها (غريبة الأطوار)، وذلك بسبب انعزالها أغلب الوقت وتفضيلها الوحدة على الانخراط مع زملائها، بجانب إقدامها على القيام ببعض التصرفات الغريبة، مثل قضاء وقت الفراغ بين الحصص الدراسية في الوقوف على يديها، أو تذهب لصالة الألعاب الرياضية وتعلق جسمها بأكبر الآلات الرياضية من ركبتيها، تاركة رأسها مدلاة للأسفل، ولكن ما شفع لها وجعل المعلمين يغفرون كل تلك التصرفات، هو إنها كانت متفوقة طوال سنوات دراستها، بجانب معرفتهم بأن الطفلة قد تعرضت لصدمة قوية حين فقدت أمها وتزوج أبيها من خادمتها، فكانوا يوصون بضرورة عرضها على اخصائصي الصحة النفسية بدلاً من عقابها.
درست مادونا في بادئ الأمر بمدرسة سانت فريدريك الابتدائية، ثم انتقلت إلى مدرسة سانت أندور، وحصلت على الشهادة الثانوية من مدرسة روتشستر آدمز.
الموهبة الفنية :
كان لدى مادونا شغف كبير بمجال الفن وبصفة خاصة الفنون الموسيقية، مثل الرقص والغناء والعزف على الآلات المختلفة، وبدأت موهبتها تظهر خلال فترة دراستها الثانوية، ونافست بالعديد من المسابقات المدرسية وفازت بها، الأمر الذي مكنها من الحصول على منحة من جامعة ميتشجان للتدريب على الرقص الإيقاعي، كما كانت تحصل خلال تلك الفترة على دروس خاصة في رقص الباليه، وأعجب المدرب كريستوفر فلين بموهبتها وأقنعها بأن تتخذ من رقص الباليه مهنة لها، واقتنعت باقتراحه حتى إنها قررت ترك الجامعة والتخلي عن الدروس، وأن تتجه على الفور إلى مدينة نيويورك سعياً وراء فرصة عمل حقيقية بمجال الفن.
الفقر والاغتصاب :
العام الأول لـ مادونا في نيويورك كان عاماً مأساوياً، فقد وصلت إلى أرض نيويورك وفي جيبها 35 دولاراً فقط، الأمر الذي اضطرها للعمل بالعديد من المهن المتواضعة، فشغلت وظيفة عاملة نظافة بعدة أماكن مثل محلات دانكن دونتس، وذلك كي تجني من المال ما يكفي لسداد أجرة مسكنها وشراء الطعام، ولكن المأساة الحقيقية تمثلت في تعرضها إلى الاعتداء الجنسي والاغتصاب، ولم تكشف النجمة العالمية عن تلك الواقعة إلا وهي في أوائل الخمسينات من عمرها، إذ قالت بإنها كانت مراهقة ساذجة تعامل الجميع بنية حسنة، وفي إحدى الليالي كانت لا تملك حتى ثمن شراء شطيرة طعام، فاستوقفت أحد المارة وطلبت منه أن يقرضها بضعة سنتات لإجراء مكالمة هاتفية إلى أشقائها في ميتشجان، فعرض عليها أن تذهب معه للمنزل وتجري المكالمة من هاتفه الخاص، وهناك قام باغتصابها تحت تهديد السلاح، وتقول مادونا إن تلك التجربة هي الأشد قسوة في حياتها، وإنها تشعر بالذل كلما تذكرتها.
البداية الفنية :
تمكنت مادونا في وقت لاحق من الالتحاق بمعهد الرقص الحديث، وفي ذات الوقت حصلت على فرصة عمل كمغنية وراقصة بعدد من الملاهي الليلية، ومن خلال تلك المهنة تعرفت على أعضاء فرقة البوب الموسيقية بريك فاست كلوب، وقدمت معهم العديد من العروض والحفلات الناجحة، ثم تركتهم وانضمت إلى فريق إيمي الغنائي واستمر نجاحها وحققت قدر من الشهرة، لم يرتق بها إلى مصاف النجوم لكنه ضمن لها –على الأقل- الاستمرار في الحقل الفني.
الألبوم الأول :
شاهد المنتج مارك كاماني أحد العروض التي كانت مادونا تقدمها برفقة فريق إيمي، وأعجبته موهبتها في الرقص والغناء، فعرض عليها أن تتولى شركة سير كومبيني التي يتبعها إنتاج أول ألبوم غنائي لها، وقبلت مادونا العرض على الفور وصدر ألبومها الأول في 1982م قدم حمل اسمها، وطُرح بالأسواق بعنوان Madonna: The First Album، وكذلك تولت الشركة إنتاج أول كليب مصور لها لأغنية بعنوان Everybody.
طريق المجد :
الألبوم والكليب الأول لم يحققا النجاح المتوقع منهما، ولكن رغم ذلك لم تتخل الشركة المنتجة عن مادونا ،فقد كان لديهم إيمان قوي بموهبتها وإنها ستصير ذات يوم نجمة غنائية، ولم يخب ظنهم بها، وخطت مادونا أولى خطواتها الفعلية نحو النجومية بعد عامين وتحديداً في 1984م، حين قدمت للإذاعة أغنية بعنوان Like a virgin، وحققت الأغنية نجاحاً كبيراً وانتشرت بسرعة كبيرة بين العديد من الدول، مما دفع منتجيها إلى تحويلها إلى فيديو كليب، الأمر الذي ساهم في انتشارها بشكل أكبر، ومنذ ذلك الحين صارت مادونا واحدة من المغنيات المحترفات، وما عزز موقفها هو ما شهدته حفلاتها التالية من إقبال جماهيري كبير.
مادونا ممثلة :
نجاح مادونا في مجال الموسيقى والغناء وتحقيقها للشهرة في زمن قياسي يقدر بثلاثة أعوام، دفع منتجي السينما إلى محاولة استغلال نجاخها ذلك لصالحهم، فتلقت في عام 1985م أول العروض التمثيلية، وقبلت مادونا العرض وشاركت كممثلة ومغنية في فيلم Desperately Seeking susan، الذي أخرجته سوزان سايدلمان وشاركتها بطولته سوزانا أركيت، وحقق الفيلم نجاحاً كبيراً على المستويين النقدي والجماهيري، ومنذ ذلك الحين صارت مادونا واحدة من نجمات الصف الأول، وتهافتت عليها العروض الإنتاجية وتوالت أعمالها الناجحة، إلا أن أصبحت واحدة من أساطير ومشاهير عالم الفن.
الرجال في حياة مادونا :
خاضت مادونا خلال أعوامها الثمانية والخمسون العديد من التجارب العاطفية، أولى تلك العلاقات كانت في السبعينات حيث ارتبطت بالمغني فان جليروي، وذلك أثناء اشتراكهما معاً في عضوية فريق بريك كلوب فاست الغنائي، ودامت علاقتهما قرابة خمس سنوات ارتبطت النجمة العالمية بعدهم منتجها الفني ستيفن براي، ثم هجرته لتبدأ قصتها مع منتج آخر هو مارك كامينسكي، وفي بداية التسعينات أعلنت ارتباطها بالفنان توني وارد، وفي وقت لاحق أعلنت انفصالها عنه.
الأزواج :
رغم تعدد العلاقات العاطفية في حياة نجمة البوب العالمية مادونا ،حتى إنه لم يكن يمضي عليها عام إلا وهي بصحبة شريك، إلا إنها لم تتزوج إلا ثلاث مرات فقط، هم كالتالي :
- شون بن : التقت مادونا بنجم هوليود شون بن أثناء عملهما بفيلم Material Girl عام 1985م، وفي العام نفسه فاجئ النجمين الجميع بنبأ زواجهما، ولكن بعد ثلاث سنوات فقط وتحديداً في الشهر الأول من عام 1989م أعلنا انفصالهما، وقد اعترفت مادونا في وقت لاحق إنها من تسببت في الطلاق، حيث إنها لم تبذل مجهوداً لإنجاح هذه العلاقة، وكانت دائمة الانشغال بنشاطها الفني وهو الأمر الذي لم يستطع شون التأقلم معه.
- كارلوس ليون : تعرفت النجمة الأمريكية على ليون بصفته مدبراً للرقص، وجمعتهما علاقة عمل في البداية سرعان ما تطورت إلى إعجاب، وفي وسط التسعينات أعلنت مادونا ارتباطها بمدربها الخاص كارلوس ليون، وبعد فترة قصيرة أعلنت عن زواجها منه، ولكن هذه الزيجة أيضاً لم تدم لفترة طويلة.
- جاي ريتشي : الزوج الثالث هو المنتج البريطاني الشهير جاي ريتشي، والذي أعلن عن زواجه من النجمة الأمريكية في آواخر 2000م، ودام زواجه منها قرابة ثماني سنوات، قبل أن يعود الثنائي ويعلنا عن نيتهما في الانفصال، ولم يوضح أي منهما الأسباب التي دفعتهم للأقدام على ذلك، ولكن حصول مادونا على تعويضات زوجية بقيمة 60 مليون جنيه استرليني، دليل كافي على أن ريتشي كان هو الساعي إلى الطلاق.
تأثيرها وإنجازها :
تعد مادونا واحدة من الرائدات في مجال صناعة الموسيقى، وهي المغنية الأكثر شهرة والأوسع انتشاراً والتي حققت أرقاماً قياسياً من حيث المبيعات، الأمر الذي جعل العديد من النقود يعتبرونها أسطورة فنية، وفي ذات الوقت تعتبر واحدة من الشخصيات الملهمة بالنسبة للمغنيات الناشئات.
الثرورة :
تعد مادونا واحدة من المغنيات الأكثر شعبية والأوسع انتشاراً في تاريخ الموسيقى العالمية، بجانب عملها بالعديد من ميادين العمل الفني، فهي أيضاً ملحنة ومؤلفة أغاني بجانب امتلاكها لشركة إنتاج فني خاصة، هذا كله جعلها من الشخصيات ذات النفوذ في مجال صناعة الفن والميديا، ونجاحاتها المتتالية وشهرتها كان حققا لها عائدات مادية هائلة، ساهمت في تضخم ثروتها في فترة زمنية قصيرة نسبياً، وفي أوائل عام 2013م أفادت بعض التقارير الصحفية، بأن مادونا قد انضمت لقائمة أغنى الشخصيات النسائية حول العالم، بعد أن تجاوزت ثروتها حد الـ 500 مليون دولار.
الجوائز والتكريمات :
نالت مادونا خلال سنوات نشاطها الفني، والممتدة ما بين أوائل الثمانينات وحتى الآن العديد من الجوائز والتكريمات، ومن أبرز الجوائز التي حظيت بها على مدار مشوارها الفني، ما يلي :
- جائزة الأوسكار : نالت مادونا جائزة الأوسكار لأفضل أغنية فيلم، وهي أغنية You must love me من فيلم Evita.
- جولدن جلوب : نالت جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة وذلك في عام 1996م، كما فازت بجائزة جولدن جلوب لأفضل أغنية أصلية.
- متحف روك آند رول : هو المتحف المختص بحفظ تاريخ الشخصيات المؤثرة في تاريخ الموسيقى، وتم إضافة تاريخ النجمة الشهيرة وبعض مقتنياتها لذلك المتحف كنوع من التكريم.
أضف تعليق