ديفيد بيكهام هو أحد أفضل وأشهر لاعبي كرة القدم في العالم، والأشهر على الإطلاق في تاريخ الكرة الإنجليزية، فهو يضرب به المثل في المهارة والبراعة والقدرة على التحكم بالكرة، حتى صار اسمه في حد ذاته جائزة ووسام شرف، فإن أغلب لاعبي العالم الحاليين وأشهرهم يشعرون بالفخر، إن قاموا بمراوغة أو تمريرة فكان التعليق عليها إنه فعلها مثلما كان يفعلها ديفيد بيكهام
ديفيد بيكهام .. من هذا :
ديفيد بيكهام يُعرف بإنه اللاعب الأغنى في العالم، ولكنه لم يصبح كذلك من فارغ، بل إن بدايته كانت متواضعة وفي أسرة فقيرة. فكيف تمكن من تحقيق هذه الشهرة وتلك الثروة؟ وما الإنجازات التي حققها وما الأثر الذي تركه؟
لاعب ابن لاعب :
ربما تكون الجينات الوراثية أحد أسباب ما أمتلكه ديفيد بيكهام من مهارة كروية!.. بتلك العبارة وصف المقربون من اللاعب الشهير والده ومدى تأثره به، فبيكهام قد وُلِد في الثاني من مايو 1975م بمدينة ليتونسون بالعاصمة لندن، واسمه بالكامل هو ديفيد روبرت جوزيف بيكهام، ووالده روبرت بيكهام كان يعمل ميكانيكياً للسيارات ولاعب هاو لكرة القدم، وكان شديد الشغف بتلك اللعبة حتى إنه كان من أحلامه أن يحترفها أحد ابنائه، ويحقق الحلم الذي عجز هو عن تحقيقه، وقد كان روبرت هو أول مدرب يحظى به بيكهام الصغير، فقد أدرك الأب إن ابنه يمتلك الموهبة والمهارة، ومن ثم بدأ يحثه على الاستمرار وعاونه في تنمية موهبته ومهاراته في وقت مبكر من عمره.
الشيطان الأحمر :
في عمر الحادية عشر تقدم ديفيد بيكهام إلى مدرسة نادي مانشستر يونايتد الشهير بالشياطين الحُمر، وأجرى اختبارات القبول فأبهر المُقيمين بموهبته وبراعته، وفي عام 1991م وبعدما أثبت تفوقه من خلال التدريبات، تم ضمه إلى فريق ناشئي مانشستر يونايتد، ليصبح بذلك واحد من الشياطين الحمر رسمياً، ولم يصدق بيكهام نفسه وهو يرتدي قميص ذلك النادي الذي طالما عشقه كمشجع، وكان دوماً يتابع مبارياته ونجومه ويتمنى أن يصبح يوماً مثلهم.
الانطلاق :
في العام التالي مباشرة 1992م بدأت مسيرة ديفيد بيكهام ، وذلك بمشاركته مع الجيل الذهبي لشباب مانشستر يونايتد في بطولة كأس كوبا الودية للشباب، وكان الفريق يضم رايان جيجز وجاري نيفيل وبول سكولز، وقد برزت موهبة هؤلاء جميعاً من خلال تلك البطولة، وجذب ديفيد بيكهام الانتباه إليه من خلال الأداء الممتاز الذي قدمه، والذي كان سبباً مباشراً في تحقيق الفريق للفوز في أكثر من لقاء، وقادهم إلى الفوز باللقب في النهاية، ونتيجة لذلك تم تصعيده إلى الفريق الأول بعد أربعة أشهر فقط من انتهاء البطولة.
مسيرته مع مانشستر :
ظهر ديفيد بيكهام على ساحة كرة القدم للمحترفين في عام 1994م، ومنذ ظهوره وحتى اعتزاله لم يخفت نجمه الساطع يوماً واحداً، ففي موسمه الأول شارك بأربع مباريات أثبت خلالها امتلاكه لموهبة فريدة، الأمر الذي مكن ناديه من إعارته إلى نادي بريستون لموسم واحد، فواصل بيكهام تأقله وقدم أداءً مذهلاً، وحين عاد لمانشستر مجدداً تم إدراجه ضمن التشكيل الأساسي للفريق، وكان من الطبيعي أن ينضم بعد ذلك إلى المنتخب الإنجليزي لكرة القدم، وقد كانت أهدافه من الأسباب المباشرة في تأهل المنتخب إلى بطولة كأس العالم لعام 2002م، مما زاد شعبيته ودفع الشعب الإنجليزي للنظر إليه باعتباره بطلاً قومياً، وقد حقق بيكهام مع ناديه الأول العديد من البطولات، من أبرزها الفوز ببطولة الدوري الإنجليزي لستة مواسم، وكذا كأس الإنتركونتيننتال ودوري أبطال أوروبا وكأس الاتحاد الإنجليزي للشباب والمحترفين.
مسيرته مع ريال مدريد :
أصيب ديفيد بيكهام بكسر في الضلع أبعده عن الملاعب لعدة أسابيع، وخلال فترة توقفه تهافتت عليه عروض الاحتراف من العديد من الأندية، فقبل العرض المقدم من نادي ريال مدريد الإسباني، وقد تعرض لانتقادات حادة من قبل جماهير مانشستر يونايتد بسبب ذلك، وصلت إلى حد اتهامه بالخيانة ونكران الجميل. وقد بيكهام من ناديه الجديد أداءً مشرفاً حتى أصبح واحد من أساطيره، وفاز معه بالعديد من البطولات منها كأس الأنتركونتينانتال وبطولة الدوري الإسباني وكأس السور الإسباني.
مبيعات قميص بيكهام :
الشعبية الكبيرة التي حظي بها ديفيد بيكهام في أرجاء الأرض لا تحتاج إلى دليل، وإن كانت تحتاج فيكفي أن ذكر نسبة مبيعات القمصان الرياضية التي تحمل اسمه، فقد كان الشباب في كل مكان يتهافتون على اقتناء تي شيرت بيكهام، سواء حين كان لاعباً في مانشتر يونايتد أو ريال مدريد، والأمر لم يختلف بالنسبة لقميص المنتخب الإنجليزي الخاص به، وقد حقق ديفيد بيكهام رقماً قياسياً في مبيعات القمصان عند توقيعه عقد احترافه مع نادي ريال مدريد، حيث باع النادي فور التوقيع حوالي مليون قميصاً، حققت عائد يقدر بحوالي نصف مليون يورو خلال أول أيام تعاقده فقط، محققاً بذلك رقم قياسي في تاريخ الريال، لم يتحطم إلا على يد كريستيانو رونالدو الذي بيع من قميصه عند توقيعه مع النادي مليون و200 ألفاً من القمصان.
أفعلها مثل بيكهام :
ليست مبيعات القمصان هي الدليل الوحيد على شعبية ديفيد بيكهام الطاغية، فهناك دليل آخر يبرهن على شعبيته في أرجاء العالم، ومكانته الرفعية لدى الشعب الإنجليزي بصفة خاصة، ففي عام 2002م تم طرح فيلم رياضي من إنتاج هندي بريطاني مشترك، وعلى الرغم من إن الفيلم ليس سيرة ذاتية للاعب الكبير، وإنه لا يظهر بشخصيته حتى ضمن أحداثه، إلا إن صناع العمل اسموه Bend it like Beckham، بمعنى لفها أو أفعلها مثل بيكهام، في إشارة للركلة المميزة التي اشتهر بها اللاعب، وقد حقق الفيلم عند طرحه إيرادات ضعف تكلفته الإنتاجية، ورغم جودة الفيلم إلا إنه لا أحد يغفل أن اسم ديفيد بيكهام كان من أسباب نجاحه الرئيسية.
مهارته وتأثيره :
سيذكر التاريخ دوماً اسم ديفيد بيكهام كأحد أبرز المواهب الكروية، ليست فقط لما حققه من بطولات محلية ودولية أو ما حمله من ألقاب، إنما لما امتاز به من مهارات عديدة يفتقر إليها كبار لاعبي العالم حتى اليوم، فقد أشتهر بركلته الصاروخية والتي أحرز بها أغلب أهدافه من خارج الصندوق، وكذا عُرف بدقة تمريراته العرضية، ورغم إنه جاء في جيل ذهبي وعاصر العديد من كبار اللاعبين، إلا إن بيكهام كان الأكثر جذباً للانتباه والأكثر شعبية، والنسبة الغالبة من اللاعبين المعاصرين يتخذونه قدوة ومثل أعلى.
حياته الخاصة :
تزوج ديفيد بيكهام من المطربة وسيدة الأعمال الأمريكية فيكتوريا كارليوني والتي عرفت فيما بعد باسم فيكتوريا بيكهام، وقد أعلن الثنائي زواجهما وأقاما حفل الزفاف في عام 1999م، ومنذ ذلك الحين عاشا حياة هادئة ومستقرة، وأنجب بيكهام من فيكتوريا ابنائه الأربعة.
الجوائز الشخصية :
يمتلك ديفيد بيكهام تاريخ رياضي حافل بالإنجازات، ولا تقتصر إنجازاته على البطولات والألقاب التي حققها برفقة أنديته أو المنتخب الإنجليزي، بل إنه قد نال العديد من الجوائز والتكريمات بصفة شخصية، ومن أمثلة جوائزه الفردية ما يلي:
- جائزة أفضل لاعب شاب لموسم 1996م.
- فاز بجائزة السير مات بوسبي عن نفس العام.
- أفضل لاعب في قارة أوروبا موسم 1999م.
- تم اختياره كأفضل لاعب كرة قدم عام 2001م من خلال استفتاء BBC.
- تم تكريمه من قبل دولة إنجلترا بمنحه وسام الأمبراطورية البريطانية، وتم منحه رتبة ضابط وهي رتبة شرفية في عام 2003م.
- رُشح لجائزة الكرة الذهبية كأفضل لاعب في العالم عام 1999م.
- تم اختياره من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) ضمن أفضل 100 لاعب في التاريخ.
بيكهام والكرة الذهبية :
رغم جماهيرية ديفيد بيكهام وموهبته التي شهد بها الجميع حتى خصومه ومنافسيه، ورغم إنه كان خلال فترة التسعينات حديث العالم، ومعشوق محبي كرة القدم على اختلاف انتماءاتهم، إلا إنه لم ينل جائزة الكرة الذهبية، وهي أرفع الجوائز الكروية على الإطلاق، إذ إنها تشهد لحاملها بإنه أفضل لاعب في العالم، ويرى محبي بيكهام إنه تعرض لظلم شديد من قبل الفيفا لعدم حصوله على تلك الجائزة، خاصة في موسم 1999م الذي تألق خلاله، وترشح عنه بالفعل لنيل الجائزة. وحتى اليوم كل شخص يؤيد الرأي القائل بأن الكرة الذهبية ليست مقياساً للمهارة والبراعة، يبرهن على ذلك بإن هناك عمالقة لم ينالونها وعلى رأسهم الإسباني رؤول جونزالس والفرنسي تيري هنري وبالطبع الإنجليزي ديفيد بيكهام
أضف تعليق