جوني ديب .. من لا يعشقه؟!.. بهذا السؤال الاستنكاري استهل أحد المذيعيين تقريره المصور عن النجم العالمي، وهو بنسبة كبيرة محق في صياغة سؤاله، فاستطلاعات الرأي أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك إن جوني ديب أحد أكثر الممثلين شعبية على مستوى العالم، ولكن ما يميزه عن غيره هو إن جمهوره ينتمي لشرائح مختلفة، فالكبار والصغار والرجال والنساء جميعهم يعشقون ديب بنفس القدر، وذلك لإنه من القلة الذين لم يحصروا أنفسهم في قوالب فنية محددة، فهو من قدم أعمالاً خفيفة الظل مثل قراصنة الكاريبي وأليس في بلاد العجائب، وهو من قدم شخصية الحلاق الوحشي سويني تود، ومن قدم أفلام السير الذاتية ومنها شخصية رجل العصابات جيمس بلوجر، وبالتالي فإن أفلام ديب مرضية لجميع الأذواق، وكان من الطبيعي أن تجتمع الجماهير على حبه.
جوني ديب .. من هذا ؟
براعة جوني ديب كممثل لا تتمثل فقط في اختياره أنماط مختلفة وتجسيده لشخصيات متباينة، إنما تتمثل في قدرته على تقديم هذا الكم المتنوع بنفس درجة الإتقان والإجادة، فكيف كانت مسيرة هذه الموهبة الفريدة إلى شاشات السينما، وما الذي يميز أسلوبه التمثيلي عن غيره من نجوم هوليود؟
الميلاد والأسرة :
في التاسع من يونيو لعام 1963م استقبل الزوجان جون كريستوفر ديب وبيتي سو بالمر ابنهما جوني، والذي حمل لقب عائلة والده فعُرب باسم جوني ديب ،وكان ذلك بمدينة أوينسبورو في ولاية كينتاكي بالولايات المتحدة الأمريكية، وجذور ديب ترجع لعدة بلاد، فوالده المهندسي المدني جون ديب ذو أصول أيرلندية فرنسية، أما والدته الكاتبة بيتي بالمر فهي تندرج من أصول هندية ألمانية، ولديب شقيقين ذكور وشقيقة واحد هي كريستي، والتي تشغل حالياً منصب المدير بشركة Infinitum Nihil للإنتاج الفني، والتي قام جوني ديب بتأسيسها في 2004م ويشغل منصب المدير التنفيذي بها.
التعليم :
ولد جوني ديب لأبوين حاصلين على شهادات جامعية، ومن ثم كان من الطبيعي أن يهتموا بتعليم أطفالهم، خاصة وإن الموارد المالية للأسرة تسمح بذلك، إلا إن المال -في النهاية- ليس كل شىء، فعلى الرغم من إنهما قد ألحقا ديب الصغير وأشقائه بالمدارس، إلا إن نشوب الخلافات المتكررة بينهما أثرت بشكل سلبي على مستويات تحصيلهم الدراسية، وبصفة خاصة جوني الذي كان بطبيعة الحال شغوفاً بالفن أكثر من العلم، وحين التحق جوني بالمدرسة الثانوية أعلن والديه انفصالهما، وهو ما أصابه بحالة من الاكتئاب والتخبط، قرر على إثرها ترك المدرسة قبل إتمام دراسته بها، ليبدأ رحلة السعي وراء هدفه الذي قد حدده مسبقاً وهو احتراف العمل بمجال الفن.
جوني ديب .. عازف جيتار :
بداية علاقة جوني بالفن كانت غنائية، إذ إنه كان يجيد في مراهقته العزف على آلة الجيتار، كما إنه كان مولعاً بموسيقى الروك، وعليه فقد انضم إلى إحدى الفرق لغناء الروك تسمى فرقة روك سميت، وقد حققت الفرقة نجاحاً مقبولاً وتمكنت من جذب انتباه متعهدي تنظيم الحفلات، وتلقوا عرضاً للطواف بمختلف مناطق ولاية فلوريدا، وتقديم عروضهم بأكثر من مسرح ونادي بها، وقد انتقل الفريق بالفعل إلى لوس أنجلوس لتقديم عروضه بها، إلا إن الخلافات نشبت ما بين أعضاء الفريق، الأمر الذي أدى في النهاية إلى حله، مما اضطر جوني ديب للبحث عن وظيفه تدر عليه دخلاً يعينه على الحياة، فعمل كمندوب لدى إحدى شركات تصنيع وبيع الأقلام.
البداية في عالم السينما :
ابتعاد جوني ديب عن مجال الفن لم يستمر لفترة طويلة، لكن عودته إليه كانت مختلفة وغير متوقعة، فلم يعد كمطرب أو عازف للجيتار، إنما عاد إلى عالم الفن هذه المرة ممثلاً، والفضل في ذلك يعود إلى زوجته الأولى الممثلة لوري أليسون، والتي تعرف من خلالها على النجم السينمائي نيكولاس كيدج، والذي قام بدوره بتعريف جوني ديب على وكيل أعماله بعدما لمس موهبته، وذلك الأخير ساعد ديب في الحصول على أول أدواره من خلال فيلم A Nightmare on Elmstreet من إنتاج 1984م.
التعليم والانطلاق :
كان جوني ديب يعي جيداً إن الموهبة وحدها ليست كافية لتصنع منه نجماً، أو بمعنى أصح النجم الذي يريد أن يكون عليه، ولهذا فإنه اتجه إلى دراسة فن التمثيل دراسة أكاديمية فور انتهاء تصوير عمله الأول، وتلقى دروسه من خلال ورش تدريب الممثل التي تقام باستوديوهات لوس أنجلوس، وخلال الدراسة قدم دورين آخرين بالأفلام السينمائية، ومن خلالهما تمكن من جذب انتباه المخرجين، ونتيجة لذلك حصل على أول دور كبير في حياته من خلال مسلسل Jump Street 21، والذي حقق نجاحاً جماهيرياً كبيراً عند عرضه، وتصدر صور ديب أغلفة المجلات الفنية طيلة ثلاث سنوات، وكان هذا المسلسل هو نقطة التحول الفارقة في مسيرته الفنية، إذ منذ ذلك الحين صار واحداً من ألمع نجوم هوليود.
الحياة الشخصية والعائلية :
تزوج جوني ديب مرتين، الأولى كانت في 1983م حيث تزوج من لوري آن أليسون، ورغم الدور المحوري الذي لعبته في حياته، إذ وضعته على أول طريق النجومية في سماء هوليود، إلا إن زيجتهما كانت فاشلة وسرعان ما انتهت علاقتهما التي لم تدم لأكثر من ثلاث سنوات، وفي عام 2015م أعلن جوني ديب عن خوضه تجربة الزواج للمرة الثانية، حيث تزوج من الممثلة آمبر هيرد، ولدى ديب اثنين من الابناء هما جاك وليلي روز.. بخلاف الزيجتين كان هناك العديد من النساء في حياة النجم العالمي، فطالما لاحقته الصحافة وتلصصت على حياته الخاصة، وكشفت عن عدة علاقات عاطفية ارتبطت خلالها بالعديد من الممثلات، أشهرهن فانيسا بارادي وينونا رايدر وكيت موس.
الجوائز والترشيحات :
جوني ديب له تاريخ سينمائي حافل بالعديد والعديد من الأعمال الشهيرة، وبطبيعة الحال فقد نال عن هذه الأدوار المتباينة والمميزة التي جسدها العديد من الجوائز الفنية العالمية منها:
- جائزة M TV لأفضل أداء.
- جائزة بيبول تشويس.
- جائزة بافتا السينمائية.
- جائزة جولدن جلوب.
بجانب هذا فقد تم ترشيح جوني ديب للعديد من الجوائز السينمائية العالمية، منها ثلاث ترشيحات إلى جائزة الأوسكار، منهم ترشيحين عن تجسيده لشخصية القرصان جاك سبارو بسلسلة قراصنة الكاريبي، بجانب تسعة ترشيحات لجائزة جولدن جلوب بخلاف المرة التي نال بها الجائزة بالفعل.
الأسلوب المميز :
جوني ديب ليس ممثلاً عالمياً فحسب، بل إنه أسطورة في عالم التمثيل، فرغم رصيده الهائل من الأفلام وكم الشخصيات التي جسدها، لا يمكن أن نلحظ ثمة تشابه بين شخصية وأخرى، فهو يهتم بأدق التفاصيل، ولهذا فإن أغلب الشخصيات التي جسدها لا تزال عالقة بأذهان الجمهور، بل إن ذلك الأسلوب الذي ينتهجه جوني ديب في التشخيص بات يُدرس بالعديد من مراكز إعداد الممثل، ولكن الفضل في ذلك من الظلم أن يسند لديب وحده، فشريكه في هذا النجاح هو المخرج العبقري تيم برتون والذي تعاون ديب معه في 70% من أعماله تقريباً.
صاحب الألف وجه :
اهتمام جوني ديب بتفاصيل الشخصية التي يقدمها لا يقتصر على الأسلوب فحسب، بل إنه يمتد ليشمل المظهر الخارجي أيضاً، ولهذا فقد لقب بالنجم صاحب الألف وجه، في إشارة إلى تبديله الدائم لملامح وجهه بحسب الشخصية التي يقدمها، حتى إنه في العديد من الأعمال لم يظهر بملامحه الحقيقية ولو لمشهد واحد حتى، فإن وضعنا صوراً لشخصيات مثل جاك سبارو وسويني تود وجيمس بلوجر بجانب صورة ديب الحقيقية، ربما اعتقدنا ولو لوهلة أننا أمام صور لأربع أشخاص مختلفين.
أضف تعليق