وليام شكسبير هو أحد أشهر الاسماء في عالم الفن والآدب، ولن نبالغ إن قلنا إنه الاسم الأشهر على الإطلاق، فما من أحد على وجه الكرة الأرضية لا يعرف وليام شكسبير سواء قرأ له أو لم يقرأ، وما نعرفه عن صاحب الاسم هو إنه الكاتب المسرحي الأبرز في التاريخي، وإنه يُصنف كأعظم كاتب وشاعر في تاريخ الأدب الإنجليزي، ومنا من قرأ روائعه أو شاهدها حين قُدمت للسينما والمسرح، ولكن في النهاية فهذا كله لا يُجيب على سؤال ( من هذا ؟)، والذي سنتعرف على إجاباته من خلال الفقرات التالية.
وليام شكسبير .. من هذا ؟
بدأ وليام شكسبير حياته الفنية في أوائل العشرينات، حين عمل كممثل بالفرق المسرحية اللندنية قبل أن يتجه إلى كتابة النصوص والأشعار، لكن هذه الكلمات تصف مرحلة ذروة النشاط في رحلة وليام شكسبير، لكن ماذا عن ما قبل ذلك وما بعده؟!..
الوالدين.. روميو وجوليت :
قصة روميو وجوليت والتي تعد واحدة من أشهر إبداعات وليام شكسبير ،لما تحتويه من عاطفة جياشة ورومانسية تطغى على أحداثها، فإن القصة الوحيدة التي يمكن أن تنافسها هي قصة والديه، السيدة ماري آردن والسيد جون شكسبير، فالأولى هي السيدة التي تنتمي لإحدى أسر ووركشير العريقة ذوي المال والسلطة، أما الأب فقد كان ابن لأحد المزارعين المستأجرين لجزء من أرض تلك العائلة، تعرف جون شكسبير على السيدة الارستقراطية ووقع في غرامها، وفوجئ بها تصارحه بإنها تبادله ذات الشعور، وبشكل أو بآخر وبعد صراعات عديدة تمكن المتحابين من الزواج، وأنجبا من الأطفال ثمانية، الثالث بينهم أطلقا عليه اسم وليام.. وليام شكسبير ،وكان ذلك بمقاطعة وركشير الإنجليزية في عام 1564م، وإن كان ذلك التاريخ لا يتسم بالدقة، فتاريخ ميلاد وليام شكسبير لم يتم التحقق منه بشكل قاطع، لكن المؤكد إن 1564م هو العام الذي تم فيه تعميده بحسب تعاليم الدين المسيحي.
النشأة :
حين نصل للنقطة المتعلقة بالنشأة في قصص المشاهير، فعادة إما نُعرفها بإنها كانت صعبة قاسية، أو إنها كانت رغدة مستقيمة، ولكن يبدو إن وليام شكسبير أراد أن يكون استثناء لكل قاعدة في الوجود، فإن نشأته كانت مزيج بين هذا وبين ذاك، فنعِم خلال إحدى مراحل طفولته بالعيش الرغد الهنئ وفي مرحلة أخرى ذاق مرارة الشقاء.. فوالد وليام شكسبير بعد تزوجه من سليلة الشرفاء، صار أحد رجال الأعمال والمستثمرين بقرى نهر الآفون، وتولى منصبي مسئول الأمن وعضوية مجلس المدينة، كما اشتهر بكثرة أعماله الخيرية وعطفه بسخاء على الفقراء، ولكن عام 1575م شكّل نقطة تحول في حياة وليام شكسبير والعائلة، إذ إن خصوم والده قد حاكوا له مؤامرة خبيثة، وأوشوا به زوراً إلى القضاة وطبقة الحُكام، فبارت تجارته وخسرت استثماراته وضاق عليه الحال، وبسبب تراكم الديون وعجزه عن السداد ألقي بالسجن في عام 1580م.
تلقي العلم :
علينا الإقرار بأن لفظ “التعليم” كمصطلح لا يعد مرادفاً لمصطلحات “الثقافة، الوعي، الفصاحة”، وهذا ليس إقلالاً من شأن التعليم بالتأكيد، لكنه فقط مجرد إقرار لواقع، والدليل على ذلك هو أفضل الكتاب في تاريخ الأدب الإنجليزي، لم يحظ بقدر وفير من التعليم الأكاديمي، وتتضارب أقوال المؤرخين حول الزمان والمكان الذي تلقى وليام شكسبير فيه تعليمه الأول، لكن الأمر المؤكد هو إنه بعد تدهور الحالة المادية للعائلة، تم إلحاقه بواحدة من المدارس الرديئة المجانية، والتي كانت تخصص لتعليم الفقراء وابناء عامة الشعب، ولكن حتى تلك المدرسة التي هي دون المستوى، لم تستمر دراسة وليام شكسبير بها لفترة طويلة، إذ اضطر والده لإخراجه هو وأخوته من المدرسة ليعاونوه بالعمل، وبعض المؤرخون يزعمون –دون إثبات- إن وليام شكسبير قد علم نفسه بنفسه، أي إنه اكتفى بمعرفته بمبادئ وقواعد القراءة والكتابة، ثم بدأ في مطالعة مختلف أنواع الكتب وخاصة المسرحيات اليونانية، والتي تأثر بها بنسبة كبيرة ويظهر هذا بوضوح في إنتاجاته الأدبية.
زواجه من آن هاثاواي :
الأمر المؤكد والذي اتفقت عليه كافة المصادر التاريخية، هي إن وليام شكسبير قد تزوج في فترة مراهقته، وكان له من زوجته هذه ابناءً، ووفقاً لرواية ريتشارد دفيز فإن زوجة وليام شكسبير كانت تدعى آن هاثاواي، وإن شيكسبير لم يكون مولعاً بها أو محباً لها حتى، وإن زواجهما قد تم بسرعة بإيعاز من الأصدقاء والمقربين، وكان وليام شكسبير حينها في عمر الثامنة عشر تقريباً، وإن أطفال وليام كانا توأم سُميا جوديث وهامنت، ولكن بعد عام واحد من الزواج ولأسباب غير معروفة بدقة، قد هجر وليام شكسبير عش الزوجية ورحل مخلفاً وراءه زوجته وطفليه، وتوجه إلى لندن ليبدأ وبعد عامين بدأ هناك حياته كممثل مسرحي، قبل أن يصبح شاعراً وكاتب للمسرح.
الإنتاج الأدبي :
التاريخ الإنساني زاخر بالعديد والعديد من الكتاب المُبدعين العِظام، ولكن قلة قليلة منهم يمكن وصفهم بإنهم كتاب ذوي إنتاج عزير، وكان وليام شكسبير واحد من هؤلاء المتميزين بغزارة إنتاجهم الإبداعي، ولكن الكم لديه لم يطغى على الكيف، فكل عمل أدبي أنتجه وليام شكسبير هو عمل ذو قيمة، استحق عن جدارة أن يُخلد ضمن كلاسكيات الأدب العالمي، وقد بلغ مجموع ما وصل إلينا من أعمال شكسبير حوالي قصتين شعريتين و38 مسرحية، أما السونيتات فقد بلغ عددها قرابة 160 سونيته، وهذا كله بخلاف مجموعة من القصائد الشعرية المتوسطة الطول، ومن أبرز أعمال وليام شكسبير وأشهرها الآتي:
- روميو وجوليت.
- تيتوس أندرونيكوس
- تاجر البندقية
- عطيل
- الملك لير
- هاملت
- جعجعة بلا طحن
- ترويض النمرة
وما تم ذكره من أعمال وليام شكسبير هو مجرد قطرة من غيث، وجدير بالذكر إن أعماله كاملة قد تمت ترجمتها إلى جميع اللغات الحية، ولا زالت تحقق عائدات مادية هائلة بمنافذ بيع الكتب حتى يومنا هذا.
شكسبير والخلود :
حقق وليام شكسبير إنجازين لم يحققهما سواه تقريباً، لكنه لم يشهد سوى واحد منهما فقط، أولهما هو ما حققه من شهرة وما ارتقى إليه من مكانة خلال حياته، وذلك بفضل ما قدمه من أعمال إبداعية لاقت رواجاً كبيراً في زمنه، أما الإنجاز الثاني هو إن تلك الأعمال قد خلدها التاريخ، ولا تزال تعقد حولها النقاشات ويتم تناولها بالبحث والتحليل، كما تم تحويلها مئات المرات إلى عروض مسرحية وأفلام سينمائية.
وفاة شكسبير :
اشتهر وليام شكسبير في أوساط العامة وكذا أعلياء القوم وطبقات الحكام، وعلى الرغم من ذلك ورغم ما حققه من نجاح كبير، قرر في مرحلة ما التقاعد وقضاء ما تبقى من عمره في سلام، وكان في ذلك الوقت قد كون من المال ثروة لا بأس بها، وفرت له مسكن فخم وحياة هانئة مستقرة، واستمر في عزلته التي لا تقطعها سوى زيارات بعض الأصدقاء المقربين، حتى اليوم الثالث والعشرون من أبريل لعام 1616م الذي توفي فيه، وبعد يومين من حدوث الوفاة تم تشييع الجثمان إلى كنيسة الثالوث المقدس، وهناك تم دفنه داخل قبر تم تخصيصه له، وتمت إقامة شاهد للقبر من الحجر يحمل اسم الكاتب العالمي، وفي ذكرى وفاته أقيم في موقع قريب من المدفن نصب تذكاري له.
أضف تعليق