حظيت قصة البروفيسور الأمريكي هوارد ستورم بتغطية إعلامية كبيرة في تسعينيات القرن الماضي، وذلك لما ادعاه من موتٍ أثناء تواجده في المستشفى ثم العودة بعد ذلك إلى الحياة الطبيعية، هذا وقد تم تصديق ما قاله الدكتور هوارد من قِبل الكثيرين نظرًا لما كان يتمتع به من مصداقية وما كان مشهودًا به له من أخلاق، كما أن التفاصيل التي رواها عند استفاقته لم تكن تحمل أبدًا أي شبهة جنون أو كذب أو حتى هلوسة، لذلك، دعونا نتعرف سويًا في السطور القادمة على الدكتور هوارد ستورم وقصة موته ثم العودة من الموت.
كيف عاد هوارد ستورم من الموت؟
من هو هوارد ستورم؟
هوارد ستورم أستاذ جامعة أمريكي من مواليد أربعينيات القرن العشرين، وتحديدًا في آخر سنوات الحرب العالمية الثانية، عام 1944، وقد ولد هوارد لأسرة كادحة بالكاد تمكنت من قضاء حاجتها الأساسية من طعامٍ وشراب وملبس، لكنها تحاملت حتى تمكنت من توفير تعليم جيد لأبنائها الثلاثة، إلا أنه لم يستغل أحد منهم هذه الفرصة عدا بطل قصتنا هوارد ستورم، والذي تفانى في دراسته وتدرج في المراتب العلمية حتى أصبح أستاذًا جامعيًا مرموقًا، إلا أن كل ذلك لم يمنحه الشهرة التي منحتها له حادثة العودة من الموت التي وقعت له نهاية عام 1988.
ما قبل الحادثة
قبل الحادثة التاريخية التي وقعت للدكتور هوارد ستورم يجب علينا أولًا التعرّف على حالته وتعامله مع الآخرين، فبالرغم من أنه كان مشهودًا له بالأخلاق الحميدة إلا أنه كان عصبيًا للغاية، وكان يُثار من أي شيء وعلى أقل شيء، إضافةً إلى الشيء الأهم في الأمر، وهو أنه كان مُلحدًا، لا يؤمن بالمسيحية كما هو الطبيعي في الولايات المتحدة الأمريكية ولا يؤمن كذلك بوجود أي دين آخر، ورغم أن ذلك قد يُعد أمر طبيعي في الغرب إلا أنه كان يستحق المرور به خاصةً في ظروف قصتنا تلك، والآن إلى ما حدث بالضبط في رحلة العودة من الموت.
بداية الحادثة
كان الدكتور هوارد ستورم خارجًا في رحلة ترفيهية مع طلابه وأصدقاء جامعة كنتاكي الغربية التي كان يعمل بها، كان ذلك في الصباح، وقد كان كل شيء طبيعي لدرجة كبيرة، إلا أن هوارد قد سقط فجأة مغشيًا عليه دون أي سبب، وعلى الفور تم نقله إلى أقرب مستشفى ليتم تشخيص حالته بأنه إصابة بالاثنا عشري، وأنه لابد من إجراء جراحة عاجلة، لكن، للحظ السيئ كان هذا اليوم هو العطلة الرسمية للفريق الطبي المسئول عن هذا النوع من الجراحات، لذلك تم تأجيل جراحة هوارد إلى اليوم التالي، ليلقى بذلك مصيره المكتوب، ويذهب في رحلته التاريخية إلى الموت.
رحلة الموت
كان هوارد ستورم يعاني من آلام شديدة في كافة جسده، حتى يقال إنه قد صرخ عندما عرف بأن الجراحة سوف تتأجل إلى اليوم التالي، لكنه لم يجد بد من النوم، فخلد فيه لتبدأ أغرب حوادث العودة من الموت.
في البداية يقول هوارد أنه عندما نام استيقظ مرة أخرى وقام من موضعه كأن شيئًا لم يكن، بل إنه شعر بحيوية غريبة يزعم أنه لم يشعر بها من قبل، كانت الغرفة بالنسبة له هادئة جدًا، وذلك على الرغم من أنها كانت تعج بأسرته، يزعم هوارد كذلك أنه أخذ يتكلم معهم، لكن أحدًا منهم لم يستمع له أو يلتفت إليه من الأساس، حتى أدرك أن شيئًا ما خاطئ يحدث، وقد تأكد حدسه عندما سمع ذلك الصوت.
صوت من عالم آخر
سمع هوارد ستورم صوت غريب يناديه على باب الغرفة، فخرج يتتبعه حتى علم أنه يأتي من رجل يرتدي ملابس سوداء قاحلة، أما الوجه فكان شاحب يمتلئ بالنظرات الغامضة، الأدهى من ذلك أنه أمسك بالدكتور هوارد وأخذ يدفعه على السير معه في رواقٍ مظلم لا تظهر نهايته، وهنا أدرك هوارد أن شيئًا ما غير طبيعي بالمرة يحدث، وأن هذا الشخص الذي يُمسك به لا يُريد خيرًا على الإطلاق، لكنه كان مُجبرًا على السير معهم.
من أنت؟
كان ثمة سؤال منطقي يدور في رأس هوارد ستورم في هذا الوقت، كان يُريد ذلك الرجل ببساطه من أنت وماذا تريد؟ وبالكاد استطاع هوارد أن يفعل ذلك، لكنه وجد إجابة صادمةً للغاية، حيث قال له الرجل الغريب أنه يعرفه وأنه قد جاء له خصيصًا، كما أن انتظار هذا اليوم قد دام طويلًا.
أبدى هوارد تعجبه، وقبل أن يستمر في أسألته وجد الرجل الغامض يتخذ هيئات بشعة وقبيحة، ثم بدأت قبضته على هوارد تتزايد، وأخيرًا بدأ يضرب فيه ويُخربش جسده بصورة تؤكد على أنه أصيب بنوبة مُفاجأة، وهنا تملّك الذعر من هوارد.
نهاية الرحلة
نهاية رحلة الموت بالنسبة لهوارد كانت بنفس الطريقة التي بدأت بها، وهي الصوت، حيث سمع هذه المرة صوت يأمره بذكر اسم الله، وما إن استجاب هوارد لهذا النداء حتى بدأت الكائنات المخيفة التي ازدادت تتلاشى من حوله، كما بدأت ظلمة الرواق في الانقشاع وعاد كل شيء إلى طبيعته مرة أخرى، وقد كان واضحًا جدًا أن الكائنات كانت تتأذى بدرجة كبير إثر سماعها لهذا الصوت، لذلك لم يكف هوارد عن ترديده حتى وجد نفسه يفتح عينه مرة أخرى وهو على سريره بنفس الحالة التي كان عليها قبل هذه الرحلة.
إلى الحياة مجددًا
بالنسبة للدكتور هوارد ستورم، كان الاستيقاظ بمثابة العودة إلى الحياة من جديد، حيث شعر بجسده وكل شيء فيه عندما أيقظته الممرضة، والغريب أنه وجد نفسه قد أجرى العملية وكل شيء كان يسير معه بخير، حتى أن الأطباء والمجاورين له لم يشعروا بأي تغير أو تأثير على وجه أو جسده بالكامل خلال الوقت الذي زعم فيه أنه قد مات ثم عاد إلى الحياة مرة أخرى، لكن العودة الحقيقة كما يقول هو كانت العودة من طريق الإلحاد الذي كان مُنغمسًا فيه واعتناق الدين الذي يعترف بوجود الآخرة والجنة والنار والحساب والثواب والعقاب، فقد كانت هذه الرحلة بحق واحدة من أكثر الرحلات التي تأثر بها هوارد في حياته الدينية والاجتماعية أيضًا.
هوارد ستورم والشهرة
مع انتشار قصة موت الدكتور هوارد ستورم وعودته للحياة مجددًا بدأت الصحافة والأخبار تتسلط عليه، وبدأ الجميع يهتم بمعرفة أخباره وما يحدث معه بعد هذه التجربة المثيرة، فقد ظل هوارد لفترة كبيرة أشبه بضيف دائم على البرامج التلفزيونية والصحف، ليس هذا فقط، بل أنه قد قام أيضًا بتأليف كتاب لخص فيها قصته وما تعرض له خلال التجربة، وقد حقق هذا الكتاب مكاسب عالية حسنت كثيرًا من وضع هوارد المادي، إجمالًا، كانت هذه الحادثة العابرة سببًا في تغيير حياة هوارد المحظوظ تغيرًا كاملًا على كافة الأصعدة، وبالطبع كان هذا التغير للأفضل.
أضف تعليق