ما زالت معابد الأزتيك حتى الآن لم تُجفف من دماء ضحاياها، ما زالت خالدة لتشهد على أقذر سفه ديني تعرضت له البشرية على أيدي كهنة تلك المعابد، والذين ضربوا أروع الأمثلة في السفك والصلب والتنكيل، وقتلوا ما لا يقل عن ربع التعداد البشري في عصرهم، ذلك العصر الذي ربما لا يعرف أحد متى كان بالضبط، لكن التاريخ وشهادات الضحايا خلدت ما حدث به، لتبقى معابد الأزتيك أقذر بقعة دينية ويبقى كهنتها أقذر رجال دين مروا بالأرض، لكن، بالرغم من كل ذلك ربما تجد البعض لا يعرف ما الذي حدث بالضبط ولماذا كل هذا التهويل بشأن معابد الأزتيك ، ولذلك جاءت السطور التالية لتُجيب عن تساؤلاته تلك.
معابد الأزتيك الأسطورية
عقيدة الأزتيك
كان الأزتيك يعتقدون أن الشمس، والتي هي مصدر الحياة بالنسبة لهم، كانت في العصور السابقة تختفي مع اختفاء الدم، وقد ظل الأمر على هذا المنوال حتى اختفت خمس حيوات سابقة بسبب غضب الشمس منهم، وذلك لأنهم لم يتقربوا بالقرابين اللازمة لها، وهي دماء البشر، وأنه يجب التضحية يوميًا من بداية غروب الشمس حتى شروقها في اليوم التالي، وإلا، فإن الشمس لن تُشرق إذا لم تجد الدماء. هذا ما كان يتم ترديده من قِبل كهنة الأزتيك، والغريب أنه قد وجد قبولًا كبيرًا لدى شعوبهم، لكن المشكلة الوحيدة عندهم كانت في كيفية إيجاد هؤلاء الأشخاص الذين سيتم التضحية بهم.
إيجاد الضحايا
كان الأمر في بدايته صعبًا وشبه مُحبط، فالتضحية بهذا القدر الكبير من البشر تتطلب مورد بشري ضخم يكفي لسد جوع الشمس كما يعتقدون، والذين يهبون أنفسهم للموت من الأزتيك نفسهم لا يتخطى عددهم أصابع اليد الواحدة، لكن، مع الوقت وجد الأزتيكيين غايتهم في الحروب، حيث كانوا يدخلون العديد من الحروب مع كل القبائل المجاورة لهم بسبب وبدون سبب، وكان يتم هزيمة الضحايا في المعركة وأسرهم دون قتلهم، ثم يتم بعد ذلك اقتيادهم إلى أماكن التضحية لتبدأ بعدها مراسم الذبح باسم الشمس، والتي كانت تشهد على واحدة من أبشع الجرائم في حق البشرية.
كيف كانت تتم التضحية؟
كان لدى الأزتيك إيمان كامل بأنه يجب إرضاء كافة الآلهة حتى يُمكن تجنب غضبها، وكانت الآلهة التي تدخل في ذلك هي آلهة الشمس والنار والمطر، وكان لكل إله طريقة قربان خاصة. آلهة الشمس مثلًا كان يتم التقرب إليها عن طريق جلب الأسرى الذين تم جلبهم من الحروب والصعود بهم إلى قمة جبل عالي، ثم بعد ذلك يأتي خمسة من كهنة معابد الأزتيك ، أربعة يُحكمون إمساك الضحية والخامس يقوم بشق بطنه بسكينٍ حاد، ثم يستخرج قلبه ويرفعه باتجاه الشمس وكأنه يُشهده على تضحيته من أجله، ثم بعد ذلك يُلقى القلب في وعاء صخري كبير على شكل حيوان شهير عند الأزتيك، أما باقي أجزاء جسد الضحية فيتم توزيعها على الجنود ليأكلوا ما يتمكنوا من أكله ويُلقى بما تبقى للحيوانات، وهكذا يستمر الأمر حتى شروق الشمس، حيث كانوا يعتبرون ذلك دليلًا على قبول تضحيتهم، فيذهبوا بنهم لجلب ضحايا آخرين ويُكرروا ما فعلوه مرة أخرى.
تضحية إله الليل
النوع الثاني من التضحيات التي كان الأزتيك يقدمون عليها كانت تضحية إله الليل، وهي التي يكون مصير التضحية فيها أسوأ من تضحية إله الشمس بكثير، وذلك لأنه ببساطة يُجبر على الدخول في معركة ضد خمسة من أعتى جنود جيوش الأزتيك المتسلحين بأفضل الأسلحة، وهو بالطبع كان بلا سلاحٍ سوى الخوف، والذي كان يجعله أحيانا يقتل نفسه، لأنه إذ لم يفعل فسيتم تقطيعًا إربًا من الجنود الخمسة أمام حشدٍ كبير من البشر.
تضحية إله النار
وهي نوع آخر من أنواع التضحية، وفيه أيضًا يتجرع الأسير أشد أنواع العذاب، حيثُ يُلقى في النار حيًا ويقف الجميع أمامه يرقصون على أصوات صرخاته، إلى أن يقترب من الموت فيُخرجونه بسرعة ويقومون بشق بطنه واستخراج قلبه الذي ينبض هلعًا، بعد ذلك يقومون بتقديمه إلى جنود جيش الأزتيك في حفلة شواءٍ، وقد كانوا يفعلون ذلك بحجة أنه سيمنعهم من الحرق إذا جاءت النار، والتي كانوا ينتظرونها ويتأكدون من قدومها ذات يوم.
تضحية إله المطر
لم يكن هناك نوع أسوأ من هذا النوع في التضحية من قِبل هؤلاء المجرمين، حيث كانت القرابين هذه المرة من الأطفال الصغار، فكانوا يأتون بهم ويقومون بفعل عدة أشياء تدفعهم للبكاء ثم يقومون بقتلهم تحت كبد السماء، وقد كانوا يعتقدون بذلك أنهم يستجلبون عطف إله المطر ويجعلونه يُغدق عليهم، حيث أشار عليهم كبير كهنتهم بذلك وأوهمهم أن دموع الأطفال هي خير قربان لإله المطر، والغريب، أن بعض الأزتيكيين كانوا يضحون بأطفالهم مُقتنعين بهذا الأمر ومصدقين لهؤلاء الكهنة والذين فاقوا بكثير هتلر وموسوليني وكل المجرمين الذين مروا بهذا الكون.
قيل عن الأزتيك
ليس هناك أكثر من المبررات في هذا العالم، وقد حاول العلماء الغربيون طوال القرون الماضية تبرير وتفسير ما كان يفعله كهنة معابد الأزتيك بتفسيرات غير منطقية على الإطلاق، منها مثلًا أن شعب الأزتيك كانوا يُقدمون على هذه التضحية بلا أسبابٍ دينية كما يُشاع، بل كان ذلك لأسبابٍ فسيولوجية خالصة، حيث كانوا يفتقرون إلى المُكمل الغذائي الضروري للجسم “البروتين”، والذي لم يكن موجودًا في أي شيء في هذا الوقت سوى البشر، لذلك كانوا يُقدمون على قتل الضحايا من الممالك المجاورة ويقومون بقتلها وأكلها.
وبذلك يكون الدافع للقتل هو غريزة البقاء، تمامًا مثلما يقتل الإنسان الحيوانات الآن ويقوم بقتلها وأكلها، لكن هذا الأمر بالطبع مرفوض، ولا يقبله عقل سفيه حتى، وبدون الأدلة العقلية أصلًا هناك ما يُثبت يقينا أن شعوب الأزتيك كانت تحصل على البروتين من النباتات، وأن أكل ما تبقى من الضحايا كان مجرد فعل شُجاع لا أكثر، بل أن أغلبهم لم يكن يفعل ذلك ويكتفي بالاستمتاع أثناء عملية القتل.
بث الرعب والخوف
هناك من يقول أيضًا أن الأزتيك كانوا يفعلون كل ذلك فقط لبث الرعب والخوف في قلوب الأعداء والذين كانوا في صراعٍ دائم مع الأزتيك، لذلك رأى كبار الأزتيك أن يقوم بنشر الخوف والهلع في نفوسهم عن طريق هذا الأمر، لكن، ومع كون ذلك يحتمل الصحة، إلا أنه أيضًا لا ينفي تلك الجرائم التي قام بها الأزتيك، ربما هو فقط مجرد تبرير واهي، يحتمل الصحة والخطأ.
وقد قال أحفادهم من المكسيكيين أن كل ذلك من تدليس الإسبان، تمامًا كما حدث مع الهنود الحمر من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية، حيث وصفوهم بأبشع الصفات وعملوا على إفساد صورتهم، بالرغم من أنهم في الحقيقة مُجرد ضحايا للإنسان الأبيض الأوروبي، وقد استدل أنصار هذا الرأي بالرسومات التي كانت موجودة على جدران معابد الأزتيك، حيث أنه من المُستبعد عقلًا أن يقوم شخص ما بارتكاب هذه الجرائم ثم يقوم بتخليدها عن طريق رسمها على جدران معابده، لا أحد يسرق أو يقتل ثم يتباهى بذلك، وفي الحقيقة، مهما كانت التهم الموجهة إلا معابد الأزتيك، فلا أحد يعرف حتى الآن صحتها من عدمه، لكنها إن كنت حقيقة فعلًا فهي لا شك جريمة في حق الإنسانية جمعاء.
أضف تعليق