تُعد مُتلازمة اليد واحدة من أغرب الحالات التي يُصاب بها الإنسان في الفترات الأخيرة، فقد تكاثرت حالات الإصابة بتلك المتلازمة إلى الحد الذي جعل منها ظاهرة حقيقية تستحق البحث والدراسة، خاصةً وأن خطورتها قد ازدادت في الفترة الأخيرة وأصبحت تودي بأصحابها إلى القتل، أو بمعنى أدق، قتل أنفسهم، وهو الأمر الذي استدعى وقفة جادة من الطب والأطباء، كي يتم على الأقل تحديد أسباب تلك الظاهرة وكيفية الوقاية أو العلاج منها، وهذا بالضبط ما حاولنا معرفته وما سنتناوله معًا في السطور الآتية، فدعونا نقترب أكثر من متلازمة اليد الغريبة من حيث النتائج والأسباب.
حالة متلازمة اليد الغريبة المرضية
ما هي متلازمة اليد؟
بالطبع يجب علينا، قبل أن نتناول نتائج وأسباب متلازمة اليد، معرفة المقصود بها، فهي ببساطة حالة مرضية كأي حالة عادية يُصاب بها الإنسان، ناتجة عن ثقب في المخ أو سكتة دماغية، مما ينتج عنه إعطاء أوامر غير منطقية من المخ لباقي الأعضاء كاليد والقدم، لكن اليد بسبب ارتباطها الشديد بالمخ تكون من أكثر الأعضاء تأثرًا بهذا الخلل، أو بمعنى أكثر توضيحًا، تكون مستعدة أكثر لتحمل عواقب هذه السكتة الدماغية وتأثيراتها عليها، لتظهر لنا مُتلازمة اليد.
أعراض متلازمة اليد
الشخص المصاب بمتلازمة اليد يكون بلا مبالغة غير قادر تمامًا على التحكم في يديه، فقد نراه جالسًا مثلًا ثم فجأة وبلا أي مُقدمات نجده يصفع نفسه، أو يُحدث أصابعه ويلومها على فعل شيء ما، أو تراه يرتكب أفعال مُحرجة باستخدام تلك اليد التي خرجت عن سيطرته، وذلك مثل مُلامسة أعضاء حساسة بالجسم أو محاولة فقأ العين وسد الأذن والأنف، لكن كل ذلك قد يبقى مجرد مرض طبيعي في حالة إذا توقفت الأعراض عند ذلك الحد، أما إذا وصل الأمر إلى ذروته فسيحدث التطور الأكبر والغير محمود عقباه بالمرة، ببساطة، سيحاول المصاب بتلك المتلازمة قتل نفسه بيده.
متلازمة اليد الغريبة
أثناء إصابة الشخص بمرض متلازمة اليد بمرحلته المتأخرة فإنه للأسف سيحاول ببطء قتل نفسه، وتلك المحاولات تبدأ بمحاولة عض الأصابع، ثم وضع الطعام في الفم وإجبار الفم من قِبل اليد على التهامه، ومع الوقت يتطور الأمر أكثر ويحاول الشخص لكم نفسه دون سبب في مناطق حساسة كالبطن والرأس، إلى أن يدخل في النهاية مرحلة السواد الأسود، وهي المرحلة التي يحاول فيها المريض بكل الطُرق خنق نفسه أو كسر عنقه، إلا أن ينجح في النهاية ويتمكن من قتل نفسه، وحوادث القتل عن طريق متلازمة اليد كثيرة وتشهد على ذلك.
جرائم متلازمة اليد
حالات القتل التي تحدث نتيجة للإصابة بمتلازمة اليد كثيرة، منها مثلًا حالة الطبيب كورت غولدشتاين، والتي بالرغم من عدم حدوثها معه إلا أنه اشتهر به بسبب مواكبته لها، فقد أصيبت امرأة أربعينية بتلك المتلازمة وجاءت إلى الدكتور كورت للعلاج، ويقول كورت أنه في البداية كان الأمر مجرد شلل نصفي، مع الوقت تم التعافي منه، ثم بعد ذلك كان مرض الانفصام في الفكين، والذي تعالجت منه المرأة أيضًا، حتى جاءت فترة انقطع فيه الحالة عن زيارة الدكتور كورت، وفي هذه الأثناء تفاقم المرض حتى وصل إلى ذروته، وبعد ست شهور سمع الدكتور كورت عن امرأة قتلت نفسها في المدينة، ويقول الطبيب أنه قد خمن دون معرفة أنها هي نفس الحالة التي كانت تتعالج لديه، وبالفعل اكتشف أنه تخمينه كان صحيحًا، لتُعلن متلازمة اليد ذلك اليوم عن نفسها بقوة.
عجوز موسكو
من إحدى حالات متلازمة اليد الغريبة أيضًا هي تلك المرأة الروسية العجوز التي أُصيبت بتلك المتلازمة منتصف القرن الماضي، لكن بسبب غياب الوعي الطبي هذا الوقت لم يتم تشخيص الحالة تشخيصًا صحيحًا، فاعتقدت العجوز أن ما يحدث لها ليس إلا حالة من المس، أو بمعنى أدق، أنه بفعل الأشباح، والغريب أنه قد تم الجزم بهذا الاعتقاد وتم معاملتها على أنها مسكونة من الأشباح، وعليه تم تجنبها وتركيز الانتباه في البحث عن طرق التخلص من الأشباح، وبالطبع كانت النهاية المنطقية لذلك الأمر أن قامت العجوز بلف الحبل حول عنقها لقتل نفسها، ليظن البعض أنها قد فعلت ذلك للانتحار والتخلص من هذه الأشباح، بينما الموضوع في الحقيقة أن متلازمة اليد الغريبة قد قتلتها.
صبي مدريد
إصابة الصبي الإسباني “كارلوس” تعد أيضًا واحدة من أشهر حالات الإصابة بمتلازمة اليد الغريبة، حيث كان في البداية يُعد طفلًا شاذًا عن باقي أصدقائه بسبب ابتعاده عنهم وعدم اللعب معهم، ثم بدأ بعد ذلك يُلاحظ قيامه بصفع نفسه فجأة ودون سابق إنذار، إلا أن تم رصده أكثر من مرة يقوم بوضع يده في أماكن غريبة وحساسة، وكان في البداية يُعتقد أنه مجرد طفل غريب الأطوار لكن مع تكرار ذلك والكشف عنه تبين أنه مصاب بمتلازمة اليد الغريبة، والتي لم تتركه حتى قتلته في سن الثالثة عشر، أو بمعنى أدق، جعلته يُقدم على قتل نفسه شنقًا.
علاج متلازمة اليد
بكل أسف، ليس هناك حتى الآن أي علاج لمتلازمة اليد الغريبة، ما يمكن قوله فقط أنه مرض طبيعي من المحتمل أن يُصيب الإنسان عند إجراء أي عمليات جراحية أو إصابة من إصابات الأمراض التي تصيب الرأس أحيانًا، مما ينتج عنه، كما ذكرنا، تلفًا في الرأس يُعيق وصول التعليمات الصحيحة لأعضاء الجسد كاليد والقدمين وغيرهما، أو بمعنى أدق، وصول تعليمات مغلوطة لا أساس لها من الصحة، كأن يأمر المخ اليد مثلًا بصفع الوجه بدلًا من تناول الطعام، أو أن يأمر القدم بالركض بدلًا من مجرد المشي، وهكذا بتفاوت بين كل حالة وأخرى حسب حجم الإصابة.
مركز المرضى
أقيم في الولايات المتحدة الأمريكية مطلع العقد الماضي ما يُعرف بمركز مرضى متلازمة اليد، وهو الذي يراه البعض بديلًا هامًا لعلاج هذه الحالات فهو، فمهمة هذا المركز هي جمع المرضي المصابين بحالات متلازمة اليد في مكان واحد، حيث يقومون فيه بمراقبتهم ومنعهم من ارتكاب أيًا من الحماقات بأنفسهم، كما يقومون كذلك بمدهم بالمسكنات أملًا في تخفيف حالة النشاط السلبي المفاجئ الذي يُصاب به المرض وقت ذروة المتلازمة ويؤدي إلى ما يؤدي إليه من إيذاء يصل في بعض الحالات كما أشرنا إلى قتل النفس، وفي الواقع يُعد المركز المرضى هذا أفضل بكثير من الحل الذي كان يُستخدم قديمًا قبل تطور الطب، وهو الذي يدل على جهل وعنف مُنفذيه، حيث كانوا يقومون بقطع أيدي كل من يُصاب بمرض متلازمة اليد أو يُشك أصلًا في إصابته به.
نسج من الخيال
هناك فريق علمي يستند على أدلة مقبولة إلى حد ما يقول أن كل ما قيل بشأن ما يُسمى بمتلازمة اليد مجرد نسج من الخيال، فلا وجود أصلًا لمرض بهذا الصفات والأعراض، وإنما هي مجرد حالات عصبية بحتة تنتج عن زيادة في معدل كهرباء الجسم أو ما شابه، وبالطبع هذا قول لا يُمكن الأخذ به، وإنما هو فقط من باب عرض جميع الاتجاهات التي تحدثت عن متلازمة اليد، تلك المتلازمة التي تودي بالإنسان إلى ارتكاب حالات قتل مُستحيلة.
أضف تعليق