تُعتبر لويز بيت مثالًا يُحتذي به في الشر والفجور، فقد قدمت هذه المرأة نفسها نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين على أنها واحدة من أشهر سفاحات الولايات المتحدة الأمريكية إن لم يكن العالم كله، كما جعلت من قصتها أرضًا خصبة لكُتاب الروايات والأفلام، والذين لن يجدوا، بكل تأكيد، قصصًا أشد قسوة من قصة لويز بيت التي قتلت ما يزيد عن عشرة أشخاص شر قتل، منهم ثلاثة أقدموا على الانتحار بسببها، واثنين ساعدها كثيرًا ولم يشفع لهم ما فعلوه، فمن هي لويز بيت، ولماذا تُعتبر أشهر سفاحة في التاريخ، هذا بالضبط ما سنعرفه في السطور الآتية.
لويز بيت السفاحة الأنثى الأشهر
من هي لويز بيت؟
وُلدت سفاحة القرن العشرين في العشرين من سبتمبر عام 1880، وذلك في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا ولاية لويزيانا، وربما يكون واضحًا من اسم الولاية واسم لويز أن والدها قد سماها بهذا الاسم تبركًا بالولاية، والتي كانت لا تزال منفصلة عن ولاية نيوجرسي في هذا الوقت، وكان اسم لويز رائجًا وموجودًا في كل مواليد الولاية، لكن أحدًا منهم لن يصل إلى ما ستصل إليه لويز فيما بعد، والذي لم يكن مُتوقعًا أبدًا من نشأته المثالية.
نشأة لويز بيت
نشأت لويز بيت نشأة أقل ما يُقال عليها أنها مثالية، فوالدها كانا من الطبقة المتوسطة المثقفة، فالأب ناشر كبير له أكثر من دار نشر، والأم كاتبة كبيرة لها العديد من المؤلفات، وكذلك الجد الذي كان رسامًا شهيرًا أيضًا، ببساطة، لقد كانت عائلة لويز بيت من العائلات التي يتمناها أي شخص، عدا لويز.
على خلاف كل الشواهد والمعطيات، تم فصل لويز بيت من المدرسة الخاصة التي ألحقها والدها بها، وقد كان ذلك في الوقت الذي كانت لويز تُكمل فيه أمها الخامس عشر، والسبب للغرابة الشديدة أنها كانت تسرق متعلقات زملائها وتُمارس أفعال لا تليق أبدًا بطفلة في هذا العمر، أهم هذه الأفعال كانت البغاء.
لويز بيت والطفولة الغريبة
كما أسلفنا، عملت لويز بالبغاء وهي لا تزال في الخامسة عشر، وقد كان هذا الأمر أشبه بالفاجعة، لأن لويز ببساطة لم تكن في حاجة إلى فعل ذلك، فهي الفتاة المُدللة، ابنة أشهر ناشر وأكبر كاتبة في الولايات المتحدة هذا الوقت، ورغم غرابة الأمر إلا أن لم يطل، لأن ووالد ووالدة لويز قد ماتا وهي في التاسعة عشر من عمرها.
لويز بيت والرجال
لأسبابٍ غريبة، لا أحد يعرفها حتى الآن، كانت لويز بيت تعشق الرجال وتتلذذ بمصاحبتهم، وقد كان زوجها الأول هنري بوسلي اختيار مؤقت بالنسبة لها، حيث تزوجته لمدة ثلاث سنوات فقط، بعدها انتهت حياتها الزواجية وانتهى هنري بوسلي كذلك، حيث تم العثور عليه مُنتحرًا لأسبابٍ مجهولة، قالت لويز فيما بعد أنها أسبابٍ تافهة جدًا، فقد وجدها زوجها مع شخص آخر على سريره.
باسمٍ جديد ووظيفةٍ شديدة وبلد آخر مُختلف، وجدت لويز بيت ملاذها في رجل يكبرها بعقدين يُسمى “جو آبل”، وقد كان هذا الرجل عاشقًا للماس والمجوهرات، فانخدع بسهولة في ملامح لويز الملائكية، لكن زواجهما لم يطل أكثر من أسبوع، حيث وُجد مقتولًا هو الآخر، وعلى الفور تم توجيه أصابع الاتهام إلى لويز، والتي وجد بحوزته جوهرة ثمينة تخص جو، وللغرابة، تم إخلاء سبيلها من قِبل المحكمة بعد إلقاء القبض عليها، وذلك بعد أن اتهمت جو بمحاولة اغتصابها والاستيلاء على أموالها، فقتلته دفاعًا عن النفس فقط لا أكثر.
الزوج الثالث كان هاري فورت، وقد كان مُجرد موظف فندقي بسيط، وقع في شباك لويز التي كانت تستغله لسرقة الفندق الذي يعمل به، بعد السرقة، تم اتهامها وإلقاء القبض عليهما، لكن لعدم كفاية الأدلة تم الإفراج عليهما، لتُكمل لويز حياتها بينما يقوم هاري بالانتحار، ليكون بذلك الضحية الثالثة.
ريتشارد بيت كان الزوج الرابع، وقد كان الزواج هذه المرة مُختلفًا لأن لويز قد رُزقت بطفلة، إلا أن هذه الطفلة لم تُغير شيء في عشق لويز للجريمة، فتركت طفلتها وذهبت إلى بلدة أخرى، وهناك تزوجت من رجل ثري للغاية يُدعى “جاكوب دانتون”، وقد كان كبيرًا في السن للدرجة التي لم تُمكنه من المقاومة أثناء قتل لويز له، لكنها لم تستطع هذه المرة التخلص من الجثة التي فاحت رائحتها من داخل حديقة البيت، ليكتشف الجيران ذلك ويتم التبليغ وإلقاء القبض عليها.
محاكمة لويز بيت
تم القبض على لويز بيت مرة جديدة بتهمة القتل، إلا أن التهمة هذه المرة كانت لا تحتمل الشك، فقد اعترفت بقتلها لجاكوب دانتون، وباقي جرائمها السابقة، لذلك لم يكن هناك بدٌ من الحكم عليها، والذي كان ينتظره الكثيرون نتيجة التغطية الإعلامية الكبيرة التي حظيت بها قضيتها، إلا أن الحكم لم يكن على قدر توقعات الجميع بما فيهم ابنة دانتون، حيث حُكم عليها بالسجن مدى الحياة.
الحرباء لويز بيت
بدهاء تمكنت لويز بيت من كسب تعاطف الجميع، حيث أظهرت وجهًا مُختلفًا تماما طوال فترة مكوثها هناك، مما دفع المحكمة إلى منحها إفراجًا مشروطًا عنها، وكان قد مضى ثمانية عشر عامًا فقط من عقوبتها، وذلك بضمانة من امرأة تدعى جيسي مرسي، بل أنها قد أخذتها لتعمل عندها في البيت كي تتمكن من راعيتها، إضافةً إلى إميلي لثام، التي كانت تقوم براعيتها من قِبل الحكومة، وللغرابة مات الشخصان خلال عامٍ واحد بأزمة قلبية مُفاجئة، وعند التحقيق مع المتهمة الرئيسية وسيئة السمعة لويز بيت لم يتم العثور على أي دليل يُدينها.
القتل من جديد
غادرت لويز بيت المدينة من جديد وحصلت على وظيفة واسم مختلفين، ثم دخلت منزل أخصائية اجتماعية تُدعى مارجريت لوجان، كانت قد تعرفت على لويز في السجن فقرت العطف عليها وأخذها إلى المنزل لتعمل كخادمة وفي نفس الوقت ترعى زوجها العجوز آرثر لوجان، وفي تلك الأثناء تزوجت لويز مرة أخرى من مصرفي شاب.
لم يدم الحال طويلًا، حيث عادت لويز إلى عادتها من جديد، فقامت بقتل سيدتها مارجريت لوجان وإدخال زوجها آرثر مصحة عقلية بعد أن ادعت أنه شقيقها، ثم مارست بعد ذلك عادتها المفضلة في السرقة والاختلاس، فقامت بأخذ أموالهم، إلا أن توقيعًا مُزيفًا قام بكشف الأمر برمته، ليتم اتهامها هي وزوجها الجديد بتهمة القتل وتسقط لويز للمرة الأخيرة.
نهاية لويز بيت
هذه المرة لم تُجدي كل ألاعيب لويز بيت، وأقرت المحكمة بأنها مُذنبة وتستحق الموت، في حين تم تبرئة زوجها، والذي لم يتحمل هذه الفضيحة فألقى بنفسه مُنتحرًا، ليكون بذلك الضحية رقم سبعة للويز بيت، والتي شعرت لأول مرة في حياتها بالندم على مقتل هذا الرجل وقالت بكلمات مقتضبة أنه كان رجلًا طيبًا ولا يستحق ذلك.
في الحادي عشر من أبريل عام 1947، تنفست لويز بيت النفس النقي الأخير قبل أن يتم وضعها في الحجرة المليئة بالغازات السامة، لتلفظ بعدها روحها الخبيثة التي عاثت في الأرض فسادًا لأكثر من أربعة عقود، وتخلد بعدها ذكرى لويز بيت، أشهر سفاحة في العالم.
أضف تعليق