كنوز سليمان ، كغيرها من الكنوز، كان من الطبيعي العثور عليها بعد انتهاء حكم النبي سليمان، كما هو الحال بالنسبة لكنوز الفراعنة وكنوز ألفُرس والرومان وباقي الكنوز، لكن المُدهش هنا أن تلك الكنوز التي ذُكرت في القرآن والتوراة، وتناقلتها الكثير من الروايات والأحاديث، لم يتم العثور عليها حتى الآن، ليس هذا فقط، بل بدأ البعض في التشكيك حول إمكانية وجودها من الأساس، حيث تم اعتبارها مُجرد أسطورة يتناقلها اليهود فيما بينهم دون سند، وكان ثمة سؤال واحد يطرحه هؤلاء المُشككون طوال الوقت، كنوز سليمان، إن كانت موجودة، فأين اختفت وكيف؟
كنوز سليمان والقصة الكاملة ورائها
سليمان صاحب الكنوز
ذكر القرآن الكريم كما ذكرت التوراة أن تلك الكنوز تنتمي إلى النبي سُليمان، ابن الملك والنبي داوود ووريثه في النبوة والملك، تولى الحكم بعد وفاة أبيه، والذي كان يحرص من صغره على تعليمه مبادئ الحكم، وكيفية الفصل بين الناس، وقد كان النبي سليمان يملك عدد معجزات أهمها تسخير جميع الطيور والحيوانات لخدمته، كما تم تسخير الجن أيضًا، والكثير من الأشياء في هذا الكون، لم تُتاح لملك أو نبي، قبله أو بعده.
أرض الكنوز
اتفق الجميع على أن النبي سليمان كان يحكم منطقة الشرق وخاصةً فلسطين، واستدل اليهود بهيكل سليمان الموجود في القدس على كون الأراضي الفلسطينية تابعة لهم، والدليل على وجوده هذه المملكة وهذا الملك هو المُراسلات التي جرت بينه وبين الممالك المجاورة، وقد تسجيل هذه المراسلات وأبرزها ما ورد في القرآن عن المراسلات التي كانت مع مملكة النبي سليمان بفلسطين، ومملكة الملكة بلقيس بسبأ والتي قيل أنها تتبع دولة سوريا حاليًا.
ما هي تلك الكنوز؟
من المُسلَّمات لدى الجميع أن كنوز الملك سليمان التي تم ذكرها في القرآن الكريم وباقي الكتب السماوية واحدة من أعظم وأكبر الكنوز على وجه الأرض، كيف لا وقد طلب النبي سليمان ذلك بنفسه، ومنحه الله ما طلب، ولا تقتصر تلك الكنوز على قصر سليمان فقط، بل تشمل عدة أشياء أخرى أهمها:
1- مائدة سليمان، أهم الكنوز وأكبرها
وهي طاولة ذهبية مصنوع من جدران جنة عدن، وكانت تمتلك إشعاعًا وتوهجًا يُشبه تمامًا إشعاع الشمس وتوهج القمر، وقد تم الاستيلاء على هذه المائدة سنة 70 ميلاديًا كما تقول أغلب الكتب التاريخية، وحدث ذلك أثناء الاقتحام الروماني لأورشليم على يد الإمبراطور “تيتو”.
وتُشير كافة الدراسات التاريخية إلى أن هذه الطاولة قد تم وضعها في إسبانيا ويرجح هذا القول رواية التاريخ الإسلامي عن النزاع الذي نشب بين طارق بن زياد وموسى بن النصير، حيث انتزع طارق- كما تقول الرواية- إحدى أقدام المائدة، مما تسبب في غضب موسى منها، وليس هذا مجالًا للحديث عن هذا الخلاف، لكن الأمر يُثبت وجود المائدة في إسبانيا، أو الأندلس كما كان يُطلق عليها وقتها.
2- هيكل سليمان، حِجة اليهود
ربما يُعد هيكل سليمان أهم الكنوز خاصة لدى اليهود، والذين جعلوا منه دليلًا دامغًا على انتماء أراضي فلسطين إليهم بالأقدمية، وقد بناه الملك سليمان أولًا على شكل معبد وتم تجديده أكثر من مرة، حتى جاء نبوخذ نصر الثاني وقام بمحاصرة القدس وتدمير المعبد، ولم يتبقى منه سوى الهيكل، وهو ذا قيمة كبيرة عند اليهود، فلا يُمكن عندهم الصلاة والطهارة دون الدخول في هذا الهيكل.
هذا وبالطبع لم يسلم هذا الهيكل من التشكيك في وجوده من قِبل البعض وعدم اعتباره أحد كنوز سليمان، رغم ذكره في الكثير من كُتب الديانات المسيحية واليهودية، لكن المُشككين يرون أنه مُجرد بدعة من اليهود، ابتدعوها من أجل إثبات حقهم في الأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي يُرجحه التاريخ.
3- هدايا بلقيس ضحية الهدهد
كانت الملكة بلقيس ملكة سبأ ضلعًا حادثة الهدهد الشهيرة، كما كانت سببًا في تبرير تغيبه، حيث رأها الهدهد وهي تعبد الشمس فانطلق يُبلغ سليمان، والذي أرسل بدوره رسالةً لها يدعوها إلى عبادة الله الواحد، وردًا على هذه الرسالة أرسلت بلقيس الكثير من الصناديق المُكدسة بالذهب والمجوهرات والفضة، وإذا ما علمنا أن النبي سليمان سخر من هديتها التي تبدو متواضعةً إذا ما تمت مُقارنتها بما أعطاه الله له فإننا بصدد التحدث عن أطنان من الذهب والفضة والمجوهرات كانت في حوزة الملك سليمان، واختفت أيضًا كما اختفت كنوز سليمان، هذا بالطبع بخلاف القصر الذي بناه خصيصًا لاستقبال الملكة بلقيس، والذي لا يُقدر أيضًا بثمن، ومع ذلك لم يتم العثور عليه.
4- الوصايا العشر، إرث ارب
تعد الوصايا العشر التي أنزلها الله على النبي سليمان وكانت موجودة في المعبد قبل تدميره واحدة من أعظم وأهم الكنوز على الإطلاق، وذلك لما تُمثله من قيمة دينية خاصةً لليهود، ويقال أنها كانت موجوده في تابوت داخل المعبد، وهي بالطبع لا تُقدّر بثمن في حال العثور عليها.
5- ما بناه الشياطين والجن
سخر الله للنبي سليمان الشياطين والجن لخدمته، وقامت هذه الشياطين في أثناء خدمتها ببناء الكثير من القصور عن طريق الحجارة المصنوعة من الذهب والزمرد، وشيدت الجبال المنحوتة كلها من المجوهرات والأحجار الكريمة، ولا يمكن لعقلٍ استيعاب سرقة كل هذا ومحوه من التاريخ، لكن بكل أسفٍ هذا ما حدث.
البحث عن كنوز سليمان
الكثير من الحضارات مرت بهذا الكون، الفرعونية، الرومانية، الفرسية، الآشورية، وغيرها، وكلها تم العثور على ما يُثبت وجودها، بل تم الاستدلال عليه والعلم بها بعد اكتشافها، لكن المٌدهش أن كنوز سليمان، التي ذُكرت في القرآن الكريم وباقي الكتب السماوية لم يتم العثور على شيء منها حتى الآن، مما دفع بالبعض إلى التشكيك في وجودها، لكن للتأكد من وجودها أو عدمه كان من المنطقي البحث أولًا.
البروفيسور الهولندي جيمس دافيلا كان أول من قام بالبحث في العصر الحديث، حيث عثر على بعض النصوص قام بترجمتها في كتاب نُشر في عاصمة هولندا عام 1648، ويقول دافيلا أن هذه النصوص يرجع تاريخها إلى خمسة عشر قرنًا مضوا، ويتواجد فيها كل ما يخص كنوز سليمان والطريقة التي اختفت بها، وقد عثر أيضًا على قائمة بما تحتويه هذه النصوص، والتي تتضمن:
1- 46 ألف حجر من الأحجار الكريمة والياقوت والماس.
2- آلات موسيقية، مصنوعة بأكملها من الحليّ والذهب.
3- سبعة وسبعين منضدة، كلهم مصنوعين من الذهب الخالص.
4- تابوت العهد ومائدة سليمان.
كما اشتملت القائمة على عدة أواني وأشياء أخرى كلها مصنوعة من الذهب، ويُشار إلى أن كل هذه الأشياء كانت موجودة في معبد سليمان الذي تم تدميره على يد البابليين سنة 597 قبل الميلاد، ويقال أيضًا أنهم قد قاموا بسرقة كل هذه الأشياء، لكن هذا مُستحيل عقلًا، لم تُمثله هذه الكنوز من قيمة كبيرة تجعل إنفاقها أمر شبه مستحيل، لأنها تُعادل كل كنوز الأرض، ولا يمكن مقارنتها بكنوز قارون التي قيل أنها تُعادل مئة مقدار من أكبر رقم تم الوصول إليه، وهو ما يجعل السؤال المنطقي يتقافز إلى عقول المُشككين من جديد، ويبقى كالعادة بلا إجابة مُقنعة، كنوز سليمان، أين اختفت وكيف؟
أضف تعليق