تسعة مجهول
قارة مو
الرئيسية » معــالـم قــديـمــة » قارة مو : حضارة غرقت ولم يعد لها أثر في الوقت الحالي

قارة مو : حضارة غرقت ولم يعد لها أثر في الوقت الحالي

قارة مو قارة افتراضية كانت موجودة في وقت ما في العالم سابقًا، واختفت الآن في ظروف أقل ما توصف به بأنها ظروف غامضة، نسلط الضوء على قارة مو هنا.

قارة مو المفقودة هي قارة من المفترض أنها كانت متواجدة في السابق في المحيط الهادئ، هذه القارة الآن مفقودة رغم أنه توجد دلائل على أنها كانت ذات حضارة كبيرة. سمعنا الكثير من القصص والأساطير عن الحضارات الغابرة سواءً الباقية آثارها أو المفقودة تمامًا، وكذلك سمعنا عن أراضٍ وجزرٍ مفقودة على مر الزمن بل إن بعضها كان قاراتٍ كاملةً وليست مجرد أرضٍ أو حضارة، وصدف أن تلك القارات كانت قصص البعض منها تروي أساطير يصعب تصديقها عن التقدم الحضاري الذي كانت تحظى به تلك الأماكن المجهولة الغامضة من العالم، من تلك القارات كانت قارة أتلانتس الشهيرة وأيضًا كانت قارة مو أو التي يلقبها البعض باسم قارة ليموريا، والبعض الآخر يعتبر ذلك الاسم خاطئًا وأنهما كانتا حضارتين منفصلتين تمامًا عن بعضهما، إلا أن القصة ستبقى كما هي ولا يغير الاسم من القصص التي تُحكى عن تلك الأرض الغامضة من شيء.

قارة مو : حضارة مفقودة أو غارقة

سبق الحضارة

هل يستطيع أحدٌ أن يجزم بحقيقة التاريخ وتسلسل كل الحضارات وتقدمها تباعًا منذ نشأة الإنسان أي منذ سيدنا آدم وحتى اليوم بدقةٍ متناهية بدون أن يغفل نقطةً واحدةً أو حضارةً واحدة؟ يبدو الأمر مستحيلًا حتى على أكبر مجموعةٍ من أفضل الباحثين والعلماء من حول العالم كله، فستبقى حقيقة أن كل الحضارات لم تصل إلينا وبعضها لم يصل لنا حتى ذكرها أو اسمها ورغم وجودها وحقيقتها إلا أنها في طي المجهول من التاريخ وربما لن يعرف عنها الإنسان أبدًا، وحضاراتٌ أخرى وصلت إلينا لكنها كانت أشد وأكثر غموضًا من كل ما وصلنا إليه من علمٍ وتقدمٍ وتكنولوجيا فصار تاريخ تلك الحضارات مجهولًا وغامضًا مع كل محاولات العلم لكشف ستار الغموض عنها كحضارتي الأزتك والمايا مثلًا، وعلى صعيدٍ آخر كانت هناك آثارٌ متفرقةٌ غامضةٌ حول بلاد العالم لا يُعرف لها حضارةٌ ولا يُذكر لها تاريخ وإنما بدت وكأنما هي آتيةٌ من العدم، وإن كان ذلك دالًا على شيء فإنما يدل على وجود الكثير من الحضارات العتي لم نسمع عنها حتى اليوم، ومع ذلك الكم الهائل من التاريخ القديم الغامض والمفقود فما أدرانا أن حضارتنا حضارة اليوم كانت أكثر حضارات التاريخ تقدمًا ولم يكن هناك من قبل ما فاقها وتجاوزها لكننا لم نسمع به؟ يُقال أن أينشتاين سُئل عن تصوره عن الحرب العالمية الثالثة فقال أنه لا يملك تصورًا لها لكنه يعرف أن الحرب العالمية الرابعة سيكون سلاحها العصي والحجارة! عصرٌ حجريٌ جديد، إذًا فما أدرانا أن عصرنا الحجري ذلك كان أول عصرٍ حجريٍ يمر على الأرض؟ أتلانتس ومو حضارتان نجحتا كثيرًا في تغذية تساؤلاتٍ كهذه في عقل البشرية.

بداية مو

يُقال أن قارة مو كان مكانها مكان المحيط الهادي بينما قارة ليموريا كانت في المحيط الهندي، وظهرت أقوالٌ أخرى قالت أن مو وليموريا هما نفس القارة ما جعل الجزم بمكانها أمرًا يبدو شديد الصعوبة، إلا أن الرأي الراجح كان كونها بين آسيا وأستراليا محتلةً مكانًا كبيرًا من المحيط الهادي، قيل أنه سكن تلك الأرض البعيدة الغامضة قومٌ حكماءٌ طيبون وعلماءٌ أصحاب حضارةٍ متقدمةٍ ومتطورةٍ بأكثر مما شهدتها البشرية في ذلك الوقت من الزمن وفاقت بقية الحضارات في علمها، ومما قيل عنهم أنهم كانوا عبدة الشمس يسمونها الإله رع وهو ما يتصل اتصالًا وثيقًا بالحضارة الفرعونية التي لها يدٌ كبيرةٌ في إثارة ذلك الموضوع ولفت أنظار العلماء والباحثين لهذه القارة المفقودة،

قيل عن أهلها

وكجانب آخر لأي أسطورة أو قصة رُويت الكثير من القصص حول أهل مو وقدراتٍ خارقةٍ لهم، فتجاوز وصفهم بالحكمة والطيابة لوصفهم باللاوزن والشفافية ولذلك القول قصة، كان أول من بدأ بالكلام عن قارة مو المفقودة هو الكولونيل جيس شورشوارد في القرن التاسع عشر، وكانت تلك هي الفترة التي بدأت فيها أسطورة قارة مو بالظهور للشمس بعد آلاف أعوام النسيان، بحسب كلام الكولونيل فهو سافر إلى الهند في إحدى رحلاته وهناك التحق بأحد الأديرة حيث تلقى بعض التعاليم على يد كاهنٍ كان يعمل مساعدًا له، وكانت من ضمن تلك التعاليم لغةٌ قديمةٌ وعريقة ساعدته على قراءة الكثير من المنقوشات والمخطوطات الأثرية، وكانت روايته أنه وجد بين مجموعةٍ من المخطوطات النادرة كانت في ذلك الدير مخطوطةً تتحدث عن قارة مو المفقودة وتصف بدقةٍ الحياة عليها وحضارتها وأهلها وكان مما وصفتهم به أنهم كانوا أناسًا شفافين، وصلوا من علمهم وحضارتهم إلى قاعدة انعدام الوزن فأصبحت لهم القدرة على الطفو بأجسادهم عكس الجذبية بسهولة، وهو ما كان سببه شيوع قصة أنهم لم يكونوا يضعون لبيوتهم أبوابًا وإنما كانت بيوتهم مفتوحة السقف يطفون ليدخلوا من السقف ويتركون معبودتهم الشمس تدخل بيوتهم عبرها بحرية!

نهايتها

كانت نهاية قارة مو قصةً مأساويةً مشهورة وكانت تلك النهاية هي أحد أوجه اتصاله القارة المفقودة بالحضارة الفرعونية القديمة، فقيل أن كتاب الموتى الفرعوني الذي كان يوضع في قبور الموتى ما هو إلا مرثيةٌ حزينة تروي قصة حضارة مو العظيمة ونهايتها المأساوية، وكُتب ذلك الكتاب كورود وداعٍ توضع على قبر القارة التي شهدت الشمس يومًا ولم تشهدها في الصباح التالي، ففي أحد الأيام اقترب نجمٌ وأحيانًا يقال اقتربت الشمس من تلك القارة وثارت كل براكينها ثورةً واحدةً وهاج وماج البحر من حولها وفي عشيةٍ وضحاها كان البحر قد ابتلع القارة بأكملها بمن فيها وما عليها، قيل أن البعض استطاع النجاة وكان مقدر عدد سكان تلك القارة عند غرقها قد قارب الأربعة وستين مليون شخص، وعندما هربوا فقد لجأوا إلى القارات الأخرى وتوزعوا فيها ومن هناك بدأت حضاراتٌ كثيرة تنشأ على أيديهم وبما تبقى من علمهم كانت الحضارة الفرعونية أكثر تلك الحضارات ارتباطًا بحضارة مو وأهلها وقيل أن سر تقدمها ونشأتها كان على أيدي الكثيرين الذين هربوا من قارة مو قبل غرقها واختفائها، كذلك كانت حضارة المايا والتي لم يستطع أحدٌ فهم لغتها وترجمتها بدقةٍ حتى اليوم وهو ما استُخدم ضد المدعين بوجود حضارة مو لأنهم أجزموا باستحالة قدرة أحد على تفسير لغة المايا.

ما بعد قارة مو

تركت تلك الحضارة الغامضة خلفها الكثير من الآثار والنظريات والفرضيات التي وُجدت قصة حضارة المو لتكمل مكان الحلقة المفقودة فيها وتكشف العجز والغموض عما وجده بعض العلماء غامضًا، كان من بعض تلك النظريات والدراسات كانت الحيوانات الثديية الغريبة التي وُجدت في جزيرة مدغشقر وبعض الجزر الأخرى ولتي لم يوجد لها تفسير سوى أنه كانت هناك قارةٌ كاملةٌ هنا عامرةٌ بالحياة مليئةٌ بشتى أنواع الكائنات الحية، ثم جاءت عليها مصائب الدهر فاختفت ولم يتبق منها سوى مجموعة من الجزر التي تقاربت مع القارات الأخرى المختلفة، وكان أحد علماء الطبيعة الألمان مؤيدًا لنظرية دارون وما ‘ن سمع عن قارة مو حتى شرع في إدخالها في دراساته ونظرياته قائلًا بأنها هي الحلقة المفقودة التي عن طريقها يستطيع أن يفسر توزيع البدائيات بشكلٍ صحيح، وعلى جانبٍ آخر كانت هناك رسامةٌ روسية لها نظريةٌ تتحدث فيها عن مرور الأرض بعدة حضاراتٍ وأجناسٍ بشرية متتابعة ومختلفة عن بعضها، وكان لأهل قارة مو الترتيب الثالث في قائمتها ذات السبعة أرقام، وكان من أهم النظريات التي أيدت فكرة وجود شعب مو وهرب بعضهم من كارثتهم العظمى وانتشارهم في بقاع الأرض كان إحدى اكتشافات العلماء السوفييت عندما وجد مقبرةً قديمة فيها جثمان ملكٍ وملكة ومعهم رموزٌ شهيرة لأرض ماما، وبوقتٍ مقارب تم اكتشاف تلك الرموز القديمة في كلٍ من التبت وفرنسا لتظهر أسئلةٌ عديدة عن كيفية انتشار تلك الرموز حول العالم بهذا الشكل.

أتلانتس ومو تبدوا مرتبطتين

أتلانتس كانت أسطورةً أخرى وقصةً مختلفة لكنها كانت شديدة الشبه بقصة مو أليس كذلك؟ حتى أن البعض قد ظن أنني في صدد الحديث عن أتلانتس ولكنني لقبتها بمو مثلًا إلا أن الحقيقة أن التاريخ أو ما يحاول العلماء والباحثون استخلاصه من التاريخ يقول بأنهما كانتا حضارتين مختلفتين رغم تقاربهما، من المثير للدهشة والعجب كان قصة كلٍ من أتلانتس ومو وحكاية أهلهم الحكماء الطيبين وحضارتهم التي فاقت التصورات والحدود ثم نفس النهاية الغريبة المريبة بأن يبتلع البحر القارة بأكملها فتكمن في أعماق الماء، وهو ما جعل للمشككين في قصة مو وأتلانتس منفذًا ينفذون إليه بالمنطق متسائلين لو أنه عبر التاريخ تم ابتلاع القارتين في وقتٍ زمنيٍّ متقارب تحت البحر فلماذا لم يتكرر الأمر ثانيةً ولماذا لم تختفِ قارةٌ جديدة؟ ما جعل الأمر من وجهة نظر أميل للأساطير منه للحقيقة، لكن ما يُحكى ويُروى عنهما أن أهل مو بعد أن هربوا لجأوا إلى أتلانتس وأقاموا عليها الحضارة الكبيرة تلك لكنها غرقت كذلك، ومن جهةٍ أخرى يُقال أن أتلانتس جاءت قبل مو وأن العكس هو ما حدث وجهةٌ أخرى تقول أنهما كانتا موجودتين معًا وأن بعض أهل مو المهاجرين كان لهم الفضل الأكبر في حضارة أتلانتس المفقودة، لكن إن أردنا أن نحق الحق فلو كان أهل مو حقيقيين حقًا فأظن أنهم أقل أهل الأرض حظًا ليبتلع البحر قارتين بهم!

جزيرة إيستر

كما قلنا فقد بقيت من حضارة مو ألغازٌ غامضةٌ كثيرة حيرت العلماء والباحثين وأثارت الخيال في عقول الكثيرين، كانت جزيرة إيستر واحدةً من الجزر التي يُقال أنها من بقايا قارة مو الغارقة لكن ما وُجد عليها كان هو الأكثر إثارةً وغموضًا، تعتبر تلك الجزيرة واحدةً من أكثر جزر العالم عزلةً وعليها وُجدت مجموعةٌ من التماثيل الغريبة الضخمة والتي يصل وزنها لعشرات الأطنان، والمثير أن تلك التماثيل جميعها تنظر في اتجاهٍ واحدٍ نحو البحر وجهة الشرق كأنها شاهدٌ صامتٌ على حقيقة تلك الحضارة وإن وجدت حقًا أم لم توجد، يدعي السكان المحليون في تلك الجزيرة أن أصحاب الحضارة الأصلية الذين قاموا ببناء تلك التماثيل كانوا يملكون نوعًا غامضًا من الطاقة الاهتزازية، وهي إشارةٌ أخرى لامتلاك سكان مو قدراتٍ وطاقاتٍ غير اعتيادية، ومن جهةٍ أخرى لم يعرف العلماء بعد حتى اليوم لتلك التماثيل حضارةً أو تاريخًا فهي تبدو كأنها وُجدت فجأة من العدم بلا أصلٍ ولا نسب، وهو ما يجعلها شديدة الاتصال بقصة حضارة مو من وجهة نظرهم.

مو تلهب الخيال

كما كان بداية اكتشاف مو أو إعادة إحياء ذكراها في القرن التاسع عشر ملهبًا لخيال العلماء والباحثين وجعلهم ينقبون ويبحثون أكثر فأكثر لعلهم يجدون الحقيقة مختفيةً هنا أو هناك، كانت مو مجالًا كبيرًا للأدبيات وكان لخيال الأدباء منها نصيب، وأشهر ما قيل أنه كان وصفًا أو عملًا أدبيًا مرتبطًا بقارة مو هي قصة السندباد البحري قائلين بأن الحوت الذي وجده في قلب البحر وصعد عليه باعتباره جزيرة ثم تحرك الحوت وغادر إنما هو تصويرٌ وتشبيه ودلالةٌ أكثر عمقًا تشير إلى أرض قارة مو الغارقة.

غفران حبيب

طالبة بكلية الصيدلة مع ميولٍ أدبية لعل الميل الأدبي يشق طريقه يومًا في هذه الحياة

أضف تعليق

ثمانية − 6 =