إن تعرض طائرة الرحلة 191 لحادث مُروع وموت الكثير الضحايا في بداية الستينيات يُعد أمرًا مؤسفًا، كما يُمكن اعتبار تكرار نفس الحادث مع نفس الرحلة عام 1979 حدثًا كارثيًا، لكن أن يتكرر نفس الحدث خمس مراتٍ متفرقة، مع نفس الرحلة ونفس الشركة، فهذا تمامًا ما يُسمونه لعنة، لعنة طائرة الرحلة 191، التي راح ضحيتها حتى الآن ما يقرب من ألف شخص في خمس حوادث متكررة، تلك الحوادث جعلت شركات الطيران والمُسافرين يقفان كثيرًا عند رقم هذه الرحلة وما يحمله من معانٍ كثيرة أولها الموت، حتى تم إلغائه مطلع العقد الثاني من الألفية الثالثة، رغم ذلك، لم ولن ينسى أحد طائرة الرحلة 191، تلك الرحلة الملعونة.
طائرة الرحلة 191 والقصة الكاملة وراء الكوارث المتكررة
طائرة الرحلة 191
عام 1968 قامت شركة ماكدونل دوغلاس بصناعة أول طائرة من نوع الدي سي 10، وكانت الطائرة وقت صناعتها حدثًا مُميزًا، إذا كانت تمتاز بقلة استهلاكها للوقود إضافة إلى تذويدها بمقاعد درجة أولى فخمة الصنع، وكان ثمة فراغ كبير بين هذه المقاعد يُسهل عملية التنقل داخل هذه الطائرة، كما كانت تلك الطائرة رغم قوة مُحركاتها وكثرتها لا تُصدر أي ضجيج أو صخب يُزعج الركاب، مما جعلها الطائرة رقم واحد في العالم، لكن الأمر لم يستمر سوى عشر سنوات.
بداية طائرة الرحلة 191
كانت الرحلة 191 من أهم رحلات شركة ماكدونل دوغلاس للطيران، وكانت هذه الرحلة تنطلق يوميًا من مدينة شيكاغو شمال الولايات المتحدة الأمريكية إلى مدينة لوس أنجلوس القابعة في جنوبها، حيثُ كانت تقل كبار رجال الأعمال والمسئولين في الدولة، وقد شهدت هذه الرحلة منذ أن بدأت إقبالًا شديدًا من جميع الركاب.
بداية الرحلة الملعونة
في تمام الثامنة من صباح الخامس والعشرين من مايو عام 1979 انطلقت طائرة الرحلة 191 من شيكاغو متوجهة إلى لوس أنجلوس كالعادة، وكانت الطائرة من نوع الدي سي 10 الفخم، حيث بلغ عدد ركابها المئتان وخمسة وثمانين راكب، بالإضافة إلى خمسة عشر فردًا من طاقم الطائرة، ثلاثمائة شخص كانوا في طريقهم للموت.
كان طاقم طائرة الرحلة 191 يعد أكبر طاقم في تاريخ الطيران المدني، فلم يحدث أبدًا أن أقلعت طائرة وعلى متنها خمسة عشر فردًا من العاملين بها، في الوقت الذي كانت هناك بعض الطائرات لا تُقلع بأكثر من عشرة ركاب واثنين فقط من طاقم الطائرة، ورغم غرابة الأمر إلا أنه لم يجد أي ردة فعل، ولم يُفلح هذا الطاقم المجيش في إنقاذ الطائرة من الهلاك.
سقوط الطائرة
لم يأخذ الأمر وقتًا كثيرًا، ففي لحظة الإقلاع انفصل محرك الطائرة الأيسر عن الجناح مما تسبب في تدمير وقتي لأنابيب السوائل الهيدروليكية، كم تقلصت الطائرة من الخلف مع محاولة الارتفاع، ولم يستطع الجناح الأيسر الصمود، لتميل الطائرة بدرجة 120 نحو الجهة اليسرى وتتحطم على الفور وتسقط أجزاءها في أرض المقطورات.
هرول الجميع باتجاه الطائرة وتحركت عربات الإسعاف التي كانت على مسافة قريبة صدفةً، كما جاءت قوات التدخل السريع وقوات الإنقاذ، وبدا المشهد في أقل من خمسة دقائق مشهدًا مهيبًا، لكن على الرغم من كل ذلك لم يحدث أي جديد بالطائرة التي تحول كل ركابها في لحظةٍ واحدة إلى ضحايا، حتى إن ذويهم الذين ودعوهم قبل قليلٍ لم يكونوا قد غادروا المطار بعد، وعادوا بجثثهم في مشهد مهيب اكتست فيه الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها باللون الأسود حدادًا على ضحايا هذه الحادث الساذج الذي يُعد درسًا في نتيجة الإهمال.
الضحايا
رغم أن سقوط طائرة الرحلة جاء من ارتفاعٍ قريبٍ من الأرض بسبب عدم قدرة الطائرة على التحليق إلا أن نتيجة الحادث كانت مأسوية، حيثُ لم يسلم أي شخص ولقى جميع الموجودين، سواء من الركاب أو الطاقم، حتفهم، وتم انتشال جثث ثلاثمائة شخص كانوا حصيلة من كانوا على متن الطائرة ومن ماتوا أيضًا.
أسباب السقوط
كان سوء الصيانة سببًا رئيسيًا في سقوط الطائرة، حيث كان ضعف نقطة التعليق سببًا رئيسيًا في انفصال المحرك، وهي السبب الأكبر في سقوط الطائرة حتى قبل التمكن من التحليق، لذلك تم إلقاء اللوم بالكامل على الشركة الأمريكية للخطوط الجوية، وتم اتهامها بالتقصير وعدم الاهتمام بصيانة الطائرات.
تأثير السقوط على الشركة
بالطبع تسبب هذا الحادث في العزوف عن رحلات تلك الشركة وخاصةً طائرة الرحلة 191، بل وقام البعض بإلغاء حجوزاتهم لدى الشركة بعد الحصول على التذكرة بالفعل، وكان هذا هو أكبر رد فعل ضد تقصير وإهمال الشركة، وبالفعل عملت الشركة بعد ذلك على تحسين خدماتها واستجلاب امهر الطيارين وأفضل الطائرات، حتى عادت الثقة في الشركة من جديد بعدها بعامين، وأصبحت الرحلات تُقلع باستمرار كما كانت فيما فضي قبل تعرضها لذلك الحادث.
تكرار حوادث السقوط
بعد أقل من عشر سنوات، وفي نفس الطائرة، وعلى نفس الرحلة، الرحلة 191، تكررت الحادثة من جديد وسقطت إحدى الطائرات، لكن هذه المرة كان السقوط بسبب الاصطدام بإحدى الكثب، لذلك لم يتم توجيه اللوم إلى الشركة، لكن الحادثة تكررت مرة أخرى بنفس تفاصيلها سابقة في نفس العام من العقد التالي، بل وتكررت مرة رابعة في مطلع الألفية الثالثة، وقبل أن يقول الناس كفى لهذه الرحلة حدثت كارثة مرة أخرى في عام 2012، وهنا كان أمام العالم خيارين، إما أن يكتفي بدور المشاهد أمام موت الأبرياء في هذه الرحلة الملعونة، وإما أن يتدخل ويُنقذ ما يُمكن إنقاذه.
إلغاء طائرة الرحلة 191
قبل أن يصدر قرر الأمم المتحدة أصدرت تلك الشركة المسؤولة عن طائرة الرحلة 191 قرارًا بإلغائها، كما حذرت تحذيرًا شديدًا من وضع أي مُلصق أو علامة تدل على هذا الرقم الملعون الذي راح في حوادث رحلاته فقط أكثر من ألف شخص، كما تم تنفيذ هذا القرار في أغلب شركات الطيران العالمية التي تحمل إحدى رحلاتها رقم 191، ببساطة، قال العالم بأكمله لا للرقم 191 الذي يتسبب في قتل الأبرياء.
لعنة الرقم 191
في كل مكان تمت معاملة الرقم 191 معاملة الرقم 13، حيثُ تم اعتبار كلاهما أرقام فأل شر لا تُنذر بأي خير، ووصل الأمر إلى توثيق عدة محاضر ضد أشخاص قاموا باستعمال هذا الرقم المحظور، لتصل رسالة العالم مرة أخرى، لا نُريد هذا الرقم المحظور، لا نريد استخدامه ولا حتى سماعه.
طائرة الرحلة 191 في السينما
لم يمر حدث كبير كهذا على شاشة السينما الأمريكية وخاصة هوليود مرور الكرام حيث تم تجسيد هذه الواقعة في أكثر من عملٍ سينمائي كان أهمها الفيلم الذي تم إنتاجه عام 2000 وقام ببطولته الممثل العالمي الشهير براد بيت، ورغم أن حادث الطائرة كان جزءًا من الفيلم ولم يكن الحدث الرئيسي له إلا أنه تعرض بشكل لافت لهذه الحادثة وأظهر تقصير شركة الطيران ولعنة الرقم 191، وقد تم فيما بعد قص هذا الجزء من الفيلم واستخدامه كفيلم قصير يتحدث عن أحداث هذه الرحلة فقط، ويوضح كيف وقعت حادثة طائرة الرحلة 191، الرحلة الملعونة ذات الرقم الملعون.
أضف تعليق