تسعة مجهول
سميرة مليان
الرئيسية » جريمة » سميرة مليان : المطربة المغربية التي اتهم بليغ حمدي بقتلها

سميرة مليان : المطربة المغربية التي اتهم بليغ حمدي بقتلها

سميرة مليان مُطربة مغربية شهيرة كانت تحمل كذلك الجنسية الفرنسية، ولم تكن سميرة شهيرة في عالم الغناء بقدر ما اشتهرت بعد جريمة القتل التي تعرضت لها في منزل الموسيقار الكبير بليغ حمدي، فما هي يا تُرى دهاليز هذه الجريمة الغامضة؟

عام 1984 قررت المطربة سميرة مليان المجيء إلى مصر من أجل الحصول على الشهرة والمجد، بيد أنها في المقابل قد حصلت على الموت، إذ أنه قد عثر عليها مقتولة في أحد الحفلات المقامة في شقة بليغ حمدي، ذلك الموسيقار الشهير الذي أصبح فيما بعد متهمًا في جريمتها، والحقيقة أن الجريمة قد حصلت على صدى لا يُمكن تخيله بسبب الملابسات وكذلك المكان الذي وقعت به الأحداث، ثم بعد ذلك جاءت ابنة سميرة مليان لتُثير الكثير من الشكوك وتنشر القضية على أفضل نحو ممكن، وهو ما جعل سميرة حديث الجميع في هذه الفترة، بل دعونا نقول إلى وقتنا الحالي، ولابد أنك عزيزي القارئ ستكون مهتمًا جدًا بما حدث لهذه المطربة الشابة وكيف فقدت حياتها ولماذا تم اتهام بليغ، وكل هذا سيكون موجودًا بتفاصيل أكثر في السطور القليلة المُقبلة، فكن على استعداد لما ستقرأه من أمور أقل ما توصف به أنها مدهشة.

من هي سميرة مليان ؟

سميرة مليان من هي سميرة مليان ؟

قبل أن ندخل في دهاليز الجريمة دعونا أولًا نتعرف على ضحيتنا، فنحن نتحدث عن سميرة مليان، وهي مُطربة مغربية كانت تحمل كذلك الجنسية الفرنسية مثلما هو الحال مع أغلب المغربيين الذين يرتبطون من حيث الهوية بالفرنسيين، على العموم، بعد الاستقلال أراد والديّ سميرة مليان نشأتها نشأة مختلفة، كأن تُصبح طبيبة أو مُهندسة مثلًا، وذلك على افتراض أنها البنت الوحيدة في العائلة، لكن الأمور لا تسري دائمًا على حسب الرغبة، ففي الوقت الذي كانت العائلة تطمح في ذلك كانت سميرة تمتلك حلمًا آخر خاص بها، وهي أن تُصبح مُطربة شهيرة مثلما هو الحال مع المغربيات الشابات وعلى رأسهم سميرة سعيد، فهؤلاء ذهبوا إلى مصر وأصبحوا لاحقًا من المشاهير، بيد أن عائلة سميرة مليان كان واضحة جدًا بهذا الصدد وقالت صراحةً أن فكرة الطرب هذه غير مُتاحة في الأساس، ومن هنا يُمكن القول إن المعاناة قد بدأت.

الطرب ليس مُتاحًا

في الوقت الذي بدأت فيه سميرة مليان التفكير في الطرب وبقوة، وهو سن الخامسة عشر، رأت العائلة أن السبيل الوحيد لتخليص الفتاة من تلك الأفكار الساذجة أن يتم شغلها من خلال الزواج، وبالفعل تزوجت سميرة وأنجبت وهي في سن الثامنة عشر، وهنا ظن الجميع أن مليان قد حصلت على حياة أخرى بخلاف التي تطمح فيها، بيد أن الجميع كان ساذجًا في ذلك الظن وليست سميرة، إذ أنها كانت تتدرب سرًا وتُسجل الأغاني بصوتها، كانت تفعل كل شيء بانتظار الفرصة التي تتيقن أنها ستأتي في أي وقت، وإن كان الزوج لا يزال مُصرًا على عدم الغناء، وإن كانت العائلة في هذا السن لم تعد عائقًا لها، فإن سميرة لم تتردد ولو للحظة واحدة في ترك كل شيء خلفها والهرب تجاه حلمها الأبدي.

منتج وهمي مُريب

حصلت سميرة مليان على الطلاق من زوجها ثم سافرت إلى فرنسا، وهناك بدأت تحتك بالعرب المُقيمين هناك وتُغني في الحفلات التي تُقام بصفة شبه دائمة، ببساطة، مع الوقت، حصلت سميرة على قدر لا بأس به من الشهرة لكونها الممثلة العربية الأشهر في المغرب والأفضل صوتًا على الإطلاق، وفي نفس التوقيت ظهر منتج وهمي غريب ومُريب، شخص ثري تقليدي تمكن من إقناع سميرة بقدرته على تحقيق حلمها، وأنه سيقربها من الوسط الفني المصري بفضل علاقاته حتى تتوهج مثل المطربات العرب الأخريات، وبالطبع يُمكن القول حدث ولا حرج عن الفن في مصر في ذلك التوقيت وكيف أنه كان يُمثل حرفيًا عاصمة العرب الفنية، ولهذا بدأت سميرة ترى نفسها على أول خطوات المجد، ولم تكن تعرف أنها تقترب أكثر وأكثر من الشيء الذي لم تكن تنتظره على الإطلاق، الموت.

التعرف على بليغ حمدي

سميرة مليان التعرف على بليغ حمدي

وفى المنتج الوهمي المجهول بوعده وأدخل سميرة مليان في الوسط الفني من أوسع أبوابه، تحديدًا عن طريق الموسيقار الشهير بليغ حمدي، وهو شخص غني عن التعريف عمل مع أغلب نجوم العرب ولحن لهم، وفي نفس الوقت كان يُقيم في بيته ما يُشبه الحفلات الموسيقية، وفي تلك الحافلات كان يحضر كل نجوم ومشاهير المجتمع، بمعنى أن سميرة إذا غنت في ذلك الجمع فسوف يذيع صيتها سريعًا، وهذا ما حدث بالفعل، إذ أنها مع أول حفلة من الحفلات لقت الإشادة والإعجاب من الجميع، حتى جاء ذلك اليوم الذي غير حياتها، أو دعونا نقول بكلمات أوضح، أنهى حياتها، فما الذي حدث يا تُرى؟

مقتل سميرة مليان

في إحدى الليالي، وفي واحدة من الحفلات الموسيقية التي كان يُقيمها بليغ حمدي لضيوفه من الأصدقاء والمشاهير في عالم الفن، قدم بليغ سميرة ثم أخبر الجميع برغبته الشديدة في النوم، كان الأمر غريبًا ومُدهشًا، على الأقل بالنسبة لأولئك الذين يعرفون بليغ جيدًا وشغفه بالفن، فهما حدث لن يترك بليغ حفلة كهذه ويذهب للنوم، أيضًا دعونا لا ننسى أننا نتحدث أساسًا عن حفلة في منزله، على العموم، فعل بليغ ذلك، ويُقال إنه نام لساعة واحدة فقط ثم خرج أمام الجميع فزعًا أمام صريخ الحضور، ما الذي حدث؟ لقد عُثر على جثة سميرة مليان!

أجل كما تسمعون تمامًا، تلك الشابة سميرة مليان التي كانت تقف وتُغني قبل دقائق هي الآن في عدد الموتى، والشيء المُبهر هنا أن موتها قد حدث تحت نافذة بليغ حمدي مباشرة، وقد كانت الفتاة اليافعة عارية تمامًا، وبصورة بديهية بدأت بعض الكلمات تخرج من أفواه الحضور، الجميع كان يُردد بكل ثقة أن سميرة مليان قد انتحرت، لكن لماذا قد تفعل الفتاة ذلك وهي تبحث عن سلم المجد وتقترب منه شيئًا فشيئًا؟ لا أحد شغل نفسه وفكر في ذلك الأمر مُطلقًا.

ما الذي حدث؟

تخيل عزيزي القارئ أنه لا يوجد شخص في هذا العالم يعرف حتى الآن ما الذي حدث بالضبط لهذه الفتاة المسكينة! فما خرج لحظة الوفاة مباشرةً مجرد تصريحات من الشهود، كلهم قالوا باتفاق أن سميرة مليان قد غادرت الحفل بعد ساعات ولم تعد، وأغلب القول إنها قد انتحرت بعد المغادرة مباشرة، لكنهم أكدوا أيضًا بأنه لم تكن هناك أية شبهات أو أشياء تُشير إلى التفكير في الانتحار، وفي نفس الوقت نفوا كون الأمر جريمة قتل أو حتى شبهة في جريمة، فمهما يكن ما حدث لتلك المطربة فهو قد حدث بصورة لا دخل لأحد سواها به، لكن يا تُرى، أين ذهب بليغ حمدي؟

هروب بليغ حمدي

قلنا من قبل إن بليغ حمدي قد قام بشيء غريب تمامًا خلال الحفل أو الجلسة الأخيرة التي حضرتها سميرة مليان، حيث أنه قد ذهب إلى النوم بصورة غير معتادة، والأدهى أنه لم توجه له أي تهم على الرغم من كونه الشخص المحتضن للحفل وكونه كذلك الشخص الوحيد الذي اختفى مع بروز الأحداث، ثم تأتي الكارثة في سفره بعد الحادثة مباشرةً بصورة تجعلنا نصف ما حدث بأنه هروب مؤكد وليس مجرد سفر، والسؤال الآن، لماذا هرب بليغ حمدي إذا لم يكن مدانًا بشيء؟ بليغ وحده يُمكنه الإجابة على هذا السؤال الغامض حتى وقتنا الحالي.

الابنة تساند والدتها

مع اضطراب الأحداث وتضاربها يبقى هناك بعض العقل في بعض الأمور التي لا خلاف عليها، والتي أهمها المساندة التي حظيت بها سميرة مليان من ابنتها، والتي تركتها سميرة ورحلت قبل أن تتجاوز الخمسة أعوام، فقد بقيت الطفلة في فرنسا وحصلت على الجنسية، ثم قامت بتأليف عدة كتب باللغة الفرنسية تتحدث عن بعض الأمور الغريبة التي حدثت لوالدتها وأنها لم تكن هناك من أجل الدعارة كما أشاع البعض، كما أنها كذلك نفت تمامًا فكرة الانتحار وأكدت على أن والدتها كانت مُحبة جدًا للحياة وكانت تطمح في أن تُصبح شيئًا كبيرًا ذات يوم، ثم إنه لم تكن هناك أية مقدمات لما حدث، فلماذا يحدث أصلًا؟

عودة بليغ حمدي

بعد سنوات عاد بليغ حمدي مرة أخرى إلى مصر ومكث فيها حتى موته، وقد قيل إن الرجل لم يرجع إلى بلده حتى تم التأكد من عدم ملاحقة السلطات القضائية له أو التأكد من براءته إن جاز التعبير، وما تم ملاحظته وقتها مساندة الوسط الفني الكبيرة للموسيقار بليغ حمدي وكذلك ابتعاده تمامًا عن الحياة القديمة، حيث أنه لم يعد يُقيم الحفلات والسهرات والأشياء التي كان يفعلها من قبل، وإن كان في هذا دلالة على شيء فهي بالتأكيد دلالة لا تأتي أبدًا في صالحه، لكن دعونا لا نُجذم بشيء ونتناول أولًا أبرز النظريات والآراء التي خرجت بعد مقتل سميرة مليان.

تفسيرات ونظريات

سميرة مليان تفسيرات ونظريات

كل حادثة تحدث في هذا العالم لا يُمكن التسليم بشيء واحد لها، وإنما تكون هناك بالتأكيد مجموعة من النظريات والتفسيرات التي تقود في النهاية إلى وضع الصورة كاملة أمام التاريخ، ومن أول النظريات التي خرجت حول الجريمة الانتحار.

انتحار سميرة وبراءة الجميع

النظرية الأسهل والتي بدأت تتردد بعد اكتشاف الجريمة مباشرة هي نظرية الانتحار، حيث قيل إن سميرة مليان قد شعرت باليأس في تلك الليلة وأنها لن تصل أبدًا ولن ترتقي سلم المجد كما كانت تحلم، ولذلك قررت إنهاء حياتها في لحظة خاطفة، ومن سوء حظ الموسيقار بليغ حمدي أن ذلك الأمر قد حدث في بيته ليفتح بابًا من الشكوك عليه.

بليغ حمدي قاتل!

الأمر الذي ردده البعض بعد سنوات من الجريمة وكسبب للكثير من الأحداث المحيطة بها أن بليغ حمدي هو من قتل سميرة مليان بسبب تهديدها بفضحها له، لكن العقل يقول إن هذه النظرية ليست مقبولة لأن بليغ ليس بالغباء الذي يجعله يقتل في بيته فتاة أجنبية عنه، كذلك كل من يعرف بليغ حمدي يعرف أنه شخص مرهف وفنان حقيقي لا يُمكنه أبدًا التفكير في قتل قطة، وليس فتاة مسكينة لم تفعل له أي شيء، وهذا ما يأخذنا إلى النظرية الثالثة والأخيرة.

الزوج السابق مُجرم!

هناك نظرية تبدو ضعيفة بعض الشيء وتتحدث حول زوج سميرة مليان الأول، والذي يُقال إنه قد شعر بالانكسار بعد ترك سميرة له ولذلك قرر قتلها والانتقام منها بهذه الطريقة المفجعة، وبالطبع ذلك التبرير مقبول جدًا، لكنه يبقى مستبعدًا بعض الشيء لابتعاد الزوج عن الصورة بعد الطلاق مباشرةً.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

عشرة + 12 =