تُعتبر قضية قتل الفتاة المكسيكية رجينا واترز واحدة من أغرب القضايا وأشهرها في التاريخ المكسيكي، فالمكسيك، ذلك البلد الصغير الهادئ الواقع في قارة أمريكا الشمالية، لم يكن مُعتادًا أبدًا على تسجيل قضية بهذا التعقيد والغموض الموجود في قضية رجينا واترز، خاصةً وأن الجريمة حدثت في مكان، وتم العثور على الجثة في مكان آخر، تلك الجثة التي ترجع إلى الفتاة سيئة الحظ رجينا واترز، فدعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على بطلة قصتنا وضحيتها رجينا واترز، وكيف كانت الحياة معها إلى أن بلغت سن الرابعة عشر وانتهت كجثة مجهولة في إسطبل قديم مهجور.
كيف تم قتل رجينا واترز ؟ ومن هو فاعل الجريمة؟
من هي رجينا واترز؟
رجينا واترز فتاة مكسيكية ولدت عام 1976 بمدينة تيكسيكو سيتي، وهي تُعتبر واحد من أكبر المدن الموجودة في المكسيك، إلا أن حياة رجينا لم تكن كبيرة بنفس ذلك الحد، بل كانت كأصغر ما يكون بما احتوته من فراق وتشتيت بين جميع أفراد الأسرة، فالأم والأم انفصلا عندما كانت رجينا في طريقها لإتمام السابعة من عمرها، أما أشقائها فقد كانوا أسوأ ما يكون، فقد ماتت الشقيقة الكبرى مُنتحرة، والشقيق الأوسط كان دائم الشجار وكثير التردد على أقسام الشرطة، كل هذه الأشياء بالطبع كان من شأنها التمهيد لطفولة أقل ما يُقال عنها أنها طفولة جهنمية.
طفولة جهنمية
بالرغم من أن رجينا واترز كانت فتاة جميلة وذكية إلا أنها قد عاشت طفولة جهنمية بكل ما تعنيه الكلمة من معان، فالسنوات القليلة التي عاشتها مع والدها مثلًا رأت فيها أقسى درجات الحرمان، إضافةً إلى محاولته التعدي عليها واغتصابها، لتذهب بعدها للعيش مع والدتها وزوج والدتها، والذي لم يكن أقل وحشية من والدها وحاول التعدي عليها كذلك، لكن تلك المحاولات لم تُمثل شيء أمام ما تعرضت له في بيت والدتها، حيث بدأت من هناك قصة نهايتها الوحشية المُبكرة، بمعنى ليس دقيقًا، بدأت قصة حبها.
رجينا واترز والحب
سقطت رجينا في حب أحد جيران والدتها، كان يُدعى ريكي، وبالرغم من أنه يكبرها بخمسة أعوام إلا أنه بادلها هذا الحب، فقد كان يُعاني هو الآخر من نفس المشاكل الأسرية، لذلك كان يرى كل طرف الآخر ملاذه الوحيد، لكنه في النهاية كان حب ساذج ومراهق، بدأ بفكرة مجنونة، وهي الهرب من البيت والزواج والاستقرار بعيدًا عن الأهل، تخيل أن تُفكر طفلة صغيرة في الرابعة عشر بذلك الأمر، تخيلت؟ حسنًا، الآن حاول التخيل ما حدث لها جراء هذه الفكرة المجنونة.
بداية الحادثة
بدأت حادثة مقتل رجينا واترز بالهرب من المنزل مع عشيقها، أولًا، كانت هذه فكرة مجنونة من طفلة لا تتجاوز الرابعة عشر، ثانيًا، كان كلا الشخصين غير مُدركين لما يفعلانه أو عالمين بما سيفعلانه بعد الهرب، فقط كانا يُريدان الهرب، ثالثًا، والأهم من كل شيء، أنهما قد أرادا فعل ذلك في ليلة سوداء وعلى طريق فارغ، الصغيرين كانا ساذجين لدرجة أنهما ظنا أنه بمجرد خروجهما للطريق الرئيسي والإشارة لأي سائق سيتوقف ثم يأخذهما إلى حيث يُريدان، وبالفعل توقف سائق الشاحنة كما خططا، لكنه لم يأخذهما أبدًا إلى حيث يُريدان، أو إلى حيث يُريد أي شخص يكن الحب لهما.
ما الذي حدث؟
لا أحد يعرف تحديدًا ما الذي حدث للشاب ريكي والفتاة رجينا واترز في تلك الليلة الغامضة، والتي صادفت الثالث من مايو عام 1990، فالعاشقين بعد أن هربا من البيت لم يظهرا مرة أخرى، ونعني بذلك أنهما لم يظهرا بحالتهم الطبيعية، وإنما ظهروا كجثث.
بدأ البحث من قِبل الأهالي والشرطة بعد الاختفاء بأربعٍ وعشرين ساعة، كان كل شيء طبيعي في البداية، مجرد فتى وفتاة هربا من بيتهما لسبب ساذج مثل العشق، لكن، مع مرور ثلاثة أيام، وعدم ظهور أي شيء يُثبت وجود العاشقين على قيد الحياة، بدأ الأهالي يشكون في وقوع مكروه لهم، شك تحول إلى يقين مع وصول الرسالة الغريبة.
رسالة من القاتل
بعد أربعة أيام من البحث، وبينما كان والد رجينا واترز يبحث عن طفلته لم تتجاوز الأربعة عشر عام، وصلت رسالة غريبة من رقم مجهول، تقول الرسالة باختصار أن ثمة بعض التعديلات التي يتم إجرائها على رجينا، وبالطبع يُمكن الاستخلاص بسهولة أن تلك الرسالة جاءت من الخاطف، أو القاتل على وجه التحديد، والذي لم يستطع أحد العثور على مكانه من الرسائل والكلمات بسبب تنقله المستمر وعدم استقراره في مكان واحد يسهل من خلاله تتبعه، عمومًا، بعد عشرة أيام من البحث والاستنفار، تم العثور على رجينا، أو جثة رجينا على وجه التحديد.
جثة رجينا واترز
بعد حوالي عشرة أيام من اختفاء رجينا واترز وعشيقها تم العثور على جثة مجهولة بأحد الإسطبلات المهجورة، حيث تشمم أحد المارة رائحة نتنة فقام بإبلاغ الشرطة، ومع اقتحام المكان وجدت جثة فتاة صغيرة مشوهة كليات ومصابة بعدة جروح يرجح أن تكون ناجمة عن عمليات اغتصاب وليست عملية واحدة، ومع مطابقة أوصاف الجثة وملابسها بأوصاف رجينا واترز وملابسها تبين أن كلاهما شخص واحد، إذًا، قُتلت رجينا وتم اغتصابها، لكن السؤال الذي لا يجب التغافل عنه أبدًا هو “من فعل ذلك وكيف؟”.
من فعل ذلك؟ وكيف؟
عندما بدأت الشرطة في التحقيق باختفاء وقتل رجينا واترز وحبيبها فإن أول من فكرت به هو ذلك الحبيب، فربما قام باستغلالها وفعل ما فعل ثم قتلها وهرب، لكن بالسؤال عن هذا الشاب وطبيعته اتضح أنه شخص سوي صالح طيب، وأنه كان يجب رجينا حبًا حقيقيًا ولم يكن ليفعل ذلك بها، كما أن الأسلوب التي ارتُكبت به هذا الجريمة يدل على أن من قام بارتكابها شخص مُحترف، وليس بصفات رجينا أبدًا، فقد قام القاتل بعد أن اغتصب رجينا وقتلها بتقطيعها عدة أجزاء متساوية وكأن هذه المرة الألف وليست الأولى، على كلٍ، في النهاية تم استبعاد الشاب من القضية، لكن بقي سؤال آخر منطقي، أين ذهب ذلك الشاب؟ أو على الأقل جثته؟
أين ذهب الشاب؟
كان اختفاء عشيق رجينا واترز أمرًا مُحيرًا للغاية، خاصةً وأنه قد جاء وسط عدة ملابسات غير مفهومة، فمثلًا، عندما يُختطف شخصان معًا، يكون التفكير غالبًا أنهما سيلقى مصيرًا واحدًا، بمعنى أدق، كان العثور على جثة رجينا واترز يستوجب أن تكون جثة الشاب بجوارها، لكن هذا لم يحدث، لذلك ذهب الأغلبية إلى القول بأنه قد قتلها، أما البعض فقد رجح براءة الشاب، ولكنه عندما رأى رجينا وهي تُختطف فر هاربًا واختفى للأبد، وآخرين قالوا بأن القاتل قد عثر عليه وقتله أيضًا، لكن ذلك القتل تم بعيدًا عن مسرح جريمة مقتل رجينا، على كلٍ، تبقى ملابسات هذه القضية من أغرب ما يُمكن، والتي كانت نهايتها أسوأ نهاية ممكنة في تاريخ التحقيق، وهي إغلاق القضية وتقييدها ضد مجهول.
أضف تعليق