تسعة مجهول
داينل لين
الرئيسية » جريمة » داينل لين : المرأة التي سرقت طفلًا من بطن أمه

داينل لين : المرأة التي سرقت طفلًا من بطن أمه

داينل لين أمريكية متوحشة قامت في عام 2015 باختطاف سيدة خلال الحمل وشقت بطنها لتأخذ منها الجنين وتنسبه إليها في حادثة هي الأكثر وحشية وجنون.

تُصنف داينل لين كواحدة من أكثر النساء وحشية في الألفية الثالثة، فإذا كنا ندعي أن الجريمة المتوحشة قد بدأت في الاختفاء مع مطلع القرن الواحد والعشرين، وأن النساء بالذات قد قررن الابتعاد تمامًا عن العنف، فإن داينل، تلك المرأة الأمريكية، قد أثبتت أن كل شر ما زال واردًا ما دام الشيطان مُتلبسًا صورة بعض البشر ومُتحكمًا في أفعالهم، فنحن بالتأكيد قد سمعنا من قبل عن المرأة التي سرقت طفلًا من أمه أو بدلته أو حتى قتله هو وأمه، لكن الغريب في قصتنا هذه المرة أننا نتحدث عن امرأة قامت بسرقة الجنين وهو لا يزال في بطن أمه من أجل بعض الأفكار المجنونة، والتي أودت في النهاية إلى حكم بالسجن لمدة قرن كامل، أجل، كما سمعتم بالضبط، إنه سجن لمدة مئة عام، فما هي يا تُرى الأحداث التي وقعت وقادت إلى تلك النتيجة المجنونة؟ هذا بالضبط ما سنحاول الإجابة عليه خلال السطور القادمة.

من هي داينل لين ؟

بداية أي قصة في مثل هذه الحالات تكون عادةً بالتعريف ببطلة الأحداث وطفولتها وحياتها ما قبل الجريمة، لكن هذا أمر لا حاجة إليه، أو لا نستطيع تقديمه بالشكل الصحيح بسبب نقص المعلومات، أو ربما لأننا نتحدث عن قضية وقعت قبل عامين فقط ولا تزال المعلومات غير مُصرح بتداولها، ما نعرفها فقط أن بطلتنا المجنونة قد وُلدت في ولاية كولورادو، وهي ولاية صغيرة بعض الشيء تقع في دولة أشهر من النار على العلم، الولايات المتحدة الأمريكية، وبعيدًا عن نشأة داينل وطفولتها وكل تلك الأشياء التي قد تبدو ساذجة من الوهلة الأولى فكل ما يعنينا هو بداية عام 2015، ذلك العام الذي وقعت به الأحداث، والتي بدأت كما هي العادة بكذبة كبيرة، كذبة أدت في النهاية إلى جريمة قالت عنها الصحافة الأمريكية أنها أبشع جريمة بتاريخ البلاد في الألفية الثالثة.

البداية دائمًا بالكذب

تزوجت داينل لأول مرة بعد تجاوزها سن الثلاثين، وعادة الفتاة التي تتزوج في مثل هذا السن أنها تكون متمسكة بذلك الزواج أكثر من أي شيء آخر، لأنه ربما لا يتكرر، وخاصةً في حالة داينل التي كانت خارجة للتو من مشكلة في العمل بأحد المستشفيات التي تُزاول بها مهنة التمريض، عمومًا، تزوجت داينل، ولأنها كانت تُريد الإبقاء على زاوجها أقنعت زوجها بكذبة مفادها أنها قد حملت منذ الشهر الأول بالزواج، لكنها لم تكن كذلك بالطبع، وإنما هي فقط كانت تظن أن الوقت سيمضي ولن يُطالب الزوج بذلك الجنين الذي من المفترض وجوده في بطنها، بيد أن الأمور لا تجري حسبما تُريد الأهواء، بل ثمة ما يُدعى المنطق، وذلك المنطق كان يستدعي وجود جنين بعد تسعة أشهر، وهو ما لم يكن متوافرًا بالنسبة لحالة داينل، وإنما لفتاة أخرى تُدعى ميشيل ويلكينز، والتي ستُصبح ضحية تلك القصة فيما بعد.

الضحية ميشيل ويلكينز

على الجانب الآخر من الحياة، وفي مكان آخر قريب إلى حدٍ ما من بطلتنا داينل، كانت ميشيل ويلكينز صاحبة السبع وعشرين عام تستعد لاستقبال مولودها الأول، كانت في شهر السادس من الحمل، وكانت هي وزوجها يُعدان لكل شيء من شأنه أن يُدخل السرور في تلك المرحلة من الحمل، وبكل أسف كانت خطوتهما التالية هي شراء ملابس المولود، وهذا يعني أنها سوف تذهب إلى المحلات التجارية التي تبيع تلك الملابس، لكن الضائقة المالية جعلتها تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي وتستطلع أصحاب محلات الملابس الصغيرة ذات الأسعار البسيطة، ومن سوء حظ ميشيل أنها قد وقعت في يد أحد أصحاب المحلات الجدد التي كانت للتو قد افتتحت محلًا صغير يبيع الملابس بأسعار زهيدة، واسم صاحبة ذلك المحل كانت كما تتوقعون الآن، داينل لين !

خطة من قبيل الشيطان

عندما رأت داينل ميشيل في هذه الحالة وعلمت أنها تنتظر شهرين فقط من أجل الولادة تذكرت زوجها الذي ينتظر مولودًا هو الآخر، وتذكرت كذلك أن الملابس التي تلف بها بطنها لن تستمر طويلًا كخدعة ناجحة، بل سيأتي الوقت الذي تحدث فيه المواجهة بكل تأكيد، وفي مثل هذه الظروف، وفي حالة التفكير المُضنية تلك، فإن الشيطان يكون سعيدًا جدًا بالمشاركة في أمرٍ كهذا، ومن هنا جاءت الفكرة الشيطانية الخالصة.

ادعت داينل أنها تمتلك في بيتها مجموعة ملابس أفضل وبأسعار أقل، ولذلك طلبت من ميشيل الذهاب معها إلى البيت واختيار ما يُناسبها، وطبعًا لم تكن الفتاة المسكينة تولى اعتبارًا لكل ما تُفكر به داينل الآن، وهو ببساطة يتعلق بالطريقة التي يُمكنها من خلالها أخذ الجنين من بطن تلك الفتاة، أجل كما سمعتم تمامًا، أخذ الجنين قبل شهرين من الولادة.

تنفيذ خطة الشيطان

تنفيذ خطة الشيطان لم يكن أمرًا عسيرًا على امرأة تُريد إنقاذ زواجها وعدم اكتشاف كذبتها مهما كان، ولذلك، ما إن دخلت ميشيل الغرفة حتى دفعتها داينل وقمت بخنقها عازمة بذلك على قتلها، لكن ذلك لم يحدث، وإنما قاومت ميشيل مُدافعة عن نفسها وطفلها، بيد أن الشيطان حسبما يبدو كان جاهزًا بالكثير من الخطط الأخرى، ومن ضمن هذه الخطط ذلك الزجاج الذي تحطم أثناء مقاومة ميشيل، والذي أخذت داينل قطعة منه ثم شقة بها بطن ميشيل وأخرجت الجنين بكل وحشية يُمكن تخيلها، وطبعًا لا تسألون عن حالة الفتاة المسكينة، فقد فقدت وعيها، أو ماتت حسبما ظنت داينل.

لم تُعر الشيطانية أي اهتمام للفتاة، وإنما أخذت الجنين وذهبت به إلى مكانٍ بعيد، وهناك اتصلت بزوجها وأخبرتها كذبًا أنها قد تعرضت للنزيف وفقد على إثره الطفل، وطبعًا الزوج المسكين صدق ذلك وهرع إلى المستشفى ليطمئن على حالة زوجته التي من المفترض أنها قد أجهضت للتو، لكن، ما الذي حدث لميشيل التي تُصارع الموت؟

الانتصار على الموت

صدقوا أو لا تصدقوا ذلك، لكن ميشيل تمكنت ببساطة شديدة من تسجيل انتصارًا على الموت، فقد تحاملت على نفسها وهي تنزف ثم ذهبت إلى أقرب هاتف ثم طلبت منه الشرطة والإسعاف، المسكينة كانت لا تزال تظن أن كل ما حدث هو محاولة اعتداء من البائعة المجنونة داينل لين ، ولم يكن يجول بذهنها بعد فكرة ما قامت به داينل بعد حالة الإغماء، وأن الطفل الذي تنتظره لم يعد بأحشائها بعد، لم يعد على قيد الحياة من الأساس.

في المستشفى جاء زوج ميشيل وأخبر الشرطة باسم البائعة التي تم القبض عليها سريعًا لوجود جريمة لا تحتمل اللبس، والحقيقة أن الشرطة لم تجد مقاومة تُذكر من البائعة لسبب بسيط جدًا، وهو أنها كانت لا تتوقع أصلًا ببقاء ميشيل على قيد الحياة وبالتالي التبليغ عنها، لكنها فكرت في نفس الوقت أن تستخدم سلاح الإنكار، فبما أنه ليس هناك دليل على جريمتها بعد فمن الممكن جدًا النجاة من تلك الكارثة، أو هكذا كانت تظن.

المجرمة في قفص الاتهام

سرعان ما تم القبض على داينل لين التي لم تقاوم أو تحاول الهرب كما ذكرنا، وفي لحظةٍ خاطفة وجدت نفسها في قفص الاتهام تُصارع أحكام متوقعة بالسجن المؤبد أو الإعدام، وطبعًا من عجائب القدر أن تتحول مشكلة تلك المرأة من محاولة تبرير الكذب على زوجها في مسألة الحمل إلى الوقوف من أجل الدفاع عن نفسها في جريمة اعتداء وقتل، إنها بالطبع واحدة من المواقف التي لا يُحب أي شخص أن يوضع بها، لكن داينل كانت بها، ومن حظها السيئ أن القضية لا تحتاج إلى أي تفاصيل أخرى، فالضحية ميشيل ببساطة قد تمكنت من استعادة عافيتها خلال عدة أيام.

أخذت ميشيل وقتًا طويلًا كي تُدرك أنه ثمة امرأة متوحشة أقدمت فعلًا على شق بطنها وسرقة طفلتها منها، أما زوج داينل فلم يأخذ وقتًا طويلًا حتى يُصدر حكمه على زوجته المجنونة، وذلك الحكم كان الطلاق بكل تأكيد، لكن، لا يزال هناك قرار أهم تنتظره داينل، قرار من المفترض أن يُحدد السنوات القادمة في حياتها، هذا إذ لم يكن سيُحدد حياتها بأكملها، إنه ببساطة قرار المحكمة في الجريمة وحكمها الذي ستُوقعه على المرأة التي سرقت طفلًا من بطن أمه.

المحكمة تحكم أخيرًا

في البداية، وقبل أن تُصدر المحكمة قرارها النهائي في جريمة القاتلة داينل لين ، قامت تلك المجنونة بالادعاء كذبًا بأنها لم تقم فعلًا بما تظنه المحكمة، صحيح أنه قد حدث لكنه لم يحدث بتلك الطريقة التي ربما يتوقعها البعض، فمثلًا، وعلى حد قولها طبعًا، لقد كانت تُطلع ميشيل على الملابس قبل أن تقوم الأخيرة بمهاجمتها، هكذا دون أي سبب، ولما لم تجد داينل مفرًا من الأمر قامت بمبادلة ميشيل الهجوم، وهو ما تطور حتى وصل إلى موتها، أو هكذا كانت تظن داينل، والتي قالت أيضًا أنها لم ترى مبررًا من موت الطفل مع والدته وهو ليس له أي ذنب، ولذلك قامت بإخراجه من بطن ميشيل لضمان بقاءه على قيد الحياة، وقد بررت ذلك أيضًا بقولها أنها في النهاية ممرضة تعمل بهذه المهنة منذ زمن.

أقول داينل كان من الممكن أن يُلتفت لها لولا أن ميشيل قد نجى، وأيضًا موضوع الحمل الذي ادعته كان كذلك سببًا قويًا لتكذيب روايتها، عمومًا، في النهاية جاء الحكم بالسجن مئة عام لعدة تهم مختلفة، وهو بالطبع حكم شديد مقارنةً مع أن بعض القتلة يحصلون على حكم بالبراءة بعد ارتكابهم للكثير من الجرائم، على كلٍ ما تزال داينل حتى الآن تلتمس لدى المحكمة من أجل إلغاء الحكم أو تخفيفه إلى عشرة أعوام على أقصى تقدير.

ما بعد الحادثة المروعة

ما بعد تلك الحادثة المروعة عاشت داينل لين في جحيم طبعًا باعتبارها مُرتكبة لجريمة قتل، لكن جحيمًا آخر كان ينتظر المسكينة ميشيل، والتي فقدت طفلها الذي حصلت عليه بعد عناء، بيد أن ما حدث من قِبلها كان غير قابل للتصديق بحق، فقد قيل إنها بعد شهور قليلة من تعافيها طالبت ببراءة داينل، بمعنى أدق، ولكي تكون الصورة واضحة، لقد قالت صراحةً أنها لا تتهم داينل ولا تُريدها أن تُعاقب، وقد بررت ذلك في أملها بأن يعوضها الله بطفلٍ جديد حالة صفحها عن امرأة مُقدر لها مئة عام في السجن، وطبعًا هذا يعني أنها لن ترى النور مرة أخرى، عمومًا، لا تزال الأحداث جارية حتى الآن في هذه القضية ولا يعرف أحد بعد ما الذي يُمكن أن تُسفر عنه الأيام القادمة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

خمسة عشر − 7 =