الحيوانات من أكثر المخلوقات التي يُقدسها الإنسان ويحترمها لكونها العون الأول له في هذه الحياة، فهي التي تمده بالطعام وبعض أنواع الشراب كاللبن مثلًا، لكن هذا لا يمنع بالتأكيد من وجود بعض خرافات الحيوانات التي تأخذ طريقها للانتشار سريعًا وغالبًا ما تكون متسمة بطابع الرعب أو الغموض، تلك الخرافات تُقال للإشارة في المقام الأول إلى أهمية هذه الحيوانات في حياتنا وكونها ركيزة أساسية بها لدرجة أنها قد أصبحت جزءًا من تراثنا وخرافتنا، وبالرغم من ذلك نجد أن البعض لا يعرفون بأشهر هذه الخرافات وأسباب ظهورها، لذلك، دعونا في السطور المُقبلة نتعرف سويًا على أشهر خرافات الحيوانات، وكذلك العصور التي ظهرت بها تلك الخرافات والمغزى من وراء هذه الخرافة، فكما نعرف جميعًا، لكل شيء في حياتنا سبب، فهل أنتم مستعدون الآن لاقتحام عالم خرافات الحيوانات المُدهشة؟ حسنًا، دعونا نبدأ في ذلك.
البشر والحيوانات والخرافات
معنى الخرافة معنى أقل صدقًا من القصة وأكثر تصديقًا من الأسطورة، فبالرغم من أن الثلاثة أنواع المذكورة من إبداع البشر إلا أن درجاتها تتفاوت تمامًا، حيث أن القصة قد تُصدق بينما الخرافة والأسطورة يتأرجحان بين التصديق وعدمه، وإن كان عدم التصديق هو الذي يكون له الغلبة في النهاية لأن وصف الكلمة نفسها، كلمة خرافة، يدل على إبداع شيء لا يُمكن إبداعه، وما لا يُمكن إبداعه لا يُمكن تصديقه بكل تأكيد، لكن في النهاية كان على البشر إيجاد أشياء يُمكن من خلالها خلق عنصر التسلية، فإذا لم تتواجد أحداث حقيقية يُمكن الإخبار بها والتحدث عنها فإن الحل الوحيد سوف يكمن في ابتداع شيء غير حقيقي من أجل إمضاء الوقت، ومن هنا جاءت الخرافات، والتي تنوعت مواضيعها حتى طالت في النهاية مخلوق هام جدًا في حياتنا، وهو الحيوان.
أشهر خرافات الحيوانات
خرافات الحيوانات تكثر بالطبع عندما تكون البيئة التي تبتدع تلك الخرافات بيئة قريبة من الحيوانات، ولهذا نجد أن قارة أفريقيا وأدغالها أكبر مصدر لمثل هذه النوعية من الخرافات، ومع هذا النتاج الغزير سوف نكتفي فقط بذكر الأشهر والأكثر انتشارًا، ولتكن البداية مع خرافة القطط والبشر الشهيرة.
خرافة القطط والبشر
من أشهر خرافات الحيوانات التي ظهرت في العصور القديمة واحتلت مكانة كبيرة جدًا خرافة القطط والبشر، تلك الخرافة التي تحكي لنا بصورة مُدهشة كيف تمكن البشر من جعل القطط أصدقاء لهم، فلكم أن تتخيلوا مثلًا بأن القطة قد تُعطي الأمان لإنسان ولا تُعطيه لفأر صغير، وهذا بالطبع لا يرجع إلى خوفها من الفأر وعدم خوفها من الإنسان، وإنما هي فقط تمنح الأمان للإنسان وتشعر أنه لن يُفكر أبدًا في أذيتها، حيث تقول الخرافة أن علاقة الثقة هذه لم تنشأ أبدًا من فراغ، وإنما ثمة قصة خلفها سوف تبدو للبعض منكم مُدهشة وسوف تبدو للبعض الآخر مُدهشة ومُضحكة في نفس الوقت، وتبدأ تلك الخرفة العصية التصنيف بأول قط تواجه على الأرض وسعيه لاختيار صديق له.
أخذ القط الأول يبحث عن مخلوق يُمكنه أن يعتبره صديقًا لها ويجعل أسراره معه ويُرافقه إن جاز التعبير، وطبعًا ذلك المخلوق يجب أن يكون نوع آخر بخلاف القطط أنفسهم، وتدور الخرافة التي تقول بأن القط اختار الزرافة ثم عندما قتل الأسد الزرافة أصبح القط صديقًا للأسد وبعد أن قتل الفيل الأسد أصبح القط صديقًا للفيل، وعندما قتل رجل فيل بقضيب حاد أدرك القط أن صديقه يجب أن يكون أقوى مخلوق على هذه الأرض، وهو الإنسان، ولذلك أصبح صديقه وأصبح يُعطيه الأمان دائمًا، أو هكذا تقول الخرافة.
خرافة الأسد المُخلص
خرافات الحيوانات لا تتوقف، فهناك أيضًا خرافة أخرى نشأت في العصر الروماني العتيق، وتقول تلك الخرافة أنه كان ثمة عبد أسود يعمل عند مالك روماني مهووس بتعذيبه، لذلك في يومٍ من الأيام ضاق العبد ذرعًا وقرر الهرب من ذلك الجحيم، وفي طريقه للهرب تاه ودخل في غابة مليئة بالأسود، لكن من حسن حظه أن أول أسد قابله في طريقه كان مجرد أسد جريح يُعاني من شوكة في بطنه، وطبعًا كان على صاحبنا الركض بعيدًا عن الغابة ومتابعة طريقه في الهرب، لكنه فكر في معاناة ذلك الأسد وقرر مساعدته وإخراج الشوكة منه، إلى هنا يُمكننا القول أن حياة العبد قد بدأت بعد هربه وإعطاءه كذلك حياة جديدة للأسد، لكن ما حدث أن العبد وقع في يد سيده الذي قرر معاقبته بأسوأ عقاب ممكن.
العقاب الذي اختاره السيد للعبد كان عقابًا مُتبعًا في هذه الفترة بشدة، حيثُ كان يؤتى بالمخالف لتعاليم سيده ويتم وضعه داخل قفص مُغلق مع أسد كي يُصبح طعامًا له، وبالفعل تم وضع العبد داخل القفص وتم جلب الأسد، لكن المفاجأة أن الأسد الذي كان يستعد لالتهام ضحيته كان هو نفس الأسد الذي ساعده العبد في الغابة، ولهذا فإن ردة الفعل المتوقعة هو ترك الأسد للعبد دون أن يقترب منه، وبهذا كُتب النهاية السعيدة لهذه الخرافة، إلا أن الواقع يقول أن الأسد عندما يكون جائعًا فإنه لا يُفكر في ضحيته بقدر ما يُفكر في سد جوعه.
خرافة الضباع المُقلّدة
هناك خرافة أخرى تقول إن حيوان الضبع الشهير كان يمتلك قديمًا واحدة من المميزات التي ما أن يتوافر عليها أي مخلوق آخر حتى تُصبح حياته أفضل مما كانت عليه بكثير، تلك الميزة ببساطة هي ميزة التقليد، وتحديدًا تقليد الأصوات، فمن خلال هذه الميزة الرائعة تمكنت الطباع من اصطياد ضحاياها وجذبهم إلى أماكن يُمكن فيها الاختلاء بهم، لكن الأمر المُبالغ فيه أن الضباع، حسبما تقول الخرافة، كانت تمتلك كذلك ميزة تقليد صوت الإنسان، تخيلوا أن يسمع شخص ما في مكان مُظلم شخص آخر يُنادي عليه ثم عندما يذهب لرؤية ذلك الشخص يجد أنه مجرد ضبع يُمارس الألاعيب معه!
انتشرت تلك الخرافة انتشارًا كبيرًا وخصوصًا مع الغموض الذي يتمتع به حيوان الضبع، فهو من الحيوانات نادرة التصنيف وندرة الظهور أيضًا على الرغم من أن الإحصائيات تقول إنه ثمة أعداد كبير جدًا منها، عمومًا، هذه الخرافة ربما خرجت للنيل من ذلك الغموض الذي ينعم به الضبع، لكنها وجدت طريقها مُمهدًا جدًا نحو التصديق كما ذكرنا، مثلما هو الحال بشكل عام مع باقي خرافات الحيوانات التي يغلب عليها طابع الغرابة.
خرافة الدببة المُشَكلة، خرافة ساذجة
كذلك من ضمن الخرافات التي حظيت بانتشار كبير ضمن مجموعة كبيرة من خرافات الحيوانات تلك الخرافة التي تتعلق بالدببة وقيام أمهاتهم بتشكيلهم، وبداية تلك الخرافة تقول أن الأم تلد عندما يأتي فصل الشتاء، بحيث أنها تُقلل من الخروج فيكون لديها مُتسع يسمح بالولادة، بعد ذلك تبدأ في إفراز قطع لحم صغيرة غير مُشكلّة، وقطع اللحم هذه لا تأخذ أبدًا شكل الدببة، أو على الأقل حتى هذا الوقت، وهو الذي تبدأ فيه الأم بمداعبة الأطفال بلسانهم، وهنا فقط تتشكل الدببة وتأخذ نفس الشكل الذي تتواجد عليه الآن ونراها به، إنه في الأساس الشكل الطبيعي الذي تُولد به، لكن الأمر خرافة كما ذكرنا.
خرافة الدببة جاءت من الاندهاش أصلًا من شكل الدببة، فهي بالنسبة للبعض مخلوقات غريبة نظرًا لكونها تأخذ وضع الوقوف الشاذ عن بقية الحيوانات، وأيضًا لأنها تعيش في مُختلف الأجواء، كما أنه من النادر جدًا ظهورها في البيئات العادية مثل حيوانات أخرى نادرة لكن يُمكن لأي أحد رؤيتها، لكن إذا ما سألت عن عدد الأشخاص الذين رأوا الدببة فإنك ستفاجأ من إجابة هذا السؤال بكل تأكيد لأنه عدد بسيط جدًا مُقارنةً مع شهرة الدب الكبيرة.
خرافة الأسد الوحيد، خرافة من أجل القوة والضعف
خرافات الحيوانات لا تتوقف عند ما ذكرناه، فهناك أشخاص مهمتهم الأصلية هي الجلوس والتفكير في الخروج بخرافات تصلح كي تُقال للحيوانات، ومن ضمن هذه الخرافات مثلًا خرافات الأسد الوحيد التي تتحدث عن وجود أسد قديمًا كان ينشغل بأكل الحيوانات فقط بالغابة التي تركها له والده، أجل كما تسمعون تمامًا، تقول الخرافة أن أسد كبير ورّث الغابة لأسد آخر صغير وأوصاه قبل موته بأن يُحافظ على بقاء الحيوانات في الغابة من أجل وجود شيء يُمكن أن يحكمه فيما بعد، لكن الأسد ولي العهد لم يقتنع بهذه الخرافة وأخذ يُحاول سد جوعه من خلال اصطياد الحيوانات من الغابة واحدًا تلو الآخر حتى انتهى الأمر بالكارثة التي حذره والده منها.
لم يعد الأسد الصغر يجد شيء ليأكله في الغابة التي التهم تقريبًا كل الحيوانات الموجودة بها، فهم على الأقل كانوا يعيشون ويتزوجون ليُنجبوا له حيوانات صغيرة يُمكن أن تصلح فيما بعد للأكل، لكن الآن تغير كل هذا وأصبح وحيدًا في غابته حتى مات من الجوع، ولذلك سُميت الخرافة باسم خرافة الأسد الوحيد.
خرافة الذئب المُذنب، خرافة تحولت إلى وقائع
قديمًا خرجت خرافة مفادها أن ذئب تسبب بطريقةٍ أو بأخرى في قتل إنسان، وهذا بالطبع أمر منطقي ووارد الحدوث جدًا لأن الذئاب حيوانات ماكرة بطبعها، كما أنها تمتلك فك يُمكنها من القتل بسهولة، لكن الخرافة ليست في قتل الذئب للإنسان، فقد اتفقنا للتو أنه أمر عادي، الخرافة الحقيقية في تصرف البشر في هذا التوقيت، حيث أنهم لم يقتلوا الذئب بسبب قتله للإنسان، وإنما اقتادوه إلى محاكمة حقيقية كتلك التي تُقام للبشر، وهناك تم التحقيق معه لفترة طويلة حتى خرج الحكم في النهاية بأن الذئب مُذنب ويستحق الموت حرقًا، وبالفعل تم تنفيذ الحكم، ولا يعرف أحد بعد كيف جرى هذا الأمر وما الذي استندوا عليه في كون الذئب مذنب أو بريء، وكيف أصلًا تمكنوا من التواصل معه.
فيما بعد صدق البشر خرافتهم وأصبحوا بالفعل يُحاكمون الحيوانات عندما تُخطئ وترتكب أي ذنب، وقد ثبت أنه في مطلع القرن العشرين كان ثمة فيل في الولايات المُتحدة الأمريكية يؤدي عرض في السرك مع المُدرب الخاص به، وقد أخطأ ذلك الفيل في أحد حركاته فتسبب في موت المُدرب، حدث ذلك أمام مئات المُتفرجين، أو الذين تم اعتبارهم فيما بعد شهود على الواقعة، والحقيقة أن المُخزي في الأمر أن المُحكمة قد نُصبت سريعًا لذلك الفيل وتم اتهامه بالتعمد في قتل هذا الإنسان! تخيلوا أن حيوان يُحاسب وكأن له عقل!، ثم جاءت النهاية المجنونة لتتماشى مع هذه العقول المجنونة التي صدقت خرافة أكثر جنونًا، تلك النهاية ببساطة هي إعدام الفيل!
أضف تعليق