بالرغم من مرور أكثر من ستة عقود على إعدام تيموثي ايفانز إلا أن المملكة البريطانية ما زالت تتذكر تلك الليلة حتى الآن، وذلك لأنها ببساطة شهدت آخر جريمة إعدام في تاريخ البلاد، والواقع أن الظلم الذي تعرض له بطل قصتنا تيموثي كان سببًا مُباشرًا في اعتبار عقوبة الإعدام شر ليس هناك بُد منه، كما أن قصة خداع تيموثي من جاره السفاح كانت سببًا كذلك في اشتهارها، لذلك، دعونا نتعرف سويًا في السطور الآتية على تيموثي ايفانز، وكيف اتُهم في قتل زوجته وأولاده وكيف أصبحت عقوبة إعدامه آخر عقوبة إعدام في تاريخ المملكة البريطانية بأكملها.
تيموثي ايفانز ، تعرّف على مُنهي عقوبة الإعدام
من هو تيموثي ايفانز؟
تيموثي ايفانز هو مواطن ويلزي من مواليد عام 1924، وويلز لمن لا يعرف هي جزء من المملكة المتحدة البريطانية التي تترأسها إنجلترا، وعام 1924 لمن لا يعرف أيضًا هو العام الذي شهد اختفاء بريطانيا من على الساحة العالمية، حيث كانت هناك قوى جديدة تبدأ في الظهور وأخذ مكانها كدول كبرى، وذلك مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية، على كلٍ، كانت بريطانيا ككل في هذا الوقت تبدأ في الخفوت والهدوء، حيث لم تعد محط أنظار العالم كما كانت في السابق، لكن، وبفضل قضية إعدام تيموثي ايفانز، برزت بريطانيا على الساحة العالمية من جديد.
طفولة غير عادية
عاش تيموثي ايفانز طفولة غير عادية بالمرة، ففي اليوم الذي وُلد فيه هاجر والده وتركه مع والدته دون عائل أو دخل يُمكن من خلاله تقضية حياتهما، أما والدته فقد أخذت دورها السيئ في طفولة تيموثي وتركته في سن الخامسة لعمته وذهبت للزواج بشخص آخر، ليُصبح الطفل المسكين بلا أب أو أم قبل أن يبلغ عامه السادس، لكن، ليس هذا كل ما يتعلق بطفولة الطفل العجيبة.
مشاكل حياتيه
أخذت حياة تيموثي ايفانز مُنعطفًا جديدًا بعد خروج والديه منها، فقد بدأت مشاكل بنيته الضعيفة وعقله المحدود تبدأ في الظهور، وأصبح تيموثي يوصف بأنه أغبى طفل في مدرسته، لكن هذا الأمر لم يستمر طويلًا، إذ تم فصله منها في سن العاشرة، ليتعرض لحادثة بقدمه تتسبب في قضائه باقي حياته مُصابًا بالعرج، وقد تأثر تيموثي بالطبع بذلك الأمر، حيث كان يتم رفضه في كل أنواع العمل نظرًا لتلك العاهة التي تمنعه من تأدية أي نوع من الأعمال، وبعيدًا عن ذلك، كان تيموثي يُعرف دائمًا بالولد الكاذب، فقد كان يختلق القصص الكاذبة باستمرار ويُقنع أصدقائه بها، وربما يرجع ذلك الأمر إلى شعوره منذ طفولته بالنقص ورغبته في تعويض ذلك بكل هذا الكم من القصص الكاذبة، عمومًا، سارت بدايات تيموثي ايفانز على نحو سيء جدًا في كافة الأصعدة، لكن الأسوأ من كل ذلك لم يكن قد جاء بعد.
الحياة تبتسم أخيرًا
قبل أن يمر تيموثي ايفانز بالمنعطف الأسوأ بحياته استطاع سرقة عدة بسمات قليلة بعد عامه العشرين، حيث عرّفه صديقه على فتاة جميلة تمكن من إقناعه بحبها والزواج منها، ثم أنجب منها طفلة أجمل بعد عام واحد، وتمكن في نفس الوقت من إيجاد شقة للعيش فيها، كل ذلك حدث في عدة سنوات مُتتابعة، تلك السنوات مرّت على تيموثي كالحلم الجميل، والذي لم يستفق منه إلا عندما أخبرته زوجته بحملها الجديد في نفس اليوم الذي تعرّض فيه للإقصاء من العمل.
للأسوأ من جديد
عادت حياة تيموثي ايفانز لطبيعتها في عام 1949، حيث تعرض ذات ليلة للإقصاء من عمله بحجة عدم التزامه بالتعليمات، وفي نفس الليلة أخبرته زوجته أنها تتأهب لوضع مولودها الجديد، وهو أمر كان من شأنه وضع عدة أثقال على كتف تيموثي، لذلك بدأت المشاكل والخلافات بين الزوجين وتعالت الأصوات حتى سمعها الجيران، والذين تعجبوا من هذا المنعطف الغريب الذي أخته حياة الزوجين الهادئين، لكن كل ذلك لا يهم إذا لم يكن بين هؤلاء الجيران جون كريستي.
جيرة سوداء
كان حظ تيموثي ايفانز السيئ يُلاحقه كظله تمامًا، فالبيت الذي وجد فيه شقة بعد عناء كان يجاوره فيه أحد أشهر سفاحين بريطانيا جون كريستي، والذي لم يكن معروفًا في هذا الوقت بالطبع، إذ كان يبدو ككهل ضعيف مسكين، استطاع خداع كل من حوله وأولهم تيموثي وزوجته، لكنه في الحقيقة لم يكن سوى قاتل مهووس، كان يستغل حديقة المنزل لدفن ضحاياه، والذين قرر كريستي ذات يوم أن تكون زوجة تيموثي وطفلته أحدهم، لذلك نسج خيوطه السامة لذلك الأمر.
استغلال الموقف
تمكن جون كريستي من استغلال العلاقة المتوترة بين تيموثي ايفانز وزوجته، إذ أوهم تيموثي أنه ثمة طبيب يعرفه قادر على إجهاض الطفل سرًا، وللعلم، كانت عمليات الإجهاض مُجرّمة ببريطانيا هذا الوقت، لذلك كان كريستي يُزين لتيموثي الأمر على أنه خدمة منه، فسوف يتخلص له من هذا الطفل العبء وفي نفس الوقت لن يجعله مُرتكبًا لجريمة الإجهاض، وبالطبع وافق تيموثي المسكين على هذا العرض وأقنع زوجته أن تذهب في صباح اليوم التالي إلى كريستي.
وقوع الجريمة
ذهبت زوجة تيموثي ايفانز إلى جون كريستي صباح اليوم التالي، حيث كان تيموثي في مقابلة من أجل العمل وقتها، ولم يستطع كريستي إخفاء نواياه أكثر من ذلك، فقام على الفور باغتصاب زوجة تيموثي وقتلها، ثم ألحق طفلته بها عن طريق الخنق وقام بعدها بتغليف الجثتين ودفنهما في الحديقة، وعند عودة تيموثي وسؤاله عن زوجته أخبر كريستي بكل براءة أن زوجته قد ماتت أثناء عملية الإجهاض، وأن طفلته قد لحقت بها، الغريب أن تيموثي صدّق ذلك، والأغرب أن كريستي استطاع إقناعه أيضًا بالاختفاء كي لا يُتهم في جريمة الإجهاض التي كانت محرمة هذا الوقت كما ذكرنا.
العقل يُفكر
بعد حوالي أسبوع بدأ تيموثي إيفانز التفكير فيما قاله كريستي، فإن كانت زوجته قد ماتت فعلًا عند الإجهاض، فما علاقة الطفلة بذلك؟ وأيضًا جثثهم، أين ذهبت ولماذا لم يُسلمها كريستي له؟ أخذ كريستي يُفكر ويُفكر حتى انتهى إلى إبلاغ الشرطة بالأمر وانتظار ما تُسفر عنه التحقيقات، ولكم أن تتخيلوا ما حدث عندما ذهب تيموثي مع الشرطة إلى منزل كريستي، لقد قال السفاح بأداءٍ مُتقن “من هذا؟ أنا لا أعرفه؟”.
تيموثي إيفانز المظلوم
خلصت الشرطة في النهاية إلى أن تيموثي إيفانز قد قام بقتل زوجته وطفلته، وقد دعم ذلك الشجارات التي كانت بينهما في الفترة الأخيرة وحالة كريستي التي تجعله غير قادر على قتل دجاجة، ليتم بعد ذلك محاكمة تيموثي بتهمة القتل العمد وإعدامه بعدها بأقل من ستة أشهر، أما كريستي فقد استمر على وتيرة الإجرام حتى تم إلقاء القبض عليه ذات مرة واعترافه بكل جرائمه، ومن ضمنها جريمة قتل زوجة تيموثي وطفلته، ليتم تبريئ تيموثي المظلوم بعد موته وتخليد قضيته، وتحت ضغوطات الرأي العام تُلغى عقوبة الإعدام كي لا يتكرر ما حدث مع تيموثي إيفانز، ذلك الرجل المظلوم الذي تسبب في إنهاء عقوبة الإعدام.
أضف تعليق