تسعة مجهول
تايتانك
الرئيسية » الغاز » تايتانك : السفينة الأكثر غموضًا والرحلة المشؤومة عام 1912

تايتانك : السفينة الأكثر غموضًا والرحلة المشؤومة عام 1912

بالتأكيد لا يوجد من لم يسمع عن سفينة تايتانك ، تلك السفينة صاحبة أكثر قصص غرق السفن إثارة وغموضًا، نتعرف على تايتانك وقصتها بالتفصيل.

مر أكثر من قرن كامل على اليوم المشؤوم الذي لاقت فيه سفينة تايتانك مصيرها الكارثي في شمال المحيط الأطلسي الإبحار خلال رحلتها الأولى والأخيرة حيث أصبحت وجهتها هي قاع المحيط في الساعات الأولى من صباح يوم الخامس عشر من إبريل عام 1912.

مات على متن تلك الرحلة بعد غرق السفينة أكثر من 1500 شخص، وعلى مدى عقود تلي غرق السفينة تايتانك ألهم ذلك الحدث الضخم عدد لا نهائي من الكتاب وصناع الأفلام لإحياء تلك القصة من جديد بصور مختلفة ومطورة وبالأخص بعد عام 1985 حيث نجح الغواصون في الوصول لبقايا السفينة الأصلية، ومنذ ذلك الحين وترسخت قصة تايتانك في وعي البشر كواحدة من أعظم الأمثال على غطرسة بني البشر ومدى عواقبها الوخيمة.

تايتانك وغرقها المشؤوم

تصنيع سفينة تايتانك

كانت الباخرة العملاقة نتاجاً لمجهود مشترك من قبل العديد من شركات تصنيع السفن في النصف الأول من القرن العشرين تزعمتهم شركة الخطوط الملاحية البيضاء في ذلك الوقت بغرض النجاح في منافسة شركة كونارد (واحدة من أقوى شركات الملاحة البريطانية في ذلك الوقت والتي كانت تمتلك سفينتين صنفتا عالمياً كأهم السفن وأفضلها على الإطلاق)، في البداية كانت نية الشركة التعاون مع شركة أخرى لإطلاق 3 سفن ضخمة تصل أبعاد كل واحدة إلى 880 قدم طولاً و93 قدم عرضاً في أعرض نقطة على سطح الباخرة وبذلك تكون تلك السفن هي الأكبر حجماً وقدرة على الاستيعاب في ذلك الوقت على مستوى العالم.

إطلاق سفينة تايتانك

في مارس 1909 كانت السفينة الأولى ضمن الثلاثة سفن المتفق عليها قد فرغ العمل منها وبدأ العمل على قدم وساق في إنشاء السفينة الثانية وهي سفينة تايتانك، ولم يتوقف العمل لدقيقة واحدة حتى ربيع عام 1911 وبالتحديد مارس من هذا العام؛ حيث اعتبرت تايتانك في ذلك الوقت أعظم إنجاز بشري وأكبر مركبة قام الإنسان بصنعها على مر التاريخ، وقد تم الإطلاق المبدئي للسفينة في نفس العام وحضره أكثر من 100 ألف شخص الأمر الذي لم يستغرق سوى دقائق معدودة دخلت خلالها تايتانك إلى المياه ثم سحبت مرة أخرى إلى قفص كبير حيث سيقضي الآلاف من العمال أياماً متواصلة من العمل الشاق لتشييد طوابق السفينة والهيكل الداخلي لها وكذلك بناء 29 محرقة فحم ضخمة والتي من المفترض أن توفر الطاقة الكافية لتلك الباخرة العملاقة.

ركاب السفينة

خلقت رحلة سفينة تايتانك عند إطلاقها الكثير من الضجة الإعلامية والصحفية حول السفينة الأضخم عالمياً والتي وصفت بأنها غير قابلة للغرق بتاتاً، ففي 10 إبريل عام 1912 انطلقت تايتانك من مدينة ساوثمبتون في بريطانيا في رحلتها الأولى التي ضمت عدة محطات وهي فرنسا وكوبا وأيرلندا متجهة بشكل نهائي إلى نيويورك بحمولة تصل إلى أكثر من 2200 راكباً على ظهر السفينة. ولتتناسب عظمة سفينة تايتانك مع عظمة راكبيها ضمت السفينة على متن رحلتها العديد من الأثرياء ورجال الصناعة وأباطرة السياسة وكذلك مصمم السفينة والمهندس المسئول عن تنفيذ التصميم؛ وعلى ذلك قسمت السفينة إلى 3 درجات:

  • الطبقة الأولى وتضم الأثرياء وأبرز رجال السياسة.
  • الطبقة الثانية وتضم السياح والصحفيين وأساتذة الجامعات، وعلى الرغم من أنها الثانية في الترتيب إلا أن مستوى خدمة الركاب فيها كان يضاهي خدمات الدرجة الأولى في بقية السفن.
  • الطبقة الثالثة والتي ضمت الشريحة الأكبر من الركاب والتي تعود بنسبة الربح الأكبر للشركة المالكة، كما هو الحال في الطبقة الثانية حظيت تلك الطبقة بمستوى خدمات مرتفع نسبياً مقارنة بغيرها من السفن.

عوامل غرق سفينة تايتانك

دفع التصميم المبهر لسفينة تايتانك الكثير من الصحف بوصفها إنجاز فني غير مسبوق، احتوت تايتانك على الكثير من الطوابق السفلية والتي زودت بأبواب عازلة للمياه تعمل بالكهرباء بشكل يدوي أو بواسطة ذراع التحكم الآلي؛ كل تلك المميزات دفعت إحدى المجلات العالمية آنذاك بوصفها السفينة الغير قابلة للغرق أبداً. لكن تلك الأبواب العازلة بالرغم من دقة صنعها إلا أنها احتوت خللاً كان من العوامل الهامة في غرق السفينة حيث أن تسرب المياه من خلال إحدى الأبواب سيؤدي على الفور إلى انتقالها لكافة الطوابق والغرف الأخرى بسبب عدم وجود حواجز فاصلة فيما بينها وهو عكس الشائع في السفن العملاقة في ذلك الوقت. فلو كانت الشركة المصنعة ألقت نظرة خاطفة على تصميم سفن الشركات المنافسة لها لربما منع ذلك تايتانك من الغرق.

من العوامل الهامة أيضاً التي ساهمت في جعل غرق السفينة كارثة بشرية هو قلة عدد زوارق النجاة على متن تايتانك، فقد بلغ عدد قوارب النجاة 16 قارباً فقط بطاقة استيعابية لا تتسع لكافة ركاب السفينة وطاقم الإبحار والعمال وغيرهم ممن كانوا على متنها، فقد كانت سعة تلك الزوارق حوالي 1200 شخصاً فقط بينما بلغ عدد ركاب السفينة 2435 راكباً بالإضافة إلى 900 شخص تقريباً ضمن طاقم الإبحار عليها مما يجعل حمولة السفينة ترتفع إلى 3300 شخص، فمع تلك الحمولة الكبيرة حتى إذا كنت امتلأت قوارب النجاة على آخرها بالأشخاص فلن تكفي سوى ثلث الركاب الموجودين.

أثناء إبحار سفينة تايتانك من محطتها الأولى تم اكتشاف حريق صغير لكمية من الفحم المشتعل والذي لم يكن معهوداً في ذلك الوقت أثناء إبحار السفن العملاقة مما دفع عمال الفحم إلى إزاحته جانباً بشكل عاجل للوصول لمصدر الحريق، وعندما وصل المهندس المشرف ليتابع الحريق بنفسه رأى أن الأمر لا يستحق العودة للميناء مرة أخرى (رغبة منه في إنجاح الرحلة الغير مسبوقة) وأمر العمال بمتابعة العمل على إخماد الحريق وإبعاد كمية الفحم المتبقية حتى لا تتأذى جراء النيران المشتعلة.

غرق سفينة تايتانك

بالطبع كل العوامل السابقة جعلت من غرق سفينة تايتانك كارثة بشتى المقاييس، ولكن السبب الأول والرئيسي في غرق السفينة هو ارتطامها بقمة جبل جليدي بعد مرور أربعة أيام فقط على انطلاقها؛ ففي يوم 14 إبريل وبالتحديد في الساعة الحادية عشر والنصف ليلاً كانت قد وردت عدة تقارير عبر جهاز الاتصال اللاسلكي من سفن أخرى مبحرة في نفس الطريق تفيد بوجود جبل جليدي أعاق إبحارهم واضطروا لتعديل مسار الرحلة بسببه، لكن الجو الهادئ والسماء الصافية التي كانت تسود الرحلة هو ما بدد قلق طاقة السفينة وجعلهم يكملون طريقهم غير آبهين بالتحذيرات القادمة. ولكن عند رؤية الملاحظ لقمة الجبل الجليدي من على بعد قام على الفور بدق جرس التحذير مما دفع البحارة بتعديل مسار السفينة بسرعة شديدة لتفادي الاصطدام ولكن بقدر ما تمكنت مقدمة السفينة من الإفلات لم ينجو جانب السفينة المختبئ تحت الماء منه؛ حيث أحدثت حافة الجبل الجليدي شرخاً بطول 300 قدم في جدار السفينة مما أدى لامتلاء 5 أقسام كاملة بالماء مما جعل غرق السفينة مسألة وقت لا أكثر.

قام المهندس المسئول عن السفينة بحسابات سريعة أفضت به إلى أن تايتانك يتبقى لها حوالي ساعة ونصف فقط قبل أن تغرق بشكل كامل تحت الماء مما دفع به على الفور بطلب الاستغاثة عبر جهاز الاتصال اللاسلكي وإطلاق الأوامر باستخدام قوارب النجاة.

الاستخدام غير العادل لقوارب النجاة

كما تم شرحه من قبل فإن قوارب النجاة الموجودة على السفينة لم تكن كافية للعدد الهائل من الناس، ولكن ما زاد الطين بلة هو أن الانقسام الطبقي والاجتماعي الموجود على السفينة مع الفوضى العارمة التي حدثت بعد معرفة الجميع بالارتطام أفلتت السيطرة من يد الطاقم على عملية تعبئة القوارب؛ فقارب النجاة الواحد كان مجهزاً لحمل 65 راكب ولكن القوارب الأولى التي غادرت لم تحوي سوى 30 راكباً فقط أو أقل.

عمرو عطية

طالب بكلية الطب، يهوى كتابة المقالات و القصص القصيرة و الروايات.

أضف تعليق

20 + خمسة =