عند يحر سارجاسو، لا صوت يعلو فوق صوت الغرابة والخطر، فكل ما هناك يبعث على الاندهاش أو الخوف، بدايةً من عدم وجود شاطئ له، مرورًا بالأسماك والكائنات الغريبة المتواجدة في جوفه، والتي جعلت اسم بحر سارجاسو يقترن دائمًا بالخوف والهلع، لكن، كل هذا لا يمنع من كون البحر بكل هذه الغرابة قطعة فنية نادرة، لا يتواجد أي مثيل لها، ولكي لا نُطيل في الأمر دعونا ندخل في موضوعنا مباشرة ونذكر بالتفصيل في السطور الآتية كل شيء عن بحر سارجاسو الخطير ومكمن تلك الخطورة والآثار التي ترتبت على طبيعته الغريبة تلك.
بحر سارجاسو الأخطر في العالم
بحر سارجاسو
يعد بحر سارجاسو جزء أصيل من المحيط الأطلسي، حيث تحوطه مياهه من كل الاتجاهات تقريبًا، ويقع البحر على شكل بيضاوي يمتد طوله إلى ثلاثة آلاف ميل، بينما يبلغ عرضه ما يقترب من سبعمائة ميل، لذلك هو أكبر بكثير من أغلب الجزر الموجودة، ويرجح ذلك امتداده الذي يبدأ من 40 وينتهي بسبعين درجه مئوية، وكل هذا الأوصاف تأخذ في النهاية شكل أقرب إلى عقارب الساعة، أما عن حدوده فإلى شماله يقع مثلث برمودا، وهو بالطبع غني عن التعريف، وأما الغرب ففيه يقع الخليج الغريب ستريم، والأهم من كل ذلك، أو الشيء الذي أكسب بحر سارجاسو كل هذه الأهمية، هو أنه لا يحتوي على أي سواحل أو شواطئ.
اكتشاف بحر سارجاسو
تم اكتشاف بحر سارجاسو على يد المُكتشف الشهير كولومبوس، وفي الواقع كان هذا الاكتشاف كالعادة عن طريق الصدفة، ففقد كان كولومبوس بالقرب من المنطقة ومر بالمصادفة من أمام هذا البحر، وكلما توهم أنه يقترب من الشاطئ خاب ذلك التوهم واكتشف أنه لا وجود له الآن، وهكذا على ذلك الحال حتى توصل في النهاية يملك سرًا عجيبًا وأنه بلا شاطئ أو ساحل مثل باقي البحار.
البحر الميت
اشتهر بحر سارجاسو منذ اكتشافه بالبحر الميت، وربما يكون ذلك بسبب الهدوء الشديد الذي يعم كل جزء في هذا البحر أو طبيعته كمُغتال للسفن ومُسقط للأموات، ولذلك أطلق عليه البحارة على مرّ العصور عدة ألقاب، منها البحر الميت، مقبر الأطلسي، بحر الرعب، كما أنه بخلاف كل ذلك يُعد المنطقة الأشهر في حيز برمودا العجيب، لذلك لم يكن غريبًا أبدًا أن يأخذ بعضًا من صفاته وخصائصه.
مدافن السفن
هناك الكثير من الاختلافات في وجهة النظر حول بحر سارجاسو وما يتواجد في قاعه، لكن كل وجهات النظر تلك اتفقت على أن هذا البحر كان على مدار تاريخه أشبه بمدافن مائية للسفن، فقد اختفت فيه ما يقرُب من مئة ألف سفينة منذ بدء الخليقة، جميعهم كانت نهايتهم عند حدود هذا البحر، لكن لا أحد يعرف ما حدث لهم بعد ذلك وما تعرضوا له وأدى إلى اختفائهم.
تفسيرات الاختفاء
كما أسلفنا، منذ اكتشاف هذا البحر تعرضت الكثير من السفن للاختفاء في ظروف غريبة، أغلبها لم يتم الجزم بأسبابه حتى الآن، لكن ثمة بعض التفسيرات التي خرجت وقامت بمحاولة خلق أسباب قريبة من الحقيقة للاختفاء، منها مثلًا أنه في قاع بحر سارجاسو ثمة بعض الكائنات الأسطورية، والتي لم نسمع عنها سوى في الأساطير والقصص المرعبة، تلك الكائنات مسئولة عن إعاقة أي سفينة ومنعها من المرور بأي ثمن، ولذلك تحدث عملية الاختفاء التي أشرنا إليها، والتي غالبًا لا تترك أي دليل خلفها يصلح للاختفاء، لكن، من ضمن هذه الحيوانات الغريبة الشهيرة ابياض الثعابين.
بحر سارجاسو وأبياض الثعابين
هناك نوع من الثعابين يُسمى بأبياض الثعابين البحرية، لكنه في الحقيقة يختلف عن الثعابين التي نعرفها تمامًا، فهو أكثر افتراسًا ووحشية من الثعابين العادية، لكن ليس هذا بالطبع ما يُميزه عن باقي الثعابين، بل طريقته التي يستخدمها في التكاثر والإنجاب، وهي ببساطة تعتمد على الهجرة إلى مكان معين في بحر سارجاسو الواسع ووضع البيض فيه، ثم تعاود أدراجها من جديد ولا تزور نفس المكان مرة أخرى إلى بعد الفقس، والسر في طريقة التكاثر الغريبة تلك غير معلوم حتى الآن، إلا أنه من المرجح أن يكون بسبب احتواء هذا الجزء على مياه من نوع غريب تُسهم في عملية الفقس، وبالتأكيد لن يكون ذلك السبب مستبعدًا في بحر سارجاسو المملوء بالغرابة.
رحلة لم تكتمل
خرجت الولايات المتحدة الأمريكية برحلة عام 1954 متوجهة إلى بحر سارجاسو، وقد كان من المفترض أن تصل الرحلة التي على متنها مئات العلماء في غضون ثلاثة أيام، وبالطبع كان هذا العدد الكبير من العلماء مُخصص لاستكشاف ودراسة كل شيء يتعلق ببحر سارجاسو عن قرب، لكن، بعد خمسة أيام، انقطع الاتصال فجأة بين الرحلة ومركز القيادة، انقطع إلى الأبد تحديدًا، لأنه حتى الآن لا يعرف أحد ما الذي حدث لتلك الرحلة وما هو المصير التي واجهتها، حتى مجرد الأثر لم يتم العثور عليه، لتُكتب بذلك سطور لغز جديد من ألغاز بحر سارجاسو الخطير.
رحلات أخرى
بعد رحلة الولايات المتحدة الأمريكية إلى بحر سارجاسو خرجت الكثير من الرحلات مُتحدية المصير التي واجهته تلك الرحلة، لكن للغرابة كانت جميع الرحلات تلقى نفس المصير تقريبًا، اختفاء السفينة دون وجود أي أثر لها، وقد فتح ذلك الأمر بابًا للخرافات والأساطير مما دفع البعض إلى القول بأنه ثمة كائنات غريبة عن عالمنا تسكن ذلك البحر الغريب، وأنها مسئولة مسئولية كاملة عن حراسته ومنع أي شيء من الوصول إليه واكتشاف أسراره، لكن كما أسلفنا، كل هذا الأقاويل كانت محض أساطير لا أساس لها من الصحة، وذلك لسببٍ بسيط هو أن اليابان تمكنت من اجتياز هذا البحر وجمع بقايا السفن المحطمة منه.
اليابان والبحث عن السفن
نجحت دولة اليابان في السنوات العشر الأخيرة في مهمة البحث عن بقايا السفن في أعماق بحر سارجاسو الغريب، وقد قيل إنه قد تم العثور بواسطة الغواصات وآلات البحث الحديثة على ما لا يقل عن مئة حطام لسفن مختلفة، منها القديم ومنها الحديث الذي لم يمرّ على إنشائه أكثر من قرن، وهذا بالطبع يؤكد على الاسم الشائع لهذا البحر وهو مقبرة السفن، وبهذه الطريقة يمكن الجزم أيضًا أن بحر سارجاسو لا يزال يحوي الكثير من الأسرار والغرائب التي تدل على كونه أغرب البحار الموجودة في العالم.
هجرة بحر سارجاسو
على الرغم من كسر اليابان اللعنة أو الخرافات التي كانت تُثار حول بحر سارجاسو لجأ بعض البحارة في الفترة الأخيرة تجنب كل شيء يتعلق بهذا البحر الغريب، فقد أخذت الرحلة تقل شيئًا فشيئًا حتى أصبحت شبه مُنعدمة، كذلك توقفت عمليات البحث عن بقايا السفن بعد اكتشاف عدم جدوى هذا الأمر، وأخيرًا صدرت بعض القرارات الفردية من جانب بعض الدول بتجريم الإبحار داخل أو بالقرب من بحر سارجاسو، ولا أحد يعلم حتى الآن هل ساعدت هذه القرارات في نهاية أسطورة بحر سارجاسو أم أنها كانت سببًا كبيرًا في كثرة الأقاويل حوله!، الشيء الوحيد المؤكد أن بحر سارجاسو استطاع بطريقته الخاصة اقتطاع جزء كبير من التاريخ البحري لنفسه.
أضف تعليق