في الآونة الأخيرة، أصبح الموت أثناء المشاهدة أمر شبه طبيعي، وخاصةً المشاهدة التي ترتبط بأفلام الرعب، فبالرغم من أن الإنسان قد يكون جالسًا في السينما أو في البيت أمام التلفاز إلا أنه قد يسقط جثة هامدة فجأة وبدون أي مُقدمات، أو بمعنى أدق، بدون أي شيء يستدعي ذلك سوى مشهد عابر مر على الشاشة أثناء المشاهدة، والواقع أن الاستهتار بمثل هذه الأمور لم يعد أمرًا مقبولًا، لأن المفاجأة أو الصدمة التي قد يُسببها مشهد الرعب المفاجئ في فيلم ما قد تؤدي إلى إيقاف القلب فعلًا، وسوف نذكر في السطور الآتية أهم الأمثلة والحوادث المُتعلقة بهذا الأمر.
ما هو مصطلح الموت أثناء المشاهدة؟
الموت أثناء المشاهدة
المقصود بالموت أثناء المشاهدة هو أن يُقدم شخص سليم مئة بالمئة على سماع فيلم أو مادة مُصورة في سينما أو البيت أمام التلفاز، وفجأة، وأثناء تلك المشاهدة العادية، يسقط الشخص ميتًا دون تدخل أي عنصر خارجي بخلاف الفيلم، والشرط أيضًا في اعتبار مثل هذه الحالات ضمن وقائع الموت أثناء المشاهدة أن يُبرز التقرير الطبي للوفاة حدوث توقف مفاجئ لعضلات القلب، حيث أن الوفاة الطبيعية لا تندرج تحت هذا الأمر، ويُتثنى أيضًا من ذلك المرضى المُصابين بأمراض في القلب أو غيرها من الأمراض الخطيرة، إذ أنهم يكونون مؤهلين بالفعل للموت في أقل شيء وبأبسط الأسباب.
حالات الموت أثناء المُشاهدة
سجلت السينما والبيوت حالات كثيرة لظاهرة الموت أثناء المشاهدة، وقد تنوعت تلك الحالات وتفرقت بين عدة دول منها الولايات المتحدة الأمريكية والهند وتايوان، وهذه الدول بالمناسبة هي الأكثر من حيث كميات الأفلام المعروضة، لذلك من الطبيعي جدًا أن تكون الحالات النادرة لهذه الظاهرة قد وقعت فيها.
تاميل نادو، أولى الحالات في الهند
شهدت الهند مطلع العام 2015 أولى حالات الموت أثناء المشاهدة داخل الهند، هذا بالرغم من كون الفيلم الذي تسبب في الوفاة ليس هنديًا بالمرة، لكن بطل قصتنا ذو الست وخمسين عام، تاميل نادو، والذي يُعد اسمه بالمناسبة اسم لأكبر الأقاليم الواقعة جنوب الهند، لم يتحمل مشاهدة أكثر من نصف ساعة من فيلم بريطاني ينتمي لنوعية أفلام الرعب، حيث سقط بسكتة قلبية مفاجئة نُقل على إثرها للمستشفى بعد أن فارق الحياة في الطريق، وقد أثبتت الفحوصات والتقارير أن تاميل نادو لم يكن يُعاني من أي مشاكل في القلب قبل دخول السينما.
انطوني سميث، ضحية سينما نيوزلندا
في عام 2010، وفي بلد أسيوية أخرى، كان الشاب، ذو السبعة وعشرين عامًا، انطوني سميث، على موعد مع تسجيل حالة أخرى من حالات الموت أثناء المشاهدة.
كان الفيلم ينتمي إلى نوعية أفلام الرعب أيضًا، وكان انطوني قد تجهز لمشاهدة الفيلم وقطع التذاكر له ولأصدقائه، لكنه فجأة، وبلا أي مُقدمات، مات أثناء المشاهدة، والغريب أن أحدًا ما لم يشعر بذلك، ولا حتى أصدقائه، والذين لم يكتشفوا الأمر إلا بعد إضاءة الأنوار وانتهاء الفيلم، وبالطبع أنتم تتوقعون كيف كان الأمر صادمًا بالنسبة للحضور جميعًا، لكن الأكثر صدمة ودهشة هو أن شخص آخر في نفس السينما كان قد لقي حتفه أيضًا، ليتأكد الجميع أن الأمر لم يكن مُصادفة بالمرة، وأن ثمة حالة جديدة من حالات الموت أثناء المشاهدة قد حدثت.
ضحية تايوان والمشاهد العنيفة
لم تسلم تايوان كذلك من ظاهرة الموت أثناء المشاهدة، فبالرغم من أن الضحية هذه المرة كانت لا تتجاوز الأربعين من عمرها، وأن الفيلم يكن ينتمي لنوعية الرعب، إلا أن ذلك لم يمنع من وقوع المأساة.
كان ديف نوري يجلس كعادته يُشاهد فيلم السهرة الجديد، وكان كما يُقال يعاني من بعض العقد النفسية والخوف الشديد المبالغ فيه، لذلك لم يتحمل ديف رؤية المشاهد العنيفة التي كانت تحتوي على عمليات قتل وتشويه، ومن حسن حظ ديف أنه لم يمت فور مشاهدة الفيلم وإنما شعر بشبه انقباض لعضلة القلب نُقل على إثره إلى المستشفى، حيث قضى هناك إحدى عشر يومًا ليُسجل بذلك أول حالة لظاهرة الموت أثناء المشاهدة بتايوان، وأول حالة كذلك تتأخر في الوفاة، حيث لم يمت ديف في السينما وإنما استمر داخل المستشفى إحدى عشر يومًا كما ذكرنا.
حالات الولايات المتحدة الأمريكية
بطبيعة الحال، وبما أن الولايات المتحدة الأمريكية هي أكثر الدول امتلاكًا للسينمات وعرضًا للأفلام فإنها كذلك تُعد الأكثر من حيث حالات الموت أثناء المشاهدة، حيث سجلت خلال السنوات العشر الأخيرة فقط أكثر من ثلاثة وعشرين حاله، أغلبها لأشخاص تجاوزوا الأربعين من عمرهم، وغالبًا أيضًا ما يكونوا غير حاملين لأمراض تتعلق بالقلب أو غيره، وربما هذا ما يُقلق في الأمر ويجعله أشبه بكابوس يتمنى الجميع إيجاد حلول جذرية له، لكن قبل الحلول لابد بالطبع من التعرّف على الأسباب المنطقية لحدوث ظاهرة مثل هذه.
لماذا يحدث ذلك؟
قد يسأل البعض سؤالًا منطقيًا بعض الشيء، وهو يتعلق بشكل أو بآخر بالأسباب التي قد تجعل شخص يُشاهد التلفاز أو يجلس في السينما يسقط مغشيًا عليه، والواقع أن الأمر كله يتعلق بالقلب، إذ أن طبيعة القلب هي الدق والانقباض والانبساط الغير مُتعسر، لكن، تحدث في بعض الأحيان أن يتوقف القلب عن الدق أو أن ينقبض دون أن ينبسط، وهنا تحديدًا تقع الوفاة، ويكون السبب غالبًا أزمة قلبية مُفاجئة.
يقول الأطباء أن الموت أثناء المشاهدة يكون حاضرًا عند رؤية مشهد غير مألوف شكلًا ومضمونًا، مما ينتج عنه مفاجأة مروعة، هذه المفاجأة نُسميها نحن الخوف، أما القلب، فلا يُسميها ولا يتقبلها من الأساس، لأنه ببساطة تعود على الانتظام في حركاته وسكناته، لذلك، قبل أن يُراجع العقل، يُصدر أمرًا بالتوقف، وهنا تحدث الأزمة القلبية التي تقود غالبًا للموت.
حلول منطقية
هناك بعض الحلول المنطقية التي وضعت من أجل الحد من ظاهرة الموت أثناء المشاهدة، منها مثلًا منع كبار السن والأطفال من مشاهدة الأفلام التي تنتمي لنوعية الرعب أو الإثارة، وذلك لأنهم هم الأكثر عرضة لأزمات القلب وغيرها من الحوادث المفاجئة التي قد تؤدي إلى إيقاف القلب، وبالتأكيد ليس جميعهم مُعرّض لأزمات القلب، وإنما نحن نقول أنهم الأكثر قابلية لمثل هذه الأمور، وإن كان المادة التي تُقدم حاليًا قادرة على إيقاف أي قلب مهما كانت قوته، أما ما يتعلق بالمرضى والمُعانين أصلًا من أمراض بالقلب فهؤلاء تم تدبير إجراء آخر لهم وطُبق بالفعل.
حماية المرضى
في بعض السينمات الواقعة في الولايات المتحدة الأمريكية، ومن أجل حماية المرضى من ظاهرة الموت أثناء المشاهدة، تم تطبيق نظام طبي يقوم على مُتابعة من يُعانون من أمراض صحية قبل دخولهم السينما، فمثلًا، إذا كان المريض مُهدد بنسبة كبيرة يتم منعه مباشرة من الدخول إلى مكان العرض، أما إذا كان يُعاني من أزمة بسيطة أو مشكلة أخرى بعيدة عن القلب يتم إعطائه بعض المهدئات والمُسكنات حتى يُضمن عدم انفلات قلبه منه، والحقيقة أن تلك الإجراءات وإن كانت هامة إلا أنها في نفس الوقت لا تستطيع منع الموت والأزمة القلبية عند حلولها.
أضف تعليق