ذكرى هي مطربة شهيرة، فنانةٌ أخرى تٌفقد ثمنًا للشهرة والفن، لكن هذه المرة لم تترك لغزًا كبيرًا خلفها عند رحيلها وإنما صعدت روحها مع ثلاثة أرواحٍ أخرى في نفس المكان والدقيقة مخلفين مذبحةً صغيرةً خلفهم، ورغم كون الأمر واضحًا جليًا إلا أنه ما زالت بعض الشكوك الصغيرة تدور حول تلك القصة الدامية تتساءل عن سبب حدوث تلك المذبحة من الأساس والدافع وراء حدوثها، مشيرةً بأصابع الاتهام في بعض الأحيان للفنانة ذكرى أو محولةً أصبع الاتهام تارةً أخرى لزوجها القاتل والمنتحر، فما الحقيقة وما الذي دار بخلد القاتل والضحية في تلك اللحظة؟ لا أحد يعرف ذلك سوى أصحاب الجريمة وضحاياها.
ذكرى : القصة الكاملة لها
ذكرى صغيرة
كانت ذكرى تونسية المولد والمنشأ ترعرعت بين ثمانية إخوة كانت هي أصغرهم وأكثرهم عطفًا وحنانًا وعطاءً، بدأت مشوارها الغنائي من صغرها فصوتها القوي كان مفتاحها لعالم الغناء والفن رغم أن والدتها لم تدعمها أو تشجعها في البداية وكانت معارضةً لفكرة المشوار الغنائي، إلا أن أباها وقف في صفها وساعدها وساندها لتصل إلى ما تريد، وبعد وفاة والدتها ساندتها أمها وإخوتها لحلمها، بدأت الغناء في المدرسة وهي صغيرة وشاركت في عدة مسابقاتٍ غنائية فازت فيها عن جدارة بالجائزة الأولى، فلحظها الملحن عز الدين العياشي وكان هو بداية مشوارها الفني.
حياتها
كانت بداية حياتها وفنها في بلدها تونس وبدأت أعمالها في الازدهار مع ملحنها وخطيبها السابق عبد الرحمن العيادي، ثم انتقلت من تونس إلى سوريا لتعلم الغناء والطرب ومن سوريا إلى المغرب ثم من المغرب إلى ليبيا حيث قابلت الكثير من كبار الفنانين الليبيين وأصدرت العديد من الألبومات باللهجة الليبية حيث اشتهر عنها قدرتها على الغناء بكل اللهجات العربية وإتقانه تمامًا، بعد ليبيا كانت مصر والتي كانت نهايتها فيها رغم أنها كانت بداية انتشار شهرتها في الوطن العربي كله، وكان أكثر ما اشتهرت به هو الغناء الخليجي.
زوجها وقاتلها أيمن السويدي
كان أيمن رجل أعمالٍ كبير اشتهرت أسرته بالأعمال والتجارة في الأدوات الكهربائية، وكان هو ذا شهرةٍ كبيرةٍ في زواجه من مختلف الفنانات والراقصات ويقال أنه قبل زواجه من ذكرى كان متزوجًا من الراقصة هندية حتى كانت ذكرى محطته الخيرة، كان زواجه منها زواجًا عرفيًا في البداية ثم اعترف به وأعلنه رسميًا قبل مقتلهما بفترة، ويُقال أنه كان قد شغف حبًا بذكرى وكان من شدة حبه لها كالأعمى لا يرى أمامه بل إن الحب ولد الغيرة التي أعمته ورجح كثرٌ أنها كانت السبب الرئيسي في الجريمة التي ارتكبها بحقها وبحق نفسه في ذلك اليوم، وقد اعترف الكثيرون ممن كانوا حولهم بأنه كان شديد الغيرة عليها وطلب منها مرارًا ترك عملها والاهتمام بالبيت وأحيانًا كان يطلب منها ألا تعمل ليلًا كما كان يرافقها في كل أسفارها ويرفض سفرها بدونه.
يوم مقتلهما
كما تروي الخادمتان فقد كان ذلك قرب فجر يوم الجمعة في الشقة التي كانت لأيمن في حي الزمالك والتي انتقلت إليها ذكرى حسب الأقوال قبل الحادثة بأشهرٍ قليلة، عندما عاد أيمن السويدي من الخارج ثملًا مخمورًا يرافقه مدير أعماله عمرو حسن صبري والذي قيل أنه لم يكن يختلف عن حالة أيمن في شيء، وكانت ذكرى جالسةً في البيت مع زوجة عمرو والتي كانت مديرة أعمال ذكرى بدورها وهي خديجة صلاح الدين، وكان برفقهما الفنانة كوثر الرمثي المشهورة بقراءة الفنجان للفنانين والتعامل معهم جميعًا كأمٍ لهم ففي ذلك الوقت كانت قد قاربت الستين من عمرها، ومن حسن حظها أن طردها أيمن قبل قيامه بجريمته وإلا لكانت خرجت في ذلك اليوم محمولةً على الأعناق مثلهم.
الحادثة
حسب قول الخادمتان فقد كان أيمن ثملًا ومخمورًا ولا يدري ما يقول ولما دخل البيت ظهر عليه الضيق والاختناق والغضب ثم طلب من كوثر المغادرة لأنه يود الخوض في حديثٍ خاصٍ مع زوجته ويُقال أنه شبه طردها من البيت، وبعد ذلك طلب من الخادمتين التواري في أي غرفة وأن يغلقا الباب على نفسيهما، ثم بدأ الشجار بين ذكرى وأيمن وتعالت الأصوات وانهالت الإهانات والشتائم من جانب أيمن لذكرى والتي لم تسكت على إهانتها فقالوا أن صوتها ملأ حي الزمالك بأكمله تدافع عن نفسها وترد عنها الإهانات، ولم يكن أيمن يعي ولا يدرك ما يقول فبدأ في اتهام ذكرى في أخلاقها وعرضها وشرفها واتهامها بالخيانة والإفصاح لها عن شكه فيها في الفترة الأخيرة، ثم قالت الخادمتان أنهما سمعتا فجأةً صوت إطلاق نارٍ كثيف وكما بدأ فجأة توقف فجأة، وعندما خرجتا كانت أربعة جثثٍ ملقاةً على الأرض وقد تحولت أجسادهم لمصفاةٍ من فرط الرصاص بينما تهالكت جثة أيمن برصاصةٍ وحيدةٍ أطلقها في فمه.
هاني مهني
كان الموسيقار هاني مهني من معارف ذكرى وتربطه بها علاقةٌ وطيدة ومن المصادفات التي حدثت والتي يحكيها أن في ليلة الحادثة كان الأربعة ذكرى وأيمة وعمرو وخديجة في سهرةٍ مرحةٍ معًا، وهاتفته ذكرى تدعوه للحضور والسهر معهم لكنه اعتذر عن الحضور بسبب انشغاله كان ذلك قبل أن تعود ذكرى وخديجة لشقة حي الزمالك قبل عودة أيمن وعمرو بساعتين، عرف بالخبر في السادسة صباحًا فهرع للمكان ليرى الجريمة ورجال الشرطة في كل مكان حيث تم الإبلاغ عن الحادث من كل من سمعوا إطلاق النار الكثيف في ذلك الوقت، وكان هاني من أول من نفوا الاتهامات التي توجهت لذكرى بأنها من دفعت زوجها لقتلها لأنه خانته ليقول بأنها كانت أعلى خلقًا من ذلك ونفى كون الجريمة مرتكبةً بسبب الشرف وإنما قال أن أيمن كان من حبه الجنوني لذكرى يغار عليها من كل شيءٍ، ودفعته غيرته إلى الشك في كل من حوله ومحاولته الدائمة لاحتكار ذكرى لنفسه وفصلها عن عملها والوسط الفني الذي طلب منها مرارًا تركه لكنها كانت ترفض دائمًا، وكان هاني يقدم تلك التصريحات يوم الحادثة لأحد مراسلي قناة الجزيرة عندما تهجم عليه وعلى المراسل بعض أهل أيمن السويدي محاولين منعه من الإدلاء بأقواله لينشب شجارٌ عنيفٌ بينهم ولا تكتمل المقابلة مع هاني والجزيرة.
رأيٌ غريبٌ آخر
هناك رأيٌ آخر ولا يبدو أنه يلاقي الرواج والتأييد اللازم خرج به بعد إغلاق القضية بثماني سنوات أخو الفنانة الراحلة الدالي، وهو الذي توجه بأصابع الاتهام لجمال مبارك ولم يكن وحده الذي وجه تلك الأصابع فقد ساندته شقيقته الكبرى التي قالت أن قاتل أخيها حيٌ يرزق ويجب أن يدفع الثمن، لم يفصح أيٌ من الدالي ولا شقيقته على الأسباب ولا الأدلة التي دفعتهما للاتجاه بذلك الاتهام لكن بناءً على اتهامهما بدأت إشاعاتٌ أخرى في الظهور، كأن يقول البعض أن أيمن لم يمت برصاصةٍ في الفم وإنما أصيب بثلاث رصاصاتٍ اثنتان في رأسه والثالثة في عنقه فكيف للمنتحر أن ينتحر بثلاثة؟ وقولٌ آخر قال أن شهادة الخادمتين كانت بأن عمرو وأيمن كانا مخمورين لكن نتائج تحاليلهما تثبت أنهما لم يتعاطيا الكحوليات ليلتها، ومن الواضح أن تلك الإشاعات لم تجد مرددين لها وظلت القصة الأصلية هي الأكثر انتشارًا وميلًا للحقيقة بكون ذكرى ضحية العشق والشك، وأن فنها والحب المجنون الذي منحها إياه أيمن تحول مع الوقت إلى حبل مشنقتها في النهاية.
أضف تعليق