تسعة مجهول
الغرفة 1046
الرئيسية » جريمة » الغرفة 1046 : لغز جريمة القتل الغامضة التي حدثت في ولم تحل أبدًا

الغرفة 1046 : لغز جريمة القتل الغامضة التي حدثت في ولم تحل أبدًا

الغرفة 1046 غرفة قديمة ومهجورة في أحد فنادق الولايات المتحدة الأمريكية، وربما السبب الرئيسي والأول لذلك كون هذه الغرفة قد شهدت جريمة قتل لم تحل حتى وقتنا الحالي، فما الذي حدث في تلك الغرفة المُخيفة يا تُرى؟ الإجابة تأتيكم.

لا تزال جريمة القتل التي حدثت في الغرفة 1046 بأحد فنادق ولاية ميزوري الأمريكية أكبر دليل على أنه ليس شرطًا أن تكون لكل جريمة مُجرم، أو تحديدًا مُجرم معروف يتم تقديمه للعدالة، ففي أحيان ليست بالكثيرة يضطر المحققين إلى إغلاق القضية وتقييدها ضد مجهول، لكن في هذه الحالة نحن نتحدث صراحةً عن جريمة غامضة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، إذ أن عدم التعرف على المذنب الرئيسي بها يُعد الجزء الأصغر من هذا اللغز، بينما الجزء الأكبر والأهم تمثله الملابسات الخاصة بالجريمة نفسها، وهو ربما ما سيجعلنا نُخصص كل الحديث القادم عن لغز الغرفة 1046 وما حدث بها وتسبب في إشعال فتيل الغموض والرعب، لكن قبل ذلك عليكم أن تعرفوا هذا الهام، عندما تذهبون إلى الفنادق، في أي مكان في العالم، إياكم أن تدخلوا الغرفة 1046 ، ستندمون كل الندم على ذلك.

الغرفة 1046

الطريقة الأمثل والأفضل على الإطلاق في الحديث عن الغرفة 1046 ولغز الجريمة المروعة التي حدثت بها أن نعرف في البداية ماهية هذه الغرفة، ففي أحد فنادق الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديدًا ولاية ميزوري الأمريكية، كان هناك فندق شهير وضخم جدًا للدرجة التي تجعل من الصعب تمامًا حصر أعداد الغرف الموجودة به، كان اسم الفندق هو برزيدنت، وكانت المنطقة التي يتواجد بها هي كنساس، وهي أحد المناطق الشهيرة في ميزوري وبالتالي من الطبيعي أن أهم وأكبر السياح يأتون في هذه الفندق للإقامة، وهذا ما حدث بالضبط مع ضحيتنا المجهولة والتي لا تحمل اسمًا حتى وقتنا الحالي، على العموم، نعود مجددًا إلى الغرفة 1046 ، فقد جاء الضحية يحمل اسمًا مزيفًا وطلب من موظف الاستقبال أن يمنحه غرفة لا تطل على أية نوافذ أو أية مناطق يُمكن أن يُرى فيها ما يحدث في الغرفة، وبالفعل وقع الاختيار على الغرفة 1046 لتطابقها مع ما هو مطلوب، ببساطة، لقد اختار الرجل الجحيم بنفسه.

ما قبل العاصفة

القصة ببساطة شديدة تبدأ من شخص مجهول ذهب إلى فندق عادي من أجل إجراء حجز عادي لثلاثة أيام، وقع الاختيار على الغرفة 1046 ، وفي مساء تلك الليلة أتت مكالمة لمكتب الاستقبال من صاحب هذه الغرفة، فتح موظف الاستقبال الخط ثم سأل الرجل صاحب الغرفة عن مراده فلم يُجب، ظن الاستقبال أن صاحب الغرفة يلهو أو يسخر منهم، كان عليهم تجاهل الأمر، لكن المهنية تُحتم إرسال شخص إلى الغرفة للتأكد بنفسه من طلب صاحب الغرفة، حتى ولو قال له لا شيء أنا فقط ألهو فسيكون ذلك ردًا كافيًا، وبالفعل حدث ذلك، لكن فور وصول الموظف إلى الغرفة وطرق الباب لم يجد أية إجابة، أو ربما جاءت الإجابة لمرة واحدة بصوت متقطع يقول افتح الباب وادخل، حاول الموظف تنفيذ ذلك لكن الأمر فشل ولم تُفتح الغرفة معه، كما أن النزيل لم ينطق بأي كلمة أخرى، والأكثر من ذلك أن لافتة ممنوع الإزعاج كانت موضوعة على الباب، وهنا لم يجد الموظف نفسه قادرًا على القيام بأي شيء آخر بخلاف العودة أدراجه وإغلاق الباب، ببساطة، لقد أدى مهمته.

مرة أخرى بعد ساعات عاد النزيل ليطلب الرقم الخاص بالاستقبال مجددًا، هذه المرة أيضًا لم تكن هناك أية أصوات صادرة من صاحب الغرفة، يلهو مرة أخرى؟ هكذا أيضًا فكر الجميع، كانوا يعتقدون أن النزيل الجديد ما هو إلا شخص مخبول، لكن أيضًا لا يُمكن التغاضي عن طلبه لهم، ولهذا تم إرسال موظف آخر، وكان هذه المرة الموظف محظوظًا بكون الغرفة مفتوحة، والتي وجد فيها النزيل وهو يقبع في منتصفها عارٍ تمامًا، كان الأمر مُحرجًا فرحل الموظف على الفور دون أن يُدقق النظر أو ينبس بنصف كلمة، لكن مرة ثالثة حدث نفس الأمر وطلب النزيل رقم الاستقبال ولم يُجب، وهنا قرر موظف الاستقبال استدعاء المدير والذهاب معه إلى الغرفة من أجل رؤية ما يفعله هذا العجوز، لكن ما أن فُتحت الغرفة حتى كانت الصاعقة في الانتظار، أو الجحيم إن جاز التعبير.

جحيم الغرفة 1046

أي شخص يرى ما يقف أمامه الموظف ومدير الفندق الآن سوف يدع نفسه قليلًا للدهشة ثم يدلف بعد ذلك إلى السؤال الذي نسأله الآن بالضبط، ما الذي حدث؟ إنها ببساطة جريمة قتل، فقد وجد الموظف والمدير جثة النزيل على الأرض وهي شبه مُتخمرة، كان وقت الوفاة يُشير إلى ست ساعات خلت، وقد كان الرجل على نفس الهيئة التي شاهده عليها الموظف قبل ساعات، عارٍ في وسط الغرفة، لكن هذه المرة كان المشهد أشبه بالدموي المُفرط، إذ أنه كان ثمة دماء مُلقاة على كل شبر في الأرض بالإضافة إلى تناثر الكثير منها على الجدران، وكأن الغرفة 1046 قد أخذت لون آخر مُخالف لم كانت عليه، المُدهش هنا هو تسمر الجميع لما يربو عن دقيقة، وهو أمر بديهي تمامًا في ظل المشهد الذي كان موجودًا في تلك اللحظة، بعد دقائق، وتحديدًا مع وصول الشرطة وبدأ التحقيق، بدأ السؤال القديم يُطرح مجددًا بصورة أكثر رسمية، ما الذي حدث؟

ما الذي حدث؟

إليكم المعجزة الأولى في تلك الحادثة المُريبة، أول تقرير أو تشريح للجثة قال صراحةً أن النزيل قد مات إثر ارتطام رأسه بالمرحاض ثم فقد أنفاسه الأخيرة وهو يُحاول الاتصال لطلب النجدة من الاستقبال، وخلال ذلك لطخ كامل الغرفة بالدماء، وتحديدًا وهو يتشبث بآخر أنفاسه في هذه الحياة، أما المعجزة التالية، أو المفاجأة التي أدهشت الجميع إن جاز التعبير، أن الرجل الذي دخل الغرفة 1046 قبل 24 ساعة لم يكن أساسًا يحمل اسم حقيقيًا، بل هو مجرد اسم مزيف لا أساس له من الصحة، وقد أثبت ذلك بعض سجلات الفنادق الكبيرة في مدن أخرى وولايات مختلفة، الجميع أظهر ما يُفيد بأن هذا الشخص قد التحق بهم ليوم واحد مُريب باسم مختلف، وبالمناسبة، بعد وفاته طُلب من فريق الاستقبال وكل من شاهده التعاون من أجل رسم صورة دقيقة له تُعمم في أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية لأن ملامحه الأصلية قد شوهت ولم يكن يحمل أي شيء يدل عليه، لكن، مجددًا يُطرح السؤال، ما الذي حدث؟

تحقيقات عقيمة

ببساطة، إجابة السؤال الرسمية التي خرجت من تحقيقات الشرطة قالت إنه لم يحدث أي شيء، كانت مجرد تحقيقات عقيمة لم يُستند فيها إلى الدليل العقلي، وربما الشيء الذي يدل على ذلك اعتبار حادثة القتل مجرد حادثة موت جاءت بصورة قدرية وصدفة عادية، وتدليلهم على ذلك شهادة الشهود وعدم وجود أي شكل من أشكال الاقتحام، هذا على الرغم من أنه ثمة تحقيق قد تسريبه يتعلق بهذه القضية ويقول بكل بساطة أن الضحية قد طُعنت، فهل جاءت الطعنات أيضًا مصادفة وبشكل قدري؟ على العموم، ليس هناك الكثير من الحديث الذي يُمكن قوله بصفة رسمية عما حدث في تلك الليلة، ففي النهاية أُغلقت القضية وهي تُسجل ضد مجهول، أم الآن فقد جاء وقت الاجتهادات والآراء الجانبية وبعض التحليلات والأبحاث التي حاولت جميعها الإجابة على السؤال الأبرز والأهم، من الجاني؟

من الجاني؟

بعد أن استعرضنا تقريبًا كل الملابسات الخاصة بما حدث في الغرفة 1046 وقلنا كافة الحقائق التي ذُكرت أثناء الحادثة أو حتى التي خرجت بعدها فبكل تأكيد نحن الآن في حاجة إلى معرفة السؤال الأهم، أو تحديدًا إجابة السؤال الذي لم يتوقف طرحه منذ الحادثة، من الجاني؟ والواقع أنه لو كان ثمة أحد يعرف فعلًا الجاني لما كانت الجريمة تُمثل حتى وقتنا الحالي أحد أبرز وأهم الألغاز، فما يجعل الأمر غريبًا ومجهولًا بالأساس كوننا نتحدث عن جريمة لم يعرف أحد مرتكبها، لكن في نفس الوقت نحن لا نزال نمتلك مجموعة من المشتبه بهم، والذين على رأسهم موظف الخدمة بالفندق.

موظف الخدمة بالفندق

في الحقيقة لا يوجد في عالم التحقيق ما يُعرف بالتسليم التام أو المُطلق، فما دُمت قد قررت النظر في قضية من القضايا فإن أول شيء يجب عليك التسليم به كون كل الأشخاص حولك يكذبون، وإذا طبقنا ذلك الأمر على العاملين بالفندق الذي وقعت به جريمة الغرفة 1046 فيُمكننا ببساطة الجذم والتسليم بكون ما تم سرده وذكر حدوثه لم يحدث فعلًا، فلا ننسى أننا نتحدث عن نزيل ثري كان يمتلك من المال ما يجعله يقضي معظم أوقات العام في أفخم وأهم الفنادق، وبالتالي ليست هناك أية شكوك في كون هذا الرجل من الممكن جدًا أن يتحول إلى مطمع للعاملين، وهذا طبعًا مع الرفض الكامل لفكرة صدق هؤلاء العمال حسب هذا الافتراض، فمن الواضح حسب ما يرمي إليه أصحاب هذه النظرية أن النزيل قد تعرض للقتل على يد موظف الخدمة بالفندق، ثم عبث بالأغراض والمقتنيات الموجودة في الغرفة بعدها كي يبدو الأمر وكانه مجرد لص.

ما يُعضد هذا الاقتراح كون الغرفة لم تكن تمتلك أي نوافذ مكسورة أو أبواب تظهر وكأنها قد تعرضت للاقتحام عنوة، أيضًا الروايات المُتضاربة التي خرجت من عمال الفندق تقول بجلاء أن ثمة انقسام حول ما حدث، وهذا الانقسام في الحقيقة لا يُبشر أبدًا بالخير، على العموم، هذه مجرد افتراضات واجتهادات، لكن هل هذا كل شيء يتعلق بالحادثة؟

المجرم فتاة ليل

الآن نتحول إلى النظرية الثانية أو الافتراض الآخر الذي يكشف سر الغرفة 1046 ، والافتراض هنا يتعلق بفتاة مجهولة دخلت الفندق في نفس اليوم الذي دخل فيه القتيل ومكثت لليلة واحدة ثم رحلت دون سابق إنذار، رحلت تحديدًا بعد ارتكاب الجريمة بساعات قليلة، وقد قيل إن تلك الفتاة كانت فتاة ليل استدعاها القتيل من أجل المرافقة لليلة، بعد ذلك اختلافا على السعر ونشب خلاف قاد في نهاية المطاف إلى مقتله، وقد نزلت تلك الفتاة في غرفة منفصلة بطلب من القتيل كيلا تُثار أية شكوك من إدارة الفندق، وربما هذا ما جعل الجريمة بعيدة كل البعد عنها في البداية، ثم بعد ذلك وبعد ربط الخطوط ببعضها كانت الأصابع تُشير إليها، لكن في النهاية هذا لا يُهم لأنها كانت، ولا تزال، مجهولة الأوصاف.

لم يرى تلك الفتاة المجهولة سوى موظف واحد ولم يرها أساسًا سوى مرة واحدة، هذا بالإضافة إلى أنها أساسًا كانت تعتمر قبعة تُخفي أكثر ملامحها، أيضًا دخلت الفتاة بأسماء وبيانات ليس لها أي أساس من الصحة تمامًا مثلما هو الحال مع نزيل الغرفة 1046 ، وبالمناسبة، طلبت الفتاة بشكل صريح من موظف الحجز غرفة في نفس الطابق الذي يحتوي هذه الغرفة، وهذا يُعطي فرصة أكبر للتركيز في فكرة التعمد والترتيب المُسبق، لكن في نفس الوقت هناك ما يُبعد الشك حول هذه الفتاة فيما يتعلق بجريمة القتل ككونها مثلًا مجرد فتاة ضعيفة لا تقوى على فعل ما قامت به في الظروف الطبيعية مع شخص قوي البنية مثل القتيل، إنه بلا أدنى شك أمر محير، والفتاة التي نتحدث عنها لا تزال في قائمة المتهمين المحتملين.

الغرفة الملعونة

النظرية أو التحليل الثالث في قصة مقتل نزيل الغرفة 1046 كان مجنونًا بعض الشيء، إذ أنه يرى بأنه لم يدخل أحد الغرفة ويرتكب الجريمة من الأساس، وإنما هي غرفة ملعونة تمتلك من السحر ما جعل القتيل يفعل هذا بنفسه، أو ربما الأشباح هم الذين فعلوا ذلك، في النهاية الغرفة نفسها هي المسئولة عن الجريمة ولا شيء غيرها، وربما ما يؤكد ذلك كون النوافذ لم تُفتح أو الأبواب، أو ببساطة لم تُقتحم، فإذا لم يكن القتيل هو الذي فتح الباب بنفسه لقاتله فلا يُمكن بأية حالٍ من الأحوال التفكير في حل آخر بخلاف هذا، هكذا يرى أصحب هذا الرأي، ولولا وجود القليل من التفكير والواقعية في العقول لكان الجميع قد سلم بهذا الرأي خصوصًا وأن الجريمة أساسًا قد أُغلقت بعد أن قُيدت ضد مجهول، فمن يكون ذلك المجهول يا تُرى؟ هم بالتأكيد ليسوا من العالم الآخر، بيد أنه لا أحد يمتلك إجابة قاطعة للجزم بذلك.

ختامًا عزيزي القارئ، ليس هناك أدنى شك في كون جرائم الفنادق تقع ومتاحة للحدوث في أي وقت وبأي زمان ومكان، فقط نحن هنا نتحدث عن جريمة لم تُحل وثمة غموض يُحيط بالقاتل والمقتول، ولهذا هي مختلفة بعض الشيء، ولابد أن الشيء الأهم الذي ستخرجون به من هذا المقال ألا تقوموا بالحجز في الغرفة 1046 بأي فندق تزورونه.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

19 − 11 =