تُعتبر العقد النفسية واحدة من أكثر الأشياء التي تُفسد على الإنسان حياته، خاصةً إذا كانت تلك العقدة تحمل أصول قديمة، فعندما يتعرض الشخص لأي موقف سيء فإن مشاعره وذكرياته التي تشكلت في ذلك الموقف يتم تخزينها بصورة لا إرادية داخل اللاوعي، ثم تظل هكذا دون أن يشعر الإنسان بها حتى يتعرض إلى موقف مُشابه، وهنا تحدث عملية الصراع، وتختلف الاستجابة للموقف المشابه بسبب الذكريات القديمة التي تكون سيئة في أغلب الأحوال، والحقيقة أن علماء النفس لم يجدوا أفضل من وصف العقدة كي يصفو به ما يتعرض له الشخص في مثل هذه الظروف، وبمرور الوقت بات اكتشاف العقد الجديدة أمر شبه عادي، لكن، أن تكون بعض تلك العقد مرعبة فهذا هو ما يستحق الاهتمام بلا أدنى شك، لذلك، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أشهر العقد النفسية وقدرتها على إحالة الحياة إلى جحيم.
العقد النفسية المرعبة
العقد النفسية بلا شك موجودة في الإنسان منذ أن تم خلقه، فهي شيء ينشأ مع الوقت وقيام الإنسان ببعض الأفعال المُحفزة للعقدة، بمعنى أدق، يُمكن اعتبارها فعلًا وليس رد فعل، أما الاكتشاف الحقيقي للعقد وتوثيق علم النفس لها فقد كان قبل حوالي خمسة قرون، والحقيقة أن عقدة أوديب هي التي يُمكن اعتبارها بلا شك العقد الأقدم والأكثر دراسة من قِبل العلماء، وتلك العقدة الشهيرة تتناول العلاقة السلبية بين الابن والأب بسبب الأم، وقد تصل ذروة هذه العقدة إلى كره الابن للأب والتخطيط لقتله، وهذا ما يجعل بعض العقد النفسية مرعبة فعلًا وتستحق الدراسة والإشارة إليها، ولتكن البداية مثلًا بواحدة من أشهر تلك العقد وأكثرها انتشارًا بين الناس، وهي عقدة جوكاستا.
عقدة جوكاستا، عقدة التمسك
في هذه العقدة نرى أن الأم تكون متعلقة إلى أبعد حد بطفلها، فهي لا تقبل أبدًا التفريط به مهما كانت الظروف، ولا تجعله يتخذ أي قرار دون أن يرجع إليها أولًا، وقد يتطور الأمر إلى رفض الزواج نهائيًا ومكوثه بجوارها طوال الوقت، ويعتقد العلماء أن تلك العقدة لم تنتج عبثًا، وإنما يكون سببها عدم شعور الأم بوجود الأم فاتجاهها إلى تعويض ذلك من خلال الابن والتمسك به، ولذلك نرى أن الأرامل هن أكثر الأمهات تمسكًا بالأبناء في الصغر والكبر، وبكل أسف تؤدي تلك العقدة عند الأم إلى إخراج شخص غير مسئول وغير قادر على اتخاذ قراراته بنفسه، وهو ما يُطلق عليه ابن أمه.
عقدة ميديا، عقدة التمسك
على العكس من العقدة الأول تمامًا نجد أنه ثمة نوع غريب من العقد النفسية يُسمى ميديا، وهذا النوع يجعل الأم تقوم بأذية أطفالها طوال الوقت نفسيًا وجسديًا، بل إن الأمر قد يتطور إلى محاولة قتلهن والثأر، وطبعًا يكون ذلك الثأر من الزوج الذي ربما يهملها أو لا يُعطيها حقوقها الشخصية، لكن أن يتطور الأمر إلى هذا الحد المرعب فهذا يعني أن تلك العقدة قوية للغاية، وعمومًا فإنه من النادر الإصابة بعقدة ميديا بسبب طبيعة الأم التي تتصدى لها بصورة شبه تلقائية.
عقدة قابيل، عقدة الصراع المرير
في هذه العقدة نجد أن الابن يسعى جاهدًا في محاربة باقي الأشقاء من أجل الحصول على رضى الآباء، فهو يبدو شبه متيقن من أن هذا لا يتحقق إلا بذاك، بمعنى أنه إذ لم يقم بمحاربة أشقائه فلن يتمكن من كسب حب والديه، وطبعًا قد تطور تلك العقدة المخيفة إلى محاولة الشقيق لقتل شقيقه، أما الاسم فهو كما واضح مُشتق من الصراع الذي قام بين أشهر شقيقين في التاريخ، هابيل وقابيل، وطبعًا كلنا نعرف كيف كانت النهاية مأساوية إلى أبعد حد ممكن.
عقدة الأنا، العقدة الغالبة
تعتبر عقدة الأنا واحدة من العقد النفسية المنتشرة بشكل كبير في البشر، فثمة شخص على الأقل بين كل عشرة أشخاص يعاني من تلك العقدة، والحقيقة أن خطورة الأنا تكمن في نظرة الشخص لنفسه وليس نظرته للآخرين، فهو يتخيل أنه لا أحد يصلح لأي شيء سواه، وأنه هو الوحيد القادر على الإنتاج والإنجاز في هذا العالم، بينما كل من هم موجودين حوله قد وجدوا فقط من أجل مساعدته وخدمته، والواقع أن تلك العقدة قد نتجت بسبب التدليل الزائد عن الحد من الأبوين.
عقدة كيلوبترا، عقدة الطبقة العليا
في هذه العقدة نجد أن النساء تصاب بحالة من العظمة والغرور الشديدين، وربما يكون السبب في ذلك جمالهن أو مالهن، المهم أنهن في النهاية يرون أنفسهن ملكات، لا يمكن لأحد الاقتراب منهن، بل إن الجميع يبدون كالعبيد بالنسبة لهن، ولهذا تختلف معاملتهن حتى مع أنفسهن، لدرجة أنهن قد يحرمن أنفسهن من بعض المتع بحجة أن العوام يفعلونها، إذًا ليس عليهم فعلها مثلهم، وإذا حدث مثلًا وظهرت امرأة أخرى تنافس تلك المرأة المتكبرة في المال أو الجمال فإنهن يسعين في التخلص منها بكل الطرق الممكنة حتى ولو وصل الأمر إلى القتل، فقط ليبقين كيلوبترا وحدهن.
عقدة لوليتا، عقدة الحرمان الكبير
في هذه العقدة التي تعتبر من أشهر العقد النفسية وخاصة بين المراهقات نجد أن الفتاة قد تقع في حب رجل كبير مُسن، أو يكبرها بضعف عمرها على الأقل، ليس هذا فقط، بل إنها كذلك تحاول لفت أنظاره بكل ما تملكه من قدرة على فعل ذلك، والحقيقة أن السبب الأول الذي يدفعها لفعل مثل هذه الأمور هو الحرمان الذي تعرضت له في طفولتها على يد والده، والذي ربما لم يكن مهتمًا لأمرها في الصغر، لذلك هي تعتقد أنها بتلك الطريقة تعاقبه على إهماله.
عقدة الإله، طريق الهلاك
واحدة من العقد النفسية التي تقود إلى الهلاك من أقصر طرقه، إنها عقدة الإله الغريبة، ففي هذه العقدة يظن الشخص أنه يمتلك أشياء كثيرة غير محدودة ولا يُمكن السيطرة عليها، كما أنه يشعر بكونه عدم معرض للفشل أو الخطأ، حتى أنه قد يقوم بتعريض نفسه للخطر بحجة أنه يثق دائمًا في النجاة، وطبعًا تبعات تلك العقدة بالذات لا يُمكن أن تكون مجهولة، فذلك الشخص المقبول يسير بخطوات ثابتة باتجاه الهلاك، والذي لا يكون هناك شيء سواه ينتظره في النهاية.
عقدة كاساندرا، عقدة الوصي
في هذه العقدة يجد الشخص نفسه أشبه بالوصي على الآخرين، فهو المطالب دائمًا بحمايتهم والزود عنهم في كل المشاكل، كما أنه يتخيل معرفته المطلقة بالخطر الذي يقترب من الناس، وهنا فإنه بصورة تلقائية يسعى إلى تحذيرهم من هذه المخاطر، العقدة هنا تكمن في عدم تصديقه لأن معلوماته غالبًا ما يكون مبالغًا فيها بصورة كبيرة، وذلك الإهمال وعدم الاكتراث هو ما يجعله يُعاني معاناة شديدة فيما بعد ويتوجس من إخبار أي شخص بأي شيء.
عقدة الذنب، العقد التي تحيل الحياة إلى جحيم
في هذه العقدة ثمة أمر خطير جدًا يُمكن أن يؤثر على الشخص فيما بعد، وهو أنه يشعر بالذنب تجاه أي شيء وربما بلا أي سبب، فمثلًا، إذا كان واقفًا في الطريق ورأى رجل يمر ثم تصدمه حافلة مسرعة فإنه سوف يشعر بالذنب بطريقة عجيبة ويُحمل نفسه مسئولية موت ذلك الرجل، وذلك ببساطة لأنه لم يتمكن من إنقاذه أو على الأقل تحذيره قبل عبور الطريق، ومع تفاقم تلك المشكلة فإنه من الوارد جدًا الإصابة ببعض المشاكل النفسية التي قد تقود في النهاية إلى أسوأ شيء في هذه الحياة، وهو قتل الشخص لنفسه.
عقدة جوناه، كن مثل الآخرين
هذه العقدة كذلك تعتبر من أشهر العقد النفسية التي من الوارد جدًا الإصابة بها في أي وقت وبأي زمن، وتقوم تلك العقدة ببساطة على كره الإنسان لموهبته أو نجاحه بسبب خوفه الشديد من أن يتسبب ذلك النجاح في مشاكل فيما بعد، فمثلًا، هو يرى الشخص الناجح مغرور أو متغطرس بعض الشيء، لذلك فهو لا يُريد منطقيًا أن يصبح مثله في يوم من الأيام، وأيضًا يرى التأثير الذي يتركه الناجح عند الناس، من حيث الحقد عليه وكرهه وتمني فشله، ولهذا تجده لا يُفكر أبدًا في أن يكون مثلهم مهما كلفه الأمر، إنها عقدة جوناه بامتياز، وهذا الاسم يُطلق عليها نسبةً إلى أول من قام باكتشافها.
عقدة برجوديس، عقدة الفئة
في هذه العقدة يُصبح الإنسان فئويًا لدرجة لا يُمكن تحملها، فمثلًا، تجده يكره كل شخص لا ينتمي لفئة من الفئة التي ينتمي إليها، سواء كانت تلك الفئات دينية أو حضارية أو حتى مجرد الاختلاف في اللغة يُمكن أن يكون سببًا في جعل ذلك الشخص الذي يعاني من هذه العقدة كاره لك.
عقدة أمبيدوكل، عقدة السعادة للجميع
في هذه العقدة العجيبة نجد الشخص مُحمل بطاقة إيجابية لدرجة لا تُتخيل، فهو يكون دائمًا راغب في مساعدة الآخرين وتحمل الأذى منهم دون أن يشتكي أو يُفكر حتى في فعل ذلك، كما أنه يكون مستعدًا للتضحية في أي وقت وبأي شيء، وقد سُميت هذه العقدة بهذا الاسم نسبة إلى أحد آلهة أثينا القدامى.
عقدة ديانا، حب الأنثى للذكورة
هذه العقدة في الحقيقة تُعتبر من أخطر العقد النفسية التي من الممكن جدًا أن تُصاب أي أنثى بها نتيجة الضغوطات التي تمارس عليها من الرجال، فهي تعتقد أن ذلك الأمر لن يزول إلا بعد أن تُصبح ذكرًا مثلهم، وبالتالي فهي تفعل ما يفعله الرجال وتلبس ما يلبسه الرجال، بل لن نُبالغ إذا قلنا إنها تكره الإناث، اللاتي هن في الأصل من جنسها، وهنا تظهر الخطورة الحقيقية لأنها قد تؤذي أو تشوه نفسه تحقيقًا لذلك الغرض المجنون.
عقدة كرونوس، الجميع تحت الأقدام
في هذه العقدة يظهر على الشخص أعراض الاستعباد وحب توبيخ الآخرين وجعلهم تحت الأقدام دائمًا، بل إن الشخص المصاب بهذه العقدة لا يمكنه النوم إلا بعد أن يراجع يومه ويجد أن فيه واقعة استعباد أو إهانة للآخرين، هذه هي رغبته طوال الوقت وتلك هي المُعضلة التي تجعل من صاحب هذه العقدة جحيم يمشي على الأرض.
عقدة عدم القول لا، العقدة ذات الآثار
آخر عقدة في العقد النفسية التي تناولناها اليوم هي عقدة عدم القدرة على قول لا للآخرين، وهي كما يتضح من اسمها تعني أن يمتنع الشخص عن قول لا أو رفض أي طلب يُطلب منه، وهذا في الحقيقة ليس حبًا بالمعنى الذي تتخيلوه، فقط هو خوف من رد نفس الأمر له وخذله فيما بعد.
أضف تعليق