الرجل الشجرة : قصة أغرب من الخيال عن تحول مظهر رجل إلى شجرة

قد نسمع عن الرجل السوبر مان أو الرجل الذئب، أما الرجل الشجرة فهذا جديد على مسامعنا. وكلها في الحقيقية تبقى مجرد خيال في الروايات والأفلام ولم تصير حقيقة واقعية. أما ما نتحدث عنه فهو حقيقة جداً، وهذا هو أكثر ما يدهش من يراه. فصورة هذا الرجل طبيعية، ولم يتم تعديلها بالحاسوب أبداً. في هذه السطور تعرف على قصة الرجل الشجرة، وما الذي يجعله يتحول بتلك الطريقة.

ديديه كواسوارا أو الرجل الشجرة

من هو الرجل الشجرة؟

هو ديديه كواسوارا، رجل من إندونيسيا. يعيش في قرية بسيطة، يحاول كل أفرادها عدم النظر إليه. وتخشاه كل الأطفال وتبتعد عنه. حين ترى الرجل لا يمكنك قول غير أنه نصف رجل ونصف شجرة. جسده بالكامل تحول إلى جذع شجرة، بكل تحجرها وملمسها الخشبي. وتخرج من أطرافه بعض جذوع النباتات. ويمتلئ الجسم بالعقد كما التي تملكها الأشجار تماماً. حتى إن أطرافه تحولت إلى أفرع جذور، ولم يعد يتملك أصابع. وكذلك ينطبق الأمر على قدميه. كل ذلك بسبب حادثة بسيطة تعرض لها في سن الخامسة عشر.

ماذا حدث للرجل الشجرة في سن الخامسة عشر؟

عام 1986، كان يجلس ديديه وهو يلعب بعصا خشبية وسكين. انزلقت من يده السكين وجرحت ركبته. المدهش أن الجرح لم يكن عميقاً أبداً، بل بالكاد قد تراه ودماء قليلة جداً خرجت منه. لكن ما حدث بعد ذلك الجرح غير مبرر أبداً. بعد عدة أسابيع بدأت تظهر بعض البذور الجلدية غريبة الشكل وتحتوي على مادة غريبة بلون الأخضر أو البني. في البداية ظهرت قرب الجرح فقط، ومن بعد ذلك وعلى مدار الأسابيع التالية، بدأت تظهر على كامل الجسد من الرأس وحتى القدمين. لم تكن تلك البذور مصدر للآلام أبداً، ولكنها كانت مصدر للإزعاج من باقي الأطفال والجيران، لأنهم كانوا يسخرون منه ومن شكله القبيح. فأخذته عائلته إلى طبيب جلدي بالمنطقة، الذي أزال تلك الأشياء عن طريق الجراحة، وهو لا يعرف أنه بذلك يصعب الأمور أكثر، لأنها بدأت بالظهور مرة أخرى وأكثر من ذي قبل.

كبر الرجل الشجرة وكبرت معه جذوع الشجر التي تنبت في جسده. وهو الآن متزوج ولديه أطفال، ومن أجل إعالتهم بدأ يذهب إلى المدن القريبة ويطلب العطف ببعض المال من المارة. وفي مرة من المرات، قابل رجل يعمل في سيرك. فعرض عليه الرجل أن يأتي إلى السيرك معه، ويستغل تشوهات جسده في إقامة العروض. ومن يريد المشاهدة سيدفع ألف روبية. وافق ديديه وبدء يعمل لديه في السيرك. ومن هنا ذاع صيته في كل البلاد، بل في العالم كله. وتكلمت عنه أشهر الصحف، التي تدفع الكثير من أجل التقاط صورة. وأصبح نجم عالمي يأتي له الفضوليون خصيصاً من أنحاء العالم.

النظرة الطبية للرجل الشجرة

أثار صيت هذا الرجل قناة ديسكفري، فاتصلوا بطبيب الجلدية الشهير انطوني كاسباري. الذي كان على علم بحالته هو الأخر ويود أن يقابله. بالفعل سافر مع القناة لرؤية الرجل الشجرة في إندونيسيا. ورغم أنه كان يدرب نفسه على عدم إظهار أي ردود أفعال تضايق نفسية الرجل، إلا إنه لم يتمكن من إخفاء دهشته عند رؤية الرجل الشجرة لأول مرة. هو الآن أصبح يملك 36 سنة من العمر. واكتملت معالم الشجرة في كامل جسمه. ولم يرى الطبيب في كل حياته المهنية الكبيرة، والتي تبلغ 25 عام، ما يراه الآن في هذا الرجل. الغريب أن الرجل الشجرة كان راضي جداً عن حاله، ولا يتذمر أو يشكو الله. بل كل ما قاله: أنه يعلم أن الله لم يصيبه بهذا المرض إلا لأمر هام.

تشخيص حالة ديديه

بدأ الطبيب بوضع عدة تشخيصات محتملة لهذا المرض الجلدي النادر. ومن ضمنها التشخيص بمرض يسمى epidermodysplasia verrucformis، وهو مرض جلدي نادر جداً. ولكن التحاليل أظهرت أن جلد الرجل الشجرة لا يمتلك أي عيب أو ضرر في حد ذاته. فذهب الطبيب بعقله نحو تشخيص مختلف، بعيداً عن الأمراض الجلدية بشكل عام.

اتضح أن الأمر أبسط مما قد يتخيل أي شخص، إنه مجرد فيروس. الفيروس المسمى human papillomavirus type 2. هذا الفيروس الضئيل قد يصيب أي شخص بالعالم، وقد يسبب بعض البذور الجدية والتقرحات، أو بالأكثر ثخانة في سمك الجلد. أما في حالة الرجل الشجرة، فحين هاجمه الفيروس لم يملك المناعة الكافية التي تحميه منه، كما باقي البشر ليذهب في حاله. بل لديه ضرر بجهاز المناعة في جسمه، يمنعه من التخلص من هذا الفيروس بالتحديد. وهو ضرر وراثي، منذ الولادة وغير مكتسب.

علاج الرجل الشجرة

بعد اكتشاف المرض يأتي دور العلاج من تلك الحالة التي لازمته طويلاً، وغيرت حياته وشكله. وضع الطبيب خطة طويلة الأمد لعلاج الرجل الشجرة من مرضه. وتبدأ بمجموعات علاجات من فيتامين أ، بهدف تعزيز وتقوية الجهاز المناعي الضيف. حتى يتمكن بمفرده من محاربة الفيروس والتخلص منه بالطريقة الطبيعة بعد محاصرته في الخلايا المناعية. ولكن في أثناء فترة العلاج الأولى تدخلت مؤسسة الصحة بإندونيسيا، ووزير الصحة ورئيس الوزراء شخصياً. لأن صيت الرجل أصبح عالمي ويمس مظهر البلاد كلها، وصورة وزارة الصحة بالأخص.

فجرى نقل ديديه إلى مستشفى “محمد صادق” وهي مستشفى كبيرة ولديها الكثير من الأطباء الجراحين المهمين. وتم إجراء علميات جراحية على نفقة الدولة، لاستئصال فروع الأشجار أو أثار المرض بشكل كامل. وبالفعل تم إجراء 8 علميات جراحية في عام 2008، وتحت تخدير كامل. ليتم استئصال ستة كليو غرام من البثور من كامل الجسم. ولكن جسم ديديه لم يتحمل العلاج، بسبب ضعف المناعة بشكل كبير. فأصيب بالتهاب الكبد والسل، والذي أطال من فترة مكوثه في المستشفى حتى يتم العلاج بالكامل. بعد عشرة أشهر من العلاج المستمر لمختلف الأمراض التي تصيب جسد ديديه، خرج من المستشفى وكأنه ولد من جديد لأول مرة.

حياة الرجل الشجرة بعد العمليات

لم يعد الرجل الشجرة كما في السابق. رجع شكل جسده إلى أقرب ما يكون في الطبيعي. لأول مرة منذ سن الخامسة عشر، استطاع أن يأكل بنفسه ويثني أصابع يديه وقدميه. مفاصل جسمه عادة للحركة، واستطاع أن يلمس نفسه منذ أكثر من عشرة سنوات. لم يعد أحد يخاف منه أو يريد استغلال مرضه من أجل كسب المال، بل سيتمكن من العمل كباقي البشر. أصبح قادر على الحركة وتغير الملابس بنفسه، ولا يحتاج للرعاية المستمرة كالأطفال.

ولكن الأطباء نبهوه من أجل الحفاظ على سلامة وصحة جهازه المناعي، لأن الفيروس سيعود وجهازه المناعي مع القليل من الأدوية فقط، قادرين على حمايته. وحتى مع ذلك سيعود إلى المرض بشكل مستمر ولكن أقل من ذي قبل. وعليه فقط إجراء عمليات دورية في كل عام، من أجل إزالة المرض الجديد، ولا يتراكم ويكبر كما كان.

عزيزي القارئ، لا يعد الرجل الشجرة هو المرض الوحيد الغريب بهذا العالم. فالأمراض الجينية التي تظهر في عالمنا أكثر من أي وقت بالتاريخ، أصبحت كثيرة وغريبة وأغلبها لا يمتلك علاجاً جذرياً. هناك تحولات مثيرة ومقززة، وعيوب خلقية بسبب تشوهات بالرحم قبل الولادة. منهم من يولد بشعر كثيف يغطي كامل جسده، ومنهم من يولد بقدمين تشبه السمكة، أو توأم يولد بشكل ملتصق. احمد الله على نعمة الصحة وعلى شكلك الطبيعي الذي يجعلك قادر على رؤية نفسك في المرآة.