الانتحار الجماعي واحدة من أكثر المشكلات تحييرًا لعلماء النفس. لا ريب أن عملية الانتحار واحدة من أسوأ ما قد يمر به الإنسان وتهدد المجتمعات، حيث تسود حالة من الحزن واليأس في حياة الإنسان ويشعر بانعدام قدرته على العيش في الدنيا، فيفضل أن يلقى حتفه على مواصلة حياته والاستمرار فيها، وتأتي معظم حالات الوفاة بطريقة فردية لأن الانتحار بالأساس قد يكون مبعثه الوحدة وافتقاد التواصل الإنساني والشعور بالاغتراب وتفكك المجتمعات وغياب دور الأسرة.. أما ما يثير الدهشة حقًا هي حوادث الانتحار الجماعي والتي تكون عبارة عن أن يتفق مجموعة من الناس بقتل أنفسهم بطريقة معينة في وقتٍ واحد.
الانتحار الجماعي : قصص وحوادث غامضة
أسباب الانتحار الجماعي
في الغالب تأتي في المقام الأول من أسباب حوادث الانتحار الجماعي العقائد الدينية المشوهة أو الأفكار المتطرفة وعمليات غسيل الدماغ وافتقار البعض لفلسفة أو رؤية حياتية أو اتزان عقلاني إلى تعرضهم للتأثر السريع للأفكار المتطرفة وغير المنطقية، لذلك تجد أن معظم حالات الانتحار الجماعي قام بها أفراد جماعات عقائدية متطرفة، أو أفراد قبائل بدائية غير متحضرة، وقد يكون أيضًا مقاتلين في حربٍ ما تعرضوا لهزائم عسكرية. وتأتي بعد ذلك الأوضاع السياسية وفساد الأنظمة والبطش بالشعوب ما قد يدفع بعض أفراد الشعب إلى محاولة انتحار جماعي لإيصال رسالة بانتهاك إنسانيتهم من قبل نظام الدولة ومخاطبة ضمير العالم وإثارة المجتمع الدولي.
أبرز حوادث الانتحار الجماعي
لعل أبرز وأشهر الأمثلة في التاريخ الإنساني هي قصة جونز تاون، وهي المنطقة التي استعمرها “جيم جونز” مؤسس جماعة جونز والذي كان سببًا في انتحار 913 شخصًا في الثامن عشر من نوفمبر عام 1978، حيث قام بتجميع أعضاء جماعته في مزرعة بمدينة جيانا الأمريكية الجنوبية وأقنعهم أن يشربوا مادة السيانيد السامة، ليقضِ أكثر من تسعمائة شخص نحبهم من بينهم عشرات الأطفال الذين أجبروا من آبائهم على تجرع السم في حادثة روعت العالم بأكمله.
حادثة جماعة “بوابة السماء” الأمريكية، حيث قام زعيم الجماعة مارشال هيرف أبلوايت في مزرعة رانشو سانتافيه في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية في 26 مارس من عام 1997، حيث كانت يدعي زعيم هذه الجماعة انتمائه إلى فصيلة فضائية فوق مستوى البشر وأنه تجسد في صورة إنسان وأنه سيقوم بالانتحار كي يصعد إلى الفضاء لملاقاة خالقه.. وقد تبعه 38 من أتباعه مقتدين بزعيمهم والذين شعروا بالفراغ الروحي بعد قرار زعيمهم، واشتياقهم لملاقاة الإله وصعود أرواحهم إلى الفضاء الرحب، وقاموا بتعاطي إحدى العقاقير السامة الممزوجة بالحلوى أو بعصير التفاح والفودكا، وكانت هذه الحادثة أيضًا من أغرب حالات الانتحار الجماعي التي أذهلت العالم وروّعته.
في عام 1994 قام مجموعة أطلقوا على نفسهم “أخوية معبد الشمس” تزعم حملها للمفاهيم الصحيحة للسلطة والقوة في العالم؛ وسعيها نحو تأكيد أولوية البعد الروحي على البعد الزمني، ومساعدة الإنسانية في تخطي أزماتها العنصرية والتوحيد بينها، بقتل طفل بصليب خشبي لظنهم أن هذا هو “المسيح الدجال”، وبعدها قاموا بطقوس دينية أبرزها: طقس محاكاة للعشاء الأخير والذي صنعه المسيح قبيل صلبه مباشرة، وبعدها بأيام قاموا بانتحار جماعي عن طريق السم وأشياءٍ أخرى وتوفي ما يقرب من 74 شخصًا.
حركة وصايا الرب العشر الأوغندية والتي قامت في مارس من العام 2000 بالانتحار الجماعي عبر إضرام النار في كنيستهم لاستعجال يوم الدينونة والذي اقترب حسب معتقدهم موعده بحلول الألفية الثالثة.
انتحار سكان بلدة دمين الألمانية الجماعي إبان الحرب العالمية الثانية، والتي تسبب ذعر سكانها من اقتراب السوفييت عام 1945 وخوفهم من القتل والتعذيب والاغتصاب، فقاموا بعملية انتحار جماعي وتوفي ما يقرب من 950 شخص من سكان البلدة.
جماعة الكاميكاز اليابانية، وهم مجموعة من الطيارين في الحرب العالمية الثانية والتي كانت تفجر طائراتها وهم بداخلها في أهداف العدو خاصة عندما يفشلون في إصابتها.
في نوفمبر الماضي عام 2015 نشرت الصحف قيام ثلاثة من الشباب بمدينة الإسكندرية المصرية بإلقاء أنفسهم في نهر النيل، ولم يتم التعرف على هوياتهم ولا التمكن من انتشال الجثث.
الانتحار الجماعي بين الحيوانات
لعل أبرز ظاهرة غير مفسرة للانتحار الجماعي بين الحيوانات، هي عملية انتحار الحيتان الجماعي، حيث تقوم الحيتان بالخروج للشاطئ والموت من الجفاف، وتفشل كل المحاولات لإعادتها إلى الماء حيث تعود الحيتان مرة أخرى إلى الشاطئ بعد محاولة دفعها إلى المياه.
أضف تعليق