تسعة مجهول
الاحتفال بالأموات
الرئيسية » غرائب » الاحتفال بالأموات : أشهر طقوس الاحتفال بالموتى في شتى بِقاع العالم

الاحتفال بالأموات : أشهر طقوس الاحتفال بالموتى في شتى بِقاع العالم

الاحتفال بالأموات وتكريمهم بما يليق، غريزة في بعض الشعوب، ولذلك تجدهم يتفننون في القيام بهذا الأمر للدرجة التي تجعلهم في بعض الأحيان يفعلون الغرائب.

يُعتبر الاحتفال بالأموات عادة من عادات الشعوب، وخاصةً تلك التي تتمتع بقدر كبير من الاحترام للعادات والتقاليد، فهذه الحضارات ترى في موتاهم حاضرهم ومستقبلهم، بمعنى أدق، يعرفون أن ما سيفعلونه بموتاهم اليوم سوف يأتي في المستقبل من يُكرره معهم، ولهذا فإنه من النادر أن تجد شعبًا بلا طقس غريب ومُتفرد في الاحتفال، حتى الشعوب العربية لها تلك العادات والتقاليد الغريبة، لكنها بالطبع تكون بقدر أقل جنونًا، في حين نجد شعوب شرق أسيا ترتكب أفعال مجنونة للغاية تجعل من تلك الاحتفالات أشبه بالإهانة من وجهة نظر العقلاء الذين يأخذون الأمور من زاوية أخرى، وهي تفشي الجهل والفساد، عمومًا، في السطور القليلة المقبلة سوف نتعرف سويًا على أغرب عادات الاحتفال بالموتى في شتى بقاع العالم، وذلك دون أن نُبدي رأيًا بها، إيجابيًا كان أم سلبي، فهل أنتم مستعدون لخوض تلك الرحلة المجنونة مع خبايا الموت، أكثر الأشياء تقديسًا في الحياة.

الاحتفال بالأموات في الصين

الصين كما نعرف تُعد من أغرب البلاد أو الحضارات الموجودة في هذا العالم، هي غريبة في كل شيء، لدرجة أن البعض تُصدر له صورة خاطئة على أن الصين بلد مُتخلفة، لكن الحقيقة أنها تُعتبر من الدول المُتقدمة جدًا من الناحية الاقتصادية ونواحي أخرى كثيرة، أما عندما تتحدث عن عاداتهم واحتفالاتهم وتعاملهم مع الأموات فإنك ستكون معجزة بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، حيث أنهم بعدما يضعون الجثث في توابيت مُغلقة مثلما هو الحال مع أي جثث أخرى يقومون بتعليق تلك الجثث على سفح الجبال، لدرجة أنهم يمتلكون ما يُعرف باسم جبل الموتى، وهو طبعًا يُصبح مزارًا للناس في كل مكان، وليس فقط ذوي الأشخاص الميتين، أما عندما يتكدس الجبل بالموتى فإنهم يلجئون إلى جبل آخر، وهو ما يُعطي شكل المقابر الجماعية التي نعرفها، الفارق الوحيد يكون في الهيئة التي تكون عليها تلك المقابر، وهي هيئة الجبل.

الاحتفال بالأموات في الهند

الهند كذلك تُعرف بعادتها الغريبة، بل غرابتها عمومًا، فهي تقريبًا تُعد البلد الأغرب في العالم، ويكفي أن نقول إنها تمتلك داخلها العديد من الطوائف وتتحدث آلاف اللغات، ورغم ذلك تُحقق الكثير من الإنجازات في مجالات عِدة، أما فيما يتعلق بموضوع الاحتفال بالأموات فهو المعجزة بحد ذاتها، حيث أن الهنود يرون ذلك الاحتفال في حرق الجثث، أجل يحرقون جثث موتاهم من قبيل الاحتفال، وفي بعض الأحيان تقوم النساء بحرق جثثهن مع حرق جثث أزواجهم، فهم يرون في ذلك احتفالًا وتكريما لهم، وطبعًا هذا الأمر لا يشيع في الهند بأكملها، وإنما فقط بعض الثقافات الموجودة بها، فهي تتحزب دينيًا وسياسيًا وفكريًا كذلك، ولكل حزب دهاليزه الغريبة والمُخيفة في نفس الوقت، تخيلوا أن يحرق الابن جثة أبيه بيده!

الاحتفال بالأموات عند الفايكنج

لا تقل حضارة الفايكنج غرابة عن باقي الحضارات فيما يتعلق بالاحتفال بالأموات، فبالرغم من انتهاء تلك الحضارة إلى أن طرق احتفالهم بأمواتهم لا تزال خالدة حتى الآن، فمثلًا، من ضمن الأشياء الشائعة عندهم أنهم كانوا يضعون الشخص المتوفي في قارب صغير ثم يُطلقوه في البحر بعد أن يضعوا الزيت به، ثم يقف أقرب شخص للمتوفي وهو يُمسك بسهم مُشتعل وينتظر حتى يسير القارب مسافة ليست بالقصيرة ليُطلق السهم على القارب متسببًا في اشتعاله وحرق الجثة المتواجدة به، أما الطقس الغريب المصاحب لذلك الاحتفال أنه كان يتم كذلك حرق الجواري بنفس الطريقة وهن على قيد الحياة، وذلك على سبيل الوفاء والإخلاص للمتوفي!

الاحتفال بالأموات عند الفراعنة

لم تفوت حضارة الفراعنة فرصة الاحتفال بالأموات دون أن تضع بصمة بارزة في هذا المجال، حيثُ تعتبر طريقة الاحتفال لديهم من أذكى طرق الاحتفال بالموتى في التاريخ، وتقوم تلك الطريقة على تحنيط جثث الأموات والاحتفاظ بها كما هي لفترة طويلة تمتد لآلاف السنين، وطبعًا المقابر التي يتم اكتشافها في الآونة الأخيرة أكبر دليل على ذلك الإعجاز الذي لا يعرف أحد أسراره بعد، فبالرغم من تقدم العلم ومرور آلاف السنين على بدء التحنيط إلا أنه لم يستطع أحد حتى الآن التعرف على كيفية التحنيط أو المواد المُستخدمة بهذا الأمر، فقط الجميع يعرف أن الفراعنة قد تفننوا وأبدعوا في الاحتفال بموتاهم لأبعد حد يُمكن الوصول إليه.

الاحتفال بالأموات عند بلاد فارس

بلاد فارس المجنونة كانت تحتفل بموتاهم عن طريق تقديمهم كوليمة للنسور والصقور فيما يُعرف باسم أبراج الصمت، حيثُ كان يُعلقون الجثث فوق القلاع العالية في مهب الريح أمام الصقور والنسور منتظرين التهامهم، والحقيقة أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك لغرض سيء كما تسول لهم عقولهم، بل كانوا يعتقدون أن ذلك الفعل سوف يكون سببًا في عودة أرواح موتاهم في أجساد أخرى، وهذا بالطبع أمر لا يتعدى كونه خرافة، لكن الغريب أنه لا يزال معمولًا به حتى الآن في بعض المناطق بتلك البلاد، لكن تطور الوضع قليلًا وأصبحوا يقطعون جثث الموتى ويُقدموها جاهزة دون الحاجة إلى تعليق.

الاحتفال بالأموات في بابوا غينيا الجديدة

احتفال آخر من الاحتفالات المخيفة بالأموات، وهو يقوم على جعل الشخص الميت وليمة لأهله، فبعد أن يتم تقديم واجب العزاء ينصرف الأشخاص الذين لا يصلهم صلة قرابة وثيقة بالميت، أما الذين تجمعهم علاقة طيبة بالشخص المتوفي فإنهم يجلسون في انتظار الوليمة، وهذه الوليمة في الحقيقة ليست سوى جثة ذلك الشخص الميت مُقطعة لأجزاء صغيرة ومطبوخة مثل أي لحم آخر، الأدهى من كل ذلك أن أطفال الميت وزوجته يُقدم لهم بشكل مُخصص الجزء المميز في جسم الإنسان، وهو المُخ، حيث يكون خاصًا بأولئك الذين كان يُحبهم الميت أكثر من أي شيء آخر.

الاحتفال بالأموات في إيطاليا

بالرغم من كون إيطاليا دولة من الدول المُتقدمة على مستوى العالم إلا أنها تتبع طُرق الاحتفالات الغريبة بالموتى، فلدى الإيطاليين مقبرة كبيرة تُسمى الكابتشين، وهذه المقبرة تُشبه المقابر الجماعية، وفيها يتم تعليق الموتى وليس دفنهم، حيث يُصبحون جزء من المناظر السياحية الخلابة، وفعلًا يأتي الناس لمشاهدتهم والتقاط الصور معهم، والحقيقة أنه لا أحد يعرف حتى الآن كيف فكرت تلك العقول المُستنيرة في جعل جثثهم يحظون بذلك المصير السيء، وهذا أمر بالتأكيد لا يختلف عليه أحد، لأن الأموات في كل زمان ومكان لهم حُرمة يجب أن تصان ولا تُعرض أبدًا للهوان.

الاحتفال بالأموات في بوليفيا

بوليفيا كذلك تعرف الاحتفال بالموتى، لكنها تكتب تاريخ خاص بها فيما يتعلق بهذا الصدد، فهي تقوم بأغرب شيء يُمكن القيام به على الإطلاق، حيث يقوم الناس هناك في يوم ما مُحدد في السنة بإخراج الأموات من قبورهم، ونحن هنا نقصد الهياكل العظمية بالتأكيد، ثم يبدؤون بعد ذلك في إلباسهم الملابس وتزيينهم بالورود ووضعهم في مكانٍ ما مُرتفع كي يتمكن الجميع من مشاهدتهم، وغالبًا ما يتم وضع سيجارة في فمهم، فهم يرون في تلك الطقوس مدخلًا للسعادة وتخليدًا رائعًا لكل أحبابهم الذين غادروهم، بينما الأمر في الحقيقة يُمكن اعتباره إساءة بالغة لهؤلاء المساكين الذين ليس لهم سوى ذنب واحد، وهو أنهم لم يوصوا بمنع تلك العادات قبل موتهم.

الاحتفال بالموتى في العصر الفيكتوري

العصر الفيكتوري القديم لم يكن أفضل حالًا من الاحتفالات السابقة، فقد كان يشهد كذلك بعض الأمور المجنونة التي أهمها مثلًا قص شعر الشخص الميت وعمل به السلاسل والأشكال الفنية، وطبعًا كانت النساء أكثر الموتى تعرضًا لهذا الأمر نظرًا لكِبر شعرها، لكن الأمر لا يتوقف فقط عند الشعر، فهناك كذلك الأسنان التي يقومون بخلعها وعمل الخواتم منها، وطبعًا قد يبدو هذا الأمر بالنسبة لأي شخص عقل تمثيل بالموتى وإهانة لهم، لكن بالنسبة لهؤلاء فقد كان الأمر برهانًا كبيرًا على الوفاء للموتى والاحتفاظ بذكراهم، والحقيقة أننا إذا كنا سنُقارن تلك الطقوس في الاحتفال بالموتى بما سبق فسوف يبدو لنا أنها أهون بكثير من أكل لحوم الموتى وأعضائهم.

الاحتفال بالموتى في المكسيك

المكسيك كذلك لا تُفوت فرصة الاحتفال بالموتى، حيث تضع لها نُظمًا غريبة قد تكون الأقل بين كل ما ذكرناه، وتحدث تلك الطقوس في اليوم الأول والثاني من شهر نوفمبر وليس في أي يومٍ من العام، أما اليوم الأول فهو يوم الأطفال الذين ماتوا وهم صغار، حيث يظن الناس هناك أن أرواح هؤلاء الأطفال تنزل على الأرض في ذلك اليوم من أجل الالتقاء بذويهم، أما يوم الثاني من نوفمبر فهو يوم البالغين الكبار، حيث تنزل أرواحهم كذلك من أجل الاحتفال.

الاحتفال بأموات المكسيك لا يتضمن إخراجهم من المقابر، لكنه يستوجب الذهاب إليها وتنظيفها جيدًا مراعاة وضع أكاليل الزهور والورد، بعد ذلك يبدأ الرقص بين القبور، وهو رقص احتفالي بالطبع، ولا ينتهي إلا مع غروب الشمس، حيث يرحل الأهالي في هذا الوقت بعد أن يكونوا قد وضعوا بجانب القبور بعض الأطعمة التي كان يُحبها الشخص قبل موته على سبيل الاحتفال أيضًا، وعادةً ما تكون تلك الأطعمة قد اختفت في اليوم التالي، لكن ليس لأن الأموات قد أخذوها بل لأنها قد تعرضت للسرقة من قبل الأحياء الفقراء.

الاحتفال بالموتى في إندونيسيا

تحظى إندونيسيا كذلك ببعض طقوس الاحتفال الغريبة بالأموات، ففي يوم مُعين من كل عام يذهب الأهالي إلى القبور، لكن هذه المرة لا يقومون بالاحتفال بالقرب منها كما يحدث في المكسيك، وإنما يقومون بفتحها واستخراج جثث ذويهم منها، ثم بعد ذلك يقومون بتنظيف الجثث جيدًا، والتي تكون طبعًا مجرد هياكل عظمية، تلك الهياكل عند تلبس الملابس الجديدة بعد التنظيف تُوضع في تابوت ويتم الطواف بها في كل مكان في القرية وسط حالة من الفرح والاحتفال.

عادةً ما يصحب ذلك الطقس تهشمًا لعظام الجثث، لكن هذا لا يشغلهم، وإنما فقط هم يهتمون بإخراج تلك الهياكل من قبورها والترويح عنها كما يعتقدون، عمومًا، في نهاية اليوم تعود الجثث إلى القبور مرة أخرى على أمل تنفيذ نفس الطقس في نفس اليوم من العام الذي يليه، وقد يعتقد البعض منكم أن هذا الفعل مجنون للغاية، إلا أنه بالنسبة لمن يقومون بهذا الاحتفال أرقى نوع من أنواع الوفاء بالموتى والتعبير عن حبهم.

ختامًا، يجب علينا أن نحدد موقفنا من تلك الاحتفالات وأنها طبعًا لا تمت للعقل بأي صلة، لكن في نفس الوقت لا ننسى بأن هؤلاء القائمين بتلك الاحتفالات يكون هدفهم الأول التعبير عن حبهم للميت وإسعاده قدر الإمكان.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

11 − ثمانية =