تُعتبر الأساطير الصينية القديمة واحدة من أشهر الأساطير التي تم تداولها على مدار التاريخ، فالصين كما اليابان، تمتاز بالتعداد السكاني الكبير بالإضافة إلى قِدم النشأة، مما أتاح للأساطير المُتعلقة بهما انتشارًا ورواجًا حتى الآن، لكن، الأساطير الصينية بالتحديد لا تخلو من الغرابة، وذلك بسبب تعلقها بالأشخاص أكثر من الأمكنة، وأساطير الأشخاص كما هو المعهود تُعطي مساحة أكثر للمبالغة، وأيضًا هناك أمر أغرب من ذلك، وهو أن الأجيال الصينية التي تناقلت تلك الأساطير ما زالت تعتقد بحقيقتها حتى الآن، فدعونا نتعرف معًا في السطور الآتية على أشهر الأساطير الصينية وكيفية نشأتها وخلودها حتى الآن.
تعرف على أغرب الأساطير الصينية القديمة
كوا فو والشمس
تُعد أسطورة كوا فو والشمس من أشهر الأساطير الصينية وأكثرها تأثيرًا على الأجيال الحالية، حيث تقول تلك الأسطورة أنه كان هناك رجل يُدعى كوا فو يعيش في قبيلة تحمل نفس الاسم، وفي إحدى الليالي نام أفراد القبيلة واستيقظوا على الشمس وهي تحرق كل شيء موجود، حتى الأشخاص أنفسهم، ولم يبقى، كما تقول الأسطورة، سوى كوا فو.
كوا فو كما هو المتوقع غضب من الشمس بسبب ما تسببت فيه من دمارٍ وخراب، لذلك قرر أن ينتقم منها بطريقةٍ غريبة بعض الشيء، وهي مُصارعتها حتى الإطفاء، وبالفعل تسترسل الأسطورة في هذا الأمر وتقول أن كوا فو أخذ يركض خلف الشمس طالبًا مُنازلتها، وكان كلما مرّ على نهر شرب ماؤه بالكامل حتى نفدت أغلب المسطحات المائية الموجودة في الصين، كما أن آثار أقدامه كانت تتسبب في تكوين الجبال والسهول، أما بصقاته فقد تكفلت بعمل فوهات البراكين.
نهاية الأسطورة
تستمر أشهر الأساطير الصينية، كوا فو، في المبالغة حتى تصل إلى القول بأن بطلها قد تمكن فعلًا من الوصول إلى الشمس ومصارعتها، بل وهزيمتها شر هزيمة، وعليه فقد حصل على تعهد منها بعدم التعرّض لأهل الصين مرة أخرى، وبالطبع لسنا في حاجة إلى توضيح الهدف من تلك الأسطورة الوهمية، وهو بث روح الحب والتضحية من أجل الصين.
تعميق هذا الأمر في نفوس الصينيين عن طريق الأسطورة تتطلب تخليدها على الكثير من أوراق الكتب وجدران المعابد، كما حظيت بمكانة كبيرة في الشعر حتى أصبحت واحدة من أشهر الأساطير الصينية الموجودة على الإطلاق.
أسطورة بان قو، فصل الأرض عن السماء
كما أسلفنا، تظل الأساطير الصينية مجرد أساطير لا علاقة لها بالحقيقة، وهذا بالطبع ليس مجرد افتراء، لأنه لا مجال لذلك خاصةً فيما يتعلق بأسطورة بان قو، والتي تقول ببساطة أن هذا المذكور قد قام بفعل الشيء الذي يتكفل به الإله في كافة العقائد والأديان، وهو فصل السماء عن الأرض.
بداية الأسطورة
تقول أشهر الأساطير الصينية، التي نؤكد أنها غير صحيحة بالمرة، أن بداية الكون كانت عن طريق استيقاظ بان قو من النوم ليجد نفسه داخل بيضة كبيرة، وبالمقاومة والمحاولات الكثيرة تمكن قو من كسر البيضة والخروج منها، لينتج عن ذلك الكسر تشكل السماء والأرض، وقد حدث الأمر ببساطة عن طريق عملية طبيعية جدًا، وهي تتطاير الأجزاء الخفيفة لتشكيل السماء وترسب الثقيلة لتشكيل الأرض، ليُدرك بان قو وقتها، وكما تقول الأسطورة، أنه قد شكّل السماء والأرض.
المُبالغة المعهودة
لم تكتفي الأساطير الصينية بهذا الحد فيما يتعلق بأسطورة بان قو، حيث أضافت أيضًا أن بطلها قو قد قام بعد ذلك، وعلى سبيل القلق، بإمساك السماء بكلتا يديه وتثبيت الأرض بقدميه، وكان طوله يزداد كل صباح آلاف الأمتار حتى وصل الارتفاع بين السماء والأرض إلى الحد الذي نراه عليه الآن، كما أنهم قد قالوا أيضًا بأن كافة التضاريس والظواهر الموجودة في الكون نتجت عن طريق ما سبق ذكره، فالشمس والقمر مثلًا هما عيني قو، والرعد والبرق من أنفه، والنجوم ما هي إلا خصلات شعره، وهكذا في بقية الظواهر كما تقول الأساطير الصينية، والتي نؤكد أنها غير صحيحة بالمرة.
الهدف من الأسطورة
الهدف من أسطورة بان قو ليس خفيًا بالتأكيد، فاختلاق حادثة مثل فصل السماء عن الأرض وتشكيل ملامح أغلب الظواهر دلالة على قوة وعزم الشخص الصيني، وقدرته على تغيير الأقدار أو مجاراتها على الأقل.
أسطورة هوانغ دي
تعد أسطورة هوانغ دي أيضًا من أشهر الأساطير الصينية وأكثرها انتشارًا على الإطلاق، وربما يكون ذلك ارتباطها في الأذهان بحادثة توحيد الصين التي يُقال إنها قد تمت تحت إشراف هوانغ دي نفسه، وقد أكسبته هذه الحادثة مكانة كبيرة في قلوب كل الصينيون وحب يتم توارثه من جيلٍ إلى آخر.
هوانغ دي يعرف كل شيء
فيما يتعلق بالمبالغة فلم تترك الأساطير الصينية هوانغ دي دون أن تنسب إليه ثلة من المُعجزات، حيث ذكروا في كتبهم وأشعارهم أن هوانغ دي هو تقريبًا الكائن البشري الوحيد الذي ولد مُلمًا بكافة العلوم وقادرًا على فهم أي شيء وحل كل المشكلات التي يتعرض لها، كما ادعوا أنه كان أول من امتلك القدرة على صناعة آواني الطعام وآلات الحرب والدفاع عن النفس وغيرها من الأشياء التي أشرنا من قبل إلى اعتقادهم بأنه لا أحد قادر على فعلها سواه.
الهدف من الأسطورة
أسطورة هوانغ دي، التي تُعد واحدة من أشهر الأساطير الصينية، لم تُردد بين الصينيين كل هذه القرون هباءً، وإنما كان الهدف الرئيسي منها هو جعل الإنسان الصيني مُعتقدًا بأنه قادر على فعل أي شيء، حيث يتردد كثيرًا هناك أن أحفاد هوانغ دي قادرون على فعل أي شيء، في أي وقت وبأي مكان، وهذه بالطبع مبالغة، إلا أنها في الحقيقة مُبالغة محمودة، فقد أعطتهم في بعض الأحيان دفعات معنوية جعلتهم قادرين على الاستمرار حتى الآن.
فوشي، رجل النار
أسطورة فوشي رجل النار لا تقل أهمية أيضًا عن باقي الأساطير الصينية، فهي التي تؤسس لبداية ظهور النار بالنسبة للصنيين، والنار هنا مقصود به الإضاءة وليس الإشعال والحرق، إذا تبدأ الأسطورة بذكر حالة فوشي التي كان عليها قبل اكتشافه للنار، إذ كان مُجرد شاب فقير، يعمل كمُزارع، لكنه بين يومٍ وليلة أصبح إلهًا وأسطورة للصنيين.
بداية الأسطورة
تبدأ الأسطورة بالظلام، حيث كان العالم، وخاصة الصينيون، قبل اكتشاف الإضاءة بالنار يعملون في الصباح فقط، أم الليل بأكمله يجعلونه للنوم، وذلك بالطبع لم يكن رغبة منهم بقدر ما هو أمر مفروض عليهم، حتى قيل أن شابًا يُدعى فوشي قد رأى في الحلم طريقة يمكن من خلاله الإضاءة في الليل، وهي طريقة الاحتكاك التي تولد النار، وقد كان الناس في البداية يخافون الاقتراب من النار لخوفهم منها، لكن فوشي كان يقترب منها دون أن يُصاب بأي أذى، مما دفعهم إلى الاحتذاء بفوشي والحصول على مصدر للإضاءة مازال يُعتمد عليه في بعض الأماكن حتى الآن، والسبب الأول والرئيسي كما يعتقد الصينيون هو أسطورتهم فوشي.
الهدف من الأسطورة
الهدف من أسطورة فوشي هو تقريبًا نفس الهدف من أغلب الأساطير الصينية، حيث أنهم يُريدون القول بطريقة أو بأخرى أن الصينيون قادرون على التجديد والاختراع دائمًا، وأنهم يفعلون كل شيء من شأنه مساعدة الإنسان والإنسانية.
أضف تعليق