تختلف أدوات الإعدام من بلد إلى أخرى ومن زمن إلى زمن، فمنذ أن أدرك الإنسان أن الموت أحد أنواع العقاب المطلوبة لاستمرار الحياة على الأرض أخذ يتفنن في كيفية تأدية تلك العقوبة على أكمل وجه، وبالرغم من النهاية تكون في كل الحالات موت المذنب إلا أن الإنسان لا يزال غير متفق بعد على الطريقة التي يُمكن من خلالها تنفيذ العقوبة، ومع اختلاف الطرق والأفكار بات من المنطقي أن تختلف الأدوات كذلك، وهذه هي نقطة الجدال، فهناك بعض أدوات الإعدام التي تجعل من الموت أمرًا سهلًا سريعًا وهناك بعض الأدوات التي تجعل من الإعدام تعذيب وعقوبة بحد ذاتها بالإضافة إلى عقوبة الموت، كلها طرق وكلها أدوات، لكن في النهاية يبقى الشيء الذي اتفقنا عليه واحدًا، وهو أن أدوات الإعدام تقود إلى الموت في حقيقة الأمر، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتناول سويًا تلك العقوبة من زاوية أخرى، وهي زاوية الأدوات التي كان يتم، ولا يزال، استخدامها من قِبل المنوط بهم تنفيذ عقوبات الإعدام.
عقوبة الإعدام
من المنطقي قبل التعرف على أدوات الإعدام أن نتعرف أولًا على عقوبة الإعدام، وهي ببساطة طريقة للقتل لا يُعاقب عليها الشرع أو القانون، ما دامت قد تمت بالصورة الصحيحة التي لا يدخل فيها الظلم أو معاقبة الذي لا يستحق المعاقبة، ولقد كان الإعدام هو الخيار الأول للإنسان عندما اكتشف أن ثمة أشخاص من بني جنسه لن يتوقفوا إلى بموتهم، لذلك، ومن أجل الحفاظ على الإنسان كان لابد من قتل الإنسان، هذا هو بالضبط ما يُطلقون عليه إخراج الموت من الحياة، لكن بالطبع ثمة بعض الضوابط التي لا يجوز تنفيذ تلك العقوبة بدونها.
أول تلك الضوابط يتعلق بالجهة أو الشخص المنوط به تنفيذ حكم الإعدام، فهو بالطبع ليس أي شخص عادي وإنما يمتلك من الذكاء والخبرة والعدل ما يجعله مؤهلًا لتنفيذ الحكم، كما أنه يجب أن يكون محل ثقة واحترام وتقدير من العامة، وهذا الشخص يُختزل حاليًا في صورة القاضي والشرطي والمُكلف بتنفيذ الإعدام، ببساطة شديدة، السلطة الحاكمة، فلو قام كل شخص بقتل من ظلمه بنفسه لأصبحنا في غابة وأصبح الناس مجرد حيوانات.
أدوات الإعدام
كما اتفقنا من قبل، أكثر الأشياء ظهورًا فيما يتعلق بتنفيذ عقوبة الإعدام ليس الشخص الذي يُنفذ العقوبة أو الذي تُنفذ عليه، وإنما الأداة التي يتم من خلالها تنفيذ ذلك الأمر، ففي النهاية المُعدِم هو الحاكم والمعدوم هو المذنب، لكان الأداة تختلف، وإن كانت النتيجة في النهاية واحدة، والحقيقة أن الإنسان على مدار تاريخه قد جرب الكثير من الأدوات التي أثبت بعضها نجاحًا والبعض الآخر فشل في إخراج العقوبة بالشكل المناسب لها، وسوف نتناول بالطبع كلا النوعين ونعرف كيف كان يتم استخدام تلك الأدوات في تنفيذ أصعب حكم في الوجود، وعلى رأس هذه الأدوات الخازوق.
طرق الإعدام بالخازوق
يُعتبر الخازوق أحد أهم أدوات الإعدام وأقدمها وأكثرها استخدامًا على مدار التاريخ، فقبل ثلاثة آلاف عام تم استخدام الخازوق لأول مرة من قِبل أحد ملوك بابل، والذي أعدم أكثر من ثلاثة آلاف شخص بهذه الطريقة، وطبعًا يُمكننا أن نستنتج ببساطة الهدف الرئيسي من استخدام تلك الأداة، وهو القتل مع بث الرعب في نفوس الآخرين، فلم يكن من السهل أن ترى شخص يُعدم ولا تشعر بالخوف، لكن من المستحيل أن ترى شخص يُعدم باستخدام الخازوق ولا ترتعد مكانك وتخور أقدامك، وذلك لأن ما يحدث أمامك هو أبشع طريقة للموت على الإطلاق.
طريقة الإعدام بالخازوق تختلف، فهناك من يفعل ذلك من خلال إدخال رأس مُدبب لعصا طويلة من الحديد أو الخشب في رأس الشخص المُعدم، ثم بعد ذلك يتم دفع تلك العصي حتى تخترق الوجه وتصل إلى آخر نقطة بين الفخذين، وهناك أيضًا من يفعل عكس تلك الطريقة ويقوم بالبدء بما هو أسفل الفخذين صعودًا إلى الرأس، الأصعب أنه مع تمرس البعض على طرق الإعدام تلك بات بإمكان الشخص المنفذ للحكم استخدام الخازوق مع الاحتفاظ بحياة المعدوم لفترة طويلة، طبعًا من أجل إذاقته العذاب، وإياكم أن تتخيلوا أن هذه الطريقة قديمة جدًا، فقد تم استخدامها لآخر مرة في القرن التاسع عشر.
طرق الإعدام بالمقصلة
المقصلة كذلك تُعد من أشهر أدوات الإعدام في التاريخ، وخاصةً التاريخ الفرنسي، فعلى الرغم من أن هذه الطريقة قديمة وشهيرة إلا أنه مع بداية الثورة الفرنسية تضاعفت تلك الشهرة وأصبحت طريقة الإعدام بالمقصلة أشبه بالتصافح بين الناس، فكل خائن في فرنسا أو تابع لأحد الملوك والأمراء كان مصيره في النهاية الوقوف تحت المقصلة، وهي شفرة حديدية تهبط على الرأس فتجعلها تتدحرج أمام صاحبه وترقص رقصتها الأخيرة، ولأن الثورة الفرنسية كانت تريد الانتقام بحق من الملوك، وخاصة الملك لويس السادس عشر، فقد تم اللجوء إلى تلك الطريقة المزلة والمهينة والمفزعة.
استمر العمل بطريقة المقصلة في فرنسا بعد نهاية الثورة، كان كل شخص خائن أو مُذنب مُعرض لأن يعود بالمساء إلى بيته وهو مجرد رأس موضوعة في كيس صغير، ولأن الطريقة كانت مفزعة كما ذكرنا فقد نادت الأصوات بإلغائها واللجوء لطريقة أكثر آدمية، وبالفعل في عام 1981 تم إلغاء الطريقة المزلة في فرنسا، لكن بكل أسف كان آخر شخص يُجرب هذه الطريقة هو العربي التونسي حامد جندوبي، والذي قيل إنه قد قام بتعذيب صديقته الفرنسية وقتلها أيضًا.
طريقة الإعدام بالغاز
من أشهر أدوات الإعدام التي كان العالم يستخدمها قديمًا هي أداة الغاز، أجل، يُمكن أن يكون الغاز طريقة من طرق الإعدام ببساطة شديدة، فكل ما يحتاج إليه القائمون على الأمر هو تجهيز غرفة معبئة بالغاز وإدخال الشخص المعدوم بها ثم فتح الغاز عن آخره، وغالبًا لن يأخذ أكثر من خمس دقائق حتى يلقى حتفه، وهنا تجدر الإشارة إلى أن من يستنشق الهواء الملوث بالغاز سريعًا هو من يموت سريعًا ويستريح من العذاب، لكن أولئك الذين يحاولون إغلاق أنوفهم وعدم استنشاق الهواء يُعانون أشد المعاناة، ولهذا فإن أول وأهم نصيحة تُقدم للشخص المُقدم على تلك التجربة ألا يغلق أنفه.
الإعدام بالفيل
من أغرب وأندر الطرق التي قد تسمعون بها في حياتكم هي طريقة الإعدام بالفيل، وهي التي يكون الفيل فيها هو الأداة المستخدمة في عملية الإعدام، وطبعًا هذا أمر غريب من الجنون تخيله، لكن الجنون الحقيقي يكمن في الطريقة التي يتم من خلالها تنفيذ الأمر، حيث يتم جلب الشخص المحكوم عليه بالإعدام وربطه ووضعه أسفل فيل هائج، وطبعًا هذا الفيل لن يتغاضى عن ذلك الرجل مهما كان، وإنما سيظل يضرب فيه بقدمه حتى الموت، وبالتأكيد كي يتم استخدام هذه الطريقة يتم تحضير الفيل ووضعه في حالة نفسية معينة كي يكون مستعدًا لقتل الضحية المراد تنفيذ حكم الإعدام عليها.
الإعدام بالتراب
من أهم أدوات الإعدام وأشهرها قديمًا على وجه التحديد تلك الطريق التي يكون التراب حاضرًا فيها وبقوة، ولأن الأرض هي الشيء الوحيد الذي لا ينفذ مهما أخذت منه كان الحكام يُفكرون في إعدام المذنب من خلال دفنه حيًا داخل الأرض، وطبعًا الأمر لا يأخذ ثوانٍ معدودة حتى يُغلق مدخل التنفس ويموت الشخص في الحال، أو ربما يُعاني قليلًا من الاختناق، لكن في النهاية تبقى نتيجة استخدام تلك الطريقة شبه محسومة، وهي الموت.
طريقة الإعدام بالحبل
لا يمكننا بأي حال من الأحوال أن نذكر أدوات الإعدام ولا نتحدث عن الأداة التي لا تزال مستمرة حتى الآن بأغلب دول العالم، وهي أداة الحبل، تلك الأداة التي يرى البعض أنها الطريقة التي تضمن الموت وفي نفس الوقت لا تُسبب الكثير من الألم للشخص الذي يتم تنفيذ العقوبة عليه، ففي النهاية هو سيموت، وهذه من وجهة نظر الأغلبية عقوبة كافية، لذلك ليس علينا أن نُزيد على تلك العقوبة عقوبة التعذيب من خلال بعض أدوات الإعدام الموجعة، وطبعًا ليس هناك شيء لا يستغرق في القتل سوى ثواني معدودة مثل الحبل.
مهمة الحبل الرئيسية هي كسر رقبة الشخص المذنب، وهذه الحالة طبعًا تستدعي نوع خاص من الحبال قادر على إنجاز المهمة بالصورة اللازمة، لأن كسر تلك الرقبة سوف يؤدي في النهاية إلى الانضغاط العصبي والوعائي، وهو ما يحتاجه أي شخص للموت، حيث سينقص الهواء والدم وكل شيء يُمكن أن يضمن استمرار الحياة، عمومًا تُستخدم تلك الطريقة كما ذكرنا في العديد من الأماكن وعلى رأسها مصر ودول الوطن العربي.
طرق الإعدام في مصر
بالنسبة لمصر فإن أشهر أدوات الإعدام المستخدمة بها هي الحبل، فمنذ وقت طويل تستخدم مصر طريقة الشنق من أجل قتل المذنب، والحقيقة أن العصر الحديث كله شاهد على هذه الطريقة في تنفيذ أحكام الإعدام، أما ما قبل ذلك، وفي العهد العثماني مثلًا، كان يتم استخدام أسلوب الرمي بالرصاص، وقبله طريقة إغراق الضحية أو الإلقاء بها من فوق جبل عالي، وفي بعض الأوقات استُخدم الحرق، عمومًا، كل طريقة من طرق الموت التي استخدمت في مصر كانت تتوقف على العهد الذي تعيش به والمحتل الذي يحتلها، أما حديثًا فيُعتبر الشنق هو الطريقة الرسمية والوحيدة للبلاد.
طرق الإعدام في داعش
في الحقيقة لا تتوقف داعش عند طريقة معينة في الإعدام، كما أنها من المفترض تستخدم كل أدوات الإعدام الممكنة، فهي مثلًا تستخدم طريق الحرق، وتقوم فيها بإدخال الشخص المراد تنفيذ الحكم عليه في محرقة كبيرة وتركه ليصارع الموت حتى تأكله النار، وقد تم تجريب تلك الطريقة مع الطيار الأردني معاذ، حيث تم وضعه في النار بدعوى أنه كان يقذف النار على المقاتلين في سوريا، وأيضًا من ضمن الطرق المفضلة طريق الذبح، وهي تلك الطريقة التي يُستخدم بها أداة السكين، وطبعًا جميع العرب، وخاصةً المصريين، قد شاهدوا بأعينهم تلك الطريق أثناء تجريبها على الواحد وعشرين مصري المنتمين للديانة المسيحية، حيث تم نشر فيديو يوثق لعملية الذبح التي تمت في ليبيا عام 2015.
إعدام داعش يمكن أن يتم بأي طريقة، فقتل الضحايا بالنسبة لهم يتوقف على السبب الذي يتم من أجل الإعدام، وهذا ما لاحظناه في الإعدام بالنار والذبح، وقد يعدمون الشخص كذلك من خلال رميه بالرصاص إذا كان أجنبيًا مذنبًا، في النهاية ما يعنيهم هو موته بطريقة ليست عادية أو طبيعية بالمرة.
أضف تعليق