آخيل ابن الإله ، أو مُحارب الإغريق الأول، أو صريع العشق، كلها أسماء لشخصٍ واحد تم تخليده على أنه واحدة من أعظم الشخصيات في التاريخ القديم، الإغريقي اليوناني خاصةً، حيثُ يُضرب به المثل هُناك في الشجاعة والقوة والعشق والتضحية، لذلك يختلف اثنان على دور آخيل ابن الإله المهم والرئيسي في حرب طروادة، أعظم حروب التاريخ، حتى وإن قيل عنها أنها كانت مجرد أسطورة ابتدعها الإغريق للتبختر بتاريخهم وتبجيله والتفاخر به بين الأمم، حتى وإن قيل أنه لا يوجد دليل دامغ على قيامها بخلاف الإلياذة المُحرّفة، وحتى لو قيل أيضًا أن آخيل كذلك أسطورة تم ابتداعها لنفس السبب، مهما قيل ويقال، ستظل طروادة أعظم حروب التاريخ، وسيظل آخيل، أسطورة الإغريق الخالدة.
آخيل ابن الإله والقصة الكاملة له
من هو آخيل ابن الإله ؟
يدأ الجدل حول ماهية آخيل وأصله الحقيقي منذ ولادته، بل وقبل ذلك، فنسب آخيل ابن الإله من المواضيع التي قُتلت بحثًا وقيل فيها الكثير والكثير، وأغلب ما تم التأكيد عليه كان من الأساطير والخرافات، لكن هذا ما تم القول به في أغلب الكتب والدراسات التي تناولت هذا الأمر، وهو أن آخيل ابن ملك فثيا بيليوس، وأمه ثيتيس حورية البحر.
اسم آخيل يعني في اليونانية الحزن، وربما يُعد ذلك الاسم غريبًا إذا ما تم النظر إلى ما فعله آخيل للإغريق في الحروب التي خاضها معهم، لكن تبرير هذا الاسم جاء منطقيًا في مُعظم الأساطير، حيث قيل أن الآلهة زيوس وبوسيدون تصارعا من أجل الزواج من ثيتيتس حورية البحر، إلا أن التكهنات كانت تقول أن الطفل الذي سيتم إنجابه من ثيتيتس سيكون أفضل من والديه، ومع استحالة ذلك بالنسبة للآلهة عزف زيوس وبوسيدون على الزواج منها، وتزوجها بيليوس، وبالفعل مات بيليوس في العام الذي ولد فيه آخيل، وأصبح آخيل هو الأسطورة الخالدة، ولم يُذكر بيليوس بعدها إلا عندما يشار إلى نسب آخيل فقط، لذلك تم تسميته بهذا الاسم، والحزن هنا عائد على والديه.
أساطير حول آخيل
لم يكتفي الإغريقيون بجعل آخيل نفسه أسطورة، بل قاموا بنسج الكثير من الأساطير حوله، منها ما تخص حياته الشخصية ومنها ما يتعلق بشجاعته في الحروف، وعلى ما يبدو أن الإغريق كلها قد كثفت جُهودها من أجل آخيل وأساطيره، ويبدو ذلك من حجم الأساطير التي قيلت عنه، ومنها:
1- غرسه في النهر، طريقة للخلود
تقول الأسطورة التي تتعلق بهذا الأمر أن والدة آخيل أرادت أن تعطيه حياة أبدية، فذهبت إلى أحد الكهنة فأخبرها أن تذهب إلى نهر ما وتقوم بغرسه فيه، وبالفعل نفذت والدة آخيل ما أمر به الكاهن، وقامت بغرسه وهو صغير في النهار إلا أنها كانت تحمله من كعب قدمه اليسرى، فلم تتمكن من غرس آخيل ابن الإله به، لتمر الأيام ويتعرض آخيل لكثير من الحروب ولا يُصاب بأي أذى، إلا أن يأتي باريس في حرب طروادة ويُصوب سهم نحم المكان الذي لم تتمكن والدة آخيل من غرسه فيه، ليسقط آخيل صريع في الحال، أو هكذا تقول الأسطورة.
2- إرساله لبلد أخر، طريقة للحماية
تقول الأسطورة أيضًا أن والدة آخيل قد عرفت من نفس الكاهن أن نهاية آخيل ستكون في حرب طروادة، لذلك قامت بتهريبه منذ الصغار وإبعاده عن أعين الإغريق، إلا أنه شُوهد ذات مرة وهو يرعى الغنم وتم التعرف عليه وأخذه إلى سبرطة، وهناك ظهرت موهبته القتالية وتم ضمه للجيش، ليذهب إلى طروادة بعدها ويموت كما تقول الأسطورة.
آخيل في حرب طروادة
ذهب آخيل مع الإغريق إلى طروادة لاستعادة هيلين زوجة ملك سبرطة التي قام بخطفها باريس ابن ملك طروادة، ومنذ بداية الحرب أظهر آخيل ابن الإله شجاعة فارقة، رجحت كافة الإغريق منذ الوهلة الأولى إلا أن أمرًا ما حدث وقلب الطاولة رأسًا على عقب، وجعل آخيل يعتزل جيش الإغريق.
آخيل والعشق
سقط آخيل في حب ابنة شقيق ملك طروادة، والتي تم أسرها في أثناء حرب طروادة، إلا أن أحد قادة الإغريق أساء مُعاملتها ذات مرة، فقام آخيل بأخذها والابتعاد عن معسكر الجيش، لتضعف كفة الإغريقيين وتتجه راية النصر إلى ملك طروادة، إلا أن أمرًا أخر حدث فأعاد الأمور إلى طبيعتها وأعاد آخيل إلى الجيش.
آخيل وابن عمه
ذات يوم أراد ابن عام آخيل، وهو شاب صغير، أن يُعيد الثقة مرة أخرى إلى جيش الإغريق، فارتدى درع آخيل وأخذ سيفه دون علمه ثم انطلق مُدعيًا انه آخيل حتى صدقه الجميع بما فيه جيش الإغريق، وفي غمرة الاندفاع تقاتل ابن عم آخيل مع فيكتور ابن ملك سبرطة، فقتله فيكتور ظنًا منه أنه قد قتل آخيل ابن الإله ، إلا إنهم قد اندهشوا جميعًا بظهور آخيل، ليعرف أن فيكتور قتل ابن عمه فيقرر الثأر ويذهب إلى حصن طروادة ويُبارز فيكتور ويقتله، ثم يعود إلى جيش الإغريق مرة أخرى لتدخل الحرب مرحلتها الأخيرة.
موت آخيل
أشاع الإغريق أنهم قد اكتفوا بالعشر سنوات التي قاموا فيها بمحاصرة طروادة، وانهم ينوون الرحيل وإعلان الاستسلام، إضافة إلى ذلك قاموا بإهداء حصان كبير إلى ملك طروادة، إلا أنه قد اتضح أن ما حدث كان مجرد خدعة من الإغريق، حيث كانوا قد أخفوا مئة جندي داخل هذا الحصان الضخم، وفور دخوله من أبواب طروادة انسلت من الجنود وقاموا بفتح أبواب طروادة أمام جحافل الإغريق بما فيهم آخيل.
فور دخول الإغريق طروادة اشتعلت المدينة، حيث قاموا بقتل كل من يُقابلهم، حتى قيل أن الدم كان يُغطي أقدام السائرين فعلًا وكأنه بحر، أما آخيل فدخل أيضًا لكنه دخل بدافع البحث عن حبيبته لا الحرب، وأثناء ذلك شاهده باريس الذي كان يُجيد الرمي بالسهام، فرماه بسهم في كعب قدمه فسقط قتيلًا كما تقول الأسطورة، أما باريس فقام بتهريب النساء والأطفال من الباب الخلفي، في حين تم قتل الملك في أثناء تصديه للهجوم ورفضه الهرب.
آخيل في الشاشة الصغيرة
لم تُفوت الشاشة الصغيرة بالتأكيد فرصة استغلال أسطورة آخيل ابن الإله ، خاصة وأنها قد أصبحت أسطورة عالمية وليس مجرد الإغريق فقط، فقاموا بصناعة فيلم قام ببطولته النجم الأمريكي الشهير براد بيت في دور آخيل، وديان كروغر في دور هيلين وإريك بان في دور فيكتور وأورلاند بلوم في دور باريس، ومن إخراج ولفجانج بيتيرسن.
عُرض الفيلم في التاسع من مايو سنة 200، وحقق نجاحًا كبيرًا في السينما العالمية، وترشح لأكثر من جائزة منها جائزة الأوسكار، وفاز بها، ويُقال إن ميزانية الفيلم قد تجاوزت المليار دولار بسبب مشاهد الحرب المُكلفة، لذلك يُعد فيلم طروادة أضخم إنتاج في تاريخ السينما العالمية.
وبعيدًا عن هذا الفيلم الذي عرّف العالم آخيل عن قرب، تم نصب تمثال لآخيل في أكثر من أربعة عشر دولة أوربية، وسُميت الكثير من المُنشآت والشوارع باسمه، وتعامل الكثير مع آخيل ابن الإله على أنه شخص حقيقي، كان في القرون العتيقة وأحرز النصر للإغريق، أما البعض الآخر، الذي يرى أن آخيل ابن الإله مجرد أسطورة ابتدعها الإغريق وقاموا بالترويج لها على مدار القرون الماضية، يعلم يقينا أن آخيل – وإن كان أسطورة- فسيظل أسطورة الإغريق الخالدة.
أضف تعليق