تسعة مجهول
الظواهر الخارقة
الرئيسية » ظواهر » أشهر الظواهر الخارقة في العصور الوسطى

أشهر الظواهر الخارقة في العصور الوسطى

يمتلئ العالم بالعديد من الظواهر الخارقة ، لكن الظواهر الخارقة الخاصة بالعصور الوسطى قد تكون واحدة من أكثر الظواهر الخارقة غموضًا حول العالم حتى الآن.

الظواهر الخارقة في العصور الوسطى اكتسبت الكثير من الزخم مؤخرًا. فعلى الرغم من الانتصارات العسكرية التي حققها القواد والملوك الأوربيين والقياصرة في العصور الوسطى، وعلى الرغم من البلاد الذين استطاعوا السيطرة عليها واحتلالها واستطاع البعض تكوين إمبراطوريات كبيرة وممالك من خلال احتلال أكبر قدر من المدن المتجاورة، إلا أنه لا ريب أن هذه العصور الوسطى كانت من أكثر عصور التاريخ إظلامًا، ومليئة بالخرافات والجهل، ومن أكثر الأسباب التي أدى إلى تهميش العلم وعدم تشجيعه وعدم الاهتمام بالعلماء ونقص الفلاسفة وإحلال الدجالين محلهم والمشعوذين، لذلك قاموا هؤلاء بإحداث أثرًا بالغ السوء على مستوى وعي الناس وطبيعة إدراكهم للأشياء، والتي امتلأت بأشياء مخيفة وسببت ظواهر مرعبة خارقة تحير الناس في تفسيرها وحتى يومنا هذا، وقد انتهت هذه الحقبة المظلمة من تاريخ العالم بترجمة الفلسفة اليونانية واختراع الطباعة وإحداث طفرة في البحث العلمي وتفسير الظواهر الكونية على أساس علمي تجريبي، مما كف أيدي الدجالين وتجار الدين واللاهوتيين عن حياة العامة وإدخال وعي جديد وفكر تنويري مشرق على معيشة العوام وأسلوب حياتهم، ولذلك انتهت العصور الوسطى التي كانت معروفة بعصر الظلام وبدأ عصر جديد سمي عصر النهضة أو عصر التنوير، والذي كانت بدايته تبشر بهذه الحضارة الحديثة التي نحياها الآن، وإليك أبرز الظواهر الخارقة التي شهدتها حقبة العصور الوسطى، ولا زالت لم تلقَ تفسيرًا مناسبًا حاسمًا حتى الآن.

أهم الظواهر الخارقة في العصور الوسطى

ظاهرة مخلوق الماء الغامض.

في إحدى قرى مدينة أورفورد، إبان عهد الملك هنري الثاني قام مجموعة من الصيادين باصطياد إحدى الكائنات الغامضة، حيث لاحظوا شيئًا ثقيلاً عالقًا في الشبكة فحرصوا أكثر على إخراجه ظنًا منها أنه صيدًا ثقيلاً ثمينًا سيدر عليهم الربح والمال، ولكنهم فوجئوا أنه رجلاً ذو لحية كثيفة ومغطى بالشعر تمامًا ونصفه الأسفل عبارة عن ذيل سمكة مع وجود زعانف له، لوهلة فقد الصيادون تركيزهم وعجزوا عن تحديد طريقة لتعاملهم مع هذا المخلوق الغريب ولكن بعد برهة اهتدوا إلى اقتياده نحو قلعة أورفورد وهنالك قاموا بسجنه وتقييده وضربه، أملاً أن يتحدث هذا المخلوق ويفصح عن سره ولكن دون جدوى، فقد ظل هذا الكائن العجيب والذي لم يُرى مثله من قبل أبدًا على صمته وحملقته فيهم بغضب مكتوم. ظنوا أنه يمثل الروح الشريرة في بحارة غرِقوا من قبل في البحر ولم يتوقفوا عن تعذيبه لكي يتحدث هذا الكائن ولكنه لم يجبهم إلا بهمهمات غير مفهومة دون كلمة واضحة أو حتى إشارة أو إيماءة.

تم عرض هذا الكائن على الكنيسة لعله لديه قوة إلهية أو طاقة روحانية ولكن كهان الكنيسة لم يبصروا فيه ما يشير إلى ذلك، فأعادوه مرة أخرى إلى السجن حيث قاموا بإطعامه وكان يتلذذ بأكل السمك النيء واعتصاره ولعق السائل الذي كان ينزل منه بلذة وشراهة شديدة، وبعد أن يئس ساجنوه من التواصل مع هذا المخلوق أو الحصول منه على أي معلومة تفيد كنهه أو ماهيته، قرروا أخذه للنهر كي يسبح ولكن برقابة منهم وفي نطاق شبكة كبيرة تنصب حوله تمنعه من الفرار، إلا أنه عندما تم أخذه بالفعل للسباحة هناك، استطاع اختراق الشبكة والنفاذ منها، ومن ثم هرب من الصيادين الذين كانوا يسجنونه ويعذبونه، ولم يُروى أنه قد ظهر في أي مكانٍ آخر على الإطلاق، ليظل هذا المخلوق لغزًا عصيًا على التصديق والتفسير.

ظاهرة ماجونيا أو السحب الطائرة

ظاهرة عجيبة ومعروفة في هذه الحقبة من تاريخ البشرية وكانت عبارة عن سحابة تأخذ شكل حلقة مستديرة، وتتحرك في السماء.. وقد سميت بهذا الاسم الغريب لأنه قد تم رؤيتها للمرة الأولى فوق منطقة اسمها ماجونيا فسميت باسمها، وقد رُوي أنها كانت أشبه بعربات طائرة تركض بين السحب الغائمة، مما عزز فكرة الأطباق الطائرة التي تتحرك في الأفق، أو الكائنات الفضائية التي تغزو الأرض.. وقد أثار وجود هذه السحابة الغريبة حيرة الناس ودهشتهم وخوفهم في الوقت ذاته حيث كان من الشائع الاعتقاد بأن الأطباق الطائرة تأتي لإرهاب الناس وخطفهم وسرقة المحاصيل الزراعية، ولا زالت تحظى هذه الظاهرة بشعبية كبيرة لأنها كانت من الظواهر القديمة التي أثارت فكرة وجود مخلوقات أخرى تسكن الكون وظهور الأطباق الطائرة في السماء.

ظاهرة الملك آرثر العجيب

أحد أشهر الظواهر الخارقة والأساطير البريطانية الشهيرة والتي لم يثبت صحتها حتى الآن، وأغلب الروايات تدور حول أنه عاش في القرن الخامس أو السادس الميلادي وهو قائد عسكري عظيم وقد نصبت حوله الكثير والكثير من الأخبار التي يقسم البعض أنها حقيقة بينما يوقن البعض أنها أساطير وتهاويل لا أساس لها. وقد ذكرت بعضًا من أساطير الملك آرثر في كتاب تالييسن وهو ديوان شعر منسوب للشاعر الويلزي القديم تالييسين عن أنه كان مقاتلاً للوحوش وصائدًا للتنانين وأنه ذهب للإتيان بإناء سحري لا يطهو فيه غير الشجعان. وقد تم تناقل أسطورة حول هذا الملك من أنه عندما قتل في إحدى المعارك نقلت جثته إلى جزيرة أفالون (وهي مملكة الموتى في الميثولوجيا الويلزية) لكي تتم معالجته بطريقة معينة بحيث أنه سوف يعود يومًا لقيادة شعبه والدفاع عنه واستعادة عرشه، وذلك الذي دفع الملك هنري الثاني إلى نبش قبره والتخلص من جثته تمامًا حتى يزول هذا الاعتقاد. ربما قد يتداخل مع شخصية الملك آرثر والصفات المنسوبة إليه الكثير والكثير من الأساطير والتهاويل الغير صحيحة، إلا أنه يظل إحدى الشخصيات الغريبة المحيرة في التاريخ.

ظاهرة جيوش الليل الطيفية

ربما شاهدنا من قبل الجنود أو المحاربين الذين كانوا عبارة عن أطياف ولم يكن لهم وجود جسدي في أفلام الفنتازيا والخيال العلمي والتي من أبرزها فيلم “ملك الخواتم” ولكن قد لا يصدق البعض أن ثمة روايات قد تناقلتها الناس عن وجود حقيقي لهذه الكائنات والتي كانت تشبه الأطياف والتي كانت تجوب الغابات والصحاري ليلاً ولم يقتصر الأمر على البشر في هيئة فرسان مقاتلين فقط بل إلى كلاب صيد وأحصنة أيضًا، وقد كان الناس –حسب هذه الروايات- يتشاءمون منهم، وقد اصطلح في ألمانيا على تسمية هذه الأطياف بـ “الجيش الغاضب” أو “جيش الغاضبون”، وكانوا في الدول الاسكندنافية يعتقدون أنهم عبارة عن أرواح المقاتلين القدامى تبعث من جديد بإرادة “أودين” إله الموتى واعتبروا أن ظهورهم ما هو إلا دق لطبول الحرب ونذير بالموت وإحداث الكوارث هذه من أشهر الظواهر الخارقة في الثقافة الشعبية.

كما أن من أبرز الإشارات التي تدل على مجيئهم هو عواء كلاب الصيد وصوت اصطكاك السلاسل وانبعاث دقات الأجراس، وهبوب الرياح خاصة في فصل الشتاء.. وربما حتى الآن لا زالت هذه الأمور تثير الخوف في قلوب الناس، وربما عرفنا لها الآن سببًا واطلعنا على أصل الموضوع، والذي ربما يكون بعيدًا عن الحقيقة.. ولكن الجزم بهذا من الصعوبات.

ظاهرة جنية اختطاف الأطفال أو “المستبدلة”

كما يوجد في الثقافة الشعبية لدى بعض الدولة العربية واحدة من الظواهر الخارقة وهي فكرة وجود “الجنية التي تخطف الأطفال” أو التي تستبدلهم بأرواح أخرى، كذلك أيضًا ساد في الثقافة الغربية إبان العصور الوسطى نفس الاعتقاد تقريبًا حيث لطالما اعتقدوا أن الأطفال لاسيما الإناث منهن ذوات الشعر الأصفر والبياض الشاهق ممن يتميزن بجمالٍ مبهر يكونوا محط أنظار الجنيات اللائي من الممكن اختطافهم ومن ثم استبدالهم بأطفال آخرين مشوهون لا يشبهون الأطفال الذين تم اختطافهم في البداية. وقد ساد هذا الاعتقاد لدرجة أن الكثير من النساء كانوا يُخفون أمر حملهن وكانوا يخفون أطفالهن أيضًا حتى لا تستهدفن الجنيات، وقد جرت العادة ألا ينام الطفل وحده أبدًا.. بل ينام تحت عناية ورقابة أحد أفراد أسرته الذي يظل مستيقظًا طوال الليل خوفًا من تعرضه للاختطاف والاستبدال من قِبَل الجنيات، وقد أشيع أن الغرض من اختطاف الجنيات لهؤلاء الأطفال ذوي الهيئة الجميلة والملامح الوسيمة بسبب اتخاذهن لهم كخدم، أو لعشق الجنيات للطفل البشري تحديدًا لا سيما ذوي الملامح الجميلة منهم، أو لأغراض أخرى. وقد تناقلت الروايات عشرات القصص التي تخبرنا عن مثل هذه الأمثلة والتي تم استبدال الأطفال فيها بآخرين مشوهون خلقيًا أو جسديًا أو مصابون بخلل جسدي أو عقلي.

ظاهرة هوس الرقص العجيبة

هذه إحدى أغرب الظواهر الخارقة على الإطلاق والتي لم تقتصر على قرية أو مدينة أو ظهرت على فردٍ واحد أو اثنين.. بل اجتاحت مدن بأكملها مصيبة كل سكان هذه المدن، وهي ظاهرة “هوس الرقص” والتي تناولتها كتب حديثة كثيرة في محاولة لتفسير هذه الظاهرة العجيبة، والتي كانت بدايتها في مدينة “آخن” الألمانية، حيث كان سكان هذه المدينة يقيمون احتفالات يمارسون فيها طقوس الرقص وذلك من أجل طرد الشياطين وإبعادهم، ولكن يبدو أن العكس قد حدث، حيث تحولت هذه الطقوس إلى ممارسات لا إرادية يمارسها الناس وكأن هناك قوة غريبة تدفعهم إلى الرقص دون توفر خيار التوقف في يديهم، وذلك أنهم كانوا يستمرون في الرقص حتى يسقطون على الأرض من الإجهاد والإرهاق الذي يصيبهم، وقد افترض العامة أن هذه إحدى حيل السحرة، وقد اعتقد بعضهم أن المرض كان ناجمًا عن لدغة إحدى أنواع العناكب والتي يطلق عليها ” العنكبوت الذئب”، واعتقد بعضهم أن سببه هو “التسمم الأرجوني” وهو نوع من الفطريات الذي يتغذى على الحبوب ويؤثر في العقل مما يؤدي إلى نوبات من الهلوسة والرقص، وقد استشرى هذا المرض من آخن في ألمانيا إلى مدن أخرى مثل فرنكفورت وكولون، وسرعان ما انتقل إلى هولندا وإيطاليا وفرنسا، وقد كان الوضع في فرنسا أشد وطأة حيث استمر الراقصون في الرقص لمدة قاربت الستة أيام، مما أدى ذلك إلى وفاة ما يقارب الأربعمائة شخص بسبب الجفاف والإرهاق.

ويرجع المؤرخ “جون والر” هذه الظاهرة الغريبة إلى مرض نفسي جماعي أصاب هؤلاء الناس وهو أشبه بالهستيريا الجماعية التي أصابتهم مرة واحدة وأجبرتهم على الرقص المُصاحب لهلوسات والتي يتسبب فيها شُحنات عالية من الضغط النفسي قد تصيب الناس بسبب أصوات الرياح أو الرعد أو فساد المحاصيل وغيرها. أما بخصوص التسمم الأرجوني فيرى “والر” أنه يسبب الهذيان وصعوبة وصول الدم إلى الأطراف مما يجعل من الرقص مع هذه الأعراض مستحيلاً.. لذلك هو يستبعد هذه الفكرة تمامًا.

وحتى الآن لا يستطيع أحد أن يجزم بالدافع وراء هذا المرض الغريب أو هذه الظاهرة الخارقة للعادة.

أخيرًا

لابد أن الكون يمتلئ بالظواهر الغريبة والعجيبة والخارقة لاسيما وتلك التي حدثت في العصور الوسطى والتي قد يعجز العلماء عن إظهار أي تفسيرٍ حاسم لها، وقد نال هذه الحكايات من التحوير والتهويل ما نالها، لكنها تظل رغم ذلك إحدى الظواهر الخارقة العجيبة والتي تثبت أن هناك أشياء كثيرة ما ورائية في هذا الكون قد نعجز عن تحليلها وتفسيرها.

محمد رشوان

أضف تعليق

سبعة عشر − 1 =