تسعة مجهول
ريتشارد كلينهامر
الرئيسية » جريمة » ريتشارد كلينهامر : الكاتب الذي قتل زوجته ثم ألف كتابًا عن القتل

ريتشارد كلينهامر : الكاتب الذي قتل زوجته ثم ألف كتابًا عن القتل

ريتشارد كلينهامر كاتب هولندي لم يحظى بأي قدر من الشهرة إلا بعد سجنه، حيث تبين أن روايته الأولى رواية حقيقية قد ألفها بعدما قام بقتل زوجته بالفعل، وقد اعترف بذلك بكل فخر مما يجعله شخصية مثيرة للاهتمام تستحق الحديث عنها.

طبعًا لا شك أن الكاتب الهولندي الأمريكي ريتشارد كلينهامر يستحق لقب الكاتب الأشهر والأغرب على الإطلاق بسبب ملابسات تلك الشهرة التي حصل عليها، إذ أن كلينهامر لم يحدث على الشهرة مثلًا لكونه قد ألف رواية جيدة أو أنه قد باع مليون نسخة في عام واحد أو أي شيء من هذا القبيل، فقط هو مجرد شخص مجنون كتب رواية يحكي فيها عن جريمة قتل رجل لزوجته قبل أن يثبت لاحقًا أنه يتحدث عن نفسه من خلال هذه الرواية وأنه فعلًا قتل، ثم بعد ذلك تستمر الغرابة مع هذا الرجل عند التعرف على المدة التي قضاها في السجن وما فعله خلال تلك المدة، فهل أنتم مستعدون للتعرف على واحدة من أغرب جرائم القتل الإطلاق؟ حسنًا، في السطور القليلة المُقبلة سوف نستعرض لكم قصة قتل ريتشارد كلينهامر لزوجته ونُبين كيف من الممكن أن يقود الجنون شخص ما إلى مصير مجنون للغاية، فما هي أحداث قصتنا يا تُرى؟

من هو ريتشارد كلينهامر؟

بالتأكيد قبل أن نتحدث عن جريمة ذلك المخبول الهولندي نحن في حاجة للتعرف على هويته وماهيته، فهو ريتشارد كلينهامر من مواليد هولندا 1963، ثم انتقل مع والدته بعد انفصالها عن أبيه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، هذا على الرغم من كونه في الأساس عاشق لوالده، لكن والدته كانت تمتلك حضانته في ذلك التوقيت ولم يكن ريتشارد سوى طفل صغير لا يفقه شيء، وبالتالي من الطبيعي أن ينساق حيث يُساق، وفي عام 1985 أصبح ريتشارد أخيرًا قادر على الاعتماد الكلي على نفسه، حيث أن أمه في ذلك التوقيت كانت قد ماتت ولم يعد يبقى له ثلة من الأصدقاء تعرف عليهم ريتشارد في المراحل التعليمية المختلفة، فقد كان الفتى اجتماعيًا من الطراز الفريد وكان يُصدق كل من يُمكن مصادقته، وربما هذا الأمر هو الذي جعله يُخرج مواهبه دون أية حرج، وخصوصًا موهبة الكتابة التي طالما حلم ريتشارد باحترافها.

ريتشارد كلينهامر والكتابة

في سن الثامنة عشر بدا على ريتشارد كلينهامر شغفه الكبير وحبه الشديد للكتابة ومن قبلها القراءة، حيث أنه لم يكن يفوت فرصة قراءة أي رواية تقع تحت يديه للدرجة التي جعلته يقرأ أكثر من مئة رواية في سن التاسعة عشر، وقد تحول شغف كلينهامر في نهاية المرحلة الثانوية من مجرد القراءة إلى الكتابة والتألق كذلك من خلال هذه الموهبة، حيث أنه قد فاز بجائزة التميز في المدرسة أكثر من مرة بخلاف الأصدقاء الذين طالما أثنوا على موهبة ريتشارد في الكتابة والإبداع في خلق القصص الغريبة، لكن في النهاية لم يؤثر كل هذا في خطوة ريتشارد الفارقة ولم يدفعه إلى تنفيذ حلمه المنشود، فقد كان الفتى يحلم بنشر رواية باسمه بأي طريقة ممكنة، لكن كل الأبواب كانت مغلقة تمامًا في وجهه، وهذا ما دفعه للتفكير في طريقة أخرى مبتكرة ومجنونة، بيد أننا قبل أن نتطرق إلى ذلك سوف نأخذكم في جولة إلى عالم ريتشارد الطبيعي وحياته الزوجية.

حياة طبيعية جدًا

حياة ريتشارد كلينهامر كانت طبيعية جدًا في البداية، بل ربما أكبر بكثير من مجرد كونها طبيعية، حيث أنه قد تزوج في الخامسة والعشرين من عمره من فتاة تدعى جوهانا وقع في حبها بعد دراسته الجامعية، وقد كان الجميع يرى ويعتقد تمام الاعتقاد أن ريتشارد يعشق جوهانا، بدا ذلك جليًا من تعاملاته معها والهدايا التي كان يحضرها لها، ثم بعد سبع سنوات من الزواج أشاع ريتشارد أن جوهانا قد اختفت دون سابق إنذار وأبلغ الشرطة بذلك، وطبعًا بعد تحقيق وبحث لم يتم العثور على جثة ريتشارد أو أي دلائل تُشير إلى خطفها، وهنا ظن الجميع أن جوهانا قد هربت من ريتشارد وأنها ربما أحبت شخص آخر وتركت من أجله كل شيء، هكذا ظن الجميع في عام 1991، لكن في عام 2000 اتضح أن الحقيقة كانت شيئًا آخر.

الصاعقة

في عام 2000 باع ريتشارد كلينهامر منزله وذهب إلى منزل آخر أقل في الحجم والتكلفة، وبعد أيام قليلة أبلغ المشترين الجدد عن عثورهم على رفات وهيكل عظمي في حديقة المنزل، وخمنوا لمن كانت تلك الرفات؟ لقد كانت لزوجة ريتشارد التي اختفت قبل سنوات، قبل عشر سنوات على وجه التحديد، وبالطبع أول ما فعلته الشرطة هو إلقاء القبض على هذا الكاتب، والذي اتضح أنه مجرد مخبول آخر، فقد قتل هذا الرجل زوجته في نفس التاريخ الذي اختفت فيه، لكن ما الذي حدث وكيف ولماذا؟ هذه الأسئلة هي التي كادت تطير العقول من الرؤوس، ووحده من امتلك الإجابات القاتل ريتشارد كلينهامر ، والذي ظل لفترة صامتًا قبل أن ينفجر ويُخرج كل ما لديه دفعة واحدة.

اعترافات غريبة

كان من المنطقي طبعًا أن ينهار ريتشارد كلينهامر بعد ضغط جهات التحقيق ويعترف بكل شيء يتعلق بالجريمة التي ارتكبها، لكن ما لم يكن طبيعيًا بالمرة ماهية تلك الاعترافات وشكلها، فقد قال ريتشارد صراحةً أنه قد قام بقتل زوجته عام 1991، وأن جوهانا لم تفعل أي شيء يستحق القتل، لكنه فعل ذلك في لحظة غياب عن الوعي وأراد استغلاله في كتابة رواية، تلك الرواية كانت تشرح بالتفصيل طريقة قتل الرجل لزوجته، حيث أنه قد استخدم فيها تعبيرات دقيقة وأوصاف خاصة وأشياء لا توحي بأي شيء بخلاف كون جريمة القتل المذكورة في الرواية جريمة أقرب إلى الحقيقة، أو جريمة حقيقية على وجه التحديد، أيضًا اعترف ريتشارد بأنه بعدما فعل ما فعل قام بدفن جثة زوجته، ليس خوفًا من افتضاح جريمته، وإنما رغبةً منه في عدم افتضاح أمر روايته، وقد تحقق له ذلك طوال هذه الفترة.

الرواية الثانية

لم يتوقف استغلال ريتشارد كلينهامر لجريمة مقتل زوجته عند ذلك الحد الذي ذكرناه، فبغض النظر عن القضية وكل ما تعرض له كان الرجل في غاية السعادة لأنه أخيرًا حصل على الشهرة التي كان يبحث عنها، وقد أقحم ذلك في مسألة الكتابة من خلال تأليف رواية جديدة خلال فترة سجنه، تلك الرواية الجديدة حظيت بقدر من الشهرة جعل الناس يتعجبون من موهبة ريتشارد التي قام باستغلالها بطريقة غير صحيحة، أو طريقة مجنونة تحديدًا، فالرجل قتل زوجته ليكتب رواية؟ هل تتخيلون طريقة وحشية أشد سوءًا من هذه؟ حسنًا، بعيدًا عن ذلك، إليكم المفاجأة التي جاءت من خلال الحكم في هذه القضية.

حكم ظالم

تخيل عزيزي القارئ أن المحكمة قد حكمت على قاتل زوجته ريتشارد كلينهامر ، والذي اعترف بجريمته ولم يدع أي مجال للشفقة، بالسجن لمدة سنتين؟ أجل كما تسمعون تمامًا، لقد جاء الحكم بالحبس لعامي فقط، والأكثر جنونًا من ذلك أن ريتشارد لم يقضي في السجن سوى ستة أشهر فقط من هذه الفترة، فقد قيل إن حسن السير والسلوك اللذان تمتع بهما هذا الرجل جعلا إدارة السجن تأخذ قرارًا بالإفراج عنه، وطبعًا كما هو واضح للجميع فإن الشخص الوحيد الذي ظُلم في تلك القضية الزوجة المسكينة التي قُتلت بدم بارد ولم تحظى حتى بدفن يليق بها.

ختامًا عزيزي القارئ، أنت الآن بالتأكيد تقف في حالة ذهول تام مما حدث من ملابسات في هذه القضية المجنونة، فأن يقتل الرجل زوجته أمر طبيعي ويحدث كثيرًا، لكن من خلال ما تم ذكره في تفاصيل عملية القتل وما حدث لاحقًا في الحكم يجعلنا ننظر إلى القضية بعين الاندهاش ولا شيء آخر.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

18 − ستة =