تسعة مجهول
طرق الانتحار الغريبة
الرئيسية » غرائب » طرق الانتحار الغريبة: قصص أشخاص مُبدعين حتى في طريقة موتهم

طرق الانتحار الغريبة: قصص أشخاص مُبدعين حتى في طريقة موتهم

طرق الانتحار الغريبة تعد برهانًا واضحًا على أن الإنسان لا يفارق إبداعه حتى في اللحظة الأخيرة بحياته، كما أنها تبرهن كذلك على ارتفاع درجة الجنون.

شهد التاريخ على مداره الكثير من طرق الانتحار الغريبة، والحقيقة أن تعامل البشر مع الموت كان ولا يزال أحد أهم الأمور التي تُحير العقل وتُحيله فعلًا إلى الجنون، فالبشر بطبيعتهم يخشون الموت ويهربون منه في كل مكان وزمان، لكن أنيُقدموا هم بأنفسهم على تنفيذ أحد طرق الانتحار الغريبة من أجل إنهاء حياتهم بأنفسهم فهذا هو الجنون بعينه، وإذا كنا سنتغاضى عن هذا الأمر فإنه لن يبقى لنا سوى مُناقشة تلك الطرق، وهذا ليس انطلاقًا من مبدأ التعرف على أيها أصح وأيها خاطئ، وإنما فقط من أجل التعرف على أيها مجنونًا وأيها أكثر جنونًا، أو بمعنى أبسط من ذلك، التعرف على درجة الغرابة في هذه الطرق وكيف يُمكن أن يصل الإنسان لها، عمومًا، دعونا لا نتسرع في الحكم قبل أن نتعرف حقًا على أبرز تلك الطرق والكيفية التي تم تنفيذها بها، فهل أنتم مستعدون حقًا للتعرف أكثر عن ذلك الموضوع الشيق؟

طرق الانتحار الغريبة

لا يكره البشر شيء أكثر من الموت، وهذا الأمر قد ثبت في كل مرة واجه فيها أحد البشر الموت، فهو جاذب للخوف والهلع، ولهذا كان من الطبيعي أن الإجابة عن سؤال يتعلق بأسباب الموت تكون غير مشتملة تمامًا على طريقة قتل الإنسان نفسه بنفسه، أو بمعنى أدق، عدم سعيه للانتحار، لكن الأمور لا تسير دائمًا في صورتها الطبيعية، يحدث أحيانًا أن تنقلب الحياة وتتحول أحوالها، يمل الناس منها ويطلبون الموت، وحين لا يأتيهم يسعون هم إليه ويرغبون في إنهاء حياتهم، أو الانتحار كما ذكرنا، ومن هنا ظهر الجنون الحقيقي.

سعي الناس إلى الموت لم يكن أمرًا مفهومًا في البداية، ثم بدأ البعض بعد ذلك يتقبلون الفكرة شيئًا فشيئًا حتى أصبح البحث عن طرق غريبة للانتحار، بمعنى أدق، لقد أصبحت الظاهرة بحد ذاتها مُثيرة، وسوف نتأكد من هذا الأمر سويًا عندما نتعرف على أبرز طرق الانتحار، والتي على رأسها مثلًا طريقة السيبوكو.

السيبوكو، طريقة التكفير عن الذنب

أكثر أسباب الانتحار تكون متعلقة من قريب أو من بعيد بالشعور بالذنب، ذلك الشعور الذي يُصاحب الشخص ويجعله غير قادر على الحياة مرة أخرى، ولهذا فإن اليابان تسعى دائمًا إلى أن تضع حدًا لذلك الأمر بما يتماشى مع المعتقدات والأساطير التي تؤمن بها، ومن هنا جاءت فكرة السيبوكو، فهي طريقة يُمكن من خلالها قتل الشخص مع ضمان التكفير عن كافة الذنوب السابقة التي قام بارتكابها، وأيضًا تطهير روحه كي تتناسب مع الحياة الأخرى التي سيعيشها في جسد آخر بعد موتها، إنها طريقة مثالية من وجهة نظر اليابانيين، كما أنها كذلك طريقة تكريم وليس قتل بالمعنى الحرفي.

ظهر السيبوكو قديمًا، وعلى الرغم من أن كل شيء قديم في اليابان قد مر بفترة انتقاء وتنقيح إلا أن السيبوكو لا يزال حاضرًا حتى الآن في بعض القرى، وهو ببساطة يتم من خلال إحضار الشخص لنفسه في ميدان عام مصحوبًا بخرقة أو قطعة قماش قديمة يجلس عليها ثُم يُخرج سيفًا ويقوم بشق بطنه به، بعد ذلك يأتي شخص مُتخصص ويقوم بشق الرقبة كي يُنهي معاناة ذلك الشخص، والذي غالبًا ما يُعامل معاملة الأبطال لأنه امتلك القدرة على قتل نفسه لحظة شعوره بالندم والذنب حيال أمر خاطئ قام بفعله.

الانتحار بالروليت، انتحار الروس الأول

عظمة الروس لا تقل كثيرًا عن عظمة اليابانيين، فهم كذلك قد تمكنوا من اختراع طريقة غريبة للانتحار، لكنها أكثر جنونًا من أي طريقةٍ أخرى، فهي تعتمد بالمقام الأول على الحظ، وطبعًا الحظ لن يكون حليفًا لك دائمًا، فمن يُقدم على هذه الطريقة ربما لا يتوقع الموت بنسبة مئة بالمئة، ولكنه يُريده ويتمناه بنفس هذه النسبة، واسألوا الجنود الروس عن تلك الطريقة فقد كانوا أول من ابتدعها وأول من أسرف في استخدامها كذلك، وبالرغم من أنها قد قتلت منهم الكثيرين إلا أنها قد أسهمت أيضًا في قتل حالة الخوف والملل التي كانوا يُعانون منها خلال الحرب العالمية الثانية.

الروليت ببساطة تعني أن يتم وضع رصاصة واحدة في مسدس، ثم يُجرب الشخص التصويب على نفسه، فإن خرجت الرصاصة واخترقت رأس ذلك الرجل لتقتله فهذا يعني أنه حقًا يستحق الموت، أما إذا جاء الحظ معه وتأخرت الرصاصة في الانطلاق فهذا يعني أن الحياة تمنحه فرصة أخرى، وبالمناسبة، فرصة النجاة من هذه اللعبة تكاد تكون شبه متساوية بالصفر، أما فرصة الموت فهي مُرتفعة نظرًا لدرجة الخطورة المرتفعة أيضًا.

قطع الرأس، طريقة فردية غريبة

أيضًا من أغرب طرق الانتحار تلك الطريقة التي قام بها جيرالد ميلين في عام 2007، فهو مجرد شخص تزوج عن حب وأراد إكمال ما تبقى من حياته في أحضانها، لكنها على العكس لم تكن تُبادله نفس ذلك القدر من الحب، ولذلك طلبت الطلاق منه في عام 2007، وبالرغم من تهديده لها بقتل نفسه حالة تركه إلا أنها لم تستمع حقًا له ومضت في طريقها، فما كان من جيرالد المجنون إلا أن نفذ تهديده أمام جمعٍ من الناس في قلب النهار، وذلك من خلال حبل طويل، وطبعًا أنتم تعتقدون أنه قد قام بشنق نفسه، لكنه لو فعل ذلك لما كانت طريقة انتحاره ضمن أغرب طرق الانتحار على الإطلاق.

ربط جيرالد رقبته بالحبل من طرف، ثم ربط الطرف الآخر بالشجرة الموجودة بجوار سيارته، أما الخطوة الأخيرة في تنفيذه لطريقة الانتحار المجنونة تلك هي أنه قد دخل إلى السيارة ثم استقل مقعده وبدأ القيادة مبتعدًا عن الشجرة بسرعةٍ جنونية، وما هي إلى لحظاتٍ قليلة حتى كانت رقبته تتدلى من فوق الشجرة، فطبعًا لم تتمكن رأسه من معادلة قوة الشجرة فاقتُلعت من مكانها على الفور كاتبةً بذلك واحدة من أغرب طرق الانتحار على الإطلاق.

الانتحار بالدفن مع العائلة، طريقة الاعتزاز والولاء

كذلك من أغرب طرق الانتحار تلك الطريقة التي قام بها بوليمون، أحد الرومانيين القدماء، فهذا الرجل لم يرغب أبدًا أن يُكلف الآخرين عناء دفنه بعد الموت وحمله حتى مكانه الأخير، لذلك طلب من عائلته أن تُدخل حيًا إلى أحد أماكن الموت بجوار عظام عائلته وأحبابه، وهناك ظل ثلاث ليالي يُعاني وحيدًا حتى لفظ في النهاية أنفاسه الأخيرة ومات وحوله كل الذين أحبوه من قبل وغادروه لأي ظرفٍ من الظروف، مات مُحاطًا بالحب، وهي ميتة يرغب فيها الجميع بلا شك.

موت بوليمون في الأصل، أو بمعنى أدق تفكيره في الانتحار، كان بسبب داء الملك الذي أُصيب به، والذي جعله غير قادر على الحركة أو فعل أي شيء، لذلك فضل أن يُنهي الأمر بنفسه ولا يُتعب عائلته معه، وقد نفذ تلك الفكرة بالطريقة التي ذكرناها الآن، وهي طريقة للتعبير عن الانتماء والحب أكثر من كونها طريقة للانتحار والموت.

الموت بالإكراه، طريقة الانتحار النادمة

أن تحاول أن تنتحر فهذا أمر سيء بالتأكيد، لكن أن تأتي في منتصف ذلك الانتحار وتُقرر التراجع فهذا أمر جيد، فقط إذا كنت تمتلك حقًا طريقة للتراجع، فقد ضرب لنا ريتشارد سمنر مثالًا على الغباء أثناء الانتحار وما يُمكن أن يؤدي إليه من عواقب سيئة، والأمر ببساطة يحكي عن فنان تشكيلي يُدعى ريتشارد أراد أن ينتحر بطريقة فريدة بعض الشيء وتدل فعلًا على أنه كان ثمة فنان وانتحر، تلك الطريقة كانت تستعمل الطبيعة في المقام الأول، وتحديدًا الأشجار الموجودة في الحدائق والغابات النائية التي لا يُمكن الوصول إليها بسهولة، وهذا في الواقع أكثر ما كان يتمناه ريتشارد في البداية.

ذهب ريتشارد إلى غابة منعزلة ثم ربط يده بالأصفاد وأوصلها بشجرة يجلس بجوارها ثم طوح مفاتيح الأصفاد بعيدًا، كان يُوصل رسالته بأنه لا عودة مما هو ذاهبٌ إليه، وفعلًا، لم يعد ريتشارد مرة ثانية، ولم يتم العثور على هيكله العظمي سوى بعد أكثر من ثلاث سنوات، وهنا كانت الصاعقة في أن ريتشارد كان يُحول التراجع عن قراره بعد أخذه، فقد وُجدت بعض آثار الانتزاع والتملص على الأصفاد، لكن الوقت حينها كان قد فات ومات ريتشارد على نيته الأولى، الانتحار وهجر العالم الذي لم يعد يهتم بفنه، أو هكذا كان يظن لحظة التفكير في الانتحار.

الحوت الأزرق، لعبة تقودك إلى الموت

من أغرب طرق الانتحار التي ظهرت على وجه التحديد في بداية القرن الحادي والعشرين هي طريقة الحوت الأزرق، تلك الطريقة التي تأخذك إلى الموت من طُرق أقل ما يُقال عنها أنها مجنونة، فأنت لن تقتل نفسك فقط بل أيضًا ستستمتع حسب قوانين اللعبة، وإن كُنت مُصيبًا في رغبتك بالموت فإن مهمة الحوت الأزرق الرئيسية أن تجعل منك شخصًا يلقى حتفه وهو يُعانق المتعة، والآن، هل تُريدون حقًا تجربة الحوت الأزرق؟

بالتأكيد لا، فكل هذا جنون، والنهاية في النهاية واحدة، وهي الموت ومغادرة الحياة، لكن الحوت الأزرق تأخذك من الطريق الذي تتوقع أنها لن تأخذك منه، وهو طريق المتعة، حيث أن قوانين اللعبة تنص على إرسال خمسين أمر إليك، وعليك أن تُنفذ تلك الأوامر في خمسين خطوة صحيحة، وإذا نفذتها بالطريقة المثالية فإن الجائزة سوف تكون بانتظارك، لكن ما هي الهدية؟ إنها ببساطة الموت، أو أبشع شيء في الحياة على وجه التحديد.

نهاية الحوت الأزرق

انتشار الحوت الأزرق كان داعيًا حقًا للدهشة، فقد ظهر الكثير والكثير من المراهقين والمُحطمين المُحاولين التخلص من حياتهم بطريقة مثيرة من وجهة نظرهم، وطبعًا لم يجدوا إثارة أكثر من الموت على طريقة لُعبة مصممة من شخص مجنون يرى أن الكثيرين لا يستحقون الحياة لكنهم لا يعرفون طريقة يُمكن من خلالها التعبير عن عدم الاستحقاق للحياة، ولهذا فإنه قد قام بتصميم الحوت الأزرق قد يحظى كل شخص بما يستحق وبطريقة مثالية رائعة.

تتبعت الشرطة مُصمم اللعبة حتى تمكنت من القبض عليه، كما تمكنت كذلك من وقف انتشار اللعبة بعد أن كانت قد وصلت إلى أكثر من ثمانين ضحية، عمومًا، ثمة أمر هام جدًا يجب أن تعرفوه، وهو أن اسم اللعبة، الحوت الأزرق، لم يأتي بطريقة عشوائية، بل يُقال إنه في فترة من الفترات أخذت الحيتان تنتحر بطريقة غريبة ومُثيرة للدهشة، وهذا ما جعل اللعبة تستحق هذا الاسم لكونه ينطلي على خلفية غريبة، لكن في النهاية يبقى الموت موتًا مهما كانت الطريقة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

سبعة − 4 =