على الرغم من أن قصة الدكتور جون لامب تندرج تحت قصص الرعب والسحر والشعوذة، إلا إن جون لامب هو شخصية حقيقة عاشت بالقرن السابع عشر الميلادي في إنجلترا. وشكل وجوده مرارة للشعب الإنجليزي الذي كره الحكم والسياسة آنذاك. وكان شخصية صاحبت نفوذ سياسي لأنه تلاعب بعقول السياسيين بألاعيبه السحرية المخيفة والغامضة. تعرف أكثر على الدكتور جون لامب، وكيف امتلك هذا الصيت السيء؟
من هو الدكتور جون لامب؟
سُمى جون لامب “شيطان الدوق”، لأنه كان المستشار الطبي الخاص لدوق بكنغهام “جورج فيليرز”. في الأعوام ما بين 1592 إلى 1628. وهو ساحر رديء السمعة عند الإنجليزيين في ذلك الوقت. ولم تكن مشورته الطبية فقط، هي التي يحتاجها الدوق، بل كان يقدم له مشورة في السحر والشعوذة وكيفية استخدام السحر في السياسة. ولأن الشعب الإنجليزي كان يمقت السحر والمشعوذين، استطاعوا قتل الدكتور جون لامب في احتشاد لهم بتهمة ممارسة السحر عام 1628.
النفوذ السياسي
امتلك الدكتور جون لامب نفوذ سياسي خلال فترة وجوده بجانب الدوق جورج فيليرز. واستطاع بهذا النفوذ أن يتخطى القوانين مرارًا وتكرارًا. فوجوده في حد ذاته كان انتهاكًا للقوانين التي تحرم ممارسة السحر والشعوذة في إنجلترا. وقد أنقذته هذه النفوذ من حكم الإعدام لأنه اغتصب فتاة صغيرة، ولم يتم محاكمته أبدًا. ولهذا مقته الشعب الإنجليزي.
نفوذه السياسي بسبب قربه من أهم رجل سياسي في ذلك الوقت، ألا وهو دوق بكنغهام. وهو أحد أهم نبلاء إنجلترا ويعتبر الحاكم الفعلي للمملكة في السنوات الأخيرة من عهد الملك جيمس الأول. وكذلك السنوات الأولى الثلاث من عهد الملك تشارلز الأول. وعلى الرغم من قربه بملوك إنجلترا إلا إنه طالما مقته الشعب الإنجليزي بسبب حكمه الظالم وحملاته العسكرية الفاشلة. وأخر حملة فاشلة له كانت على ميناء قادس البحري في إسبانيا. وقد تم اغتياله في الأخير على يد ضباط جيش يدعى “جون فتلون”. بعد شهرين فقط من قتل الدكتور جون لامب عام 1628.
سحر الدكتور جون لامب
بصرف النظر عن شخصيته الرديئة، اشتهر الدكتور جون لامب بقواه السحرية المذهلة والمخيفة في بعض الأوقات. ونذكر من قصصه هذه الواقعة.
دعا الدكتور جون لامب رجلين يدعيا “باربور وساندز”، للشرب في منزل الدكتور. فوافق الرجلان لشهرة ونفوذ الدكتور. وهناك تحدثوا جميعًا عن قوى الدكتور السحرية، وكيف يتمكن من فعل أشياء غير معقولة. فعرض الدكتور أن يقدم لهم عرض سحري مبهر خاص لهم كنوع من الضيافة. ووافق الرجلان. وفجأة ظهرت شجرة كبيرة في منتصف الغرفة تمامًا. شجرة ذات فروع وأغصان كاملة، ويبدو أنها تمتلك جذور متينة تحت أرض الغرفة.
اندهش الرجال لغرابة الأمر، ولكن الشجرة لم تكن عامل الاندهاش الوحيد. إذ ظهر بعدها ثلاثة رجال من قصار القامة “أقزام”. ويحملون فؤوس كبيرة الحجم. وبدئوا بتقطيع الشجرة من جذورها. ثم حملوها وخرجوا من المنزل. انبهر الرجال بشدة مما رأوه، واقتنعوا أن الدكتور جون لامب رجل غامض يمتلك قوى سحرية مخيفة، يتحكم بها في عوالم أخرى ويفعل أشياء خارقة للطبيعة.
قوى شريرة تهاجم أحد المدعوين
بعد الانتهاء من هذا العرض السحري المبهر، وقعت رقاقة من شخب الشجرة على معطف باربور، وهو أحد الرجال الذين دعاهم الدكتور جون لامب إلى منزله. ومن شدة إعجابه بالعرض قرر الاحتفاظ بالرقاقة سرًا في جيب معطفه. ثم خرج من منزل الدكتور وعاد إلى منزله وعائلته. ومر باقي اليوم بشكل طبيعي تمامًا وسرد على أسرته ما شاهده عند الدكتور جون لامب.
في ذلك المساء ذهبت الأسرة جميعها إلى النوم. وعندما كانوا جميعًا في الآسرة، بدأت نوافذ البيت كلها تنفتح على مصراعيها وكأن رياحًا قوية تهز أركان المنزل مع إن الجو بالخارج كان هادئًا. فتفتح النوافذ وتصطدم بشدة مع جدران المنزل، ثم تنغلق بمفردها، ثم تعود لتنفتح من جديد. وكأن هناك أرواحًا شريرة تهاجم المنزل. وهذا ما قالته زوجة باربور بالفعل. قالت لزوجها أنه بالتأكيد قد فعل شيء لم يكن من المفترض أن يفعله عند زيارته للدكتور جون لامب، ولابد أن يتخلص من فعلته وإلا فإنهم لن يرتاحوا أبدًا.
اعترف باربور بأنه احتفظ بشريحة شخب من الشجرة السحرية في معطفه. وقام بإلقاء الشريحة خارج المنزل من النافذة. وعندها فقط هدأت نوافذ المنزل وعادت لطبيعتها. فعادوا جميعًا إلى النوم، ولكن باقتناع تام بتعامل الدكتور جون لامب مع القوى الشيطانية الخارقة.
خادمة الدكتور جون لامب
يمتد ذكر الدكتور جون لامب حتى بعد موته على يد الحشود الغاضبة، ولكن من خلال خادمته أو مساعدته “آن بودنهام”. بعد موت الدكتور جون لامب لم نسمع عنها الكثير في السنوات التالية، إلا إنها تزوجت من “إدورارد بودنهام”، وتعيش في هدوء. ولكن حقيقة وجودها تحت سقف واحد تساعد جون لامب، لم يكن أبدًا سمعة ودودة بالنسبة لها. وقد تمت محاكمة آن وهي في سن الثمانين من العمر، وأعدمت بتهمة ممارسة السحر والشعوذة.
في الحقيقة كانت آن تمارس الشعوذة في الخفاء طيلة الوقت، كما تعلمته تمامًا من الدكتور جون لامب. فكانت معروفة بقوتها كعرافة تستطيع مساعدة أي شخص لمعرفة مستقبله. كما كانت تساعد الرجال في بيع مسروقاتهم وتأخذ هي نسبة معينة من المال. ونذكر لك قصة معروفة عن تلك الخادمة.
سحر وشعوذة خادمة الدكتور جون لامب
في أحد الأيام، جاءت إلى منزل آن بودنهام امرأة، يريد زوجها أن يعرف ما الذي سيحصل في قضية كبيرة متهم بها. ولم يكن الأمر غريب عليها فبدأت فورًا بالقيام بأساليبها السحرية المخيفة كما تعلمتها من الدكتور جون لامب.
أخذت آن ترسم دائرة على أرضية الغرفة. ثم حملت كتاب بيدها وحملته إلى داخل الدائرة، ووضعته بالمنتصف. ثم قامت بوضع زجاجة خضراء فوق الكتاب. وألقت شيء من يدها، لا نعرف بالتحديد ماذا كان، إلا إنه يصدر صوتًا عاليًا وينفجر ليخرج دخان أبيض كثيف. فقالت للمرأة المرعوبة من المنظر، بأنه ليس عليها أن تخاف مما ستراه تاليًا، لأنهم سيحضرون الآن.
ثم نادت آن بصوت عالي: “بيلزيباب، المعذب، إبليس، ليوسيفير احضر”. عندها هزت أركان المنزل وكأن رياحًا سوف تقتلعه من مكانه. وفُتح الباب الخلفي للمنزل على مصرعه، ودخلت منه خمسة أرواح وجابت أرجاء المنزل. وبدأت الساحرة في إلقاء بعض الأشياء لتلتقطها تلك الأرواح. وجلست في منتصف الدائرة مع قط وكلب. بالنهاية نظرت الساحرة إلى الكتاب في المنتصف وألقت بذور بيضاء من يدها، فالتقتها الأرواح وخرجت كما جاءت من الباب الخلفي واختفوا تمامًا وهدأت الرياح. عندها أغلقت الساحرة الباب، وبدأت بالتحدث للمرأة عن مستقبل قضية زوجها.
وهناك قصص أخرى كثيرة ظهرت عن الساحرة آن خادمة الدكتور جون لامب، بعد موتها وعند محاكمتها. وجميعها تحكي عن قوى غامضة ومخيفة تعلمتها ومارستها طيلة سنين حياتها في الخفاء، لأشخاص مهمين وذو نفوذ في إنجلترا.
ختام
في النهاية يجب أن تعرف أن هذا القرن السابع عشر هو فترة من الفقر والجهل في إنجلترا. وقد شاعت فيه قصص كثيرة مرعبة مماثلة لقصة الدكتور جون لامب وخادمته.
الكاتب: أيمن سليمان
أضف تعليق