تسعة مجهول
بلانش تايلور
الرئيسية » جريمة » بلانش تايلور : الأرملة السوداء التي أرعبت العالم بأسره

بلانش تايلور : الأرملة السوداء التي أرعبت العالم بأسره

بلانش تايلور امرأة اشتُهرت منذ عام 1989 بلقب الأرملة السوداء، حيث قيل إنها قد قتلت أو حاولت قتل أكثر من خمسة أشخاص ممن ارتبطت بهم!

تُعتبر بلانش تايلور أشهر امرأة في النصف الثاني من القرن العشرين، وهذا على الرغم من أن شهرتها ما زالت قائمة حتى الآن إلا أنها كانت متوهجة أكثر في هذا الوقت، حيث قامت فيه بقتل أقرب الأشخاص إليها لأسباب مختلفة، جميعها من وجهة النظر العدالة، والجميع باستثناء تايلور، لا تستحق القتل، لكن تايلور ارتكبت هذه الجرائم وقامت باستخدام أسوأ حيلة يُمكن ارتكابها عند القتل، وهي حيلة الخيانة، كما أن الأشخاص الذين قتلتهم كانوا لا يستحقون القتل حتى لو ارتكبوا بها أشنع الجرائم، لأنهم ببساطة كانوا إما والدها أو زوجها أو عشيقها الذي من المفترض أنها تُحبه، عمومًا، قلبت تلك الأرملة السوداء الرأي العام في الولايات المتحدة الأمريكية رأسًا على عقب حتى تم إلقاء القبض عليها ومحاكمتها، لكننا لا نُريد الوصول إلى هذه النهاية سريعًا، بل دعونا نبدأ الأمر سويًا في السطور الآتية من البداية المنطقية له، وهي بداية تايلور.

من هي بلانش تايلور ؟

في عام 1933، وتحديدًا في السابع عشر من شهر فبراير الموجود فيه، ولدت بلانش تايلور ، وهذه بالتأكيد أول معلومة يُريد أن يعرفها أي شخص عن بلانش بطلة قصتنا، بعد ذلك يُمكننا أيضًا التعريف بشخصين يبلغان درجة كبيرة جدًا من الأهمية خصوصًا فيما آلت إليه الأحداث فيما بعد.

بالنسبة للأم مثلًا فقد ماتت في سن صغير وأدى ذلك إلى اضطراب طفولة بلانش، لكن الوالد قد ظفر بكل الأحداث الهامة فيما بعد، فهو باركر تايلور، وكان عمله هو طحن القمح، حيث كان يمتلك دكانًا صغيرًا، وطبعًا هذه المهنة من شأنها أن تخلق بيتًا فقيرًا أو على الأقل متوسط الحال، بالكاد يستطيع من فيه توفير الطعام والشراب، لكن هذا لم يكن مبدأ باركر والد بلانش، حيث كان يجني المال من الطحين ثم يُضيعه على الفور في الخمر، ولكم أن تتخيلوا أن إدمان باركر للخمر كان السبب الرئيسي لما آلت إليه الأمور فيما بعد، والدليل على ذلك يتواجد في الطفولة السيئة التي عاشتها.

طفولة بلانش تايلور

كان والد بلانش تايلور سببًا كبيرًا فيما آلت إليه بعد ذلك، حيث قيل إنه كان يلعب القمار ويشرب الخمر فيخسر كل أمواله، وهذا ما دفعه إلى جعل طفلته بلانش، التي كانت لا تزال في الخامسة عشر، تعمل في البغاء، ليس هذا فقط، بل يُقال أيضًا أنه عذبها وتسبب في أذيتها جسديًا ونفسيًا، وطبعًا لم يكن هناك أي اهتمام بالتعليم أو أي نواحي أخرى في حياة طفلته، كانت بالنسبة له مجرد آلة لدر الأموال بالطريقة الوحيدة التي يُمكن فعلها، وهي طريقة الانحراف، هذا قبل أن يلقى ذلك الأب الجاحد حتفه في عام 1966 إثر نوبة قلبية، أو هكذا أُشيع وقتها، فيما بعد، سيتضح أن كل شيء كان ردة فعل لما حدث للطفلة بلانش تايلور.

بلانش تايلور والزواج

عندما كانت بلانش تايلور لا تزال في التاسعة عشر من عمرها، وتحديدًا في عام 1952، قام والدها بتزويجها بأحد أصدقائه الكبار، كان مُحاربًا قديمًا لكن بلانش قبلت به بفرح، كل ما يعنيها كان التخلص من جحيم أبيها، فمهما كان الأمر فإنه لن يتجاوز بالطبع ما كان يحدث في بيت العائلة، عمومًا، وجدت بلانش السعادة في بيت زوجها، فقد أنجبت منه الأطفال وسمح لها بالعمل في أحد المتاجر، وقد صارت الأمور معها في العمل على أفضل نحو ممكن، حيث أخذت تترقي حتى أصبحت في منزلة نائب المدير، أو الشخص رقم اثنين في الأشخاص الأكثر أهمية بالمكان.

عام 1972، وبعد حوالي ثمانية عشر عام على الزواج، شعرت بلانش أن زوجها لم يعد يكفيها، فقررت خوض علاقة مشبوهة مع الرجل الثاني في المكان الذي كانت تعمل به، وما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأت صحة زوجها في التدهور فجأة وبلا أي مقدمات، أو يُمكن القول إن هذا قد حدث بعد تناول الأيس كريم الغريب الذي أحضرته بلانش له، وما هي إلا أيام قليلة حتى لفظ الرجل أنفاسه القليلة في المستشفى ومات، لكن، هل في الأمر شبهة قتل؟ لا أحد يعرف ذلك بعد.

بلانش تايلور والعلاقات المشبوهة

بعد موت زوجها وزواج أطفالها بعيدًا عنها، وبالرغم من أن بلانش كانت كبيرة في السن إلا أنها بدأت علنًا تواعد الرجل الذي كان يرأس المكان الذي تعمل به، ثم بعد مرور الوقت شعرت وأنها قد أخذت كل شيء يُمكن أن تأخذه منه، فقررت الانسلال منه بفضيحة مدوية، حيث ادعت أنه قد تحرش بها وأنه يُهددها بلا سبب واضح، ثم تركت العمل فجأة وأبلغت عن محاولة من شخص مجهول لحرق منزلها، كل هذا عندما تم وضعه في الاعتبار أثناء المحاكمة في القضية التي رفعتها بلانش تسبب في ترك العشيق السابق لمكان العمل كما حصلت كذلك على مبلغ كبير كتعويض.

في عام 1985 أقامت بلانش علاقة جديدة مع عاشق جديد، وقد كانت هذه المرة القس الجديد للكنيسة، حيث كانت تواعده بعد أن توددت إليه في البداية لكونها أرملة مسكينة، لكن، في نفس الوقت كانت للغرابة تواعد العشيق القديم الذي تسببت له في الفضيحة قبل شهور، ولا يعرف أحد هل ثمة ربط بين الأمرين أم أن كل شيء كان مُخطط منذ البداية بين بلانش والعشيق الأول، عمومًا، كانت بلانش في هذه الفترة تُفكر في إسقاط ضحايا جدد لها.

موت عشاق بلانش

بطريقة أغرب من الغرابة، وفي عام 1986، تعرض عشيق بلانش تايلور الأول، والذي كان مسئولًا في المكان الذي تعمل به، لمرض مفاجئ، حيث ظهرت عليه أعراض الالتهاب الجرثومي من الدرجة الأول، لدرجة أنه في أكتوبر من نفس العام كان قد ودع الحياة بأحد المستشفيات، وذلك على الرغم من أنه لم يكن يشكو من أي عرض من قبل، ومما يُذكر أن قبل ذلك بفترة قليلة قد حدث أمر غريب جدًا، وهو أن بلانش قد طلبت من القس، والذي كان عشيقها الأخير، أن يشتري لها صاعق للنمل أو قاتل له، وقد كان ذلك الصاعق مكون من الزرنيخ، وهي مادة معروف جيدًا أنها متورطة في عدة جرائم.

أرادت بلانش بعد موت عشيقها الأول أن تعجل بالزواج من القس، لكن حدث في هذه الأثناء ما لم يكن بإمكانها منعه، حيث تعرضت لمرض السرطان، وعلى ما يبدو أن القس كان قد بدأ يمل من بلانش وينفر منها، لذلك بدأ يضع العراقيل أمام إتمام الزواج، وبصورة مفاجئة كذلك تعرض لمرض في بطنه تطلب أن يكون هناك من يلازمه طوال الوقت، لذلك لم يجد بدًا من إتمام زواجه من بلانش وذلك في عام 1989، لكن كم ستطول حياة القس يا تُرى؟

مشروع ضحية جديدة

تزوجت بلانش تايلور من القس في عام 1989، لكن الأمور لم تمر بخير سوى شهر واحد، وهو شعر العسل، بعدها تعرض القس لوعكة صحية شديدة بعد ساندوتش الدجاج الذي ناولته بلانش له، وقد تسبب ذلك السندويتش في حالة الشديدة من الألم أرغمت ذلك القس المسكين على الذهاب إلى المستشفى، والحقيقة أن الألم في المستشفى قد تضاعف أضعاف وأضعاف لدرجة أنه قد تسبب في الفشل الكلوي والكبدي للقس، وقد استمر الألم لثلاثة أشهر كاملة جعلت القس يدخل في مرحلة العيش على التنفس الاصطناعي، ببساطة، لقد سلك الرجل طريق الموت، وكان من المفترض أن يموت في نهاية الأمر، لكن ذلك لم يحدث، وإنما نجى بأعجوبة، لتبدأ بعد ذلك الشكوك تحوم حول الأرملة السوداء.

الشكوك تحوم حول الأرملة

نجى القس من الموت بأعجوبة، في الوقت الذي لم تعد بلانش تايلور تزره أو تسأل عنه، وهنا بدأ فأر الشك يُداعبه تمامًا مثلما هو الحال مع الشرطة، والتي تسلمت تقريرًا من المستشفى يقول إن القس عندما جاء كان يُعاني من كميات مُضاعفة من الزرنيخ، وهنا تذكر القس أن زوج بلانش الأول كان يُعاني كذلك من مشكلة زيادة الزرنيخ التي أدت إلى موته، وهنا لم يكن أمام الشرطة سوى التفكير بجدية في ذلك الرابط واستخراج جثة الزوج القديم وتحليلها، وقد حدث ذلك تحديدًا في عام 1989، وسريعًا تم الربط بين حالة التسمم بالزرنيخ وبلانش تايلور، لدرجة أن أكثر من ثلاثين شخص قد ماتوا في هذه الفترة نتيجة التسمم بالزرنيخ وقام ضحاياهم على الفور باتهام بلانش بقتلهم، على الرغم من أنها لم تكن على علاقة بهم.

سقوط بلانش تايلور

في نهاية عام 1989 كانت كل الأدلة تقول إن بلانش تايلور هي قاتلة من الدرجة الأولى، لذلك لم تتردد الشرطة في إلقاء القبض عليها ومحاكمتها بعدة تهم أهمها قتل زوجها ومحاولة قتل القس، ثم مع الوقت بدأت الكثير من التهم الأخرى تلتصق بها، فقد اتُهمت كذلك بقتل عشيق لها ووالدها وزوجة والدها وممرضة زميلتها، الكثير من التهم التصقت بتلك المرأة التي كانت وقتها تُكمل السادسة والخمسين من عمرها، وطبعًا أمام كل ذلك كان من الطبيعي أن يتم الحكم عليها بحكم شديد، وقد كان ذلك الحكم هو الإعدام بأسوأ طريقة موت ممكنه.

بلانش لا تموت

على الرغم من أن بلانش تايلور كما ذكرنا قد حُكم عليها بالإعدام إلا أن ذلك الحكم قد مضى عليه أكثر من خمسة وعشرين عام ولم يتم تنفيذه حتى الآن، فقد قام المحامين بالاستئناف على الحكم أكثر من مرة وفي كل مرة كان يتم تعطيل القضية وتنفيذ حكمها، وبالطبع كان هذا يُغضب عامة الشعب الذي تفاعل مع القضية وكان يرغب في رؤية رأس بلانش وتنفيذ الحكم الذي أصدرته المحكمة، لكن للغرابة الشديدة، ونحن في عام 2017، لا تزال بلانش على قيد الحياة وتقبع في سجن بولاية فيرجينيا، وقد قيل أنها بالرغم من وصولها للعام الرابع والثمانين من العمر إلا أنها لا تزال تتمتع بعافية كاملة وقادرة كذلك على إثارة الشغب!

بلانش تايلور والسينما

بكل تأكيد لم تفوت الشاشة الصغيرة فرصة تقديم حياة بلانش تايلور، حيث تم تجسيدها في أكثر من فيلم، وكما نعرف، الولايات المتحدة الأمريكية بالذات لا تترك أي قصة مثيرة مثل قصة بلانش دون أن تُقدمها للناس في قالب سينمائي، الغريب أن الأفلام التي تم اقتباسها عن حياة بلانش كانت تنتهي بموتها بالرغم من أنها لم تمت في الحقيقة!

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

18 − عشرة =