تسعة مجهول
جرائم مجهولة الجاني
الرئيسية » جريمة » جرائم مجهولة الجاني لم يتم التعرف على مرتكبها حتى الآن

جرائم مجهولة الجاني لم يتم التعرف على مرتكبها حتى الآن

نستعرض مجموعة جرائم مجهولة الجاني لم يستدل حتى الآن على مرتكبها، على الرغم من أن معظمها قد تُرك خلالها دليل أو أثر، ونجا الجاني بجريمته.

مما لا شك فيه أن الكثير من الجرائم قد حدثت منذ بداية البشرية وحتى وقتنا الحالي، لكن ثمة جرائم مجهولة الجاني لا تزال تُمثل لغزًا كبيرًا لكل الذين يعرفون بها، والحقيقة أن تلك الجرائم كانت تُرتكب ثم تفشل العدالة في أخذ المسار الطبيعي وبالتالي يظل المجرم طليقًا، وفي بعض الأحيان يكون المجرم أذكى من التحقيق ورجال العدالة فيفلت بجريمته، لكن المجني عليه الوحيد هو الضحية المسكينة التي تتعرض لمثل هذه الجرائم، وأيضًا يُمكن اعتبار المجتمع والتاريخ كذلك مظلومون لكونهم لم يتمكنوا من فك طلاسم بعض الألغاز، وكما نعرف، عادة الإنسان أن يقوم بالبحث خلف كل شيء حتى يكتشف تفاصيله، فهذا هو ما نُطلق عليه جميعًا الفضول، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على أشهر الجرائم التي ظل الجاني فيها مجهولًا واستمر على ذلك المنوال حتى الآن، فهل أنتم مستعدون لخوض تلك الرحلة؟

الجريمة والإنسان

قبل أن نتعرف على أشهر الجرائم التي عُرفت بكونها جرائم مجهولة الجاني دعونا أولًا نتعرف على العلاقة بين الجريمة والإنسان، فهي في الحقيقة علاقة حميمة جدًا، لأن الإنسان منذ يومه الأول أدرك أن كل شيء يجب أن يُأخذ باليد والضرس، وأن التفريط في الحقوق يعني تعرضه للظلم والجور من قِبل الآخرين، هو أصلًا يعتقد أن البشر جميعهم، عداه فقط، في الأصل وحوش، هؤلاء الوحوش لا يستحقون سوى القتل والتشريد، وطبعًا كلنا نعرف أن أول جريمة في تاريخ الإنسان كانت من نصيب ابني سيدنا آدم هابيل وقابيل، لكن، كل ما سبق ذكره عن علاقة الإنسان بالجريمة لا يُعتبر تبريرًا منا لارتكاب الإنسان لجرائمه، فبالطبع لم تُخلق الأرض لهذا الغرض، ولم يُخلق البشر للتقاتل مع بعضهم البعض، وقد أدرك الإنسان ذلك متأخرًا فكان هناك الحكم والنظام ومكافحة الجريمة.

جرائم مجهولة الجاني

عرف الإنسان العاقل الجريمة وبدأ في محاربتها بكل ما يملكه من طاقات، والحقيقة أن تلك المحاربة كانت تتم على أكثر من مرحلة، بمعنى أنه كان يُحاربها بعد أن تُرتكب، وكان يُحاربها كذلك قبل أن تُرتكب من خلال مواجهة وإيقاف كل الطرق التي تؤدي إلى ارتكابها، والواقع أن الإنسان قد فطن إلى هذا الأمر منذ وقت طويل، وبدأ فعلًا في السيطرة على الأمور ومُجرياتها حتى قلت مُعدلات الجرائم ولم تكن بالشكل الذي كان من المفترض أن تصل إليه في الظروف الطبيعية، لكن، في النهاية نجح بعض الشياطين في صورة بشر من ارتكاب بعض الجرائم التي نُطلق عليها اسم الجريمة الكاملة، والجريمة الكاملة تعني أنه لا يُمكن معرفة مُرتكبها، لأن المجرم قد قطع كل الخيوط التي من المفترض أن توصل إليه، ومن أهم النماذج لتلك الجرائم المجهولة جرائم أبو الفأس التي وقعت في بداية القرن العشرين.

جرائم أبو الفأس المجهولة

ها نحن الآن نقول أبو الفأس دون أن نذكر الاسم الحقيقي لبطل تلك الجرائم، وذلك ببساطة لأننا لا نعرفه، والحقيقة أنه لا أحد يعرفه أصلًا، فقد ارتكب ذلك المجرم عدة جرائم مجهولة دون أن يُستدل عليه، وكلها كانت تتم بنفس الطريق ونفس الأداة، أما الطريقة فهي قطع الرقبة، وأما الأداة التي كانت تُستخدم فهي الفأس، وحدثوا ولا حرج عن حالة الرعب التي أصيب بها المجتمع الإيطالي منذ عام 1918، وهو العام الذي بدأ فيه ارتكاب الجرائم من قِبل ذلك المجرم المجنون، ولكي نُقرب الأمور أكثر دعونا نُعطي صورة من الصور لجرائمه المرعبة، وهي صورة ما حدث للبقال المسكين.

كان ثمة بقال مسكين يُدعى جوزيف ماجيو، ذلك البقال كما يقول الناس كان يعيش حياة هادئة، كل ما كان يفعله فيها هو بيع الأشياء في دكانه الصغير، لكن في شهر مايو القابع في عام 1918 تم العثور على جسده هو وزوجته دون وجود الرأس، فقد قطعهما السفاح المجنون ولم يترك أي دليل خلفه باستثناء الفأس التي نُفذت بها الجريمة، وإذا كنتم تعتقدون أن هذا دليل جيد سوف يُوصلنا إلى القتل من خلال رفع البصمات فيجب أن تعرفوا أننا نتحدث عن العام 1918، وهو الذي لم تكن عملية رفع البصمات موجودة فيه من الأساس، عمومًا نفذ القاتل ثمانية جرائم بنفس الطريقة ثم اختفى دون سبب.

مقتل نيازي مصطفي

نيازي مصطفى مخرج مصري شهير تم قتله في عام 1986، إلى هنا يبدو كل شيء بخير وطبيعي، لكن ما ليس طبيعي بالمرة هو عدم العثور على القاتل حتى الآن، لدرجة أن ذوي المخرج قد اتهموا الشرطة بالإهمال وهددوا بتصعيد الأمر، بالرغم من أن الشرطة في الحقيقة لم تُقصر في شيء، وإنما كانت الجريمة فعلًا غامضة غموضًا كبيرًا، غموضًا جعل القاتل يختفي لأكثر من ثلاثين عام، وكل الذين تم اتهامهم أثبتوا براءتهم بطريقة أو بأخرى.

اكتشاف الجريمة جاء كذلك بصورة تفيد الشك، فقد كان من المفترض أن يصور المخرج نيازي مصطفى فيلم من أفلامه، لكنه تأخر ذات ليلة عن التصوير فتم إرسال من يقوم باستعجاله، وعندما وصل ذلك الشخص إلى شقة نيازي مصطفى وأخذ يدق على الباب لم يتمكن من إيقاظه من النوم، فقد كان يظنه خالدًا في النوم، وبعد فترة ذهب إلى شقيقته وأخذ منها المفتاح البديل وقام باقتحام الشقة ليعثروا على جثة المخرج وهي مقيدة بأحد رابطات العنق من الخلف، وقد كان كذلك مسرح الجريمة مُنظفًا للدرجة التي جعلت كل البصمات أو الأدلة تختفي، ليظل المتهم غامضًا وتُضاف الجريمة إلى قائمة جرائم مجهولة الجاني للأبد.

مقتل الوليد المسكين

هذه الجريمة بالذات تُعتبر الجريمة الأكثر تأثيرًا في القلوب، وقد وقعت في مدينة طنجة المغربية خمسينات القرن الماضي، وكان المجني عليه فيها طفل صغير، لم يستطع حتى والديه تسميته لأنه قد قتل في اليوم التالي لتسميته، حيث عثر عليه مذبوحًا في مرقده دون أي أدلة على منفذ الفعلة، ولكم أن تتخيلوا أن العائلة لشدة الأسى قامت بدفن الوليد في القبر دون أن تضع عليه اسمًا، لأنها كما ذكرنا لم تتمكن من تسميته قبل موته، ولا يُخول القانون تسمية الأموات بالطبع، لكن العائلة قد وضعت على باب القبر لافتة قالت فيها أن الشخص الموجود بالقبر قد مات قبل أن يُسمى بعد أن قُتل على يد مجهول، وطبعًا كانت تلك اللافتة شيء يُدمي القلب بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ.

جريمة لورنزن رايت

هذه الجريمة المجهولة وقعت في عام 2010، وتحديدًا في شهر يونيو، وكان بطلها لاعب كرة السلة الأمريكي الشهير لورنزن رايت، وإذا كنتم تعتقدون أن التقدم الذي تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية سوف يكون سببًا في إزالة ظاهرة الجريمة مجهولة الجاني فلكم أن تعلموا أنها لم تستطع حتى الآن العثور على القاتل الذي نفذ الجريمة في لاعب السلة المسكين الذي كان وقت قتله عائد من زيارة إلى زوجته السابقة، فبعد أن ودعها وودعتها اختفى من الشارع ثم اختفى من الحياة بأكملها، حيث أرشد أحدهم إلى موضع جثته بعد أربعة أيام في أحد الغابات، وطبعًا مثل الأمر صدمة كبيرة لكل الذين يعرفون اللعب أو يثقون في الشرطة الأمريكية التي عجزت عن إيجاد القاتل.

جريمة توباك شاكور

حدثت جريمة مقتل مغني الراب الأمريكي الشهير توباك شاكور في عام 1996، وبالرغم من ذلك لا يزال منفذ تلك الجريمة مجهولة حتى الآن، هذا على الرغم من أن أصدقاء نجم الراب قد اتهموا شخص آخر من المتهم أنه المنافس الأول لتوباك، لكن ذلك الشخص قد تم قتله بعد ستة أشهر بنفس الطريقة ليتأكد الجميع بعدها أن المنافس لتوباك ليس ضليعًا في الجريمة وإنما هو شخص آخر مجهول فشلت الشرطة فشلًا ذريعًا في الإيقاع به، والحقيقة أن جريمة توباك هزت الرأي العام لكونها في المقام الأول تتعلق بنجم أمريكي شهير وأيضًا لأنها قد حدثت في منتصف الطريق وفي وقت ذروة، وبالرغم من ذلك تقول الشرطة أنها لم تتعرف بعد على القاتل، لتضاف الجريمة إلى قائمة جرائم مجهولة الجاني .

جريمة ديفيد هولدن

الشخصيات العامة الشهيرة ليست وحدها من تُقتل في هذا العالم، فهناك أيضًا الصحفيين، وقد كان آخرهم الصحفي البريطاني ديفيد هولدن، ذلك الذي لقي مصرعه في عام 1977 بالقاهرة، وطبعًا ربما أثار مكان وقوع الجريمة اندهاشكم جميعًا إلا أن مصر لم تكن لها علاقة من قريب أو بعيد بتلك الجريمة، كل ما هنالك أنها قد وقعت على أرض مصرية، وتحديدًا في مطار القاهرة، حيث عُثر على جثة ذلك الشخص وهي مضروبة برصاصة قاتلة في مؤخرة رأسها، ثم بدأت بعد ذلك رحلة البحث عن المجرم والتي لم تتوصل إلى أي جديد، لكن ثمة شك شديد بأن ديفيد كان يعمل كجاسوس على الفلسطينيين المُقيمين بالقاهرة، لذلك من المحتمل أن يكون قد اكتشف أمر وتم قتله، عمومًا تبقى تلك الجريمة مصنفة على رأس قائمة جرائم مجهولة الجاني .

جريمة طريق سسكويناها

في أحد أيام عام 1957 عثرت الشرطة في طريق سسكويناها على كرتونة صغيرة مغلقة بشكل مريب، وعند فتح تلك الكرتونة وُجد بداخلها جثة لطفل صغير مجهول المعالم، لكن آثار التعذيب كانت واضحة جدًا عليه، وطبعًا أثارت تلك الجريمة الرأي العام وبدأ الناس يستفهمون عن السبب في هذه الجريمة والقاتل الرئيسي بها، لكن لم يتضح شيء حتى جاءت فتاة في العشرين من عمرها إلى الشرطة وأخبرتها أن والدتها كانت شاذة بعض الشيء، لذلك كانت تشتري الأطفال من أمهاتهم ثم تقم بتعذيبهم وقتلهم، وقد حدث ذلك أمامها في عام 1953، لكن قبل أن تكتشف الشرطة على الأم اكتشفت أن تلك الفتاة تُعاني من خلال بالرأس، مما أدى إلى استبعاد تلك الرواية، وطبعًا لم يصمت الرأي العام وظل ثائرًا مثلما هو الحال دائمًا مع أي جريمة يكون ضحيتها طفل، إلى أن خرجت الشرطة في النهاية وقالت أن الطفل قد تعرض لم تعرض له على يد زوجة أبيه، فمن هي زوجة أبيه؟ لا أحد يعرف حتى الآن، لأنها ببساطة جريمة مجهولة الجاني.

ختامًا، يجب علينا توضيح أمر هام جدًا، وهو أنه ليس من المفترض أن يكون إفلات المجرم من العدالة دائمًا يعني أنه ذكي أو أن الشرطة غبية، بل ثمة جرائم مجهولة الجاني كألغاز مستعصية الفهم، يشك البعض أنها لم تُرتكب على يد بشر أصلًا.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية عشر + 18 =