تسعة مجهول
عصابات الياكوزا
الرئيسية » جريمة » عصابات الياكوزا : الوجه المرعب لدولة اليابان المُزدهرة

عصابات الياكوزا : الوجه المرعب لدولة اليابان المُزدهرة

عصابات الياكوزا عصابات يابانية تُصنف كواحدة من أقوى العصابات الموجودة بالعالم وتتنافس على زعامة الإجرام مع العصابات الأمريكية العتيدة.

حظيت عصابات الياكوزا بشهرة وانتشار واسعين خلال القرن الماضي وبداية القرن الحالي، وذلك بسبب تسيدها للحركة الإجرامية في اليابان بأكملها، والحقيقة أن عصابات الياكوزا لا يُمكن تصنيفها أبدًا كعصابات محلية تتنافس مع مثيلاتها، وإنما هي أيضًا تتنافس مع العصابات الدولية لدرجة أنها قد تفوقت بالفعل على العصابات الأمريكية الصلدة، وبالطبع لا تتميز عصابات الياكوزا بكونها عصابة إجرامية فحسب، بل أيضًا تختلف بما تمتلكه داخلها من قوانين وأحكام تجري على جميع أفرادها، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بعصابات الياكوزا وتاريخها ونشاطاتها وكيفية تكوينها، بل وأبرز الأسماء الموجودة بها.

عصابات الياكوزا اليابانية

بدأت عصابات الياكوزا كما ذكرنا خلال النصف الأول من القرن المنصرم، والحقيقة أنها في البداية كانت مجرد عصابة عادية مُتخصصة بالأمور العادية كالسرقة والخطف، لكنها تطورت فيما بعد وأصبحت مُسيطرة على اليابان بأكملها، وبالطبع ستصدمون عندما تعرفوا أنه مع نهاية النصف الأول من القرن العشرين كان تعداد أفراد عصابات الياكوزا يتجاوز المائتي ألف شخص، أي أنهم يُعادلون جيوش بعض الدول.

اسم الياكوزا لم يكن في الواقع غريبًا عن الإجرام، فهو في الأساس كان يُطلق على اللص الياباني القديم، ثم أصبح يُطلق على طبقة المهمشين الذين تدفعهم الظروف المعيشية إلى أمور غير قانونية مثل السرقة، وأخيرًا أصبح الاسم يخص العصابات المُنظمة ذات الكيان القوي مثل عصابات الياكوزا، والتي مجرد ذكر اسمها بين الناس يتكفل بحالة من الرعب.

اختيار أفراد الياكوزا

لا يعد الانضمام إلى عصابات الياكوزا أمرًا سهلًا على الاطلاق، بل إنه يمر بعدة مراحل، فأولًا، هناك بعض العائلات المتعهدة باختيار أفراد الياكوزا من بينها، تسمى هذه العائلات باسم الكومي، وبعد اختيار الكومي المناسبة يبدأ اختيار الأفراد المناسبين من داخل الكومي كي يُصبحوا ضمن صفوف فريق عصابات الياكوزا.

تضع الكومي بعض الشروط لاختيار الياكوزا من بينها، فليس كل مواطن ياباني صالح بالطبع لأن يكون فرد من أفراد الياكوزا، بل يمكن القول إنه شرف كبير لا يناله إلا أولئك الذين يملكون صفات معينة، على رأسها بالتأكيد القوة.

أن يكون صلدًا قويًا

يجب أن يكون كل فرد في عصابات الياكوزا صلدًا قويًا قادرًا على العطاء، لا يخشى أي شخص خارج العصابة، والحقيقة أن اشتراط القوة لا يعني أبدًا أنه أمر أساسي في باقي الأقسام الغير مقاتلة بالعصابة، فهناك من يتولى مثلًا مهام تحتاج إلى العقل أكثر من العضلات، أو الأمور التقنية مثلًا، فهؤلاء لا تكون القوة المفرطة شرط أساسي بهم، وإنما يجب فقط أن يتعلموا الفنون البسيطة التي يستطيعون من خلالها الدفاع عن أنفسهم.

ألا يكون له نقطة ضعف

من ضمن الأمور التي يجب مراعاتها بشدة عند اختيار فرد عصابات الياكوزا ألا يمتلك ذلك نقطة ضعف ما، فنقاط الضعف لدى الأفراد تجعلهم لا يؤدون عملهم بصورة جيدة، بل يكونون مهددين دائمًا بفقدان أحد أفراد عائلتهم أو أحبتهم بشكل عام الذين يشكلون نقطة ضعف، وبالتالي فإنه من الأفضل لك إذا أدرت الانضمام لتلك العصابات ألا يكون لك نقطة ضعف يمكن من خلالها السيطرة عليك أو تعطيلك عن عملك.

قسوة القلب

كما أن القوة شرط من شروط الانضمام للعصابة فإن القسوة كذلك تُعتبر شرطًا رئيسيًا فيمن يُقدم على الانضمام إلى عصابات الياكوزا، لأنه خلال العمل سوف يضطر إلى فعل الكثير من الأمور الغير إنسانية، وفي حالة عدم تمتعه بقسوة القلب اللازمة فسوف يجد نفسه ساقطًا في فخ التعاطف، وهو ما لن يُحبذه قادة الكيان بكل تأكيد، عمومًا بعد تكوين العصابة، من الأشخاص المناسبين حسب الشروط التي ذكرت للتو، تبدأ مرحلة العمل الشاقة، لكن يسبقها أولًا بعض القوانين والشروط التي يجب مراعاتها عند دخولك إلى قلب العصابة.

دراسة تاريخ العصابة

قبل أن تنضم إلى عصابات الياكوزا سوف تخضع لاختبار قوي تم إعداده في عام 2009، ذلك الاختبار يشتمل في الغالب على أسئلة من كل نوع، منها التاريخي والثقافي والحكومي، وكلها بشكل أو بآخر تتعلق بالعصابة وما آلت إليها منذ تأسيسها، حيث يكون هناك حرص شديد على أن يكون أفراد العصابة على قدر كبير من الدراية والثقافة، ففي النهاية الأمر كما ذكرنا من قبل لا يقتصر على القتال والاغتصاب والسرقة، وإنما قد يتطرق إلى أشياء أخرى تحتاج إلى العقل.

قوانين عصابات الياكوزا

عندما نتحدث عن عصابات الياكوزا فإننا بالطبع لا نتكلم عن عصابة عادية مهمته القتل والسرقة والنهب وترويع الآخرين، بل نحن في الحقيقة أمام مؤسسة ضخمة تُريد الحفاظ على استمراريتها من خلال سن بعض القوانين الرادعة، والتي قد تؤدي مخالفتها إلى الكثير من العواقب الوخيمة، أقلها استبعاد المُخالفين من العصابة، وغالبًا ما يتم قتلهم أو سجنهم.

عدم التعرض للمسالمين

من أوائل القوانين التي تحرص عصابات الياكوزا على الالتزام بها هي عدم التعرّض للمواطنين المدنيين، فحرب العصابة في الأصل مع الحكومة وبعض المؤسسات، أما المدنيين فهم بالنسبة لهم أشخاص مسالمين لا حول لهم ولا قوة، لكن ذلك لا يمنع من الدفاع عن النفس ضدهم في حالة إذا تعرض بعضًا منهم لأحد أفراد العصابة أو تصدى لهم أو عارض سياستهم، ففي هذه الأثناء يُصبح قتله أشبه بواجب لابد منه، بل إنه يتم التنكيل به وإذاقته الأمرين كي يكون عبرة لمن تسول له نفسه الوقوف في وجه الياكوزا، فهؤلاء سلاحهم الأول هو سمعتهم داخل البلاد.

قطع أصابع المُخطئ

هناك نظام حازم داخل عصابات الياكوزا يحكم العلاقات التي تدور بين أفرادها، فهناك نظام الترقية للمجيدين، لكن في نفس الوقت هناك نظام العقاب، والذي يكون شديدًا للغاية، فهو يتم بقطع أصابع الشخص المُخطئ وتقديمها إلى رئيس العصابة، وهو أمر جعل الكثير من أعضاء هذه العصابات يُعانون من قطع أحد أصابعهم، حتى أن ذلك القطع كان دليلًا وعلامة يُعرفون بها فيما مضى، يُقال هذا مقطوع أصابعه إذًا هو ينتمي إلى عصابات الياكوزا.

الوشم دليل التميز

من القوانين المعمول بها داخل عصابات الياكوزا أيضًا أنه كلما أجدت في عملك كلما حصلت على وشم جديد، ولذلك يُلاحظ أن أغلب أفراد العصابة يمتلكون الوشوم في أماكن كثيرة من جسدهم، والحقيقة أنهم يحرصون على أن تكون تلك الوشوم ذات دلالات وإشارات على أشياء مثل القوة والصبر، كما أنها عادةً ما تكون من النوع الذي لا يُغادر الجسم بسهولة، أي صعب الإزالة أو المسح.

نساء عصابات الياكوزا

لم تغفل عصابات الياكوزا ضم أحد أهم فئات المجتمع، وهي النساء، وبالتأكيد أنتم تعرفون أن استخدام النساء لا يكون في الحرب فقط، وإنما في الكثير من المجالات الأخرى التي ربما لا يمكن للرجال الضلوع فيها، والحقيقة أن النساء داخل العصابة تعامل نفس المعاملة التي يتعامل بها الرجل، حيث تقطع أصابعهن عند الخطأ ويتم تزينهن بالوشوم كذلك، أما الشيء الأهم والذي يمكن ملاحظته بسهولة هو كون النساء المُنضمات إلى العصابة زوجات لأفراد من العصابة أيضًا، بمعنى أدق، يسود نظام الأُسر داخل الياكوزا بكثرة.

نشاطات عصابة الياكوزا

بالطبع الجميع يسأل الآن عن أهم النشاطات التي يشتغل بها أفراد العصابة اليابانية هذه، والحقيقة أنهم يشتغلون في أي شيء يُمكن وصفه بالإجرام، بداية من القتل والاغتيال مرورًا بالسرقة والاغتصاب نهاية بالتهريب، سواء كان تهريب الأسلحة أو المخدرات، أو حتى النساء من أجل المتاجرة بهن كبغاء.

كان الناس قديمًا يعتقدون أن كل أفراد هذه العصابة الكبيرة من المجرمين المُسجلين، لكن مع الوقت اكتُشف أن القادة منهم يشغلون مناصب رفيعة في اليابان، فمثلًا كان هناك مسئولًا بأحد البنوك اليابانية يعمل في نفس التوقيت مع العصابة ويُسهم في تسهيل عملية تهريب الأموال، وأيضًا هناك الكثير من ضباط الشرطة المنتمين للعصابة، وهو ما يُفسر قوتها وعجز الشرطة على مواجهتها واسقاطها حتى الآن.

الياكوزا الدولية

هناك حقيقة هامة لا يجب أبدًا نسيانها أو التغافل عنها، وهي أن عصابات الياكوزا ليست مجرد عصابات يابانية عادية، بل أنها عصابات دولية لها جزور في كل مكان بالعالم، وخاصةً دول أسيا مثل الصين وكوريا والهند، فعندما نتحدث عن مؤسسة دولية كبيرة يجب أن تكون لها أفرع وأزرع في كل مكان في العالم، وهو ما يحدث مع عصابات الياكوزا بالفعل، فهي تمتلك أزرع في كل مكان، بمعنى أنه إذا ارتُكبت جريمة في الهند مثلًا فإنه من السهل جدًا أن تضع عصابات الياكوزا على رأس قائمة المُتهمين بتنفيذ هذه الجريمة، خاصةً إذا كنا نتحدث عن جريمة كُبرى وهامة مثل حوادث الاغتيال أو الاحتيال على البنوك أو حتى تفجير مباني ووزارات ومواقع هامة، والواقع أن انتشار الياكوزا لم يأتي من فراغ، فمع كبر اسمها بات من الطبيعي جدًا توسيع نشاطها، إضافةً إلى أنها قد نجحت بشدة في نشر الخوف في قلوب الجميع.

الخوف من الياكوزا

من الطبيعي جدًا أن تُسبب عصابة بهذه القوة الخوف في قلوب جميع المسئولين في دولة اليابان، فمن أصغر مسئول لأكبر مسئول، الجميع يخشى غضب الياكوزا ويُدرك جيدًا أنهم قادرون على إحالة اليابان العظمى إلى قطعة من الجحيم، وبالتأكيد حوادث الشغب التي حدثت وتحدث منذ نشأة الياكوزا خير دليل على ذلك التهديد، لكن هذا بالطبع لا يعني أن أفراد الياكوزا يمضون في الطرقات ويقتلون ويسرقون دون أي تدخل من الحكومة، وإنما فقط نحن نقصد عدم القدرة على إسقاطهم أو النيل من قوتهم.

أكبر دليل على قوة عصابات الياكوزا أنه عند احتلال الولايات المتحدة الأمريكية لليابان كان ثمة خوف شديد من هذه العصابات بالذات، بل لن تصدقوا أن ذلك الخوف كان يفوق الخوف من الحكومة اليابانية وقوته، والسبب في ذلك كما ذكرنا الأعداد الكبيرة التي تمتلكها العصابة والتنظيم الجيد الذي تتمتع به إضافة إلى الكثير من العوامل الأخرى.

عائلات عصابات الياكوزا

كما ذكرنا، تتكون عصابات الياكوزا من مجموعة عائلة هي التي تُشكل قوة الياكوزا، وهذه العائلات في الحقيقة كثيرة، لكن ثمة ثلاث عائلات على وجه التحديد هي التي تتحكم في مراكز القوة والضعف بالعصابة، وأولهم عائلة يامي غومي، وهي التي تأسست عام 1915 وتُمثل خمسين بالمئة من قوة العائلة، وأيضًا هناك عائلة رينجو، وهي تتفوق على باقي العائلات من حيث العدد، أما العائلة الثالثة فهي عائلة كاي، وهي التي تتولى السيطرة على أفرع العصابة خارج اليابان.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

أربعة × اثنان =