تسعة مجهول
ساحرة جاميكا البيضاء
الرئيسية » الغاز » ساحرة جاميكا البيضاء : الجميلة التي أرعبت جاميكا بأكملها

ساحرة جاميكا البيضاء : الجميلة التي أرعبت جاميكا بأكملها

ساحرة جاميكا البيضاء فتاة تدعى آني من أصل أوروبي قدمت إلى جاميكا بوصفها أحد العبيد ثم تزوجت أحد الأثرياء وقتلته، حيث كانت معروفة بميلها إلى أمور السحر.

تُعتبر قصة ساحرة جاميكا البيضاء واحدة من القصص التي تحظى بمكانة خاصة في قلوب سكان جاميكا، فعلى الرغم من أن القصة كانت حقيقية إلا أن الناس أخذوا يتناقلونها وكأنها واحدة من الأساطير أو جزء أصيل من تراثهم، والقصة بالرغم من بدايتها في أفريقيا ومرورها بأوروبا قد شهدت نهايتها في دولة جاميكا، والتي كانت مُحتلة من بريطانيا في ذلك الوقت، وربما بدأ كل شيء في هذه الأثناء على يد السيدة آني التي تعتبر بطلتنا اليوم، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على كل شيء يتعلق بقصة ساحرة جاميكا البيضاء، بدايةً من ظهورها مرورًا بتجبرها وانتهاءً بقتلها.

جاميكا قبل الساحرة

جاميكا باختصار هي واحدة من أشهر البلاد الموجودة في العالم بالرغم من أنه أصلًا غير متفوقة في أي شيء يذكر، هذا إذا ما أغفلنا الحديث عن السحر، والذي سيتضح فيما يلي أنه مفتاح قصتنا والترس الرئيس فيها، عمومًا، ما يعنينا ويهمنا معرفته هو أن جاميكا في هذه الأثناء كانت مجرد بلد عادية من بين مجموعة البلاد الذين تحتلهم بريطانيا، ولأن بريطانيا كانت تعتبر العالم كله دولة صغيرة تابعة لها فقد كانت تُرسل الأفريقيين والسود من البلاد التي تحتلها إلى بلاد أخرى ترى أنها تحتاج إلى أيد عمالة، كانوا أشبه بالعبيد، وكان من بينهم ذات مرة فتاة تُدعى آني، والتي ستصبح فيما بعد معروفة باسم ساحرة جاميكا البيضاء.

ساحرة جاميكا البيضاء

بداية ساحرة جاميكا البيضاء كانت عندما تزوج أحد الأوربيين من أحد الأفريقيين وأنجبا فتاة تدعى آني، وقد كانت آني منتصرة للعرق الأوروبي أكثر، حيث بدت شديدة البياض والجمال، هذا بالرغم من قامتها الصغيرة بعض الشيء، على كلٍ، لم تعش آني مع والديها أكثر من شهور قليلة، حيث ماتا في حريق وتركاها رضيعة لمن يُربيها من بعدهما، والتي لم تكن لحظ آني السيئ سوى ساحرة شريرة.

تربت آني على يد ساحرة شريرة عملت على إكسابها فنون السحر وأورثتها التعاليم السيئة، فقد كانت ترى أن القوة الحقيقية كانت في السحر، وأن المستقبل الكبير ينتظر هؤلاء الذين يقدرون على السيطرة والاستحواذ على العالم بفضل الخدع وتزييف الحقائق، كانت طفولة مريرة ومُحبطة بحق، تجرعت آني خلالها كل ما يُمكن وصفها بالسواد المُميت، والأهم من كل ذلك أن تلك الساحرة الشريرة قد عودتها على الغش وخداع الآخرين، وهذا ما برعت به آني فور وصول إلى جاميكا، حيث هناك أصبحت سريعًا ساحرة جاميكا البيضاء.

آني تصل جاميكا

في أحد البعثات التي كانت ترسلها بريطانيا إلى جاميكا تم إرسال آني عنوة، وهناك تعرفت على ثري من البلاد ينتمي لجماعة الإقطاعيين يدعى جون بالمر، حيث كان بالمر يمتلك بيت كبير واسع أشبه بالقصر، وكان ذلك القصر بالتبعية يمتلأ بالعبيد والخدم، والذين كانوا جميعًا غير متوقعين لما تنوي ساحرة جاميكا البيضاء فعله.

كانت آني قد تشبعت جدًا بأفكار السحر والشعوذة، بل أنه يقال إنها قد أصبحت من عبدة الشيطان، وقد كان عبدة الشيطان يلزمهم المرور بطقوس مُعينة، وكل هذه الطقوس مُتعلقة بالتعذيب وسفك الدماء، وبالطبع لم تجد آني أفضل من العبيد كي تُجري عليهم التجارب، لذلك لن نُبالغ إذا قلنا إنها قد جعلتهم يعيشون الجحيم بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ، مُستخدمة في ذلك تعاليمها السحرية التي تجرعتها على يد ساحرتها التي ربتها.

لماذا سُميت بذلك الاسم؟

هناك سؤال يجب الإجابة عليه أولًا قبل التطرق إلى ما أقدمت عليه آني فيما بعد، ذلك السؤال يتعلق بنعتها بساحرة جاميكا البيضاء، والحقيقة أن الإجابة قد لا تتضح من الاسم، فلم يكن هناك امرأة واحدة فقط بيضاء في جاميكا، بل كان هناك الكثيرون منهن، لكن، في نفس الوقت، لم تكن هناك سوى ساحرة واحدة، أو ساحرة حقيقية واحدة، فما كان يعرفه السحرة الأصليين بهذا البلد لا يتخطى واحد بالمئة مما كانت آني تعرفه وتتعلمه من خلال حياتها في البلاد الأفريقية ونشأتها على يد أعتى السحرة هناك، عمومًا، فيما بعد انتشر السحر في جاميكا وأصبح يُضرب به المثل في العالم، وخمنوا من السبب في ذلك الانتشار؟ أجل، إنها آني بطلة قصتنا المجنونة.

آني تتخلص من بالمر

كان طموح ساحرة جاميكا البيضاء أكبر بكثير من العيش في القصر الكبير بوصفها زوجة مالكه فقط، وإنما كانت تأمل كذلك في أن تُصبح المالكة الوحيدة له، ولم يكن ذلك ليحدث بالتأكيد سوى من خلال التخلص من جون بالمر، والذي بالمناسبة كان يُحسن التعامل مع آني ويُحبها بصدق، بل كان على استعداد التام للموت من أجل فقط أن يحظى برضاها، ولم يكن المسكين يعلم أن رضى تلك الساحرة الملعونة يكمن في موته هو ولا أحد غيره.

في أحد الليالي استيقظ سكان القصر وكل الموجودين في جاميكا عمومًا على نبأ موت جون بالمر، وبالطبع لم يبتلع كل المُدركين لما تفعله آني بذلك الموت المفاجئ، وإنما أدركوا في قرارة نفسهم أن الزوجة المجنونة قد تخلصت من زوجها المسكين، الغريب، أنه بعد أشهر قليلة نسي الجميع موت بالمر وأخذوا يتوافدون على قصر آني لخطبتها، وكأنهم يساقون إلى الموت فعلًا، فالحقيقة أنه لم يكن ثمة أحد يُصدق أن امرأة بهذا الجمال قد تُقدم على قتل هرة حتى، المساكين كانوا يتوقون إلى الموت أكثر من أي شيء آخر، وهذا ما لاقوه بالفعل على يد جلادتهم آني.

الطريق إلى الموت

كانت آني، أو ساحرة جاميكا البيضاء، فتاة جميلة وفي ريعان شبابها، هذا بالرغم من قِصر طولها، والحقيقة أن الجنون كان مُسيطرًا على كِبار جاميكا لدرجة أنهم قد نسوا ما فعلته آني بجون بالمر، أو تغاضوا عنه، وذهبوا طالبين الزواج منها بمحض إرادتهم، وكأنهم قد ارتضوا أن يأخذوا طريقهم إلى الموت، أو أن الجمال الذي كانت تتمتع بها وما تملكه من أموال إضافةً إلى القصر قد تسببوا في إعماء هؤلاء الأثرياء عن الحقيقة التي كان من الممكن أن يعرفوها من العبيد الفقراء الذين تجرعوا العذاب على يد آني الجميلة كما يعتقدون.

تزوجت آني أكثر من ثلاث مرات، وفي كل مرة كان يحدث الزواج لا تمضي أشهر قليلة حتى يموت الزوج بطريقة غريبة، الأغرب أنه في كل مرة كان يُقال نفس السبب الأحمق، وهو أنه ثمة أزمة قلبية مفاجئة قد داهمت الزوج، أو مثلًا من أجل التغيير كان يقال إن الرجل عندما كان يمتطي حصانه فقد توازنه وسقط ميتًا، وهكذا الكثير من الأسباب الغير منطقية، وبالطبع لم يكن أحد يملك شيئًا بخلاف تصديق ما تدعيه آني، وإلا فالموت هو نهايته الحتمية.

جرائم بحق العبيد

لم تتزوج آني مرة أخرى، بل أدركت أنها قادرة على القتل وارتكاب كل طقوس عبدة الشيطان التي تريدها دون زواج، وإنما يكفيها فقط مجموعة العبيد التي تمتلكها بالقصر، والتي كانت بالمناسبة كبيرة جدًا، فكما ذكرنا، كان بالمر زوج آني أحد أهم الإقطاعيين في جاميكا، لذلك كان من الطبيعي أن يكون له أكبر عدد من الخدم، حتى أن الأثرياء الذين تزوجتهم الساحرة فيما بعد كانوا يأتون بخدمهم وعبيدهم، لذلك، إضافةً إلى ثروة الأموال والقصر، كونت آني ثروة كبيرة من العبيد كانت كافية لسد احتياجاتها منهم لفترة طويلة.

جرائم ساحرة جاميكا البيضاء كانت تتدرج من التعذيب إلى القتل، والحقيقة أنه في كل صباح كان يُنتقص من أعداد العبيد الإجمالية الموجودة في القصر، لكن أحدًا لم يكن يلتفت لذلك النقص لسبب بسيط جدًا، وهو أنهم مجرد عبيد، لم يكن لهم أي حقوق مثلما كان العرف ينص في جاميكا ذلك الوقت، أما عن حديقة قصر آني فلم تعد حديقة مليئة بالزهور والثمار والخضار، وإنما كانت مجموعة مدافن متجاورة، لكن بالتأكيد كان لابد من نهاية حتمية لذلك الجحيم، تلك النهاية التي ما كانت لتكون شيء أفضل من الموت، موت ساحرة جاميكا البيضاء، والتي اختُلف حول كيفيتها كثيرًا.

الموت بيد تاكو

اختُلف كثيرًا في الطريقة التي ماتت بها ساحرة جاميكا البيضاء، فالرواية الأولى تقول أن أحد أهالي الضحايا، وتُدعى تاكو، قد تربصت بها وقتلتها، وذلك انتقامًا لموت حفيدتها وابنتها، والذي جاء على يد آني ضمن حفلات التعذيب التي كانت تُقيمها، وبالرغم من منطقية تلك الرواية حول نهاية ساحرة جاميكا البيضاء إلا أن البعض لم يقتنع بها لسبب بسيط جدًا، وهو أن آني لم تكن تسير واحدها أبدًا، وإنما كان يُلازمها دائمًا مجموعة كبيرة من الحرس، لذلك لم يكن من المنطقي أن تقتحم العجوز تاكو ذلك السياج وتقوم بقتلها، هذا إذ لم تكن قد استخدمت طريقة سحرية أخرى.

أيضًا فيما يتعلق بهذا الادعاء ثمة تأكيدات كثيرة على أن آني كانت لا تترك أي دليل خلفها على جرائمها، ولا نقصد بذلك أنها كانت تخاف من شيء ما فتُخفي الجرائم، وإنما فقط كانت تستهدف أسرة بأكملها، خاصةً وأنه ثمة أسر كاملة تنتمي لنوعية العبيد، لذلك كانت آني تخصص الأسرة كاملة لفترة من الطقوس، مما يعني أنه لن يتبقى أحدًا للانتقام فيما بعد.

الموت بيد العبيد

الطريقة الثانية التي قيل إن ساحرة جاميكا البيضاء آني قد لفظت أنفسها الأخيرة من خلالها هي طريقة العقاب على يد العبيد الذين لم تتوانى آني أبدًا في تعذيبهم طوال حياتها، ففي عام 1930 قامت ثورة العبيد في جاميكا وتم مهاجمة جميع الأسياد والتخلص منهم وتحرير البلاد من شرورهم، وبالتأكيد كانت آني على رأس قائمة هؤلاء الأسياد المطلوبين للموت، هذا إذ لم تكن الأكثر طلبًا على الإطلاق لما ارتكبته من جرائم بحق العبيد لا يمكن حتى الاقتراب منها.

ماتت الساحرة الشريرة آني كما ذكرنا في بداية العقد الرابع من القرن العشرين، لكن، بالرغم من ذلك، ظهرت ساحرة جاميكا البيضاء للناس بعد موتها في صورة شبح، وخاصةً في منطقة القصر والأماكن المحيطة بها، وإذا كنتم تعتقدون أن كل ما قيل عن آني مجرد أسطورة فأنتم الآن مُطالبون بزيارة جاميكا والذهاب إلى قصر الساحرة البيضاء هناك، حيث ستتأكدون بأنفسكم من قصة تلك الساحرة الشريرة التي أذاقت الناس سوء العذاب في حياته، وعندما ماتت وظن البعض أن شرها قد توقف وانتهى لم تكف أبدًا عن إثارة الرعب في نفوسهم.

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

1 تعليق

3 × خمسة =