تسعة مجهول
خرافات شجرة السدر
الرئيسية » اسطورة » خرافات شجرة السدر : شجرة اللعنات والبركات في آن واحد

خرافات شجرة السدر : شجرة اللعنات والبركات في آن واحد

خرافات شجرة السدر هي بعض الأقاويل التي تُقال حول تلك الشجرة، والتي تتواجد بكثر في دول الشرق الأوسط، ومن المعروف أنها مذكورة في القرآن الكريم.

تُعتبر خرافات شجرة السدر أحد أكثر الخرافات رواجًا في الوطن العربي وخاصة ذلك الجزء منه الذي يقع في الشرق الأوسط، حيث أنها، ومنذ أن عرفها الانسان، يُثار حولها المشاكل والأقاويل، وتخرج الأوامر بتحريم قطعها أو حتى مجرد التفكير في أذيتها، كما أن الناس كانوا يقدرون تلك الشجرة لأسباب أخرى تتعلق بالبركات التي تحملها لهم واللعنات التي ستحل عليهم إذا تعرضوا لها بسوء، حيث كانوا يلجئون إليها في كثير من الأمور، والغريب أنها لم تكن ترد لهم مطالبهم أبدًا، وهذا ما أثار الجدل حولها وجعل البعض يفكرون في الربط بين ما يحدث من تلك الشجرة وذكرها في القرآن، عمومًا، في السطور القادمة سوف نتعرف سويًا على شجرة السدر والخرافات المثارة حولها، وهل هي حقيقية فعلًا أم محض خرافات؟

ما هي شجرة السدر؟

شجرة السدر أو النبق كما يُسميها البعض هي شجرة ثمار تنبط في كل مكان في العالم، لكن يكثر وجودها في دول الشرق الأوسط والوطن العربي بشكل خاص، وذلك بسبب اقتناعهم بمذاقها الجيد واحتفاظها بسمعتها الطيبة على مر التاريخ، والحقيقة أن ما ساعد شجرة السدر على الانتشار هو قابليتها للزراعة في أغلب الظروف والأماكن، مما تسبب توافرها دائمًا، كما أن الفوائد التي تحصل منها تُشجع على زراعتها كذلك.

ذكرت شجرة السدر في القرآن الكريم، فعلى الأرجح هي المذكورة بوصف سدرة المنتهى، وسدرة المنتهى شجرة موجودة في الجنة، وهو ما يُعطينا قابلية للتصديق ببعض الكرامات التي تتسبب بها، وبالطبع هذا لا يمنع من وجود الكثير من الخرافات التي لا تستند إلى أي دليل وليس لها أساس من الصحة، عمومًا، سوف نذكر أغلب الخرافات والكرامات من باب العلم فقط، وعلى من يقتنع تصديق ما يشاء أو تكذيب ما يشاء أيضًا.

خرافات شجرة السدر

لماذا نسمي الأشياء التي تقال عن شجرة السدر بالخرافات؟ سؤال يستحق التفكير بلا شك، لكن أغلب الآراء حقيقةً سوف تتفق على شيء واحد، وهو أن ما يُقال حول شجرة السدر من أمور خارقة لا يمكن تصديقها بأي حالٍ من الأحوال، ولنبدأ مثلًا بأحد تلك الخرافات الغريبة، وهي تلك التي تتعلق بحماية الملائكة لها.

حماية الملائكة للسدر

من أكثر خرافات شجرة السدر التي ستسمعها كلما ذكرت اسم الشجرة أن تلك الشجرة تحميها الملائكة منذ قديم الأزل، فلا تجعل أحد يقترب منها بسوء، وإن تجرأ أي شخص وفعل فإنها تتولى عقابه بنفسها، وبالطبع هذا أمر خارج نطاق التصديق لأنه لم يرد في القرآن الكريم أو السنة النبوية المُطهرة، أو حتى أحاديث التابعين وأخبارهم، ونحن نعرف أنه هذه الأسانيد فقط هي التي يمكن الأخذ بها في أمر هام مثل الاعتقاد بوجود ملائكة مخولة لحراسة شجرة.

حراسة شجرة السدر من قبل الملائكة لا تكون حراسة تقليدية كما يدعي أصحاب الخرافة، ففي البداية تبدأ الملائكة بلعن من تجرأ وأصاب الشجرة بسوء، ولعن الملائكة بالمناسبة شيء لا يمكن تحمله، أما الأمر الآخر الذي ستضمن حدوثه إذا قطعت شجرة السدر من بيتك أنك سوف تصاب بالحزن والغم الشديد، وسبب ذلك بالطبع هو قطعك للشجرة المباركة، وعلى العكس تمامًا إذا اهتممت بها وقمت بتربيتها، فالبركات وقتها سوف تحل عليك من كل حدب وصوب، هكذا تقول الخرافة بالتحديد.

الحماية الروحية للسكان

من المعروف أن بعض البيوت قد يتواجد بها الجن والكائنات التي تنتمي للعالم الآخر وغير مرغوب فيها على الاطلاق، والحقيقة أن مجرد وجود شجرة السدر في بيتك يضمن لك، كما تدعي إحدى خرافات شجرة السدر، أن تُحاط بالأمان الروحي الذي يجعلك بعيدًا كل البعض عن الجن والعفاريت وكل هذه الأمور، وبالطبع لسنا في حاجة إلى التذكير مرة أخرى بأن الإقدام على قطعة الشجرة بعد زراعتها ينفي كل ما سبق ويجعله كأن لم يكن، لذلك رجاءً، ومن باب الحذر لا أكثر، إياك أن تزرع شجرة السدر إذا كنت ستقطعها فيما بعد.

الدعاء الذي لا يُرد

من ضمن خرافات شجرة السدر أيضًا أنها ليس بينها وبين السماء حائل، أي أن ما تدعوه عندها سوف يُنفذ بلا شك كما تقول الخرافة، والحقيقة أنه ثمة تقليد شهير فيما يتعلق بمسألة الدعاء عند شجرة السدر، فعندما يتحقق لا داعي ما يطلبه فإنه مُطالب بتلطيخ الشجرة نفسها بالحناء.

طريقة استخدام الحناء تتم بأن يتم جلب الحناء أمام الشجرة ثم يقوم الشخص الذي طلب الدعوة بتلطيخ يده داخل الحناء ثم يطبعها على الشجرة بحيث يترك علامة صارخة عليها، وعندما يأتي الشخص الذي يليه للدعاء يعلم أن ثمة من نُفذ له دعائه واحتفل بهذه الطريقة، أي أن الأمر أشبه بتوثيق لقدرة شجرة السدر على إجابة الداعي وتحقيق دعائه.أن

إرضاء الفتيان والفتيات

في الحقيقة تمتلك شجرة السدر قدرة مهولة، حسب أحد خرافات شجرة السدر الشهيرة، على إرضاء الجنسين، البنين والبنات، وهو أمر لا يأخذ وقتًا كبيرًا معها، فمثلًا، مشكلة الفتيات الأولى بالتأكيد هي تأخر الزواج، أو مشكلة البعض منهن تحديدًا، وحل هذه المشكلة يتواجد بسهولة عند شجرتنا، فهي تقوم بتزويجهن مقابل إشعال الشموع بعد إتمام الزواج وتحقق المراد، والواقع أنه قد ثبت تحقق هذه الخرافة بالفعل، لكن هذا لا يمنحها القابلية المُطلقة للتصديق.

بالنسبة للفتيان فإن أقصى ما يحلم به أي شاب بعض الزواج هو الحصول على عمل، وإذا وضعنا في الاعتبار أننا نتحدث عن وجود الشجرة في بعض الدول العربية فيجب أن نضع في الاعتبار أيضًا أن تلك الدول لا توافر غالبًا فرص العمل لشبابها، وهنا يأتي الدور الهام لشجرة السدر، حيث تعمل على منحهم فرصة العمل في صورة تحقيق دعائهم، ثم بعد ذلك يكون رد الجميل من خلال تخصيص نصف الراتب الأول بأكمله للشجرة والفقراء الذين يحيطون بها، الغريب، أن نسبة كبيرة من الشباب قد تحصلوا على عمل بالفعل بعد قيامهم بهذه الطقوس، لكنها تبقى مجرد خرافة، فالأرزاق كما نؤمن بيد الله.

إزالة السحر والمس

الخرافة الأشهر على الإطلاق فيما يتعلق بشجرة السدر هي قدرة تلك الشجرة على إزالة السحر والمس، أو بمعنى أدق، معالجة المسحورين، وخاصةً الفتيات، حيث تم توثيق أكثر من حالة تدل على ذلك الأمر، والحالات كلها حديثة، أي أنها ليست جزء من أسطورة قديمة أو ما شابه.

طريقة إزالة السحر قد تبدو صعبة بعض الشيء، فالشخص المصاب بذلك المس عليه أن يأكل يوميًا من ثمرة شجرة السدر، وذلك حتى يحين الوقت الذي يتقيأ فيه، ووقتها يُدرك المُحيطين به أن السحر الموجود بداخله قد خرج في وقت التقيؤ، أو هكذا تقول الخرافة الأشهر لشجرة السدر، والتي لا ينفك السحرة العرب أو الأفريقيين عن استخدامها حتى وقتنا الحالي.

تقوية الأطفال الرضع

من أشهر خرافات شجرة السدر التي لا ينفك الناس عن ترديدها هي تلك الخرافة التي تتعلق بالأطفال الرضع وقدرة شجرة السدرة على منحهم القوة الخارقة، أو على الأقل القوة العادية التي تُعينهم على متابعة حياتهم على نحو أفضل، والحقيقة أن اعتقاد الناس، خاصةً في أفريقيا، بهذه الخرافة يفوق حد المعقول، لدرجة أنه قد أصبح طقس من الطقوس التي لا يجب أن يمر أي مولود دون أن يتجرعها.

تحدث عملية تقوية الأطفال الرضع من خلال تمرير ثمرة السدر من على فم الأطفال، فبالطبع الجنون لن يصل إلى الحد الذي يدفعهم إلى إطعام الطفل الرضيع من الثمرة، ولاحظوا أننا نتحدث عن الطفل الرضيع، أي الذي لم يتجاوز على الأرجح العامين، وهو عمر يصعب فيه إطعام المولود أي شيء، فما بالكم بثمرة شجرة مثل شجرة السدر؟

الاستخدام في الأمراض الجلدية والنفساء

هناك شبه خرافتين مُتحدتين معًا في خرافة واحدة تعتبر من أشهر خرافات شجرة السدر، تقول تلك الخرافة ببساطة أنه عندما تُصاب بالأمراض الجلدية وتكون نفساء أو عندك حالة نفساء فليس عليك سوى اللجوء إلى الله ثم شجرة السدر من بعده، فهي التي تمتلك العلاج المزعوم الذي سيعالج ذلك الوضع المُتأزم.

يبدأ العلاج بأخذ خشب شجرة السدر نفسها ونقعه في الماء لمدة ثم تمريره على جسد المريض بالأمراض الجلدية، وهذا أمر كما تدعي الخرافة كفيل بمسح الجلد وإعادته إلى صورته الأولى، أما الأمر الآخر، والذي يتعلق بالنفساء، فمن نفس الشجرة يمكن الحصول على العلاج اللازم، وذلك من خلال ثمار السدر، وهنا يجب أن تنتبهوا لأمر هام جدًا أكدت عليه الخرافة، وأن الشجرة المستخدمة في العلاجين يجب أن تكون واحدة، وإلا زالت فائدتها وما صلحت في معالجة المرضين، وبالتأكيد ربط هذا بذاك لا يُعد سوى تأكيد على كون الأمر خرافة ساذجة، لكن الكثيرين لا يزالون يؤمنون بها وينفذونها بحذافيرها.

هل شجرة السدر حقيقية؟

في الحقيقة كل ما سبق تم استعراضه تحت اسم خرافات شجرة السدر لسبب واحد فقط، وهو ألا يعتقد الناس بوجود هذه الأمور حقيقة، فكلما ذُكرت الشجرة ذُكرت معها كلمة الخرافات، لأن المُدركين لحقيقة الأمر يعلمون جيدًا أن البشر بطبيعتهم يُجيدون ابتكار الخرافات والتفاهات، ويجيدون أكثر تصديقها وترديدها، ولابد أن منشأ قصة شجرة السدر برمتها أن رجلًا دعا دعوة بالقرب من الشجرة بالصدفة المحضة، لكن عندما تحققت زعم أن الشجرة التي كان يُقاربها هي السبب في ذلك، أو أنه مثلًا كان ثمة شجرة سدر في أحد البيوت تم قطعها وتصادف أن يتبعها بعض الدمار لأهلها، فخرجت على الفور إشاعة وجود ملائكة لحراسة الشجرة ومعاقبة كل من يُسيء بحقها، عمومًا، يبقى الشيء المتفق عليه أن وجود شجرة السدر حقيقي، لكن وجود هذه الخرافات ليس له أي أساس من الصحة ويفتقر إلى الدلائل والشهود، اللهم إلا بعض الشهادات الساذجة.

شجرة السدر والقرآن

بالتأكيد من الخطأ أن نقول أن ما ساعد على انتشار خرافات شجرة السدر هو ذكرها في القرآن، لكن ذلك الأمر في الحقيقة يُقارب الواقع، فالناس فعلًا ربطوا بين ذكرها في القرآن وقوتها الكبيرة التي قاموا هم بترقيتها إلى مستوى الخرافات، وبالطبع هؤلاء لا يعلمون أنه ثمة الكثير من الفواكه والثمار والأماكن، وأشياء كثيرة أخرى، ذُكرت في القرآن ولم يأخذ عنها الناس هذه الفكرة الخاطئة، لكن الأمر في النهاية راجع إلى جهل البعض واستغلال البعض الآخر ذلك الجهل لصالح أهواء شخصية.

ابراهيم جعفر

مبرمج، وكاتب، ومترجم. أعمل في هذه المجالات احترفيًا بشكل مستقل، ولي كتابات كهاوٍ في العديد من المواقع على شبكة الإنترنت، بعضها مازال موجودًا، وبعضها طواه النسيان. قاري نهم وعاشق للسينما، محب للتقنية والبرمجيات، ومستخدم مخضرم لنظام لينكس.

أضف تعليق

11 + 15 =