ظهرت قصة وحش شيقلدان خلال القرن الثامن عشر، وتحديدًا في مقاطعة شيقلدان الفرنسية، والحقيقة أن تلك القصة قد حظيت باهتمام غير مسبوق، وتم تناولها في كثير من الكتب والروايات، ففرنسا الهادئة لم يكن يُتوقع أبدًا أن يظهر بها وحش كاسر يقوم بقتل أعداد كبيرة من البشر تتجاوز المئات، والأغرب أن القوات الفرنسية كلها تتشمر للبحث عنه وقتله ولم تتمكن من ذلك إلا بعد مئات المحاولات الفاشلة، ليكون ذلك الوحش نقطة سوداء في تاريخ البلد بأكملها، عمومًا، دعونا في السطور القادمة نتعرف سويًا على وحش شيقلدان وقصة ظهوره وما فعله بسكان مقاطعة شيقلدان بعد ظهور، والأهم من كل ذلك بالتأكيد هو التعرف على النهاية التي مُني بها هذا الوحش المُخيف.
ظهور وحش شيقلدان
ظهر وحش شيقلدان في يونيو القابع في عام 1764، وذلك في مقاطعة شيقلدان كما أشرنا من قبل، والحقيقة أن ظهور ذلك الوحش لم يُسبق بعاصفة تمهيدية من أي نوع، وإنما جاء الأمر بصورة مُباغتة كانت سببًا في زيادة الحيرة، إذ أن القصة ببساطة تبدأ من خلال سيدة كانت تجلس بجوار البحيرة الموجودة في المقاطعة، كانت مجرد سيدة، وكانت البحيرة التي تجلس بجوارها مجرد بحيرة عادية أيضًا، لم يكن هناك وجود لأي شيء مميز بخلاف المخلوق الغريب الذي اندفع فجأة صوب السيدة وكأنه طوفان غاضب.
لم تستطع السيدة تحديد ملامح الوحش الذي ظهر لها وسط رهبتها وركضها من أجل الخوف، لكن النظرة الأولى له جعلتها تعتقد أنه عبارة عن بقرة كبيرة، لكن تلك البقرة للغرابة كانت تمتلك وجه ذئب، وكانت كذلك تركض نحو السيدة وكأنها مسألة حياة أو موت، لكن، ولحسن حظ السيدة، اندفع قطيع من الثيران وحجبوا ذلك الوحش عن السيدة، لتكون بذلك أول من رأى وحش شيقلدان ونجا بحياته.
صفات وحش شيقلدان
بجانب الصفات الشكلية لوحش شيقلدان، والمتمثلة في جسم الجاموس ووجه الذئب فأن ذلك الوحش كان يتميز بعدة صفات أخرى، منها مثلًا قدرته الكبيرة على المراوغة، وسرعته بالرغم من وزنه الثقيل، إضافةً إلى الصوت المُخيف الذي كان يصدره، والذي لا يدل إلا على النية السوداء الذي يُبيتها لضحاياه.
بعيدًا عن الصفات الشكلية كان وحش شيقلدان يمتلك عادة غريبة جدًا، وهي أنه، بالرغم من كونه وحش غير عاقل، إلا أنه كان لا يستهدف سوى البشر، فأثناء ملاحقته لضحاياه لاحظ البعض أنه لا يلتفت لأي حيوان بالقرب منه، بالرغم من كونه في الأصل فريسة سهلة، وإنما كان يُركز كل انتباهه على البشر، وهو ما جعله يُسقط المئات منهم.
ضحايا وحش شيقلدان
في الحقيقة لم يستطع أحد حصر العدد الحقيقي لضحايا وحش شيقلدان، لكنهم قُدروا في أغلب الأبحاث التي أُجريت عن الوحش بالمئات، وهو رقم بالتأكيد ليس قليلًا، إذا ما رعينا أن الجميع منذ اليوم الأول لظهور ذلك الوحش وهو يحاول التخلص منه بشتى الطرق، عمومًا سوف نتناول معًا ضحية واحدة من ضحايا وحش شيقلدان المرعب.
الطفلة جولي، الضحية الأبرز والأهم
كما ذكرنا، أفلتت السيدة الأولى التي ظهر لها وحش شيقلدان من قبضته، وقد قلنا إن هذه الحادثة كانت معجزة، إذ أه لم يثبت بعد ذلك أن شخصًا ما قد رأى ذلك الوحش ثم أفلت من قبضته، وبكل أسف كانت بداية الجرائم مع طفلة صغيرة لم تتجاوز السنوات العشر تُدعى جولى.
كانت جولي عائدة إلى البيت بمفردها ذلك المساء، وقد رأى وحش شيقلدان في ذلك الأمر فرصة مناسبة له، فقام بمهاجمتها وبقر بطنها دون أي مقاومة منها، وذلك ببساطة لأنها كانت مجرد طفلة، والحقيقة أن الاستهانة برواية السيدة الأولى التي رأت الوحش قد تلاشت تمامًا مع حادثة قتل الطفلة هذه.
رأس تحت الطلب
مع ظهور وحش شيقلدان وزيادة أعداد ضحاياه بشكل مبالغ فيه ظهرت الحاجة الملحة إلى التخلص منه وإنهاء ذلك الكابوس الذي ضرب فرنسا بأكملها، والحقيقة أن الاستهانة بقوة الوحش كانت سببًا مباشرًا في العدد الكبير للجرائم التي ارتكبها، إذ أنه منذ اللحظة الأولى لظهوره كان ثمة تأكيد بأن أمر وحش شيقلدان سوف ينتهي كأسرع ما يكون، وأنه لا داعي للقلق أبدًا أو الخوف، فهو في النهاية مجرد حيوان كأي حيوان، الفارق الوحيد أنه يتمتع بدرجة أكبر من الوحشية والجنون، وبالفعل بدأت محاولات قتل وحش شيقلدان وسرعان ما أصبحت رأسه تحت الطلب.
محاولة القتل الأولى
المحاولة الأولى لقتل وحش شيقلدان كانت على يد القوات الفرنسية، إذ أنها قد تربصت به ذات ليلة، وما إن ظهر لضحيته حتى اكتشف أنه لا وجود لضحية غيره، حيث انهالت عليه رصاصات القوات وتمت إصابته إصابة مباشرة حتى ظن الجميع أن الأمر قد انتهى للأبد، لكن، بعد أيام قليلة، ظهر وحش شيقلدان مرة أخرى وبدا وكأن أمرًا ما لم يكن، ليبدأ الرعب في احتلال نفوس سكان مقاطعة شيقلدان من جديد.
محاولة الفتل الثانية
في الثامن من أكتوبر القابع في عام 1764 ادعى مجموعة من الصيادين الفرنسيين أنهم قد تجهزوا ببنادقهم وخرجوا لاستدراك وحش شيقلدان، وبالفعل أصابوه بوابل كبير من الرصاصات حتى فقد وعيه وأخذ يترنح بداخل الغابة، وهنا أدرك الجميع مرة أخرى أن تلك هي النهاية الحقيقية لأسطورة وحش شيقلدان، لكن ما هي إلا أيام قليلة حتى ظهر ذلك الوحش مرة أخرى مُكشرًا عن أنيابه، ليبدأ الاعتقاد بعدها أن ذلك الوحش من النوع الذي لا يموت.
نهاية وحش شيقلدان
بالتأكيد لم يكن ذلك الأمر الكارثي ليستمر طويلًا، ولم يكن من المنطقي أبدًا أن يبقى وحش شيقلدان مصدر رعب للكثيرين طول قرون عديدة، وإنما كان لابد من وقت ينتهي فيه كل شيء، وهذا ما حدث بالضبط بعد العديد من المحاولات الفاشلة والغير مُثمرة بالمرة.
في أحد الأيام ادعى صياد موثوق من حديثه أنه قد طارد وحش شيقلدان بسلاحه الخاص وأخذ يوجعه بوابل من الرصاص حتى أفقده حياته، أو هكذا يؤكد، لأنه أخذ يترنح حتى سقط في بحيرة كبيرة، والحقيقة أن ذلك الأمر ظل موضع شك بسبب الأقوال المشابهة التي خرجت بهذا الصدد طوال السنوات الماضية، لكن عدم ظهور ذلك الوحش مرة أخرى أكد رواية الرجل وأعلن رسميًا نهاية وحش شيقلدان المُخيف.
حقيقة وحش شيقلدان
عقب نهاية وحش شيقلدان المتأخرة بدأ البعض يتساءلون حول حقيقة ذلك الوحش المخيف، وهل هو وحش خارق أصلًا؟ أم أنه مجرد مخلوق شاذ ليس له مثيل أو شبه، أم أن الناس يُبالغون فقط لا أكثر وما هو إلا ذئب ضخم بعض الشيء، عمومًا، ظل الاختلاف قائمًا حول حقيقة وحش شيقلدان، لكن الجميع اتفق على أن ظهور ذلك الوحش واختفائه كانا أمرين غاية الأهمية بالتاريخ الفرنسي وتاريخ العالم كله بشكل عام.
أضف تعليق