تسعة مجهول
غلوريا راميريز
الرئيسية » اسطورة » غلوريا راميريز : كيف تحولت غلوريا راميريز إلى المرأة السامة؟

غلوريا راميريز : كيف تحولت غلوريا راميريز إلى المرأة السامة؟

غلوريا راميريز سيدة أمريكية توفيت في إحدى المستشفيات عام 1994 لكنها قبل ذلك قامت على غير إرادة منها بتسميم طاقم طبي كامل، لتُعرف بعدها باسم المرأة السامة.

أخذت قضية غلوريا راميريز، التي وقعت نهاية القرن المُنصرم، مُنحنى جديد فيما يتعلق بحوادث الموت في المستشفيات، فقد جاء موت غلوريا بطريقة غريبة أثارت موجة كبيرة من الاندهاش لدى الكثيرين، بل والأدهى من ذلك أنها استطاعت نقش أحداثها بحروف غامضة في التاريخ، فبالطبع ليس من المنطقي أبدًا أن يقوم مريض، من المُفترض أنه مُقدم على الموت، بتسميم طاقم كامل من المرضى والأطباء المُساعدين وتعريضهم للموت، لكن موت غلوريا في الحقيقة شهد هذا الأمر وأكثر، لذلك، دعونا نتعرف سويًا في السطور القادمة على بطلة قصتنا غلوريا راميريز وحادثة موتها العجيبة.

لغز المرأة السامة والتى تسمى غلوريا راميريز

من هي غلوريا راميريز؟

وُلدت بطلة قصتنا غلوريا راميريز في مقاطعة كاليفورنيا القابعة في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في عام 1963، ولمن لا يعرف، فالولايات المتحدة الأمريكية في هذا الوقت كانت في بداية طريقها نحو اعتلاء العالم في كافة المجالات، وإزاحة الاتحاد السوفيتي في نفس الوقت، لذلك، لم تجد غلوريا، أو أي فتاة في أمريكا عمومًا، صعوبة في الحصول على تعليم جيد يجعل لها مكانة مرموقة في المجتمع، وهذا بالفعل ما حدث، فقد درست غلوريا المُحاسبة وأصبحت مُحاسِبة بأحد البنوك وهي في سن الثالثة والعشرين، والحقيقة أنها قد فعلت شيئًا آخر في هذا الوقت بخلاف العمل.

غلوريا راميريز والزواج

تزوجت غلوريا راميريز في نفس العام الذي اشتغلت فيه بالمحاسبة، ولم يمض عام آخر حتى رُزقت بمولدها الأول، تلته طفلة في العام الثالث للزواج والسادس والعشرين من عمر غلوريا، لكن الحياة كما نعلم لا يُمكن أن تُعطي الإنسان كل شيء، لذلك أخذت من غلوريا أغلى شيء لديها في هذا الوقت، زوجها، والذي مات في حادثة عابرة بشوارع كاليفرونيا، وبالرغم من أن هذا الرحيل المفاجئ كان قاسيًا على غلوريا إلا أن القدر فاجأها بعد شهور بما هو أقسى من ذلك بكثير.

غلوريا راميريز والمرض

شعرت غلوريا بعد موت زوجها بحالة إعياء شديدة، ظنتها في البداية مُجرد حزن على فراق زوجها، إلا أنها عند زيارة الطبيب تفاجئت بأنها قد أُصيبت بالسرطان، ليس هذا فقط، بل أنه أيضًا قد وصل إلى مراحله الأخيرة، لكن غلوريا بالرغم من كل ذلك لم تُعر الأمر اهتمامًا وأخذت تتعامل معه وكأنه نزلة برد عادية، والحقيقة أن الأمر كان يسير بخير فعلًا، لولا تلك الليلة التي سقطت فيها غلوريا سقوطًا مدويًا بعثر كل الأوراق وجعل التاريخ يتأهب لكتابة أغرب مريضة فيه.

ذروة المرض

بلغت غلوريا راميريز ذروة مرضها في أحد أيام شهر مارس القابع عام 1994، حيث كانت تجلس مع أطفالها في باحة البيت تُحضرّ لهم الحلوى والألعاب للاحتفال بعيد ميلاد الطفلة الصغرى ذو السبعة أعوام، إلا أن غلوريا، وعند الاقتراب من لحظة إطفاء الشموع، شعرت بدور شديد ثم أخذت تترنح حتى سقطت على الأرض فاقدة الوعي، وما هي إلا عشر دقائق حتى كانت في المستشفى القريبة من بيتها، لتدخل بعد ذلك إلى غرفة العناية المُركزة وتتلقى الإسعافات الأولية من قِبل طاقم المناوبة، ذلك الطاقم الذي أصبح فيما بعد ضلعًا رئيسيًا في القصة.

حالة غلوريا

كانت غلوريا راميريز عند وصولها إلى المستشفى أشبه بالمُنتهية، فقد كانت ضربات قلبها تتجه للضعف وأنفاسها بالكاد تدلف وتخرج، أما المسعفون فقد حاولوا معها بشتى الطرق، وفي النهاية قرروا تعريضها للشحنات الكهربائية.

المادة السامة، التي أصبحت حديث العالم فيما بعد، بدأت في الظهور هذا الوقت، حيث تشمم طاقم الإنقاذ رائحة تُشبه الثوم تزامنًا مع اكتساء جسد غلوريا بمادة لزجة غريبة، لذلك تم أخذ حقنة من دمها لمعرفة أسباب هذه الرائحة، إلا أنه لم تمضي سوى دقيقة بعد انتشار الرائحة إلا وسقطت إحدى الممرضات مغشيًا عليها، وتحديدًا تلك التي تُدعى سوزان.

انتشار الرائحة

مع انتشار الرائحة المنبعثة من جسد غلوريا راميريز بدأ الطاقم الطبي في التساقط واحدًا تلو الآخر، حتى وصل العدد إلى أربع ممرضات، جميعهن جاورن غلوريا في العناية المركزة، مما اضطر مدير المستشفى إلى إخلاء المبنى بأكمله وإعلان حالة الطوارئ تحسبًا لانتشار المرض، وفي الوقت نفسه كانت محاولات الإنقاذ تجري على قدم وساق من أجل الإبقاء على حياة غلوريا، لكن هذا وذاك لم يحدثا، إذ تساقط المزيد من الطاقم الطبي إثر الرائحة ولفظت غلوريا أنفاسها الأخيرة وأغلقت عدد عمرها عند الواحدة والثلاثين، لتبدأ بعد ذلك الأسئلة في الانطلاق ويسأل الجميع عما حدث بالضبط.

بدء التحقيقات

بعد وفاة غلوريا راميريز وإصابة أعداد كبيرة من الطاقم الطبي بالمستشفى بدأت التحقيقات الموسعة للتوصل إلى تفسيرات منطقية ومُقنعة، وقد بدأت تلك التحقيقات من وصول مندوب من وزارة الصحة واستجواب كافة المُصابين من الغاز والرائحة، والذين اكتُشف انهن جميعًا من النساء، وتحديدًا اللواتي لم يتناولن وجبة الإفطار، أما الذين تناولوها فقد شعروا بدوار خفيف لكن حالتهم لم تتطور إلى أكثر من ذلك.

المعامل الطبية أيضًا أرسلت فريقًا إلى المستشفى التي وقعت بها الأحداث والتعرّف على مصدر الرائحة وكيفية انتشارها، لكن العبء الأكبر كان على عاتق فريق التشريح، والذي كان من المُفترض أن يُجازف بتشريح الجثة الغريبة.

تشريح الجثة

بدأت عملية تشريح جثة غلوريا راميريز صباح اليوم التالي واستمرت أكثر من خمسة أيام، حيث كانت هذه أطول فترة تشريح جثة في التاريخ، فقد قام فريق التشريح، بعد أن حصّن نفسه بأدوات الحماية، بتشريح جثة غلوريا وفحص كل مُتعلقاتها، حتى الدماء أيضًا تم اختبارها، لكن الغريب أنه لم يتواجد بكل ذلك ما يُبرر تسمم الطاقم الطبي والعاملين بالمستشفى، حتى أسباب الوفاة بدت غير منطقية بعض الشيء.

فريق التشريح أيضًا لم يغفل معاينة كافة الأدوية التي كانت تتعاطها غلوريا قبل موتها، والوقوف على احتمالية احتوائها على مواد غريبة سببت هذا التسمم، لكن ذلك لم يُجدي أيضًا، لينتهي التشريح بلا أي نتائج.

انتهاء التحقيقات

في الرابع عشر من ابريل القابع في عام 1994 انتهت التحقيقات في قضية غلوريا راميريز بدفنها، حيث قال المجلس الطبي أن وفاة غلوريا جاء نتيجة فشل كلوي عادي، أما ما يتعلق بما حدث لأفراد الطاقم الطبي فهو غير معلوم، لكن حالة من الاستياء أصابت ذوي وأقارب غلوريا بسبب المعاملة التي وصفوها بالسيئة بدايةً من التشريح الغير مُبرر إضافةً إلى تأخر الدفن كل هذا الوقت، لكن ليس هذا فقط ما أغضب عائلة غلوريا، بل إن الصحافة أيضًا بدأت في هذا التوقيت ترديد اسم المرأة السامة بكثرة، حتى أن أطفال غلوريا قد عانوا من هذا الاسم في المدرسة.

غلوريا راميريز والشهرة

بالرغم من أن عائلة غلوريا راميريز قد تأذت من الطريقة التي ماتت بها فقيدتهم إلا أنهم قد نالوا شهرة كبيرة بعدها، حيث أخذت الصحف والقنوات التلفزيونية تتوافد عليهم وتم تصوير العديد من الأفلام الوثائقية التي جسدّت حالة غلوريا وحاكتها، لكن أعظم ما استخلصه العالم من هذه الواقعة هو أن جسم الإنسانس يكون غالبًا مُعبأ بالمواد السامة القادرة على تسميم البشر، لكنها لا تخرج إلا عقب عدة تفاعلات مجهولة كما حدث في حالة غلوريا راميريز، المرأة السامة.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

19 − عشرة =