أشهر القراصنة الذين سببوا الذعر في عالم البحار قديمًا وحديثًا

ما هي معلوماتك عن أشهر القراصنة في تاريخنا؟ قد يكون كل ما تعرفه هو شخصية جاك سبارو التي جسدها جوني ديب في قراصنة الكاريبي، وقد تحمل العديد من المعلومات الخاطئة الشائعة تجاه القراصنة، فهذا العالم مليء بالأساطير الخيالية، ولأننا نتحدث عن شخصيات ماتت منذ قرون طويلة فإننا قد لا نستطيع التوصل إلى الحقائق بسهولة، لكننا سنحاول في هذا الموضوع تحري الدقة بالقدر الأكبر وسنعمل على إضافة الروح التشويقية لتستمتع بالموضوع ولتقدر على الاطلاع على أهم المعلومات الخاصة بالقراصنة، وفي البداية سنذكر حياة القرصانة آن بوني التي تعتبر أشهر القراصنة النساء، وبعدها سنذكر بعض القراصنة الآخرين مثل بلاكبيرد وقراصنة البربر والسير فرانسيس دريك الذي يعتبر من أهم المستكشفين أيضًا وكذلك معلومات عن القرصنة قبل الميلاد وغيرها من المعلومات المثيرة.

تعرف على أشهر القراصنة على مر التاريخ

آن بوني

آن بوني هي واحدة من قرصانتين مشهورتين إلى حد كبير في تاريخ أشهر القراصنة ، وتاريخ ميلادها ليس معروفًا، لكن أغلب المؤرخين يتفقون على أنها ولدت في كينسال في مقاطعة كورك في أيرلندا في 1697 أو السنة التالية، واسم ميلادها آن ماكورماك، والجزء الأكبر من حياتها غير معروف وأغلب ما حصلنا عليه هو من كتاب واحد ألفه الكابتن تشارلز جونسون بعنوان “تاريخ عام عن السرقات والقتل لأكثر أشهر القراصنة عنفًا” والذي نشر في سنة 1724.

طفولة وحياة آن بوني

عمل والد آن كمحامي واسمه هو ويليام ماكورماك، وزوجته ربة منزل وهي ماري برينان، ولم يمر وقت طويل حتى انفصل ويليام عن زوجته وأخذ الطفلة آن واستقر في تشارلز تاون في كارولينا الجنوبية، وغير اسمه الأخير من ماكورماك إلى كورماك وبدأ حياة وظيفية جديدة واشترى قطعة أرض زراعية، وفي هذا الوقت وصلت آن إلى سن الثالثة عشر ومن المؤكد أن طباعها تحولت إلى طباع بالغة العنف. وقعت آن في الحب وهي في السادسة عشر وتزوجت لفترة قصيرة بقرصان يدعى جيمس بوني، وبسبب تلك الفعلة تبرأ والدها منها، وانتقلت للعيش مع زوجها في ناسو في جزر الباهاما، والتي كانت ملجأ لسفن أشهر القراصنة الإنجليز، وعندما وصل الحاكم الجديد وودز روجرز في سنة 1718، في ذلك الوقت تحول زوجها إلى مخبر يعمل على إعطاء المعلومات التي تخص عمليات القراصنة حتى تتمكن القوات الحكومية من إلقاء القبض عليهم وهم متلبسون، وبسبب طبيعة آن الرافضة لمثل تلك الأفعال فقد هجرت زوجها، كما أنها قد كونت بالفعل صداقات مع عدد غير قليل من قراصنة من إنجلترا وأنحاء مختلفة من العالم. وفي 1720 قابلت جون ريكهام المعروف بكاليكو جاك وأصبح رفيقها الجديد وهو من سنتحدث عنه في فقرة منفصلة فيما بعد، ومعه كونت طاقمًا جديدًا وبالفعل أحرزوا نجاح هائل عبر مهاجمة السفن الصغيرة في البحر الكاريبي، ولم يكن من الشائع أن تعمل النساء في مهنة القرصنة، بل كان من الممنوع عليهن العمل كبحارة أو على متن السفن في أغلب الأوقات، لذا فإنها واجهت صراعات عديدة لتستطيع إثبات جدارتها وليكون اسمها مهيبًا، وبالفعل حاربت إلى جانب الرجال وأثبتت أنها امرأة صلبة وشجاعة.

بلاكبيرد

اسمه الحقيقي هو إدوارك تيك، أما بلاك بيرد فتعني الكلمة في اللغة الإنجليزية “صاحب اللحية السوداء” وهذا هو الاسم الذي اشتهر به منذ يومه حتى يومنا هذا، وهو باختصار أشهر القراصنة عبر القرون وحتى الآن، وإذا قرأت رواية “جزيرة الكنز” التي كتبها الإنجليزي روبرت لويس ستيفنسون أو شاهدت الأفلام أو المسلسلات أو مسلسلات الرسوم المتحركة المقتبسة عنها فإنك ستكون قد سمعت عن بلاكبيرد، وغير الرواية فهناك العديد من المآثر الفنية التي جسدت الشخصية بدايةً من ألعاب الفيديو وحتى القصص المصورة.

بلاكبيرد والقرصنة العنيفة

بلاكبيرد هو قرصان إنجليزي ولد فيما يعرف بالعصر الذهبي للقرصنة، وفي البداية خدم كقرصان في البحرية البريطانية، وكغيره من أشهر القراصنة في ذلك الوقت فقد امتهن المهنة عقب انتهاء الحرب مع إسبانيا في سنة 1713، لكنه لم يكن كغيره بعد مرور بضعة سنين فقط، فقد اكتسب شهرة بالغة لم يحصل عليها أحد من قبل، وفي الواقع فإن الأمور في القرن الثامن عشر كانت مختلفة تمامًا عن السابق واللاحق، فسابقًا لم يعرف العالم هذه المغامرات المخيفة في عوالم البحار، حيث كان الاهتمام منصبًا على الاستكشاف، لكن بعد ذلك تزايدت المبادلات التجارية خاصةً بعد اكتشاف العالم الجديد، وفي غضون أقل من خمس سنين أصبح أشهر القراصنة في البحر الكاريبي واعتاد مع طاقمه على مهاجمة السفن هناك وعلى طول ساحل المحيط الأطلنطي لأمريكا الشمالية، وما اشتهر به هو الطابع العنيف الذي غلب على عمليات المهاجمة واختياره للسفن الحاملة للبضائع الثمينة، فسرق كل أنواع المجوهرات والخمر والطعام والأسلحة.

ما هي أسطورة بلاكبيرد؟

تقول الأساطير أن ظهوره على متن السفينة من بعيد بجانب علم الموت الخاص بالقراصنة يكفي لجعل السفن الأخرى تستسلم في لحظة واحدة، ويقال أيضًا أنه كان يربط فتيل متفجر في نهاية لحيته عند حضور العدو. لكن كي نكون منصفين فإن بعض الباحثين يخبرونا بألا نتعجل في تصديق كل الأساطير التي تُحكى عن بلاكبيرد وغيره من أشهر القراصنة ، فلا يوجد لدينا توثيق حقيقي بأنه قام بعمليات تعذيب أو غيرها، لكن آخرين يخبرونا بأنه علينا أن نتأكد من قيام بلاكبيرد وغيره من القراصنة بعمليات تعذيب شنيعة لضمان حصولهم على الاحترام من قبل طاقمهم والقراصنة الآخرين ومن يهاجمونهم وحتى قوات الحكومة، فهذا أمر طبيعي ومثبت تاريخيًا.

قصص مختلفة

القصة الأشهر لبلاك بيرد هي كمين ميناء تشارلستون الواقع في كارولينا الجنوبية في الولايات المتحدة، حيث قام في سنة 1718 بنصب كمين بواسطة سفينته المعروفة باسم “انتقام الملكة آن” مع الاستعانة بثلاث سفن صغيرة، وبدأ بمنع خمس سفن تجارية من دخول أو خروج الميناء، وأخذ من إحدى السفن بعض مواطني مدينة تشارلستون كرهائن وكانوا على درجة مرموقة إلى حد ما مجتمعيًا، ويقال أن بلاكبيرد هرب من ناحية الشمال وتخلى عن طاقمه لأنه أراد الاحتفاظ بالغنائم على الأرجح، وبالفعل وصل إلى كارولينا الجنوبية. ولقى بلاكبيرد حتفه في نوفمبر 1718 عندما وضع ألكساندر سبوتسوود حاكم فرجينيا مكافأة على رأسه، وقتله شخص يدعى روبرت ماينارد في شاطئ كارولينا الجنوبية وقطع رأسه وعلقه على سفينته.

جين ليفتي

كان جين ليفتي من أشهر القراصنة الذين حققوا نجاحًا كبيرًا في حياتهم وضمنوا مكانة قوية لعائلتهم، وبدأ بإقامة جيش من القراصنة العتاة لنهب السفن القادمة إلى ميناء نيو أورلينز في بداية القرن التاسع عشر، ونحن لا نعرف الكثير عن فترة طفولته ومراهقته باستثناء أنه ولد في هاييتي حوالي سنة 1780 وأنه ينحدر من أصول يهودية، وأسس مع أخيه مؤسسة للقرصنة سمّوها “مملكة باراتاريا” في أجزاء عديدة على طول ساحل لويزيانا في أمريكا، وهذه المملكة كانت في الواقع عبارة عن تجارة غير شرعية للعبيد لكن على مستوى هائل، حيث عملا مع طاقمهما على جلب العبيد من سفن البحر الكاريبي وخليج المكسيك مع البضائع المنهوبة ثم عرضهم للبيع في أماكن متعددة.

السياسة واللعب على الأطراف المختلفة

خلال الحرب بين أمريكا وبريطانيا في سنة 1812 حصل جين ليفتي وشقيقه على عرض مغري من الإمبراطورية البريطانية، حيث عرضوا مبلغ مالي كبير لقاء استخدام قاعدة ليفتي البحرية، وبالفعل أخذ المال وأتم معهما كافة الاستعدادات، لكنه ذهب إلى الأمريكيين وأخبرهم بالاتفاق والخطة، وقد تسبب هذا في تسريب معلومات حساسة وبالفعل انتصر الأمريكيون في معركة نيو أورلينز، وبسبب هذا التعاون البناء حصل الأخوان على عفو من الحكومة الأمريكية على كل العمليات الإجرامية التي قاموا بها سابقًا والتي تكون المقصلة هي عقوبتها في أغلب الأحوال، بل أن الرئيس الأمريكي نفسه أندرو جاكسون أشاد بجهود جين وأخيه واعتبرهما من الأسباب الرئيسية للانتصار على البريطانيين، مع العلم بأنه كان جنرالاً في هذا الوقت، لكن على ما يبدو فإن الأخوين لم يقوما بهذه المساعدة بسبب ولائهما لأمريكا، بل كان الأمر مجرد مصالح مباشرة، فعندما أتى النفع الأكبر تخلوا عن حليفهم، حيث عرضت الإمبراطورية الإسبانية عليهم أجر كبير لقاء التجسس على السفن العسكرية الأمريكية.

جين ليفتي وحياة القرصنة

في 1817 هرب ليفتي وطاقمه من نيو أورلينز وأقاموا في جالفيستون في تكساس، وهناك قاموا بالاستيلاء على قصر ضخم وملأوه بالذخيرة والعتاد، وأصبح بمثابة الحصن الجديد لهم، وشرعوا في استكمال أعمال القرصنة، لكن بعد فترة وبعد هجومهم على سفينة أمريكية في خليج المكسيك تم الضغط عليهم من قبل الأمريكيين وأجبروهم على حرق قصرهم ومغادرة البلدة، فذهبوا إلى مكان آخر بالقرب من ساحل خليج المكسيك إلا أن الحظ لم يحالفهم هذه المرة أو ربما زاد عدد أعدائهم ولم يستطيعوا استكمال أعمالهم بنفس المعدلات السابقة، وهذا آخر ما نعرفهم عنهم، ويقال أن جين ليفتي مات في سنة 1926 بسبب حمى شديدة، ويقال أيضًا أنه ادعى امتلاكه لكنز لا يقدر بثمن من المجوهرات وأنه خبأه في لويزيانا الجنوبية أو ربما جزيرة جالفيستون، لكن لا توجد أية آثار أو معلومات عن هذا الكنز حتى يومنا هذا. هناك العديد من المآثر التي تخص جين ليفتي وأخيه وبالتحديد في الولايات المتحدة، فمثلاً في قلب نيو أورلينز توجد حديقة جين ليفتي الوطنية التي سميت تخليدًا له برغم كونه من أعتى و أشهر القراصنة .

مدام شينج

مدام شينج أو شينج شيه (1775-1884) هي واحدة من أشهر القراصنة وأكثرهم نجاحًا في التاريخ على الإطلاق، فقد كانت تسيطر على أكثر من 300 سفينة في بداية القرن التاسع عشر، وكان طاقمها مكون من عدد هائل من الرجال والنساء وحتى الأطفال وتأتي تقديرات أعدادهم ما بين 20 ألف إلى 40 ألف فرد، ودخلت في صراعات مع أطراف ذات قوة عملاقة مثل الإمبراطورية البريطانية والبرتغالية وحتى سلالة تشينج الصينية، والمميز أن حياتها لم تنتهي بالقتل كما هو الحال مع أشهر القراصنة الآخرين، بل تقاعدت قبل وفاتها بسنين، مع العلم بأنه في سنة 1810 قامت الحكومة الصينية بإصدار عفو يشمل كل أفراد طاقمها وهي نفسها، وبعد ذلك افتتحت محل لألعاب القمار وابتعدت تمامًا عن القرصنة.

قراصنة البربر

في الثقافة الإسلامية يشار إلى قراصنة البربر باعتبارهم من المجاهدين، لكن في الثقافات الغربية ينظر إليهم على أنهم مجموعة من أشهر القراصنة العتاة، لكن في كل الأحوال فإننا لا نستطيع القول إلا أنهم من القراصنة مهما كانت غاياتهم، ومن المهم أن نذكر تاريخهم في هذا الصدد، فقد سيطروا على أجزاء كبيرة من البحر الأبيض المتوسط لقرون، وهذه الأجزاء هي المناطق البحرية الأكثر استراتيجية في العالم القديم، فهي الواصلة بين أفريقيا وآسيا وأوروبا.

من هم قراصنة البربر؟

خدم قراصنة البربر كقطاع من جيش الإمبراطورية العثمانية التي سيطرت على مناطق واسعة من العالم، حيث امتدت لتشمل أغلب مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من أوروبا الغربية، وبدؤوا أعمالهم في البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلنطي واستمروا في ترسيخ سيطرتهم لحوالي قرنين ونصف بدايةً من أواخر القرن السادس عشر، وبحلول القرن السابع عشر تحولوا إلى رعب وهاجس يواجه كل البحارة الذين يطوفون في تلك الأماكن بدون استثناء، بل أن أمريكا التي كانت تابعة لبريطانيا وقتذاك كانت تدفع مبلغ مالي ضخم كل سنة مقابل عدم مهاجمة سفنهم.

قوة قراصنة البربر ونطاق سيطرتهم

قام قراصنة البربر بالعديد من الهجمات لمدن ساحلية وقرى صغيرة، وأسروا عدد غير قليل من المواطنين وأغلبهم من المسيحيين من جزر إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال وباعوهم كعبيد في المغرب والجزائر ودول عربية أخرى، ويقال أنهم عاملوا مساجينهم معاملة عنيفة تتضمن الضرب بالسياط والحرمان من الطعام، لكننا لا نستطيع التأكد من هذا تمامًا، لكن من المؤكد أنهم حصلوا على ثروة مهولة من العمل في تلك الأنشطة لكل تلك السنين، إلا أنه عليك أن تضع في الحسبان أنهم لم يعملوا لحسابهم الخاص، وفي النهاية فإن قدرتهم على التنظيم تجعلنا نتفق على أنهم من أقوى مجموعات القرصنة في التاريخ، أو ربما هم مجموعة القراصنة القوية الوحيدة التي استطاعت أن تقف باثّة الرعب في قلوب كل الدول لقرون، وتركزت حصونهم في الجزء الغربي من شمال أفريقيا وبالتحديد تونس والجزائر.

نهاية أسطورة قراصنة البربر

أتت نهاية قراصنة البربر درامية إلى حد ما، ففي بداية القرن التاسع عشر وبعد هجومهم على سفينة أمريكية في المحيط الأطلنطي وأسر طاقمهم وبيعهم كعبيد حدثت مشكلة معقدة. أعاد الأمريكيون حساباتهم وفكروا في أنهم لو أنفقوا هذا المبلغ السنوي على تكوين سلاح بحري خاص بهم فإنهم لن يضطروا إلى الدفع لقراصنة البربر، وسيملكون وقتها الجيش البحري الخاص بهم للدفاع عن السفن والمناطق الاستراتيجية التابعة لهم، وبالفعل كان هذا هو السبب في ظهور سلاح البحرية الأمريكية الذي يعتبر الآن أقوى الجيوش البحرية في العالم، ثم حدثت الحرب البربرية الأولى فيما بين 1801 و1805، ثم الحرب البربرية الثانية في 1815، وفي كلا الحربين انتصرت القوات الأمريكية.

قرصنة أم جهاد؟

من وجهة نظر أخرى فإن أغلب الباحثين المسلمين يرفضون تسميتهم بالقراصنة ويعتبرون أن تكوين هذا السلاح البحري هو مجرد رد فعل طبيعي لما قامت به الدول الأوروبية من هجمات غاشمة ضد الدول المسلمة، فقد تكونت المجموعة بعد هجوم البرتغاليين والإسبانيين على بعض المناطق في شمال أفريقيا بدايةً من القرن الرابع عشر بالتحديد وحتى السادس عشر وكذلك سقوط الأندلس ومدن هامة مثل المرسي الكبير ووهران وطرابلس، ومن أشهر القراصنة نذكر مراد رايس الأكبر الذي ولد في ألبانيا في 1534 ومات في 1638 بدون التأكد من تلك التواريخ حيث تشير إلى أن عمره زاد عن مئة سنة، ولكن من المؤكد أنه عاش لفترة طويلة وشارك في حروب عديدة مثل حرب بريفيزا ومعركة بروزة ضد القوات الفرنسية، وبعد هذه المعركة أصبح مراد من أشهر القواد العسكريين في الإمبراطورية وحصل على منصب قائد الأسطول وتملك بعض المراكز الهامة في مصر واليمن والعراق كقواعد عسكرية له، والحروب الأهم بالنسبة له هي التي تمت في الشام في مواجهة الإيطاليين (أو بالتحديد قوات مدينة البندقية التي كانت بلدة مستقلة وقتذاك) والفرنسيين وقوات مالطا، حيث أن هذه القوات مجتمعة كانت تملك أساطيل خارقة ويخافها أي قائد بحري في العالم، فيكفي وجود سفينة روسا التي كانت تعتبر السفينة الحربية الأضخم والأقوى في أوروبا بأسرها وكانت تحتوي على ما يقرب من مئة مدفع، لكن حنكة مراد رايس الأكبر مكنته من التعامل معهم وانتصر بصورة غير متوقعة وحصل على عدد ضخم من المدافع والبنادق بالإضافة إلى العناصر البشرية.

فرانسيس دريك

السير فرانسيس دريك هو قبطان بحري وقرصان وخبير ملاحة بحرية وعمل أيضًا في تجارة العبيد ودخل في معترك السياسة لبعض الوقت خلال الحقبة الإليزابيثية، ولد في 1540 ومات في 27 يناير 1596، وأكثر ما يحسب له أنه قام بثاني رحلة حول العالم فيما بين 1577 وحتى 1580، وهو أول من أكمل الرحلة كقائد لرحلة الاستكشاف نفسها وقائد للسفينة، وقد منحته الملكة إليزابيث الأولى ملكة إنجلترا شرف الفروسية بعد شهور من عودته، وكان القائد الثاني للأسطول الإنجليزي في مواجهة الأسطول الإسباني في 1588، ويذكر المؤرخون أنه كان من أكبر العوامل التي أدت إلى فوز الإنجليز على الإسبانيين، وفي حالة فوز إسبانيا فإن خارطة التاريخ كانت ستتغير بشكل كبير، لذا فإن السير فرانسيس دريك هو من أكثر الشخصيات المؤثرة في عالمنا وهو من أشهر القراصنة أيضًا، حيث عمل لسنين طويلة من حياته على مهاجمة السفن الإسبانية حيث كان يمثل الذعر الأكبر بالنسبة لهم وأسموه “إل دريك” أو “دراكو” أي التنين باللاتينية، لدرجة أن فيليب الثاني ملك إسبانيا عرض مبلغ مالي يساوي 6.5 مليون دولار (بقيمة المال الحالية) مقابل رأسه، وقد ولد دريك في قرية تافيستوك في ديفون في إنجلترا وتوفى في بورتوبيلو في كولون في بنما وحصل على رتبة أدميرال (أمير البحار).

ثروة هائلة

من خلال الغنائم الهائلة التي حصل عليها خلال حياته كواحد من أشهر القراصنة فإنه جمع أموالاً هائلة قد لا نستطيع تخيلها، إلا أن المؤرخين قاموا بحسابات تقديرية لثروته وقالوا أنها تساوي 127.9 مليون دولار بالقيمة الحالية، وصنفته مجلة فوربيس باعتباره ثاني أكثر القراصنة ربحًا في التاريخ.

حياة فرانسيس دريك

كغيره من أشهر القراصنة فإنهم كانوا في البداية مجرد هواة، ولم يحصلوا على أي تعليم محدد، بل فهموا أصول الملاحة البحرية من خلال التجربة والعبث في الخرائط القديمة التي كانوا يحصلون عليها من المكتبات العامة، وكانت بداية فرانسيس دريك في العمل على متن سفينة لتجارة العبيد من أفريقيا وهي الفترة الأولى التي زادت فيها التجارة، وعندما تعرض إلى هجوم من سفينة قرصنة إسبانية مع فرد من عائلته فقد حمل على عاتقه مهمة الأخذ بالثأر من الإسبانيين، وبالفعل تمكن من إلحاق خسائر مهولة لهم بل والقضاء على خططهم المفترضة لاستعمار إنجلترا. أولى رحلاته كانت الذهاب مع سفينتين مخصصتين للهجوم على السفن الإسبانية بإيعاز من الملكة إليزابيث نفسها، وفشل في المرة الأولى بشكل جزئي لكنه حقق نجاحًا مبهرًا بعد ذلك وحصل على غنائم من المجوهرات والأحجار النفيسة التي كان يحصل عليها الإسبانيون من أمريكا اللاتينية، ومع رحلته الاستكشافية حول العالم واجه عصيانًا من جانب طاقم السفينة لكنه تمكن من التعامل معه وقتل قائد العصيان.

كاليكو جاك

كاليكو جاك ريكهام هو قرصان إنجليزي سيطر على أغلب مناطق البحر الكاريبي بين 1718 – 1720، واكتسب اسم كاليكو من الملابس التي يرتديها والتي كانت مكونة من اللون البني مع الأبيض والأسود، وقد وصل إلى رتبة قائد سفينة عبر مغامرة غير متوقعة، وقد بدأت الحكاية في سنة 1718 عندما كان يعمل على متن سفينة يقودها القبطان تشارلز فين، وتواجهت السفينة مع سفينة قتالية فرنسية، وقرر فين تجاهل السفينة والابتعاد عنها بدلاً من مهاجمتها، وتسبب هذا في سخط طاقم السفينة وتطورت الأمور إلى أن اتفقوا مع بعضهم على العصيان وإزاحة فين من القيادة، وبالفعل قاموا بهذا وتركوا قائدهم بمفرده في جزيرة غير مأهولة وبعيدة جدًا عن أية مناطق مأهولة بالسكان، واتفقوا على اختيار كاليكو كقائد جديد، وأول ما فعله هو العودة واقتفاء أثر السفينة الفرنسية ومهاجمتها، ونجح في هذا وسرق كل الغنائم، وبعد ذلك عمل على مهاجمة سفن عديدة في البحر الكاريبي، وفي الشهور اللاحقة ارتكز على مهاجمة السفن الآتية إلى ساحل جامايكا.

كاليكو جاك وآن بوني

مما اشتهر به كاليكو جاك هو علاقته مع آن بوني التي تعتبر من أشهر القراصنة النساء، وقد تقابلا في البداية في خان صغير في جزيرة من جزر الباهاما والتي كان يزورها عدد كبير من القراصنة، وفي ذلك الوقت قبل كاليكو عرضًا قدمه حاكم جزر الباهاما وهو أن يتوقف كاليكو عن أنشطة القرصنة التي يقوم بها مقابل عفو غير مشروط، ولكن بعد ذلك لم تسر الأمور وفق ما هو متفق عليه، وفي ذلك الوقت كانت آن بوني متزوجة بقرصان آخر، وعندما علم زوجها الحقيقي بعلاقتها مع كاليكو شعر بالغضب والسخط إلا أنه لم يستطع أن يتصرف بأية طريقة، وأبحر كاليكو مع بوني وأكملا أنشطتهما سويًا.

نهاية كاليكو جاك المأساوية

كانت نهاية كاليكو جاك ريكهام في 1720 بعدما سرق طاقمه سفينة كانت راسية في جزر الباهاما، وبعدها مباشرةً أمر الحاكم وودز روجرز بإرسال سفينتين مكونتين من 45 رجل للإمساك بالقراصنة المتسببين في الحادثة، وعندما وصلت السفينة الأولى تصدى لها كاليكو ورجاله، إلا أن الرجال في السفينة الثانية استطاعوا أن يجبرونهم على الاستسلام، وفي 20 نوفمبر تم شنق كاليكو وطاقمه بالكامل في جزيرة بالقرب من ميناء رويال في جامايكا، وتم تعليق جثثهم في أماكن متفرقة من الجزيرة كي يكونوا عبرة لغيرهم من القراصنة.

القرصنة قبل الميلاد

استطاع الفراعنة أن يبنوا السفن لشق البحر وإقامة العلاقات التجارية مع الحضارات الأخرى، ومع مرور السنين استطاعت الحضارات الأخرى التقدم في بناء السفن ولم يصبح الأمر حكرًا على أمة بعينها، حيث سعت كل حضارة إلى امتلاك أسطولها الخاص مهما كان صغيرًا أو إن لم يطلق عليه أسطول بعد، واستخدمت بعض الشعوب مثل شعوب الفايكينج السفن بشكل أساسي لاجتياح العالم، لكن كل هذا لا يعتبر من أنشطة القرصنة من أن البعض يعتبرون الفايكينج أول القراصنة في المنظمين في التاريخ وأكثرهم شراسة.

أول أنشطة القرصنة التي نعرفها كانت بواسطة الشعوب التي تسكن في بحر إيجه ومناطق من البحر الأبيض المتوسط مثل الإيليريين وبعض الفينيقيين، ويذكر في المآثر الإغريقية أنهم تواجهوا بالفعل مع قراصنة، وكانت الإمبراطورية الرومانية هي أول الأمم التي تواجه بالفعل خطر القراصنة، وفي سنين بعد الميلاد كان شعب القوط هو المكون للمجموعات المكونة من أشهر القراصنة وقتذاك. ومن الجدير بالذكر أن أفريقيا كانت تحمل في وقت ما مجموعة ضخمة من القراصنة واتخذوا جزيرة إيل سانت ماري ملجأ لهم في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وفي آسيا كانت سنين حكم أسرة تشينج هي بداية ازدهار أعمال القرصنة والتي استمرت لفترات طويلة وكانت تمثل تهديدًا كبيرًا لأمريكا بعد ذلك وقد حدثت صراعات عديدة بينهم وبين بريطانيا خاصةً فيما يتعلق بحرب الأفيون.