تمكنت الهندسة الوراثية خلال القرن الماضي من إيجاد نوع جديد من الحيوانات يُدعى الحيوانات الهجينة ، وفي الواقع هذا النوع من الحيوانات لم يأت نتيجة للدراسة فقط، بل دخلت فيه الصدفة أغلب الأحيان، وبالطبع نحن لسنا في حاجة إلى التذكير بإن التجريب من الأساس كان في الإنسان، بداية التجريب تحديدًا، حيث أن الهندسة الوراثية كانت تهدف في البداية إلى تهجين الإنسان، لكن الأمر بطريقة أو بأخرى لقى نجاحًا فيما يتعلق بالحيوانات، وأصبح لدينا كما أشرنا نوع جديد من الحيوانات يُسمى الحيوانات الهجينة، فدعونا نتعرف سويًا في السطور الآتية على أهم تلك الحيوانات وكيفية تهجينها.
أغرب الحيوانات الهجينة التي أنتجها الإنسان
قط السافانا، مزيج بين البري والأليف
يُعتبر قط السافانا أحد أغرب الحيوانات الهجينة على الإطلاق، فهو في الأصل مجرد خليط بين قط منزلي عادي أليف مع قط آخر بري يتبع فصيلة النمور، وبالطبع هناك فارق كبير بين النوعين في الصفات والتكوين الجسماني، وهذا ما انعكس بدوره على نتيجة عملية التهجين تلك، والتي انتجت نوع ثالث مُغاير تمامًا للنوعين.
في الحقيقة، لا أحد يعرف بالضبط كيف ومتى تمت عملية التهجين الغريبة تلك، لكن كافة الدراسات تُشير إلى أنها جاءت على غير رغبة من النوعين، البري والأليف، لأن الحيوانات تعتبر هذا مُخالفًا لأعرافها ومبادئها، إذًا، نستنتج من ذلك أن عملية التهجين قد تم دفعها من قِبل بعض المنظمات والمعامل والمُختبرات بغرض التجريب، لكن الغريب في الأمر أن القطين، البري والأليف، أصبحا مُتجاوبين مع عملية التهجين ومتُقبلين لها، مما أدى بالطبع إلى زيادة أعدد قطط السافانا، والتي تمتاز بوفائها الشديد الذي يُشبّهها بالكلب.
حيوان البغل، الهجين الشائع
من أكثر الحيوانات الهجينة الشائعة حيوان البغل، فقد انتشر هذا الحيوان في الآونة الأخيرة بصورة كبيرة حتى أصبح بعد الناس لا يعرفون بكونه أحد الحيوانات الهجينة، وأنه ناتج عن طريق علاقة تزاوج غريبة وغير مُستساغة على الإطلاق.
حيوان البغل، أو “الزيبرود” كما يُسميه البعض، هو حيوان أبيض الجلد مليء بالخطوط يمتلك أربع أقدام، وبالطبع تبادر إلى ذهن البعض عقب هذا الوصف عدة أنواع من الحيوانات، أولها بالتأكيد الحصان والحمار، لكن، الأمر الغريب فعلًا أن حيوان البغل هو في الأساس نتاج للحيوانين المذكورين، أنثى الحصان وذكر الحمار.
الكاما، هجين الجمل واللاما
الكاما أيضًا تُعد واحدة من الحيوانات الهجينة الغريبة، فهي تنتج عند تهجين حيوان الجمل الشهير مع أنثى حيوان اللاما، وربما يُعتبر هذا النوع من التهجين هو النوع الوحيد المُحبذ والمُستساغ، وذلك لأن حيوان الكاما الذي يتم إنتاجه يُستخدم في عدة استخدامات هامة وضرورية، فهو نتاج طول الجمل مع قِصر اللاما.
النحلة القاتلة، وليدة التهجين الخاطئ
تُعد عملية التهجين التي جرت بين النحلة الأوربية والنحلة الأفريقية أحد أسوأ عملية التهجين التي حدثت على مر التاريخ، فهي للأسف قد أسفرت عن واحدة من أشد الحيوانات الهجينة ضررًا على البيئة والإنسان وحولت النحلة من حشرة مفيدة تمد الناس بالعسل إلى حشرة قاتلة لا تحمل في أحشائها سوى السم.
الأمر كله حدث في بداية القرن الماضي، تحديدًا عندما أراد العالم الكيميائي الشهير وارويك كير إنتاج نوع جديد من النحل قادر على إفراز كميات أكثر من العسل، وذلك من أجل سد احتياجات الناس التي شهدت تضخمًا كبيرًا في هذا الوقت، لكن، وبكل أسف، لم تنجح التجربة وتمضي كما كان يُريد وارويك، بل أسفرت نوع هجين جديد من النحل أشبه بالثعابين، أي أنه قادر على قتل إنسان بمجرد اللدغ.
الأسد البربري، خليط الأسود والنمور
يُعتبر الأسد البربري أيضًا نوع جديد من أنواع الحيوانات الهجينة، فقد بدأ هذا النوع بتهجين أنثى الأسد مع ذكر النمر، إلا أن النتيجة التي أسفرت عنها عملية التهجين تلك لم تكن متوقعة على الإطلاق.
تفاجأ القائمون على عملية التهجين بعد إتمامها أن النتيجة كانت فصيلة جديدة وغريبة من الأسود، تختلف تمامًا عن كل السنوريات من حيث الحجم والشكل، إلا أن قوامها أشبه بقوام الأسد وجلدها أشبه بجلد النمر، لكن الأمر الأكثر غرابة أن الأسد البربري لم يستطع التكيف على العيش في الغابة مثل النوعين الذي نتج عن التهجين منهما، الأسد والنمر، كما أنه أيضًا لا يُفضل العيش في مكان واحد مدة طويلة حتى أصبح من الصعب جدًا تحديد موطن مُعين له، وكل هذا بالطبع يرجع إلى الطريقة التي تمت بها عملية التهجين.
الدب الأشيب، الهجين النادر
يُعد الدب الأشيب من أبرز أنواع الحيوانات الهجينة، إذ أنه في الغالب ينتُج عن تجربة تهجين نادرة للغاية، ولا تكون نتائجها مُتماثلة في كل التجارب. صعوبة هذا العملية في اختلاف النوعين اللذين يتم بهما التهجين، وهما الدب البني والدب القطب، إذ أنهما يختلفان تمامًا في الطباع والصفات، والتي أهمها مكان العيش، حيث يعيش الدب البني غالبًا في الغابات، بينما يعيش القطبي في الجليد كما يتضح من الاسم، لكن الدب الأشيب، والذي ينتج عن عملية التهجين بين النوعين السابقين، يستطيع العيش في كل الأماكن تقريبًا، لذلك تصنف عملية التهجين تلك بالغريبة.
وولفين، مزيج الحوت والدولفين
يُعد حيوان حوت وولفين من أغرب الحيوانات الهجينة وأندرها على الإطلاق، فالغرابة تكمن في التزاوج الذي تم بين حوت شرس قاتل ودولفين وديع يُستخدم في تسلية الأطفال، أما الندرة فهي أكثر غرابة في الحقيقة، حيث أنه لا يوجد في العالم سوى وولفين واحد، وهذا يعني أن عملية التهجين قد حدثت مرة واحدة فقط ثم توقفت بعدها، ولا أحد يعرف أسباب هذا التوقف المفاجئ حتى الآن.
تهجين الحيوانات
بعد أن استعرضنا في السطور السابقة أهم الحيوانات الهجينة الموجودة على الأرض فبالتأكيد قد يتبادر إلى أذهانكم سؤال منطقي جدًا، وهو الهدف من ذلك التهجين، والذي ربما تناولناه بصورة مُبسطة عند الحديث عن كل حيوان من الحيوانات السابقة إلى أننا بحاجة بالطبع إلى التركيز أكثر على ذلك الأمر ومحاولة شرحه بكلمات أبسط وأوجز، فنحن مثلًا إذ نستعرض هذه الحيوانات المُهجنة فلا نقصد بذلك الاعتراف بها، وإنما هو مجرد عرض بهدف التثقيف والتعريف، لكن، في حقيقة الأمر، يتم تهجين الحيوانات لأسباب قد تبدو غريبة بعض الشيء، أهما التجريب والتسلية!
لا تتعجب عزيزي القارئ، فبكل أسف هناك من يُقدمون على مُخالفة الطبيعة وإقامة علاقة بين نوعين مُتنافرين فقط من أجل المتعة والتسلية، وبالطبع هذا لا يعني أن هذه الأسباب هي الرئيسية والوحيدة، فالحقيقة أن بعض الدراسات والتحليلات الهامة تحتاج إلى عمليات التهجين تلك، لكن في حدود محدودة مُقننة.
قانون التهجين
مع انتشار عمليات التهجين وكثافة الحيوانات الهجينة خاصة في النصف الأول من القرن العشرين خرجت بعض القوانين التي تهدف إلى الحد من تلك العمليات، بل وتُجرّمها في بعض الأحيان، فالتهجين أشبه بالتجارب العلمية الخطيرة، قد ينجح ويعم على البشرية بالخير وقد يفشل فيؤدي إلى تدمير البشرية بأكملها، ولذلك جاءت القوانين للحد أو على الأقل منع أي عملية تهجين تتم دون إشراف من الجهات العملية المختصة الرسمية التابعة للدولة.
الحمدلله