عندما تقع عينك على اسم جوشوا فيليبس ، بطل السطور القادمة، فبالتأكيد أول ما سيدور في ذهنك هو سبب وصف قصته بالأسطورة، والواقع أنك مُحق في استنكارك إذا وضعنا في الحسبان أن الأساطير هي القصص التي يُخلدها التاريخ، وهذا لم يتحقق بشكل كبير في بطل قصتنا، لكن ما جعل منه أسطورة بحق هو ما فعله هذا الطفل، وبالطبع أثارت كلمة طفل فضولك، لكن ما رأيك في أن جوشوا فيليبس قد بدأ شق طريقه في الجريمة منذ الثانية عشر من عمره! الآن عرفت لماذا تُعد حكايته أسطورة؟ تعال إذًا لأخبرك الأمر كله بالتفصيل.
جوشوا فيليبس القاتل المريض نفسيًا
من هو جوشوا فيليبس؟
كعادة كل الغرائب والمعجزات التي حدثت في القرن العشرين، ولد جوشوا في بلاد العجب الجديدة، الولايات المتحدة الأمريكية، في ولاية فيرجينيا تحديدًا، وقد صادف ذلك بكل أسف اليوم السابع عشر من شهر مارس القابع في عام 1984، والأسف هنا بسبب الذكرى السيئة التي سيحملها هذا اليوم للأبد.
كان جوشوا وحيد إخوته ويتيم الأب والأم، وهذه ليست حقائق بقدر ما هي استنتاجات، فلم يُرى هذا الطفل أبدًا إلا وحيدًا، حتى أن الرجل الذي وضعه في دار الأيتام عام 1990 قال أنه قد وجد ذلك الطفل ذو الست سنوات جالسًا يبكي على الطريق، ومن هنا تحديدًا يُمكن أن نقر بميلاد جوشوا فيليبس.
فيليبس في دار الأيتام
في دار الأيتام بدأ جوشوا فيليبس حياته من جديد، حيث تعلّم القراءة والكتابة وحاول ممارسة رياضة كرة القدم واحترافها، لكنه أُصيب بكسر في أحد أقدامه طُردت على إثرها فكرة الكرة من رأسه، ثم تابع بعد ذلك وبدأ في تعلم الرسم، الخلاصة أن حياة جوشوا فيليبس كانت شبه مثالية، وكان من الممكن جدًا أن تستمر على ذلك النحو لولا أن دار الأيتام التي يقطن بها تم بيعها لمُستثمر عقاري، ليتم طرد الأيتام في الشوارع، والذين كان بينهم بالطبع بطلنا جوشوا، الذي جرّب الشارع مرة أخرى بعد ست سنوات من النعيم.
عودة للشارع
بالرغم من أن جوشوا فيليبس كان قد بلغ الثانية عشر، وبالرغم من كونه في هذا العمر شبه قادر على العمل، إلا أنه قد عانى في البداية وظل أكثر من ثلاث ليال دون طعام، حتى وجدًا أخيرًا فرصة للعمل في إحدى محلات الفيديو وتمكن من خلال راتبها استئجار غرفة صغيرة، لكنها من سوء الحظ كانت تجاور الجحيم مباشرة، أو بمعنى أدق، الطريق الذي سوف يأخذه إلى الجحيم.
بداية أسطورة جوشوا
في الغرفة المجاورة لغرفة جوشوا فيليبس كانت هناك أسرة صغيرة تتكون من أم وطفلة لم تتجاوز الثمانية سنوات، ريثما رأت الأم جوشوا وعرفت بقصته قررت مُساعدته في تقضية حياته اليومية، حيث كانت تُحضرّ له الطعام وتقوم بغسل ملابسه، إضافةً إلى الشيء الأهم وهو تنظيف غرفته كل صباح عند خروجه للعمل، ببساطة، لقد كانت تلك السيدة بالنسبة لجوشوا أم ثانية، لكنه لم يرها أبدًا كذلك، بل كان يرى فيها أمًا للطفلة التي هام في حبها مادلين.
الحب على طريقة جوشوا
مع بداية السن الثلاثة عشر في عمر جوشوا فيليبس بدأ حبه يأخذ أشكال عدة مع الطفلة مادلين حيث برزت بعض العقد النفسية على جوشوا المرجح وجودها بسبب نشأته الوحيدة، وقرر الاستمرار في حبها دون إفصاح، وإنما كان يأخذ طفلة في عمر مادلين كل ليلة ويذهب بها إلى أحد المناطق الشبه فارغة ويقوم بقتلها خنقًا ثم التحدث مع جثتها بكل ما كان يريد في الأصل إخباره لمادلين، الأدهى من كل ذلك أنه كان يسرق من ملابس حبيبته ويقوم بإلباسها لضحاياه زيادةً في المحاكاة لحبيبته.
سقوط الضحايا
في ولاية فيرجينيا بدأت الأطفال في السقوط واحدة تلو الأخرى، حيث أقدم جوشوا فيليبس على قتل أكثر من 36 طفلة في عام واحد، والكارثة أنه كان بعيدًا كل البعد عن الشبهات لكونه طفل، مما أدى إلى تزايد الضحايا بشكل جعل الآباء لا يخرجون أطفالهم من البيوت، كل هذا والشرطة عاجزة ومكتفية بالبحث والتحري عن المجرمين والمشبوهين، أما جوشوا فكان يُنهي عمله الأول كعامل في محل فيديو ثم يبدأ عمله الثاني آخر الليل كقاتل مُتسلسل للأطفال، وكان من الممكن جدًا أن يستمر ذلك لفترةٍ كبيرة لولا رأفة القدر بأطفال المدينة.
جريمة لا يتمناها جوشوا
ذات مساء كان جوشوا فيليبس يتجهز للقيام بجريمة جديدة كالمعتاد، أنهى عمله وتناول طعامه ثم ذهب ليأخذ قطعة من ملابس مادلين ليُلبسها لضحيته، إلا أن مادلين لحسن الحظ شاهدته يفعل ذلك وبسؤاله عن السبب ورفضه الحديث لجأت مادلين كأي طفلة في هذا العمر إلى الصراخ ومناداة الأم، إلا أن جوشوا لم يشعر بنفسه إلا وهو يضع يده على فمها ليمنعها من التحدث، لكن ما هي إلا ثوانٍ معدودة إلا واكتشف أنه قد منعها من التنفس أيضًا، ومن الحياة بشكل عام، ببساطة، لقد قتل جوشوا حبيبته مادلين ليلة عيد ميلاده الخامس عشر.
إخفاء الجريمة
كان الأمر كارثة حقيقية بالنسبة للمراهق جوشوا فيليبس، فمن ماتت الآن ليست فتاة عادية كأغلب ضحاياه، وإنما هي الفتاة التي يحاول مصارحتها بالحب من أكثر من عامين، لكن الكارثة الأكبر هي كيفية التخلّص من جثتها قبل وصول والدتها، لذلك لم يجد بُدًا من وضعها في غرفته وإخفائها، وظن في قرارة نفسه أنه بذلك سيخفي آثار جريمته وفي نفس الوقت سيحتفظ به معه للأبد، هكذا ظن، وهكذا تم إبلاغ الشرطة باختفاء مادلين.
أبلغت الأم الشرطة بتغيب ابنتها، وذلك بعد عودتها وعدم عثورها عليها، كما بدأت البحث عنها في شوارع المدينة، ورافقها للغرابة القاتل جوشوا مُدعيًا أنه لا يعرف شيئًا عنه أيضًا، أما في الليل كان ينفرد بها غرفتها ويقوم بمحادثتها وأحيانًا تقبيلها، وفي الصباح يذهب للعمل ببراءة مُصطنعة، لكنه بالطبع كان قد أغفل شيء هام جدًا.
السقوط المنطقي
كان جوشوا فيليبس طفلًا، وكان من الطبيعي جدًا أن يسقط بسبب سذاجته الطفولية تلك، والتي جعلته يعتقد أن جثة شخص ميت يمكن أن تظل على حالتها للأبد، وأن مادلين ستظل معه كما هي دون أن تتعفن، وبالفعل تم كشف هذا بعد بداية ظهور رائحة للجثة، لكن الكارثة الحقيقية كانت في ماهية الشخص الذي قام باكتشاف الأمر.
ذات صباح بينما كانت أم مادلين تُنظف غرفة جوشوا كالعادة تشممت رائحة كريهة تنبعث من تحت سرير الطفل، وكان من الطبيعي جدًا أن تظنها رائحة الجورب أو طعام فاسد أو حتى هرة ميتة، كل شيء وارد إلا أن تكون هذه رائجة جثة طفلتها الوحيدة، لكنها للأسف كانت كذلك، وما إن رفعت الغطاء حتى سقطت على الأرض مغشيًا عليها.
نهاية جوشوا فيليبس
استفاقت الأم بالطبع وذهبت لإبلاغ الشرطة، والتي لم تجد أي صعوبة في القبض على الطفل الذي ظل متظاهرًا بالوداعة طوال جلسات المحكمة، لكن كل ذلك لم يمنع من الحكم عليه بالسجن مدى الحياة في مكانٍ شديد الحراسة، لم يقضي فيه سوى سنوات قليلة حتى ملّ وقام بقتل نفسه خنقًا، ليكتب بقصته تلك أسطورة طفل ما زالت خالدة حتى الآن.
أضف تعليق