تسعة مجهول
السيباستيانيزم
الرئيسية » اسطورة » السيباستيانيزم : تعرف على أشهر الأساطير البرتغالية القديمة

السيباستيانيزم : تعرف على أشهر الأساطير البرتغالية القديمة

السيباستيانيزم تلك الأسطورة البرتغالية الشعبية ربما لم يسمع عنها الكثيرين، تعال معنا لنتعرف على أصل هذه الأسطورة وقصتها الكاملة.

السيباستيانيزم أو الملك المُخلّص، أسطورة بُرتغالية جديدة ظهرت لتتشابه مع الحقائق الراسخة التي يعتقدها المسلمون مثل المسيح المُخلّص أو المهدي المنتظر، لكن الفارق بين هذه الأسطورة وما يعتقده المسلمون والمسيحيون هو أن عودة المسيح وظهور المهدي تستند على أدلة مؤكدة من الكتب السماوية والأحاديث النبوية، أما أسطورة البرتغاليين السيباستيانيزم فهي مجرد ادعاء وخيالات لا يعلم البعض سبب ظهورها حتى الآن، لكنها بالرغم من ذلك ترسخت في أذهان البرتغاليين وأصبحوا يتناقلونها بينهم حتى أصبحت حقيقةٌ مُطلقة، لذلك دعونا نتعرف في السطور التالية على أشهر الأساطير البرتغاليين، أو بمعنى أدق، السيباستيانيزم.

السيباستيانيزم من الألف إلى الياء

ما المقصود بالسيباستيانزم؟

السيياستيانيزم ببساطة أسطورة ظهرت في منتصف القرن السادس عشر، وظلت باقية حتى القرن العشرين، أو يُمكن القول إلى وقتنا الحالي، وهي باختصار تتحدث عن أنه ثمة ملك يُدعى سيباستيان، كان موجودًا في هذا العصر ويتقلد عرش البرتغال، وقد قيل إنه قد قتل في إحدى المعارك، لكن الأسطورة تقول خلاف ذلك.

تقول الأسطورة أن هذا الملك ل م يُقتل، وإنما رُفع إلى السماء كما رُفع عيسى، وأنه سيعود في آخر الزمان، أو تحديدًا في الوقت الذي ستتدهور فيه البرتغال، وسيقوم بانتشالها مما هي فيه ودحر أعدائها، كما أنه أيضًا سيجعل البرتغال تعتلي أعلى منزلة بين الأمم من جديد وتعود لسابق عهدها من جديد، هذه هي الأسطورة التي تتعلق بالملك سيباستيان باختصار، لكن من هو الملك سيباستيان؟

من هو الملك سيباستيان؟

الملك سيباستيان هو أغرب الملوك الذين تقلدوا عرش البرتغال في تاريخها كله، فبالرغم من أنه سيباستيان الأول إلا أنه قد تولى العرش وهو لا يزال في الثالثة من عمره، حيث ولد 1554 وتولى الحكم في 1557، وبالطبع مارس أول سنوات حكمه تحت وصية أحد وزرائه، كانت البرتغال في هذا الوقت تختلف كثيرًا عن البرتغال الآن، فقد كانت امبراطورية كبير للغاية، تمتد من سواحل أسيا حتى الأميركتين، بما في ذلك أفريقيا وبعض أجزاء أوروبا.

أول القرارات

عقب بلوغه مباشرة أراد سيباستيان توسيع حكمه، وقد كانت لديه أفكار انتشارية كثيرة، أهمها السيطرة على المغارب وشواطئها، حتى لا يعود إليه المسلمون من جديد، والذين قويت شوكتهم بعد الفتح العثماني، وبالفعل أقدم سيباستيان على فتح المغرب لكنه أراد أولًا دعم ومساعدة خاله، فيليب ملك فرنسا، والذي رفض رفضًا تامًا، بل وحذر ابن أخته الصغير من الوقوع في خطأ كبير مثل التوغل في داخل المغرب.

إصرار وعناد

لم يستمع سيباستيان لنصيحة خاله، وقرر الذهاب حتى دون مساعدته، لكن الظروف قد خدمته بما كان يحدث من المسلمين آنذاك، حيث استولى الملك عبد الملك على حق حكم ابن أخيه محمد المتوكل الذي كان مُتمردًا على حكم العثمانيين ورافضًا الانضمام لهم، فأراد المتوكل أن يستعيد حكمه وينتقم من عمه الذي سلبه منه، فلم يجد أمامه سوى الملك سيباستيان، والذي كانت طموحاته لغزو المغرب قد انتشرت في جميع الأرجاء، وقد اتفق معه على منحه أطراف المغرب وحمايته من العثمانيين مقابل الانضمام له والقتال في صفوفه.

بالطبع وافق سيباستيان على عرض الملك المتوكل، حيث وجده خير بديل لخاله فيليب، وقد وافق ظاهريًا على العرض، لكنه كان يضمر نوايا أخرى كالتخلص من الملك المتوكل والاستيلاء على المغرب بأكملها كما كان يخطط من قبل، لكن في المعركة، لم تسري الأمور كما رتب لها سيباستيان أبدًا، بل حدث ما لم يكن يتوقعه أحد.

المعركة الأولى والأخيرة

في الرابع والعشرين من يونيو عام 1578 غادرت السفن البرتغالية من ميناء لشبونة، مُتجهةً إلى الشمال الغربي، ثم مرت في طريقها بطنجة لتلتحم مع السفن الإسلامية التي كان يقودها السلطان محمد المتوكل، لتكون هذه المرة الأولى التي ينضم فيها جنود مُسلمون إلى جيش صليبي، أو حملة صليبية بمعنى أدق.

في الرابع من أغسطس من نفس العام، في الأندلس، وعند مدينة القصر القديم تحديدًا، التقى المسلمون بقيادة الملك عبد الملك مع الصليبيين بقيادة سيباستيان والمتوكل، وذلك في معركة كبيرة عُرفت فيما بعد بمعرك وادي المخازن، والتي جاءت نتيجتها أسوأ بكثير مما كان يتوقعه سيباستيان، حيث انتصر المسلمون وُقتل الرجل الأهم في المعركة.

حدوث الكارثة

لم تكن معركة وادي المخازن معركة عادية، بل كانت واحدة من أغرب المعارك في التاريخ، حيثُ أن الجيش البرتغالي الكبير الذي خاضها لم يرجع سوى شخص واحد، في حين تم قتل كل الملوك والأمراء والقيادات التي كانت موجودة فيها، وعلى رأسهم الملك البرتغالي الشاب سيباستيان، والذي كان موته أشبه بكارثة حاول الجميع بشتى الطرق إخفائها، لكن هذا الأمر لم يفلح، وانتشر نبأ مقتل سيباستيان في جميع أنحاء البلاد، حتى جاء الربع والعشرين من شهر أغسطس عام 1578، وتم إعلان الخبر رسميًا بمشاركة أجراس الكنائس، التي أعلنت هي الأخرى حزنها على فُقدان الملك الشاب سيباستيان ونهايته المُفجعة.

ظهور السيباستيانيزم

فور إعلان نبأ مقتل الملك الشاب لم يستطع العامة تصديق الأمر، حيث كانت الكثير من الآمال والطموحات معقودة عليه، فقد وعد بأنه فور عودته من المغرب لن يترك فقيرًا بلا مال أو شابًا بلا عمل، لذلك كان الأمر بالنسبة لهم أشبه بفاجعة، تغلبوا عليها عن طريق القول بوجود ما يُسمى بالسيباستيانيزم.

السيباستيانيزم تعني أن الملك سيباستيان لم يُقتل في وادي المخازن كما أُشيع، وإنما هو حيٌ يُرزق، ينتظر فقط العودة في الوقت المناسب للقضاء على الأعداء وإعادة أمجاد البرتغال، وأنه مهما طال الزمن فاحتمالية عودة سيباستيان قائمة، والواقع أن تلك النظرية قد ظهرت بسبب الشك في طريقة قتل الملك الشاب واحتمالية هروبه من المعركة.

هل مات سيباستيان فعلًا؟

الشك في موت سيباستيان هو العكاز الرئيسي الذي تستند عليه أسطورة السيباستيانيزم، وهو الذي ظل دعامةً لهذا الأمر لأشهرٍ قليلة بعد موت سيباستيان، إلا أن بعض الكتاب والشعراء والمؤرخين الذين كانوا يتبعون الملك فيليب الثاني، وهو متولي عرش البرتغال بعد سيباستيان، أردوا أن يُريحوه من أمر عودة سيباستيان هذا وقتل الأمل في نفوس المروجين له، فكتبوا في كتبهم ورواياتهم وقصائدهم ما يؤكد موته يقينًا، بل وأتبعوا ذلك بذكر دهاليز المعركة وكيفية إصابة سيباستيان والطريقة والوقت والمكان الذي مات بهم، وبالطبع كان كل هذا محض خيالٍ وافتراء، أردوا به خدمة الملك والتقرب منه.

ليس هذا فقط، بل إن الكتب المغربية ذكرت أنه بعد انتهاء المعركة عُثر على جثة سيباستيان مُلقاة خلف صخرة، فتم وضعها في صندوق كبير وتم تغطيته بالجير، اعتقادا منهم أن ذلك الأمر يُسهم في حفظ الجثة من التعفن، بعد ذلك تم إرسال الصندوق إلى الملك فيليب، كهدية من ملك المغرب لتوطيد العلاقات بين البلدين، ليتم دفن جثمان سيباستيان بصومعة بيليم، ولينتهي الجدل الذي كان يُثار حول هذا الأمر، أو هكذا ظن فيليب.

أسطورة السيباستيانيزم الخالدة

لم يقتنع الشعب البرتغالي رغم وصول الجثة، وذلك ربما بسبب تشوه ملامحها، وظلوا متمسكين بعودة سيباستيان بأحد الأيام وقلب الهزيمة إلى انتصار، ببساطة، لقد ظهرت أسطورة السيباستيانيزم ولم تندثر حتى الآن.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

1 تعليق

4 × 1 =

  • يا اخي الكريم معركة وادي المخازن وقعت شمالي المغرب بالقرب من مدينة القصر الكبير وهي مدينة توجد عندنا في الشمال.وليس في الاندلس كما ذكرت وكانت بين المغرب والبرتغال .