تسعة مجهول
إيلين ورنوس
الرئيسية » جريمة » إيلين ورنوس : سفاحة على الطريق أثارت الرعب بقصتها

إيلين ورنوس : سفاحة على الطريق أثارت الرعب بقصتها

إيلين ورنوس سفاحة غير تقليدية على الإطلاق، فبالإضافة إلى التعاطف الذي حظيت به بعد ارتكاب جرائمها، يُعد أسلوبها الغريب في القتل مميزًا بالنسبة لسفاحة.

تُعتبر إيلين ورنوس السفاحة الوحيدة في التاريخ التي تم التعاطف مع قضيتها من قِبل السلطة والإعلام، حيث كان إعدامها في بداية العقد الأخير من القرن المنصرم حدثًا جللًا، شغل الولايات المتحدة الأمريكية بأكملها، كما زلزلت قصتها نفوس الآباء والأجداد، خوفًا من أن يتحول أبناءهم إلى إيلين ورنوس أخرى، والتي راحت ضحية أسرة قاسية، كان بطلها الجد الذي لم يرحم طفولة حفيدته وأفرغ بها كل ما تحتويه كلمة جحيم من معانٍ، حتى جعلها في ناهية المطاف سفاحة مُتنمرة، تقتل كل من ترى فيهم شيب جدها في قارعة الطريق، فمن هي إيلين ورنوس وكيف انتهى بها الأمر على هذا الحال، هذا بالضبط ما سنعرفه في السطور الآتية.

إيلين ورنوس والقصة الكاملة للسفاحة الأغرب

من هي إيلين ورنوس؟

وُلدت إيلين في اليوم الأخير من شهر فبراير عام 1956، وذلك بولاية ميتشغان، مدينة روشستر تحديدًا، حيث كانت الولايات المتحدة الأمريكية هي المحتضنة لإيلين ووالدتها ديانا، والتب كانت لا تزال في الخامسة عشر حين تزوجت ليو ديل، والد إيلين، والذي طلق والدتها ديانا قبل أن تولد إيلين بشهرين، لتلحق به وتترك إيلين وشقيقها كيث هاربةً إلى عشيقها في عام 1960، حدث ذلك عندما كانت إيلين لا تزال في الرابعة من عمرها، لكن الأدهى من ذلك أنها قد أرسلت بابنتها بتلك الفعلة إلى الجحيم.

طفولة إيلين

عاشت إيلين طفولتها مع جديها، وربما يكون هذا الأمر مبعثًا للاطمئنان إلا أنه لم يكن كذلك على الإطلاق، فلم تمض سنون قليلة حتى بدأت تربيتهم الصارمة والقاسية في الظهور، حيث كانوا يحملون ذلك على الخوف من أن تُصبح حفيدتهم مثل ابنتهم التي هربت من البيت قبل عشرين سنة، لذلك مارسوا معها كل سُبل التضييق الممكنة، بل ووصل الأمر إلى منعها من الطعام والشراب واللباس تأديبًا لها، كانوا قساة بحق، وكان ما يفعلانه، وخاصة الجد، لا يليقُ أبدًا بفتاة لا تتجاوز الثامنة، لكن، عندما تتجوز إيلين الثامنة، فإنهما سيفعلان ما لا يليقُ أبدًا بإنسانٍ.

إيلين ورنوس والجحيم

بعد تجاوز إيلين الثامنة، وإدراكها يقينًا أن معاملة أجدادها لن تتغير، بدأت هي بنفسها البحث عن طريقٍ يُمكن من خلاله توفير الطعام والشراب لها ولشقيقها كيث، وكفتاةٍ صغيرة، لم تظهر عليها أيًا من علامات الأنوثة بعد، كان أول ما فكرت هو أن تسلك طريق الانحلال، وللغرابة، كان الطريق مُمهدًا لذلك.

كانت إيلين ورنوس طفلة غير عادية على الإطلاق، ففي الوقت الذي تنتظر فيه كل الفتيات مثلها الشهادة الابتدائية كانت هي تنتظر مولودًا جديدًا جاء نتاج إحدى العلاقات المنحرفة التي كانت تقوم بها مع أصدقائها الأولاد في الفصل مُقابل المال، بل كانت إحدى هذه العلاقات مع شقيقها الوحيد كيث، لكن الجد عندما عرف بالأمر لم يصمت بالتأكيد.

إيلين ورنوس وعذاب الجد

عندما عرف جدها بالأمر لم ينهرها أو يمنعها، بل تولى هو دور القواد الخاص بها، فكان يجلب لها أصدقائه وأبناء أصدقائه ليُقيموا معها تلك العلاقات المنحرفة، بل أنه هو نفسها قد فعل معها هذا الأمر، حتى أصبحت إيلين ورنوس وهي لا تزال في الرابعة عشر من عمرها أم لأكثر من طفل، وربما يكون أحدهم ابن شقيقها أو ابن جدها، هي لا تعرف ذلك، ما تعرفه فقط أنها عاشت أقسى طفولة يُمكن أن يشهدها هذا العالم.

سنوات قليلة وماتت الجدة، وتخلى عنها الجد والشقيق، وظهرت مشكلتها في الحصول على الطعام والشراب من جديد، فلم تجد بُدًا من العمل كداعرة حرة، تقوم باصطياد الرجال والمبيت معهم مقابل الطعام والشراب، واستمرت على تلك الحالة لفترةٍ طويلة، وتحديدًا حتى احترفت القتل.

إيلين ورنوس والجريمة

بعد تلك الطفولة القاسية، لم تكن الجريمة بمنأى عن إيلين، حيث بدأت بتحرير عدة مُخالفات ضدها بسبب القيادة وقت السكر، تبعها قضايا خلعٍ وطلاق من أكثر من كهل تزوجته إيلين فقط من أجل الإنفاق عليها، وكان آخرهم لويس فيل، والذي ضربته إيلين بحجر على رأسه قبل أن تُغادره، وذلك بعد أن أمضت معه شهر واحد فقط في اليخت الذي كان يمتلكه، ثم تعرضت بعد ذلك لعدة حالات اعتقال، جميعها كانت للإزعاج الذي تسببه.

بدأت حياة إيلين في التحسن بعض الشيء منتصف السبعينات، وتحديدًا سنة 1974، حيث مات أخوها كيث، وترك خلفه عشرة آلاف دولار، أخذتهم إيلين واشترت بها سيارة وشقة لها، بعدها تعرفت على فتاة وعاشت معها علاقة مثلية مشبوهة، جعلته تبتعد عن الجرائم لفترة طويلة، لكنها عدت مرة أخرى إلى عادتها المفضلة، وقامت بالمشاركة في السطو على أحد البنوك، وبالطبع تم إلقاء القبض عليها من جديد.

أظهرت التحقيقات فيما بعد أن إيلين ليست المتهمة الرئيسية في هذه الجريمة، لذلك تم إطلاق سراحها بعد عامٍ واحد من السجن، ليتطور الأمر إلى الأسوأ بعد هذا العام الذي قضته إيلين في السجن، وتتحول من مجرد لصة مشاغبة إلى سفاحة، سفاحة الطريق السريع تحديدًا، والتي أرعبت الأمريكيين طوال فترة الثمانينات بالقرن المنصرم.

ضحايا إيلين ورنوس

على مدار إحدى عشر شهرًا، وتحديدًا من ديسمبر إلى سبتمبر من العامين 1989 و 1990، عثرت الشرطة على جثث لأشخاص تم التخلص منهم عن طريق عدة طلقات نارية، وذلك في ولاية فلوريدا على وجه التحديد، وكان من أبرز هؤلاء الضحايا رجل خمسيني يُدعى ريتشارد مالوري وأربعيني آخر يُدعى ديفيد سبيرز، إضافة الخمسيني أيضًا تروي بوريس، وغيرهم الكثير بالطبع، حتى أن المعدل كان جثة لكل شهر، الأمر الغريب أن جميع الجثث التي تم العثور عليها كانت لأشخاص تزيد أعمارهم عن الأربعين عامًا.

القبض على إيلين ورنوس

كانت الشرطة تأخذ دور المشاهد أمام هذه الجرائم التي كانت تتم بحرفية تامة، وبنفس الطريقة تقريبًا، وكان لابد من طرف خيط يقود إلى السفاح الذي قام بكل هذه الجرائم، وكان بيتر سيمز هو هذا الطرف.

كالعادة، عثرت الشرطة على جثة لرجل يُدعى بيتر سيمز يبلغ من العمر خمسة وستين عامًا، حيث وُجد مقتولًا في سيارته بأحد الطرق السريعة، لكن الأمر الذي لم يكن مُعتادًا هو العثور على بعض الأشياء التي تتعلق بإيلين ورنوس وتحمل بصماتها، إضافةً إلى شهادة أكثر من شخص بأنهم شاهدو بيتر سيمز للمرة الأخيرة وهو يسير مع فتاتين إحداهن إيلين ورنوس، ولم تأخذ الشرطة وقتًا حتى قامت بإلقاء القبض على إيلين وصديقتها، والتي اعترفت اعترافًا كاملًا عليها وقالت أنها تُمارس القتل منذ أكثر من سنة وتسرق مُتعلقات ضحاياها الشخصية.

إعدام إيلين ورنوس

في المحكمة بدت إيلين ورنوس في بداية الأمر رافضة لكل التهم، لكنها مع مرور الجلسات اعترفت بكل شيء، بل وجأرت في وجه القاضي قائلة إنها لو عاد بها الوقت فستُكرر نفس الجرائم من جديد، وأنها تتم العالم بأكمله بتهمة تحويلها إلى سفاحة، وبالطبع لم يشفع ذلك في الحكم عليها، حيث تم الحكم عليها بالإعدام بحقنةٍ هوائية، وتم تنفيذ الحكم في عام 2002 بعد مطالبات كثيرة بالصفح عنها، حيث كان يريها البعض ضحية للمجتمع.

محمود الدموكي

كاتب صحفي فني، وكاتب روائي، له روايتان هما "إسراء" و :مذبحة فبراير".

أضف تعليق

ثمانية + عشرين =