كل الأشياء الغير معقولة تحدث في جزيرة هايتي فبالطبع ليس هناك دليلًا أشد مما يحدث هناك يؤكد على أن العالم لم يعد بخير، وأن البشر لم يعودوا كسابقهم، وأنهم قد أصبحوا وحوشًا مسحورين يتم استغلالهم وإجبارهم على فعل أشياء لا يُريدونها، أو بمعنى أدق، قد أصبحوا مُجرد جحافل من كائنات الزومبي التي كان يعتقد البعض أن وجودها يقتصر على الأفلام فقط، لكن الكشف عن ما يحدث في جزيرة هايتي أكد على أن ما نراه في تلك الأفلام لا يتجاوز الواحد بالمئة من الواقع، فتعالوا لنعرف معًا ما يحدث في جزيرة هايتي، تلك الجزيرة المسحورة.
جزيرة هايتي والغموض الذي يلف هذه البقعة
تعريف جزيرة هايتي
في البداية، يجدر بنا أن نعرف الكثير عن جزيرة هايتي الغريبة، هذا قبل أن نعرف ما يحدث داخلها، فتلك الجزيرة التي تقع ضمن بلاد البحر الكاريبي مرت بعدة فترات قاسية، بدأت بالاحتلال الفرنسي، ثم البريطاني مرورًا بالإسباني وانتهاء بالبريطاني، رغم ذلك، نالت جزيرة هايتي استقلالها في بداية القرن التاسع عشر، عام 1804 تحديدًا، وكلمة هايتي بالأصل تعني الجبال العالية أو المرتفعة عن البحر، وهذا هو ما يحدث في الواقع، إذا ترتفع عن البحر بمساحة كبيرة مقارنةً مع باقي الجزر التي تتبع سلسلة الكاريبي. مساحة جزيرة هايتي لا تتجوز 27 ألف كيلو متر مربع، أما عاصمتها فهي مدينة برانس، وأقرب الدول إليها هي دولة كوبا، ولا يوجد تمثيل رياضي أو دولي لتلك الجزيرة، والسكان هم العنصر الأكبر والأهم هناك، حيث يتجاوز عددهم 10 مليون نسمة.
المناخ ونظام الحكم
مناخ جزيرة هايتي مُناخ عادي جدًا ولا يتناسب أبدًا مع غرابتها، حيث أنه حار في الصيف وبارد في الشتاء ومُعتدل في باقي الفصول، أم اللغة الرسمية لجزيرة هايتي فهي لغة أول دولة قامت باحتلالها، اللغة الفرنسية، ونظام الحكم هناك نظام ملكي، حيث يحكم الملك البلاد حكمًا شرفيًا صوريًا، لكن في واقع الأمر ثمة حاكم فعلي لكل مقاطعة من المقاطعات العشرة الموجودة هناك. كل ما سبق يتعلق بالجانب الجغرافي ولتضاريسي والسياسي، أما ما يحدث هناك في هايتي من معجزات وغرائب فهو أمر آخر مُختلف، مُختلف تمامًا.
ظهور الزومبي في هايتي
ظهر الزومبي في هايتي عام 1937، والزومبي ببساطة هو لقب يُطلق على الموتى الأحياء، الذي يقومون بعد موتهم ويكسرون قبورهم ثم يخرجون لنشر الفوضى والرعب بأشكالهم المخيفة، لكن الفارق الآخر بينهم وبينهم الأحياء أنهم لا يمكنهم تذكر أي شيء، حيث لا يملكون ذاكرة على الإطلاق، كما أنهم مُطيعون جدًا للسحرة ويقومون بتنفيذ كافة مطالبهم دون تفكير، ولا يُعرف حتى الآن سبب عدم تحلل جثث بعض الأشخاص حتى تتحول إلى زومبي، لكن الشيء المعروف، أو الذي تم استنباطه على الأقل، هو السبب وراء تحول تلك الجثث إلى زومبي.
توثيق أول حالة زومبي
تم توثيق أول حالة زومبي في هايتي في نوفمبر عام 1937، وكانت الحالة لامرأة توفت عن عمر يناهز التاسعة والعشرين عامًا ودفنها زوجها بيديه، لكنه تفاجأ بها تظهر له مرة أخرى بعد أيام من موتها، وقد اعتقد في البداية أنها شبح، بيد أنها كانت تظهر للجميع في الليل والنهار، لذلك تم الإمساك بها وإجراء تحليل لدمها وعينة من شعره، وأكدت النتيجة على أن تلك المرأة زومبي بالفعل، وهذه المرة تم إعدامها بإذن زوجها ودفنها مرة أخرى والانتظار حتى تم تحلل جثة للتأكد من عدم عودتها مرة أخرى.
من أين يأتي الزومبي؟
يعتقد أغلب سكان جزيرة هايتي أن الزومبي يأتون عن طريق سحر أسود أو تعويذة، يقوم بهما بعض السحرة والكهنة والمشعوذين، والسبب وراء ذلك هو رغبة هؤلاء المشعوذين في العثور على أشخاص يقومون على خدمتهم دون أجر، وهذا لن يتوافر في البشر العاديين، لذلك يلجئون إلى الموتى ويستخدمونهم كذلك في أعمال القتل وترهيب أهل المدينة، والغريب أن تلك العملية التي يتم فيها تحويل الموتى إلى زومبي لا تأخذ الكثير من الوقت، لكن الأغرب هو ما قام به أهالي هؤلاء الموتى في سبيل إنقاذ ذويهم.
رد الأهالي والحكومة في هايتي
في هايتي أي شخص مُعرض لأن يكون زومبي، الشخص الميت تحديدًا، لذلك لجأ هايتي إلى إحراق جثث ذويهم، بالرغم من أن ذلك يتنافى مع عقيدتهم، إلا أنهم لم يجدوا سبيلًا غير ذلك، أما ذوي القدرة منهم فكانوا يمكثون بالقرب من قبور موتاهم لفترة كبيرة حتى يتأكدوا من تحلل جثثهم، لأن الجثث التي يتم تحليلها لا يُمكن تحويلها إلى زومبي، وهذا هو النهج الذي انتهجه الكثير بعد ذلك وقد أثبت فاعليته في تخفيف عدد الزومبي الموجودين في هايتي. أما الحكومة فقامت كالعادة بسن القوانين التي تُجرم تلك الفعلة وأقرّت أقصى العقوبات على مرتكبيها، وجعلت من تحويل الموتى إلى زومبي جريمة مُماثلة لقتل الأحياء، لكن ذلك، كالعادة أيضًا، لم يُجدي نفعًا ولم يمتثل له أحد.
آراء العلماء في الزومبي
ذاع صيت زومبي جزيرة هايتي سريعًا، وانتشر الخبر في كل أنحاء العالم حتى بدأت أفواج العلماء تتوافد على تلك الجزيرة لمعرفة ماهية هذه الكائنات التي بثت الرعب والخوف، وكان أول العلماء الذين حطوا الرحال في هايتي وبحثوا في الأمر العالم الأمريكي “ويد دافيز”.
يرى دافيز، الذي يمتلك خبرة كبيرة في مجال البحث والتنقيب، أن تحويل أي شخص إلى زومبي أمر ممكن لجميع من هم في جزيرة هايتي، وذلك بعد أن يقوموا بحقن ضحاياهم بمادة تستخرج من سمكة المنفاخ، لكن دافيز أضاف شيئًا جعل من أسطورة الزومبي مجرد أسطورة مختلقة، ببساطة، لقد اكتشف دافيز طريقة تحويل الأشخاص إلى زومبي.
كيف يتحول الموتى إلى زومبي؟
أُولى المُفاجآت التي قام دافيز بكشفها بعد وصوله إلى جزيرة هايتي كانت كالصاعقة التي ضربت العالم بأكمله، فبعد أن أكد دافيز على وجود الزومبي فعلًا في جزيرة هايتي عاد يؤكد أن هؤلاء الزومبي الموجودين ليسوا نتاج تحويل أشخاص موتى كما يُشاع هنا، بل هم مجرد أشخاص في مرحلة مُتأخرة من المرض، يُمكن القول إنهم على حافة الموت.
في الغالب، يقوم الكهنة والسحرة بجلب المواد التي تُسهم في تحويل الأشخاص إلى زومبي ثم يذهبون إلى المُستشفيات ويقومون بحقن المرضى الموجودين في المستشفى بتلك المواد، فيتحولون إلى زومبي في وقتٍ بسيط، بينما يتم إبلاغ ذويهم أنهم قد ماتوا.
والواقع أن تلك الطريقة ما كانت لتنجح لولا طبيعة هايتي وتضاريسها، والتي تجعلها مرتفعة الحرارة بصورة مُبالغ فيها، حتى يصل الأمر إلى موت السكان من شدة الحر، وهذا بالضبط ما يستند عليه الكهنة والسحرة في العثور على ضحاياهم.
رفع الغطاء عن هايتي
جاءت النتائج التي خرج بها العالم دافيز كالإعصار، فقد هدمت تلك الأسطورة التي اتضح أنها كانت من اختلاق بعض سكان الجزيرة لجلب الأنظار إليها، وفي الحقيقة استطاعوا فعل ذلك بنجاح، والسينما العالمية خير دليل على هذا النجاح، فقد أخذت منهم وروجت لهم بكل سذاجة، حتى أصبحت جزيرة هايتي معروفة للعالم على أنها أغرب جزيرة على وجه الأرض.
أضف تعليق